Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصريح السوداني يؤجج الجدل حول الوجود الأجنبي في العراق

جهات تدعو لجدولة انسحاب القوات الأميركية وأخرى ترى أن كلام رئيس الوزراء واقعي ولم يجاف الحقيقة

يعتزم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إرسال وفد رفيع المستوى إلى واشنطن الشهر المقبل (أ ف ب)

ترافقت تصريحات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لصحيفة "وول ستريت جورنال"، حول "الحاجة" لوجود قوات أميركية في العراق، مع ردود فعل متباينة، فالبعض يرى أنها وضعت حكومته في مرمى الانتقادات بخاصة مع موقف "الإطار التنسيقي" الرافض لتواجد أي قوات أجنيية في العراق، في حين ترى فئة أخرى أنها واقعية وتستند لتفاهمات خارجية ينبغي على العراق أن يسير باتجاهها تحقيقاً للاستقرار السياسي والأمني، إذ "وضع السوداني مصلحة البلاد العليا هدفه الأول منذ تشكيل حكومته نهاية العام الماضي".

حاجة قائمة

ونقلت الصحيفة عن السوداني قوله، إن "الحاجة للقوات الأجنبية لا تزال قائمة، وإن القضاء على تنظيم داعش يحتاج إلى مزيد من الوقت"، في إشارة واضحة إلى فرق القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي التي تدرب وتساعد الوحدات العراقية في مكافحة التنظيم الإرهابي، لكنها تظل بمنأى عن القتال الفعلي إلى حد كبير.

وذكر السوداني أنه "يعتزم إرسال وفد رفيع المستوى إلى واشنطن لإجراء محادثات مع مسؤولين أميركيين الشهر المقبل".

ولفت رئيس الوزراء العراقي إلى أن بلاده "ترغب في أن تكون علاقاتها مع واشنطن مماثلة لتلك التي تتمتع بها الدول المنتجة للنفط والغاز في المنطقة".

وزاد أنه "لا يرى أنه من المستحيل أن تكون للعراق علاقات جيدة مع إيران والولايات المتحدة".

ويشار إلى أن النائب عن "ائتلاف دولة القانون" مهند الخزرجي، طالب في وقت سابق بإخراج القوات الأميركية من العراق وتحقيق السيادة الكاملة، مبيناً أن مجلس النواب السابق قال كلمته وصوت على خروج القوات القتالية الأجنبية كافة.

وقال الخزرجي في بيان له، إن "العراق من طريق تضحيات القادة وجميع من كان لهم دور واضح ومشرف في الدفاع عن الأرض والسيادة، أثبت أنه ليس بحاجة إلى الوجود الأجنبي"، لافتاً إلى أن "مجلس النواب عليه أن يكون له صوت واضح وصريح في الفصل التشريعي المقبل بهذا الجانب".

وزاد أن "الجيش العراقي بكافة صنوفه قاد أصعب المعارك وأخطرها وهو قادر أيضاً على درء المخاطر وحماية أرض وسماء العراق من دون أي تدخل خارجي".

وأوضح الخزرجي أن "مجلس النواب السابق قال كلمته وصوت على خروج القوات القتالية الأجنبية كافة، ولا بد من تنفيذ ذلك القرار بأسرع وقت".

موقف رسمي

في المقابل، أكد عضو مجلس النواب عن "كتلة القانون" النيابية، محمد سعدون السوداني، أن موقف رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني في شأن تواجد القوات الأجنبية في العراق "رسمي"، فيما أشار إلى أن الحكومة والقوى السياسية مطالبة بالخضوع لقرارات السلطة التشريعية.

وقال النائب السوداني في تصريح صحافي إن "الحكومة والقوى السياسية كلها ملزمة قرارات مجلس النواب التي تسري على الجميع، لا سيما القرار الذي يخص إخراج جميع القوات الأجنبية من العراق".

وأضاف أن "رئيس الوزراء ذكر في تصريحات سابقة أثناء زيارته لألمانيا أننا لسنا بحاجة إلى القوات الأجنبية باعتبار أن القوات العراقية قادرة على حفظ الأمن والاستقرار وتستطيع محاربة الإرهاب، إذاً لطالما أن القوات العراقية هي بهذا المستوى من التدريب والمهنية وقادرة على حفظ الأمن، فليس هناك أي مبرر لوجود هذه القوات".

وفي شأن إمكان أن تكون تصريحات رئيس الوزراء كـ"مناورة سياسية"، أكد السوداني "ليس هناك شيء يدعى مناورة، بل هناك تصريحات رسمية يحاسب عليها الجميع".

وبين عضو مجلس النواب أن "كل القوى السياسية والحكومة تخضع للسلطة التشريعية باعتبارها أعلى سلطة، وملزمة تنفيذ قرارتها الداعية إلى خروج القوات الأجنبية من البلد".

ملزم للحكومة

من جهته، انتقد القانوني أحمد شهيد الشمري، السلطتين التشريعية والتنفيذية لعدم اتخاذ أي موقف لإخراج القوات الأجنبية، مبيناً أن قرار مجلس النواب السابق ملزم للحكومة.

وقال الشمري في تصريح صحافي إن "رئاسة مجلس النواب تنصلت عن مسؤولياتها لعدم التوقيع على قرار إخراج القوات الأميركية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف "للأسف لم نلمس حتى الآن أي موقف جدي من السلطتين التنفيذية والتشريعية في شأن جدولة الانسحاب الأجنبي من العراق"، مبيناً أن "إجراءات الحكومة الدستورية والقانونية في شأن ملف إخراج القوات الأجنبية من البلاد لاتزال حبراً على ورق".

