Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودان... مطالبة بإعادة هيكلة "الخارجية" لإحداث تحول مع دول العالم بعيداً عن المحاور

رفع العقوبات وإلغاء الديون واستقطاب الدعم أولويات الدبلوماسية السودانية للحكومة الانتقالية

الفترة المقبلة تتطلب توظيف السياسة الخارجية والدبلوماسية السودانية لخدمة مصالح الوطن (رويترز)

دعا دبلوماسيون سودانيون المسؤولين عن ملف السياسة الخارجية في الحكومة الانتقالية المقبلة إلى اتباع استراتيجية واضحة الأهداف والمعالم في التعامل مع دول العالم المختلفة، قائمة على الاحترام والمصالح المشتركة بعيداً من سياسة المحاور وعدم التوازن، مؤكدين أن المدخل الرئيس لمعالجة تركة الإخفاق في سياسة السودان الخارجية يتطلب وضع خطة إصلاح تشمل إجراء تغييرات إدارية وسياسية من ناحية إعادة الهيكلة وتوزيع البعثات الدبلوماسية، والعمل على إلغاء الديون ورفع العقوبات الاقتصادية، والسعي لتأمين الدعم الإقليمي والدولي لتحقيق السلام والحل السلمي العادل والدائم في أنحاء البلاد المختلفة، فضلاً عن التحرك لشرح موقف السودان وسياسته الجديدة حيال القضايا كافة.

استراتيجية واضحة المعالم

رأى وزير الخارجية السابق السفير إبراهيم طه أيوب أن السودان عانى خلال الـ 30 عاماً الماضية من سوء السياسة الخارجية. دولياً، قطع السودان علاقاته مع عدد من الدول خصوصاً الدول العظمى، وإقليمياً كان معزولاً وليس له وجود فعلي سواء في الاتحاد الأفريقي أو في الجامعة العربية، لذلك لا بدّ من إيجاد استراتيجية محددة المعالم لسياسة السودان الخارجية تجاه المحيط الدولي والإقليمي تتماشى مع شكل الدولة الجديد خلال الفترة الانتقالية، ويجب أن تتوافق حولها كل القوي السياسية ما يؤدي إلى قبولها وتنفيذها على المستوى الداخلي والخارجي، ما سيؤدي حتماً إلى تحسين العلاقات مع الدول الأخرى، على أن تكون هذه الاستراتيجية ذات الصلة بالسياسات الداخلية للدولة نسبة للتأثير المتبادل بين السياستين.

مصالح الوطن

وأشار إلى أن الفترة المقبلة تتطلب توظيف السياسة الخارجية والدبلوماسية السودانية لخدمة مصالح الوطن وصياغة إطار موضوعي لعلاقات خارجية تستوعب التيارات المتجاذبة في بنية المجتمع الدولي، إذ تقوم هذه السياسة على مبادئ حسن الجوار والصداقة وتوثيق وتمتين عرى العلاقة مع الدول المجاورة والسعي إلى علاقات جيدة مع المجتمع الدولي، وهي مبادئ قامت عليها السياسة الدولية للسودان منذ الاستقلال، ولا بد من أن تعتمد السياسة الخارجية في هذه المرحلة على عوامل عدة، أهمها ضرورة وضع دستور شامل يراعي التنوع والتعدد.

وأوضح السفير أيوب أنه لا بدّ من تفعيل الدور الإقليمي للسودان في محيطه الأفريقي والعربي، على أن يحصل ذلك وفقاً لمعايير ومرتكزات مدروسة، إذ لا بدّ من تحسن علاقات السودان مع دول الجوار والدول الأفريقية، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن سياسة السودان الخارجية اتسمت في كثير من مراحل مسيرتها بعدم التوازن، فالتركيز على حقيقة الانتماء العربي لم يواكبه في أحيان كثيرة القدر ذاته من الاهتمام بحقيقة انتماء السودان الأفريقي، ما أدى إلى إهمال المكون الأفريقي من هوية السودان، وعليه لا بدّ من الوقوف على أوجه القصور وتقويم السياسات حتى يتسنى للسودان أن يعوض غياب دوره الفاعل في الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومن ثم تفعيل دوره في المحيط الإقليمي العربي والأفريقي .

توحيد الخطاب

كما نوه أيضاً إلى أهمية الاهتمام بعلاقات السودان الخارجية مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وروسيا وكل دول العالم من دون استثناء في إطار الاستراتيجية الجديدة للعلاقات الخارجية، والعمل على معالجة التراجع الذي حدث في هذه العلاقات، وعليه يحتاج السودان من تلك الدول مجتمعة المساندة من كل النواحي معنوية كانت أو مادية، بهدف فتح صفحات جديدة في علاقاته مع السودان، ومن ثم استقطاب الاستثمارات والتبادل التجاري وإعفاء الديون التي تعتبر من أكبر العقبات التي تواجه السودان في هذه الفترة، فضلاً عن توطيد العلاقات مع المنظمات بمختلف أنواعها في إطار استراتيجية علاقات السودان الخارجية، فهي تعتبر أجهزة فعالة في سياسات الدول الغربية الأوروبية على وجه الخصوص.

