Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عقوبات إسرائيلية جديدة تستهدف السجناء الفلسطينيين وتمهد لعصيانهم

تتضمن إلغاء الفسحة اليومية و"الكانتينا" وتقليص استهلاك المياه وتبني قانون يفرض إعدام المتهمين بقتل يهود

حذر مصدر في مصلحة السجون من أن "تغيير ظروف السجناء سيؤدي إلى توحيد الفصائل في الضفة وغزة" (أ ف ب)

خلال أقل من أسبوع من توليه مهماته الرسمية، سارع وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بمراجعة ظروف احتجاز السجناء الأمنيين الفلسطينيين في "سجن نفحة" الصحراوي شديد الحراسة، لضمان أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية عام 2017 الذي نص على أن "يكون لكل سجين مساحة لا تقل عن أربعة أمتار مربعة في زنزانته" لن ينطبق عليهم، والتلويح في الوقت نفسه بفرض لائحة صارمة تتضمن تبني قانون يفرض عقوبة الإعدام على المتهمين بقتل أو محاولة قتل إسرائيليين بأغلبية عادية وليس بإجماع القضاة الثلاثة كما ينص القانون حالياً.

سياسة جديدة

ضمن مخطط جديد لوزارة الأمن القومي قرر بن غفير أنه بصدد منع "التنظيم" داخل السجون، الذي يدير العلاقات بين إدارة مصلحة السجون والسجناء الفلسطينيين، مع دراسة إلغاء "الفورة" (فسحة يومية بساحة السجن لا تزيد على ساعة يومياً)، و"الكانتينا" (مقصف يحتوي على الاحتاجيات الضرورية للسجناء)، ومنعهم من إعداد الطعام في أقسام السجون والاكتفاء بتزويدهم بالطعام بواسطة المصلحة، إضافة إلى تقليص استهلاكهم للمياه.

طرح مزيد من العقوبات والإجراءات المفاجئة بدأ قبل أيام لنقل 70 سجيناً فلسطينياً إلى قسم العزل المشدد في سجن "نفحة" شديد الحراسة. وقال بن غفير في تغريدة عبر "تويتر"، "أسعدني أن مصلحة السجون لا تعتزم تحسين ظروف حصول قتلة اليهود على ظروف أفضل نتيجة لبناء الزنزانات الجديدة، سأواصل التعامل مع احتجاز الأسرى الأمنيين حتى لا يحصلوا على مزايا إضافية، بينما أهدف إلى وقف السياسة التي كانت قائمة حتى اليوم وإصدار قانون عقوبة الإعدام".

وفقاً لصحيفة "يسرائيل هيوم" أبلغ بن غفير نيته إلغاء الخطة الحكومية السابقة التي كانت تسمح لكل عضو من أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120 بأن يقوم بزيارة فردية إلى سجين أمني في السجون الإسرائيلية، واستبدالها بخطة جديدة تمكن عضو كنيست واحد فقط من كل حزب من زيارة السجناء الأمنيين في السجن وتحت "الإشراف المناسب"، فيما سيسمح لجميع أعضاء الكنيست بالزيارات العامة للسجون وزيارات السجناء الجنائيين.

الوزير المعين حديثاً والمسؤول عن الشرطة ومصلحة السجون، صرح لوسائل إعلام إسرائيلية بالقول "لقد حان الوقت لوقف مهرجان المزايا للإرهابيين، وأعتقد أن اللقاءات بين أعضاء الكنيست والأسرى الأمنيين يمكن أن تعطي دفعة لهؤلاء السجناء، وهو ما قد يؤدي إلى التحريض والترويج لدعاية إرهابية".

تصعيد تدريجي

بدورها حذرت المؤسسات الفلسطينية التي تعنى بشؤون الأسرى الفلسطينيين في الضفة الغربية، من تنفيذ تعليمات وزير الأمن القومي الجديدة التي ستدفع الأسرى الفلسطينيين، بحسب مراقبين، إلى تنفيذ خطوات مضادة تشمل إضراباً عن الطعام ومواجهات داخل السجون، وأعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في بيان رسمي أن "الأسرى الفلسطينيين سيشرعون خلال الفترة القريبة بخطوات احتجاجية تبدأ بمقاطعة جلسات المحاكم، وعيادات السجون، وعدم الخروج إلى (الفورة)، وإغلاق الأقسام والاعتصام داخلها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، يقول إن "إدارة السجون معنية بإشعال التوتر والغليان داخل السجون، لأن الإجراءات المنوي القيام بها لن تمر على الأسرى، وقد شكلوا لجاناً تضم جميع الفصائل للتصدي لها، ويستعدون لخوض خطوات تصعيدية وعصيان وإضرابات في حال أقدمت الحكومة على تنفيذ إجراءاتها الجديدة".