وشدد الشمري على "ضرورة احترام قرار البرلمان لإجلاء القوات الأميركية من العراق بأسرع وقت ممكن"، مشيراً إلى أن "القرار البرلماني طلب من الحكومة إلغاء المساعدة المقدمة من التحالف الدولي لمحاربة داعش، وتقديم شكوى إلى مجلس الأمن ضد واشنطن بسبب انتهاكاتها لسيادة العراق".

وأكد الشمري أن قرار مجلس النواب بإخراج القوات الأجنبية وعلى رأسها القوات الأميركية، الصادر في الخامس من يناير (كانون الثاني) 2020، لم ينشر في الجريدة الرسمية".

قانوني

فهل يمتلك العراق إمكانية إخراج القوات الأميركية؟ يشير الخبير القانوني، علي التميمي، إلى أن الاتفاقية الأولى بين العراق وأميركا كانت عام 2008 ونصت على سحب القوات الأميركية في بداية شهر يناير 2011، وفعلاً تم الانسحاب ولم تجدد وسميت اتفاقية (صوفا)، كما أن الاتفاقية الثانية عام 2008 هي اتفاقية تعاون في المجالات كافة الفنية والاقتصادية والأمنية، ولم تنص على وجود القوات الأميركية، بل أجازت المادة 27 منها أن تلغى الاتفاقية من جانب واحد بعد سنة من الإشعار.

وأوضح أنه بعد هجوم "داعش" طلب العراق رسمياً المساعدة من أميركا بعد صدور قرار مجلس الأمن 2170، الذي وضع "داعش" تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، فجاءت قوات التحالف لغرض الدعم الجوي والتدريب والمساعدة بطلب من حكومة العبادي في مؤتمر باريس.

وتابع "لا توجد اتفاقية جديدة عن تواجد القوات الأجنبية أو القواعد التي قيل إن عددها تسع، ويحق للحكومة العراقية طلب إخراجها بعد تصويت البرلمان".

ونوه إلى أنه يمكن للعراق الطلب رسمياً من مجلس الأمن خروج قوات التحالف والقوات الأميركية، إذ يمكن للعراق أن يطلب من مجلس الأمن إلغاء القرار 2170 لانتهاء الحاجة له".

مصلحته أولاً

في المقابل، وصف الباحث السياسي صالح لفتة، أن "تصريحات السوداني سواء جاءت بالاتفاق مع الكتل التي تدعمه ونقصد الإطار التنسيقي، أو بعيداً من الإطار التنسيقي، فهي تصريحات واقعية لم تجاف الحقيقة حول حاجة العراق لقوات أجنبية في التدريب والدعم والمساندة والتسليح، سواء أعجبت أطرافاً أو جهات داخلية وخارجية أو لم تعجبها، فالآراء محترمة لكنها لن تغير شيئاً".

ورأى لفتة أن القوات الأمنية العراقية في مختلف الصنوف تطورت في خوضها المعارك ومكافحة الإرهاب طيلة الفترة السابقة، لكن ينقصها كثير مما تحتاجه الجيوش لدفع الأخطار التي تهدد العراق من تنظيمات إرهابية أو من دول لها مطامع خاصة في ثرواته وأراضيه، لن يستطيع العراق ردعها بمفرده من دون مساعدة القوات الموجودة على أراضيه، لا سيما الطيران والتجسس والمراقبة والاستشارة.

وتابع "دول كثيرة في منطقة الشرق الأوسط والدول العربية المجاورة وفي أوروبا وآسيا، تستضيف قوات أجنبية على أراضيها، وذلك لم يقف حاجزاً أمام تقدم تلك الدول، ولم تشكل تلك القوات تهديداً مباشراً لدول أخرى، فلماذا هذه الحساسية المفرطة من وجود عدد معين من الجنود نتيجة اتفاقيات رسمية بين العراق والدول الصديقة.

وأوضح أن العراق له علاقات طيبة مع دول العالم المختلفة، وليس المطلوب أن يحظى برضى الأطراف المتصارعة كلها، إذ عليه أن يقدم مصلحته أولاً، وفي الوقت نفسه النأي بالنفس عن الخلافات بين الدول التي يرتبط معها بعلاقات طيبة، والمحافظة على علاقات طيبة ومتوازنة مع جميع الدول، وبين أن هناك قراراً برلمانياً اتخذ سابقاً ينص على إخراج القوات الأجنبية لا سيما الأميركية من الأراضي العراقية، ما يلزم الحكومة تنفيذ القرار، لكن رئيس الوزراء هو المسؤول المباشر عن سياسة الدولة وهو الأكثر دراية بحاجة العراق لتلك القوات، وعلى البرلمان أو الجهات والكتل السياسية والشخصيات الرافضة لبقاء القوات، عدم الضغط على الحكومة والنظر لما فيه مصلحة العراق العليا بتأجيل قرار البرلمان أو تخويل الحكومة باتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة، "فالإصرار على قرار إخراج القوات الأجنبية وبالخصوص القوات الأميركية التي لها مصالح كبيرة في العراق، واستفزاز الجانب الأميركي، ستكلف العراق كثيراً وربما الدعم الدولي مستقبلاً".

المزيد من متابعات