ومن المهم التعامل مع هذه المنظمات بصورة واضحة وشفافة، كما لا بد من توحيد الخطاب السياسي الخارجي للسودان، والتفاعل مع الواقع الجديد وتفعيل الدوائر الأفريقية والعربية والإسلامية والبعد عن سياسة المواجهة، وأيضاً أن تنبع السياسة الخارجية من وجدان التاريخ الثقافي والجغرافي والسياسي للشعب السوداني ما يتطلب قراءة هذا التنوع بصورة جيدة والاتجاه نحو توفير الديمقراطية والحرية والمشاركة والتشاور.

وأكد أن المرحلة المقبلة ستشهد تغيرات إدارية وسياسية في الدبلوماسية السودانية من ناحية إعادة الهيكلة وتوزيع البعثات الدبلوماسية، والعمل على إلغاء الديون ورفع العقوبات الاقتصادية، والسعي إلى تأمين الدعم الإقليمي والدولي لتحقيق السلام والحل السلمي العادل والدائم في أنحاء البلاد المختلفة، فضلاً عن التحرك لشرح موقف السودان وسياسته الجديدة حيال مختلف القضايا، مشيراً إلى أنه لا بد من سياسة خارجية عبر مؤسسات رشيدة وذات كفاءة، بعيداً من التخبط وسوء التقدير.

تقييم عاجل

في السياق ذاته، أشار السفير جمال محمد إبراهيم إلى أن عودة الدبلوماسية السودانية إلى سابق عهدها الذي عرفت به كمؤسسة تعمل وفق أسس معروفة وسياسة خارجية واضحة المعالم يتطلب جهوداً حثيثة لإصلاح ما أفسده النظام السابق من علاقات مع معظم دول العالم التي جلبت مشكلات وعقوبات اقتصادية دفع ثمنها الشعب السوداني قرابة ربع قرن، لافتاً إلى أهمية إجراء تقييم سريع وعاجل لكل رؤساء البعثات الدبلوماسية المهمة ودول الجوار السوداني، ويجب إعفاء كل من يثبت عدم كفاءته على وجه السرعة، فضلاً عن أن عدداً من السفراء المرشحين للعمل في البعثات الخارجية يحملون أوراق اعتمادهم من الرئيس المخلوع، وفعلياً يصبح ذلك أمراً لاغياً، بالتالي لا بد من إعادة تجديدها وإيقاف عمليات نقلهم إلى حين إعادة النظر في ترتيب أولويات العمل الخارجي وإعادة هيكلته وفق الأسس الجديدة.

وشدد إبراهيم على ضرورة إجراء معالجة للسفراء الذين يشغلون مناصب باسم السودان في المنظمات الدولية والإقليمية بترشيح من رئيس النظام السابق كمنصب مساعد الأمين العام للجامعة العربية، إذ إنهم لم يعودوا يمثلون تطلُّعات الشعب السوداني. ولفت إلى أن عدداً من السفراء المُؤهّلين غير المحسوبين على الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) جرى إبعادهم عن محطات كان سيكون أداؤهم فيها مميزاً، بينما ظل آخرون يقبعون فترات طويلة في درجتهم الوظيفية من دون أن تطالهم ترقيات التدرج الوظيفي، ليس لأنهم غير أكفاء أو مؤهلين، ولكنهم ليسوا من أصحاب الحظوة، وفقاً للتصنيف الحزبي.

أبرز التحديات

وأوضح أن هناك الكثير من المحاذير والمآخذ التي اتخذتها الحكومة السابقة في الشأن الدبلوماسي انعكست سلباً على الأداء، إلى جانب أنّ عدداً كبيراً من الدبلوماسيين يفتقرون لأساسيات العرف والعمل الدبلوماسي، بل إن بعضهم ألحق الضرر بمصلحة البلاد، إلى جانب افتقارهم لأدبيات العمل الدبلوماسي وأسراره وعدم اهتمامهم بمصلحة البلاد العليا.

ولفت إبراهيم إلى أن من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية على صعيد علاقات السودان الخارجية مدى مقدرتها على إعادة السودان للأسرة الدولية بعد تورط البلاد في صراع المحاور ومعاناتها من الحصار والانعزال، مؤكداً أن المطلوب هو إقامة علاقات سياسية مع المحيط الإقليمي والدولي من دون المساس بالسيادة الوطنية، ووضع خطة إصلاح شاملة لمعالجة تركة الإخفاق الموروث من النظام السابق.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات