Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قبل القمة الثالثة... أزمة الثقة تهدد المباحثات النووية بين كيم وترمب

الزعيم الكوري يخشى من نقض الوعود الأميركية... وسيناريو إيران وليبيا يلوح في الأفق

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والزعيم الكوري كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

في مشهد تاريخي غير مسبوق أواخر يونيو (حزيران) الماضي، عَبَرَ الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفقة زعيم كوريا الشماليَّة الخط الأسمنتي الذي يجسِّد الحدود بين الكوريتين، المنطقة منزوعة السلاح. ووقف الرجلان لالتقاط الصور خلف ذلك الخط الحدودي في قرية بانمنجوم، التي شهدت توقيع اتفاق الهدنة بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية لإنهاء الحرب الأهليَّة عام 1953. واتفق الزعيمان على استئناف الحوارات التي بدآها قبل عام، والدفع نحو المباحثات الخاصة بنزع السلاح النووي لبيونغيانغ.

انتهت القمة الثانية بين الزعيمين في العاصمة الفيتنامية "هانوي"، فبراير (شباط) الماضي، دون التوصل إلى اتفاقٍ ملموسٍ، كما أن ترمب أنهاها بشكل مفاجئ، إذ قرر المغادرة بسبب خلافات حول العقوبات الاقتصادية المفروضة على كوريا الشمالية، بسبب برامجها النووية والباليستية، ورفض الرئيس الأميركي طلب بيونغيانغ رفع العقوبات، وهو الشرط الذي وضعته قبل توقيع أي اتفاق محتمل بشأن برامجها العسكريَّة.

ومثلما أنهى ترمب قمة هانوي بشكل مفاجئ، كذلك فاجأ العالم بطلبه زيارة كوريا الشمالية ولقاء زعيمها والاتفاق على قمة ثالثة، ومن ثم فهناك عدة تساؤلات تحيط بتلك القمة، فما الذي يمكن للرئيس الأميركي تحقيقه من مسعاه إلى قمة ثالثة، في حين أنه أكَّد في أعقاب القمة الماضية أنه لا خطة لعقد أخرى جديدة. وقال ترمب للصحافيين وقتها، "لست متعجلاً، السرعة ليست مهمة إلى هذه الدرجة بالنسبة إليَّ".

لكن السؤال الأهم، يتعلق بمدى ثقة بيونغيانغ فيما يمكن التوصُّل إليه من اتفاق مع واشنطن، لا سيما في ظل شواهد حاليَّة وسابقة بشأن نقض الولايات المتحدة التزاماتها مع دول وأنظمة أخرى في هذا الصدد.

مفاوضات تفصيليَّة
حسب مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، فإن لقاء (ترمب وكيم) في المنطقة منزوعة السلام كان فرصة للزعيمين لإطلاق مفاوضات على مستوى العمل اللازمة لإنجاز صفقة سلام ونزع السلاح النووي. إذ تعتبر الاتصالات على مستوى العمل بين المسؤولين الحكوميين ذات أهمية حاسمة في ضمان أن كوريا الشماليّة تسير على طريق نزع السلاح النووي، وأنها تتلقى التأكيدات التي تسعى إليها بأن الولايات المتحدة تتخلى عن العداء لصالح علاقة جديدة.

وصرح المبعوث الأميركي الخاص إلى كوريا الشمالية، ستيفن بيجون، الأسبوع الماضي في لقاء بالمجلس الأطلسي، بأن "الجانبين يدركان الحاجة إلى نهجٍ مرنٍ للمضي قدماً في العلاقة بنجاح".

وأبدى كيم جونغ أون استعداده للحديث عن هدف نزع السلاح النووي الكامل مع ترمب وغيره من القادة، لكنه لم يحدد الخطوات التي قامت بها حكومته في هذا الصدد، التي ستكون ضرورية لتحقيق هذا الهدف، ولم يتفق الطرفان بعد على نطاق نزع السلاح النووي، الذي سيكون ضرورياً لبدء مثل هذه العملية.

وحسب مركز الأبحاث الأميركي فإنه إذا كانت قمة هانوي فشلت في التوصل إلى اتفاق، فإنها وفَّرت الوضوح فيما يتعلق بحجم الفجوات بين الجانبين، وما هو مطلوب لسدها، ومن ثم فإنّ نجاح القمة المقبلة يعتمد على وجود مفاوضات تفصيلية بشأن ما يجب اتخاذه من خطوات واقعية، وهو ما فشلت فيه القمة الأولى في سنغافورة، والثانية في هانوي. فخلاف ذلك سيكون مصير القمة مثل سابقتيها.

هل ينجح ترمب؟
ومع ذلك، يرى فيكتور تشا نائب رئيس الوفد الأميركي لاتفاق نزع السلاح مع كوريا الشمالية عام 2007، إنه قبيل القمة الثالثة على المرء أن يسأل "ما الشيء المختلف هذه المرة الذي يجب أن يجعلنا واثقين من أن ترمب سينجح فيما فشل فيه جميع أسلافه السابقين؟".