بحسب موقع صحيفة "هآرتس" الإلكتروني، حذر مصدر في مصلحة السجون من أن "أية نية لتغيير الظروف ستدفع السجناء إلى خطوات وأعمال شغب بشكل فوري، وأن حدثاً كهذا سيؤدي إلى توحيد الفصائل وسيؤثر بصورة فورية في ما يحدث خارج السجون وبخاصة في الضفة وغزة".

وذكر الموقع أن "عدد الإنذارات في شأن عزم الأسرى خوض مواجهات مع السجانين قد تزايد"، وبينت معطيات رسمية من مؤسسات شؤون الأسرى الفلسطينية أن عدد السجناء الفلسطينيين الذين ما زالوا في السجون الإسرائيلية مع نهاية عام 2022 بلغ 4700 بينهم 29 امرأة و150 طفلاً وطفلة وقرابة 850 معتقلاً إدارياً (من دون محاكمة)، و15 صحافياً وخمسة نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني.

فض واعتقال

يعتزم بن غفير إصدار تعليمات إضافية جديدة للشرطة داخل إسرائيل تقضي باعتقال المتظاهرين الذين يقومون بإغلاق الطرقات، والذين يرفعون لافتات تحمل ما يصفه بـ"شعارات تحريضية"، كما أمرها بفض احتفالات استقبال السجناء المحررين بـ"القوة".

وبحسب ما أوردته هيئة البث العام الإسرائيلية، قال المفتش العام للشرطة الإسرائيلية يعقوب شبتاي إن وزارة الأمن القومي ستعقد اجتماعاً لبحث "سبل التعامل مع الأدوات القانونية المتاحة للشرطة لمنع الإرهابيين من الاحتفال بالإفراج عنهم".

وفي بيان صدر عنه قبل أيام، قال بن غفير إنه أصدر أوامره للمفتش العام للشرطة بالسماح "لكل ضابط في الشرطة مهما كانت رتبته بإزالة أعلام السلطة الفلسطينية أثناء مناوبته". وذكر البيان أن القرار يقضي بإزالة الإعلام الفلسطينية ومنع رفعها في الأماكن العامة، وادعى أنه اتخذ قراره "على أساس أن رفع علم منظمة التحرير الفلسطينية هو دعم لمنظمة إرهابية".

من جانبه نشر المركز العربي للأبحاث والدراسات داخل إسرائيل بياناً جاء فيه "ستمضي هذه الحكومة قدماً في سن القوانين التي تعيد صياغة حدود الديمقراطية الإسرائيلية بما يتلاءم مع قيم اليمين المتطرف الإسرائيلي، وذلك بمحاربة البعد الليبرالي المتعلق بالحقوق والحريات"، محذراً من أن "تشكيل هذه الحكومة يطرح تحديات مهمة على الصعيد الفلسطيني والعربي والإسرائيلي والدولي، ويتطلب تضافر كل الجهود للتصدي لها وإفشالها، لا سيما في ظل وجود نفور دولي من تركيبتها".

سحب الجنسية

إعلان بن غفير سلسلة من الإجراءات العقابية بحق السجناء الأمنيين، تزامن مع إعلان الحكومة الإسرائيلية من خلال لجنة الكنيست الإسرائيلي المصادقة على إعفاء من شأنه تسريع العملية التشريعية لإقرار مشاريع القوانين والسماح للكنيست بالتصويت عليها خلال 14 يوماً فقط، الأمر الذي دفع نواباً من حزبي "الصهيونية الدينية" و"الليكود" للمسارعة في تقديم مشروع قانون يقضي بسحب الجنسية أو الإقامة من منفذي العمليات الفلسطينيين الذين يتلقون رواتب من السلطة الفلسطينية، في حين يناقش مشرعون ما إذا كان سيتم تسليم منفذي العمليات الذين ستسحب جنسيتهم بموجب القانون الجديد عند إقراره إلى السلطة الفلسطينية أو سيظلون مسجونين في إسرائيل.

