Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"السير في المكان" حال سوق السيارات المستعملة اللبناني

إغلاق مراكز التسجيل يقود إلى تكدس المركبات بالمعارض و60 في المئة تراجعاً بالاستيراد مع زيادة الجمارك

في حال شراء السيارة لا يمكن تسجيلها ولا استخدامها الأمر الذي يؤخر بيعها ومن هنا تكمن الخسارة (أ ف ب)

أدى التفاوت في أسعار الدولار في الأسواق إلى إرباك تجار ومستوردي السيارات القديمة في لبنان، الذين زادت مشكلاتهم بسبب الحوادث التي حصلت في مصلحة تسجيل السيارات "الميكانيك" وأدت إلى سجن وتوقيف عديد من الموظفين في فرعي الدكوانة والأوزاعي، فضلاً عن سجن رئيسة هيئة إدارة السير والآليات والمركبات هدى سلوم، ورئيس مصلحة تسجيل السيارات أيمن عبد الغفور، مما أربك هؤلاء التجار الذين لم يعد بإمكانهم بيع "الستوكات" الموجودة لديهم، باعتبار أن أي شخص يريد الشراء يجب أن يسجل السيارة باسمه.

عن واقع هذا القطاع اليوم، يوضح الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين لـ"اندبندنت عربية"، أن "المشكلة التي تواجه أصحاب السيارات المستوردة تكمن في إغلاق مراكز التسجيل أبوابها، ففي حال شراء السيارة لا يمكن تسجيلها ولا استخدامها، الأمر الذي يؤخر بيعها، ومن هنا تكمن الخسارة".

ولفت إلى أنه "في العادة يحقق تجار السيارات الأرباح من خلال البيع المكثف، أي أن يعمدوا إلى بيع كل السيارات التي يتم استيرادها، وبعد رفع الدولار الجمركي برزت مخاوف حقيقية من أن وتيرة البيع ستتراجع بنسبة كبيرة مما يؤدي إلى الخسارة".

حركة البيع

يشير شمس الدين إلى أنه "منذ مطلع عام 2022 إلى الشهر السادس من العام ذاته، بيعت 2800 سيارة جديدة مقارنة مع 2036 منذ مطلع 2021 وحتى الشهر السادس من العام، ووصل إجمالي المبيع في 2021 إلى 4702 مقارنة مع 6152 سيارة في 2020، وهذا يشير إلى أن نسبة المبيع تراجعت عام 2021، لكنها تحسنت في مطلع 2022 إلى الشهر السادس من العام، إذ زادت نسبة البيع في آخر يونيو (حزيران) 2022 وتحسنت 800 مرة، وهو ما يعود إلى سببين، إما نتيجة تحسن القدرة الشرائية، أو استباقاً لرفع الدولار الجمركي مجدداً وارتفاع أسعار السيارات".

أما عن واقع تجارة السيارات في لبنان ومشكلة الجمرك، يوضح رئيس نقابة أصحاب معارض السيارات المستعملة وليد فرنسيس أن "تجارة السيارات قطاع يسهم بـ40 في المئة من دخل خزينة الدولة، ويتضمن تجارة السيارات والقطع المتعلقة بها"، لافتاً إلى أن "أكثر عنصرين مهمين لتغذية دخل الخزانة هما المحروقات والسيارات، إذ يشكلان 70 في المئة من هذا الدخل".

يلفت فرنسيس إلى أن "أصحاب السيارات المستعملة يتعرضون للخسارة لأن السيارات الموجودة لدينا في حال عدم بيعها ستتعرض لخفض سعرها"، مطالباً الدولة بـ"رفع الرسوم بشكل تدريجي بحيث يكون الارتفاع كل ثلاثة أشهر بمعدل بسيط، حتى نستطيع أن نبيع السيارات كلها ولا تبقى في المعارض".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من ناحيته، يرى رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة في لبنان إيلي قزي أن "قطاع السيارات من أهم القطاعات في العالم، ليس فقط بسبب الأموال التي يدرها إلى الخزانة، بل أيضاً بسبب الفوائد الاقتصادية غير المباشرة على سائر القطاعات وتحديداً تجارة السيارات المستعملة، فالأخيرة منذ أن تصل تحتاج إلى صيانة، الأمر الذي يؤدي إلى تحريك بقية القطاعات، بخاصة أنها توفر فرص عمل لعديد من الأفراد والأسر".