ويشير إلى "أنه خلال اللقاء بين الزعيمين في المنطقة منزوعة السلاح، أبدى ترمب استعداده لتخفيف العقوبات بناءً على طلب كيم في قمة هانوي الفاشلة، لكن جورج دبليو بوش رفع بعض العقوبات منذ أكثر من عقد، ولم يؤدِ ذلك إلى نزع السلاح النووي".

ويضيف أنه "بعد القمة الأولى في سنغافورة يونيو (حزيران) 2018، علَّق ترمب التدريبات العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية كإجراء لبناء الثقة مع كيم، لكن الرئيس بيل كلينتون فعل الشيء نفسه لمدة عامين (من 1994 إلى 1996) دون نتيجة تذكر على صعيد  نزع السلاح النووي. ومن ثم فإن التوصُّل إلى تعريف متفق عليه لـ(نزع السلاح النووي) بين واشنطن وبيونغيانغ من شأنه أن يدفع المباحثات إلى الأمام بالتأكيد".

مصداقية أميركا وترمب
وفي مقابل التخلي عن برامجها النووية والصاروخية، تريد كوريا الشمالية رفع العقوبات الدولية التي تخنقها وإنهاء ما تعتبره تهديدات أميركية، أي الوجود العسكري في كوريا الجنوبية وفي المنطقة بشكل عام.

لكن توجد نقطة انطلاق مهمة تتعلق بهذا الأمر، وهي مدى الثقة التي يوليها الزعيم الكوري الشمالي للولايات المتحدة، بينما هناك أمثلة واقعة على عدم التزام واشنطن باتفاقها السابق مع إيران، إذ انسحب الرئيس الأميركي الحالي من الاتفاق، الذي عقده سلفه باراك أوباما في يوليو (تموز) 2015، بل وذهب إلى تصعيدٍ غير مسبوق في التوتر مع طهران من خلال فرض عقوبات اقتصادية قاسية، وسعيه إلى إرغامها على العودة للتفاوض حول شروط جديدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ربما يكون المثال الأكثر قلقاً لبيونغيانغ هو (ليبيا - القذافي). والعام الماضي، استعان جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي، الذي ربما يكون أيضاً وجهاً مقلقاً بالنظر إلى تاريخه من الدفع نحو شن الهجمات العسكرية على الخصوم، بليبيا كنموذج على كيفية تخلص دولة ديكتاتورية معادية الولايات المتحدة لبرنامجها النووي، وهو ما اعتبرته صحيفة "نيويورك تايمز"، الأميركية، وقتها بمثابة قصة تحذيرية لكيم جونغ أون، بالنظر إلى النهاية الدموية التي لاقاها الزعيم الليبي معمر القذافي.

ويرى محللون أن في الوقت الذي يحاول فيه ترمب وبولتون تكرار ذلك الإنجاز الخاص بالقضاء على برنامج ليبيا النووي، لكن ذلك بالتأكيد يواجه انعدام الثقة بسبب التحوَّل غير المتوقع في الأحداث التي أدت إلى سقوط القذافي.

ففي حين ينظر بولتون، الذي خدم في عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، إلى ليبيا من خلال تجربة مفاوضات 2003 و2004 عندما وافق العقيد القذافي على نقل معداته النووية إلى منشأة في تينيسي، لكن ربما يتذكّر كيم ما حدث لاحقاً، عندما شنَّ الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وحلفاؤه الأوروبيون عملاً عسكرياً ضد ليبيا عام 2011، في عملية تمكين المتمردين ليس فقط من الإطاحة بالعقيد القذافي، بل أيضاً لتعقبه وقتله.

الزعيم الكوري الشمالي ووالده قاما ببناء ترسانة نووية لضمان أمن دولتهما ضد نوع التدخل الذي حدث في ليبيا وقبلها العراق، وهذا هو السبب في أن كوريا الشمالية أصرت على وعد الولايات المتحدة بعدم الغزو كجزء من أي صفقة. وهو نفسه ما جعل ترمب يؤكد قبل انطلاق القمة الأولى العام الماضي، بإعطاء ضمانات لكيم بالبقاء في السلطة حال تخليه عن البرنامج النووي ونفيه تعليقات بولتون الخاصة بـ"نموذج ليبيا".

ومع ذلك يتساءل تشا "هل يمكن لديكتاتور غير آمن مثل كيم أن يثق بأي شخص؟ في الواقع، هل هو يفهم معنى الثقة عندما يقوم بإعدام أعمامه ويقتل إخوته؟ وحتى إن كان ذلك ممكناً، ولكن ليس مرجحاً مع شخص يلوي الحقيقة مثل دونالد ترمب. فحياته المهنية في مجال العقارات تجعله أكثر شريك غير جدير بالثقة يمكن للمرء أن يتخيله".

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات