Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيارات الرئاسة في السودان... رفاهية التاريخ وقسوته

يزيد عمرها على 88 عاماً واستخدمها حكام البلاد منذ الاستعمار وأقدمها بريطانية من طراز "همبر"

لا تزال السيارات الرئاسية محتفظة بأبهتها وفخامتها ويعدها هواة التاريخ تحفاً فنية لا تقدر بثمن (اندبندنت عربية- حسن حامد)

في متحف القصر الجمهوري بالعاصمة السودانية الخرطوم تربض سيارات التشريفة الرئاسية في مرأب زجاجي، شاهدة على مختلف الأزمنة والعصور وتحولات وتطور صناعة السيارات الفاخرة.

نحو ست سيارات يزيد عمرها على 88 عاماً، استخدمها حكام البلاد منذ عصور الاستعمار، وصولاً إلى رؤساء الحكم الوطني، الذي تولى خلاله السودانيون السلطة في بلادهم بعد الاستقلال.

مراحل تاريخية

بحسب إدارة متحف القصر الجمهوري، فإن أقدم سيارة رئاسية موجودة وما زالت تعمل هي من طراز "همبر" البريطانية، ودخلت السودان عام 1935 في عهد الحاكم الإنجليزي سير ستيورات سايمز، وأقدم منها عربة "رولز رويس" موديل 1924، لكنها وصلت البلاد عام 1952، هدية من خديوي مصر ليستخدمها الحاكم البريطاني سير روبرت هاو، وظلت تعمل حتى بعد الاستقلال، وكانت مخصصة للرئيس السابق إسماعيل الأزهري (1965 – 1969)، ثم استخدمها رئيس مجلس السيادة وأعضاؤه في سنوات الستينيات من القرن الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي عام 1954، الذي كان آخر عهد حاكم إنجليزي للسودان سير فوكس هولم، دخلت البلاد سيارة "رولز رويس مانيوال"، وخصصت لأعضاء مجلس السيادة، كما شهد السودان عام 1960 دخول سيارة "رولز رويس" المكشوفة خلال فترة حكم الرئيس الراحل إبراهيم عبود، واستخدمت في طوافه لتحية الجمهور.

خصصت للرئيس السابق جعفر النميري (1969- 1985) سيارة من طراز "رولز رويس مانيوال" بموديل أحدث، إضافة إلى "رولز رويس سلفر شدو" مصفحة ضد الرصاص ذات مزايا تأمينية عالية وقد دخلت السودان عام 1984، وكانت أول هدية من الملك السعودي خالد بن عبد العزيز آل سعود سيارة رئاسية أميركية من طراز "لينكولن" في عام 1981، ومن أبرز الضيوف الذين استخدمت لتنقلاتهم الرئيس الإثيوبي السابق منجستو هيلا مريام، ولا تزال هذه السيارات محتفظة بأبهتها وفخامتها، ويعدها هواة التاريخ تحفاً فنية لا تقدر بثمن.

تنوع الزوار

يقول أمين متحف القصر الجمهوري آدم يعقوب عثمان إن "السيارات الرئاسية جزء من أقسام العرض المتحفي، وتنقسم إلى فئتين، الأولى التي دخلت إلى السودان في فترة الإدارة البريطانية من 1899 وحتى 1956، والثانية السيارات التي وصلت البلاد واستخدمها الرؤساء السودانيون في فترة ما بعد الاستقلال من 1956 إلى 1985، وجميعها بحال جيدة جداً، وتخضع للصيانة الدورية، ويمكن استخدامها في أي وقت تحتاجها الرئاسة، لكنها منذ ثلاث سنوات لم تجر عليها عمليات صيانة".

 

ويضيف عثمان "تسعى إدارة المتحف بالتنسيق مع الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية للحصول على مزيد من السيارات الرئاسية المختلفة، لأن جزءاً منها يعد ملكية خاصة لرؤساء السودان وأسرهم، كما يستقبل المتحف الزوار من العامة والسياح والمؤسسات التعليمية والشركات ومنظمات المجتمع المدني ثلاثة أيام في الأسبوع هي الأحد والأربعاء والجمعة، وعلى رغم ذلك انخفض عدد الزوار في سنوات ما بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019 بمتوسط 3500 زائر، مقارنة مع السنوات التي قبلها بمتوسط 14 ألف زائر في العام".