يشير قزي إلى أنه "في أواخر عام 2019 أدت الأزمة المالية والاقتصادية وبعدها جائحة كورونا إلى شح في السيولة واستبدالها بالشيكات بعد أن أغلقت كل معارضنا، حتى إن هناك بعض المعارض أغلقت أبوابها إلى الأبد، أما المشكلة الأكبر اليوم فهي إغلاق مراكز التسجيل، أو ما يعرف بـ(النافعة)، حيث تكدست السيارات لدينا ولم يعد باستطاعتنا البيع، إضافة إلى إيجارات المعارض المرتفعة أضعافاً".

أزمة الجمرك

أما عن خطة الدولة لرفع قيمة الجمارك على بعض السلع المستوردة وفي طليعتها السيارات، فيشير فرنسيس إلى أن "غلاء كلفة الجمارك أدى إلى تراجع الاستيراد بنسبة 50-60 في المئة على الأقل، لأن هناك سيارات أصبح جمركها بمليارات الليرات، وأقل سيارة اليوم يصل جمركها إلى 80 مليون ليرة (نحو 53 ألف دولار)"، لافتاً إلى أن "هناك فوق 50 في المئة من معارض السيارات هاجرت للاستثمار في البلدان المجاورة، أما المعارض الباقية فلن تستطيع أن تكمل العمل في السنوات المقبلة إذا بقيت الحال كما هي".

يعتبر فرنسيس أن "المشكلة ليست في جمرك الموظفين، بل في رئاسة الحكومة وما يمليه عليها صندوق النقد الدولي، حيث لا يوجد منطق في شروطه، وسنتجه في فبراير (شباط) إلى تعديل سعر الجمرك، ما يعني أننا لن نتمكن من رؤية سيارات فخمة بعد الآن".

بدوره، يشير رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة في لبنان إيلي قزي إلى ضعف القدرة الشرائية للبنانيين بشكل هائل، معتبراً أن "الدولة إذا لم تقم بتعديل قانون الجمارك، أي قانون رسم الاستهلاك، فسنذهب إلى الإفلاس، والقطاع لن يستورد سيارات إضافية، ونحن كنقابة نطالب بتعيين لجنة بيننا وبين وزارة المال لإعادة النظر في قانون رسم الاستهلاك، فإذا استطعنا تعديله نكون قد نجونا، أما في حال فشلنا فإن قطاع السيارات سينتهى كلياً".

خسارة أم ربح؟

عن تداعيات أزمة الجمرك على حركة الاستيراد، يرى الخبير المالي والاقتصادي بلال علامة أن "رفع الدولار الجمركي، الذي أكدت مصادر ​وزارة المالية​ أنه يطاول الكماليات، مثل السيارات والعطور، سيصيب كل شيء بما في ذلك الطعام والثياب وغيرهما، لكن الأخطر من هذا كله أنه قد يعرض قطاع تجارة السيارات المستعملة للركود بشكل كبير".

ولفت علامة إلى أن "حركة استيراد السيارات متوقفة أو خفيفة جداً ولا توجد مبيعات في ظل انعدام القدرة الشرائية وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة"، مؤكداً أن "أصحاب معارض السيارات يخشون مزيداً من ارتفاع الدولار الجمركي، مما يؤدي أيضاً إلى مزيد من الخسائر للدولة، فعندما يتراجع استيراد السيارات نتيجة تراجع مبيعاتها، فإن هذا يعني انخفاض الإيرادات المتوقعة للخزينة مقابل تراجع الأرباح بالنسبة إلى المستوردين وتجار السيارات".

وإذ يشير علامة إلى أن "التجار والمستوردين تهافتوا بشكل كبير قبل ارتفاع الدولار​ الجمركي إلى 15 ألف ليرة على شراء السيارات"، فإنه يرى أنه "بعد رفع قيمة الدولار الجمركي سترتفع أسعار السيارات قطعاً، وسيؤدي هذا إلى تراجع عمليات البيع، بالتالي سيكون التجار عرضة لتكدس السيارات وعدم القدرة على بيعها في هذه الظروف التي يمر بها لبنان".

ولفت إلى أن "التجار سيتعرضون لخسائر غير مباشرة، كون الرسوم المدفوعة ستحمل بالكامل على المشتري، وستضاف على أسعار السيارات التي ستصبح خارج قدرته الشرائية، وفي هذه الحال سيواجه القطاع انكماشاً وركوداً، وستنخفض نسبة الأرباح بشكل كبير مقارنة مع المبيعات السابقة".

المزيد من تقارير