وتأتي خطوة التعجيل بالعملية التشريعية بعد الاحتفالات التي تلت الإفراج عن الفلسطيني كريم يونس، الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية، الذي قضى 40 عاماً في السجن في قضية خطف وقتل الجندي الإسرائيلي أفراهام برومبرغ عام 1980، بحضور مسؤولين من السلطة الفلسطينية.

وطلب وزير الداخلية أرييه درعي من المستشارة القانونية للحكومة غالي باهراف، بالسماح لمشروع القانون بالمضي قدماً في الكنيست، قائلاً إن "الإجراء سيساعد في منع هجمات مستقبلية، ويعزز حملتنا للدفاع عن أمن البلاد". وأضاف "القرار يعلن من دون لبس أن أي شخص يؤذي الدولة أو مواطنيها لا يمكن أن يكون جزءاً منها". في حين أكد عضو الكنيست سيمحا روتمان الذي أسهم في صياغة مشروع القانون أن "الحد الأدنى الذي يمكننا القيام به كدولة أخلاقية تجاه مدانين بالإرهاب هو سحب جنسيتهم وإقامتهم".

في المقابل رد رئيس "نادي الأسير" قدروة فارس على التهديد بسحب الجنسيات بالقول "هذا الطلب جزء من دائرة أكبر وأوسع من الأهداف لمحاربة الوجود الفلسطيني أينما كان، وهو تعبير صارخ عن مستوى التطرف غير المسبوق للحكومة الحالية، التي يحاول أطرافها التسابق لإيجاد مسارات جديدة لفرض مزيد من التنكيل بالفلسطينيين". وأضاف "تصاعد الحديث عن التهديدات بسحب الجنسية مؤشر خطر على ما ستحمله المرحلة المقبلة من محاولات تهجير تطاول الفلسطينيين".

قضية انتقائية

وفي حين حظيت الخطوة بدعم كبير من أعضاء الائتلاف والمعارضين من اليمين، طالب أعضاء الكنيست العرب في المقابل بسحب الجنسية من إسرائيليين مدانيين بالإرهاب. وقال عضو الكنيست من حزب "الجبهة العربية للتغيير" أحمد الطيبي إن مشروع القانون المقترح يتعلق بـقضية انتقائية تخص العرب فقط، فمنذ جريمة اغتيال رئيس الوزراء يتسحاق رابين التي ارتكبها الإسرائيلي يغال عمير عام 1995 هل فكر أحد في الكنيست بسحب جنسية القاتل؟ هل فكر أحد في مناقشة إلغاء جنسية عامي بوبر بعد أن ذبح سبعة عمال فلسطينيين عام 1990؟ من الأفضل لك أن ترتكب أسوأ الجرائم عندما تكون يهودياً".

وكانت محكمة العدل العليا الإسرائيلية قضت في منتصف عام 2021 بأنه "يمكن للسلطات الإسرائيلية المخولة سحب جنسية الأشخاص الذين ينفذون هجمات ويرتكبون جرائم أخرى تشكل خيانة للثقة ضد دولة إسرائيل، حتى لو لم يكن لديهم جنسية أخرى". وأشارت المحكمة آنذاك إلى أن "وزير الداخلية سيكون ملزماً بعد ذلك بمنح ذلك الشخص تصريح إقامة".

وأظهر استطلاع للرأي أصدره مركز "أكورد" التابع للجامعة العبرية، أن 49 في المئة من الإسرائيليين المتدينين و23 في المئة من الإسرائيليين العلمانيين، أبدوا تأييدهم لتجريد مواطني إسرائيل العرب الذين يشكلون نحو 20 في المئة من مواطني الدولة من جنسيتهم.

من جانبه أكد المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل (عدالة) في ورقة تحليلية نشرت أخيراً، أن "الحكومة الإسرائيلية الجديدة عقدت العزم على ترسيخ مأسسة وتقنين الفوقية اليهودية والفصل العنصري واعتمادهما كقيمتين رئيستين للنظام الإسرائيلي".

وأضاف المركز "من شأن التشريعات المرتقبة واقتراحات القوانين التي تنوي الحكومة طرحها والمصادقة عليها، توسيع دائرة الانتهاكات المستمرة للمحظورات المطلقة التي ينص عليها القانون الدولي. كما أن من شأن هذه الاتفاقات الائتلافية إثبات وجود نية جنائية بشكل يفتح المجال أمام تقديم لوائح اتهام شخصية في المحكمة الجنائية الدولية".

المزيد من الشرق الأوسط