اكتشاف التطور

من جهة أخرى، يقول أستاذ التاريخ محمد حامد يونس إن "من يعبر بجوار متحف القصر، يلحظ بين معروضاته سيارات متنوعة، كل بطراز يشير بوضوح إلى الفترة التي كانت فيها قيد العمل، غير أن السؤال الذي يمكن أن يطرح هو، لماذا تقبع هذه السيارات في مرأبها، وهل تراها هناك لتذكرنا بتواريخ القهر والسلطة، سيما أن من بينها السيارة التي كان يستغلها الحاكم العام البريطاني والرئيس السابق جعفر النميري ثم الرئيس السابق عمر البشير؟".

ويشير يونس إلى أن "الزائر يتنقل بين هذه السيارات لاكتشاف تاريخ تطور الصناعة منذ عام 1935، كما يضم المتحف أوائل السيارات التي دخلت السودان، وهي المخصصة للزعماء في المناسبات الرسمية، مثل افتتاح جلسات البرلمان الحكومي أو استقبال الرؤساء الأجانب، وهي سيارات تعبر عن ثقافة البلد وتوجهاتها، سواء كانت اشتراكية أو غربية، وأيضاً الصناعة وتطورها، والمتعارف عليه أن معظمها مصفح من دون الإعلان عن ذلك.

 

وأوضح أستاذ التاريخ أن الدول التي لا تملك صناعات سيارات محلية تتوجه إلى الشركات التي ترى أنها مناسبة لكي تشتري سيارة رسمية للرئيس، وتلعب التحالفات دورها في بعض الأحيان، بينما يكون تفضيل المسؤول هو العامل الحاسم في معظم الأحوال.

تأمين عال

وتعليقاً على معايير حفظ السيارات القديمة، قال يونس "يتم التحفظ الأمني على هذه السيارات في فترات عدم الاستخدام، للتأكد من سلامتها من جميع النواحي الميكانيكية والإلكترونية وعدم تسريب أدوات تنصت إليها، ويكون طلب هذه السيارات ومواصفاتها من أسرار الدولة، ولا تعلن عنها الشركات للإعلام، ويمكن للشركة المصنعة أن تقوم بتصفيح السيارات الرسمية بنفسها وفق مطالب الدول وظروفها الأمنية، إضافة إلى إجراء تغييرات شاملة لكي تكون مضادة للرصاص والهجمات الإرهابية، وبقدر أهمية تأمينها يكون اختيار السائقين المؤهلين لقيادتها، الذين يتلقون تدريبات خاصة في القيادة الدفاعية التي تحافظ على حياة الرؤساء في جميع الظروف".

وسائل حماية ورفاهية

من ناحيته، يوضح الموظف المتقاعد في القصر الجمهوري صالح محمد صالح، أن "معظم السيارات الرئاسية مزودة بعديد من وسائل الرفاهية التي قد لا توجد في أية سيارة أخرى، إضافة إلى طرق الحماية القصوى للرئيس من أية أخطار أو تهديدات يتعرض لها، كما أن عربة الرئيس تمثل قدراً كبيراً من الأهمية بالنسبة إلى مستخدمها، فهي أحد مظاهر التعبير عن القوة".

ويبين صالح أن الرؤساء في دول العالم تظهر منافستهم في اختيار سياراتهم، ويأتي في مقدمة اهتماماتهم التقنيات الأمنية والسلامة الشخصية، وبعد ذلك عاملا الرفاهية والراحة، لذلك أصبحت الشركات المصنعة تتنافس من أجل تصميم أفضل سيارة لموكب الرئيس، أو للحصول على شرف بيعها لشخصيات رفيعة المستوى، فهي أفضل مناسبة للدعاية لمنتجاتها ودرجة الأمان الذي توفره كل علامة تجارية في سياراتها.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات