Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أخفق "المركزي الأميركي" في معركة التضخم؟

يتوقع باحثون استمرار ارتفاع الأسعار مع زيادات مرتقبة في الأجور

يتردد أرباب العمل في تسريح الموظفين، وتظهر مجالات أخرى من الاقتصاد قوة كبيرة لدرجة أن العاطلين من العمل يمكنهم إعادة التوظيف بسرعة (أ ب)

وجد البنك المركزي الأميركي (مجلس الاحتياطي الفيدرالي) نفسه في دائرة الضوء الساطع خلال معظم العام الماضي، إذ استخدم رئيسه جيروم باول أدوات حادة لرفع أسعار الفائدة والتشديد الكمي للحد من ارتفاع التضخم، لكن بعد انتهاء عام 2023 تظهر مقاييس التضخم أن بعضاً من أدوات الاحتياطي الفيدرالي كانت ناجحة. فأسعار المستهلكين آخذة في التراجع، مع توقف مبيعات المنازل، فيما وضعت بعض الشركات الأميركية الأكثر شهرة خططاً لإبطاء تراجعها وانخفاض رأس المال.

وأظهر أحدث مقياس للتضخم أن مؤشر أسعار المستهلك لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي جاء عند مستوى 7.1 في المئة، منخفضاً من أعلى مستوى له في 40 عاماً عند 9.1 في المئة الذي سجله خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي. وكذلك انخفضت أسعار السيارات المستعملة والأخشاب والغاز بعد ارتفاعها بشكل مؤلم، كما باتت أسعار المساكن والإيجارات على مسار هبوطي.

ويقول كبير مديري المحفظة في "غلوبال إنفستمنتس" توماس مارتن في مذكرة بحثية حديثة، إن "فكرة ذروة التضخم، التي تحدث عنها الناس معظم العام، بدأت تبدو صحيحة. ما مدى سرعة حدوث ذلك؟". وفي غضون أسابيع يبدأ تطبيق القانون الثاني لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. ويدعو النص الذي تم تعديله أخيراً مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، لكن بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في الأشهر الماضية.

بعض الانتصارات

وبينما حقق بنك الاحتياطي الفيدرالي أخيراً بعض الانتصارات الصغيرة في إبطاء الاقتصاد، بعد سبع زيادات وفيرة في أسعار الفائدة خلال عام 2022، ظلت سوق العمل القوية والضيقة تاريخياً بمثابة شوكة في جانب البنك المركزي. وعندما يفوق عدد الوظائف المتاحة بكثير أولئك الذين يبحثون عن عمل يمكن أن ترتفع الأجور، وهذا بدوره يمكن أن يحافظ على ارتفاع الأسعار لفترة أطول، مما يعني أن موجة التضخم لن تهدأ في المدى القصير.
ويرى محلل استراتيجية الاستثمار في شركة "بيرد" روس مايفيلد أن ذلك يعني أن بنك الاحتياطي الفيدرالي مع "تركيزه بالليزر على سوق العمل، قد يكون متشدداً مع بداية عام 2023. ربما هناك زيادات جديدة بأسعار الفائدة خلال الربع الأول من العام الحالي".
في الوقت ذاته هناك بالفعل علامات على تراجع سوق العمل، إذ انخفضت عمليات التوظيف والتعيين، بينما ارتفعت عمليات التسريح، وارتفعت المطالبات المستمرة إلى أعلى مستوى لها منذ فبراير (شباط) الماضي، وبدأ عدد الوظائف المضافة كل شهر في الانخفاض ببطء.
ومع ذلك، أشار جيروم باول في تصريحات خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى أن "النقص الهيكلي في العمالة" لا يزال يمثل رياحاً معاكسة رئيسة. وعزا نقص العمال إلى التقاعد المبكر واحتياجات تقديم الرعاية، وجائحة "كوفيد" والوفيات، والانخفاض في صافي أعداد المهاجرين الذين كانت سوق العمل الأميركية تعتمد عليهم بشكل كبير.

وعلى هذا النحو، يتردد أرباب العمل في تسريح الموظفين، وتظهر مجالات أخرى من الاقتصاد قوة كبيرة لدرجة أن العاطلين من العمل يمكنهم إعادة التوظيف بسرعة، بحسب ما قال مايفيلد. وأضاف أن "هذه القوة الكامنة في سوق العمل قد تكون السبب وراء تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي المفرط. بقية الاقتصاد، بالنسبة لنا، تشير بوضوح شديد إلى التباطؤ والركود الوشيك. وعندما ترى مجلس الاحتياطي الفيدرالي يراجع توقعاته للبطالة بالزيادة ويعدل أرقام نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى أسفل، فيبدو أنهم يوافقون". وأردف، "لذا آمل أن يأخذوا النصيحة ويتوقفوا في وقت قريب جداً".

"التضخم سيكون أعلى بكثير من المستهدف"

وأظهرت توقعات ديسمبر الماضي مساراً أكثر تشدداً للسياسة النقدية مع ارتفاع متوسط التوقعات إلى ذروة سعر الفائدة الجديدة عند 5 إلى 5.25 في المئة، ارتفاعاً من 4.5 إلى 4.75 في المئة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وهذا يعني أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يتوقعون رفع أسعار الفائدة بنسبة نصف في المئة أكثر مما فعلوه قبل ثلاثة أشهر، عندما صدرت آخر التوقعات الاقتصادية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوقع صانعو السياسة أيضاً أن يظل تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس السعر المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، أعلى بكثير من هدفه البالغ اثنين في المئة حتى عام 2025 على الأقل. وأظهرت توقعات إضافية توتراً يتعلق بصحة الاقتصاد الأميركي، إذ يرجح مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي ارتفاع معدل البطالة إلى 4.6 في المئة بحلول نهاية عام 2023، وستبقى عند هذا المستوى حتى عام 2024. وهذا أعلى بمقدار 0.2 نقطة مئوية من معدل 4.4 في المئة الذي توقعوه في سبتمبر الماضي، وأعلى بكثير من المعدل الحالي عند مستوى 3.7 في المئة.
واستناداً إلى توقعات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي وغيرهم من الاقتصاديين، فإن المسار قد ضاق أمام "الهبوط الناعم" المرغوب لكبح التضخم مع تجنب الركود أو عمليات التسريح الكبيرة للعمال. ويقول مايفيلد، "لقد كان أمراً مثيراً للإعجاب إلى أي مدى صمد المستهلك على مدار الأشهر الـ18 الماضية، وعدم سحب البساط من تحت المستهلك هو إلى حد كبير كيفية وصولك إلى الهبوط السهل".
وتابع، "أعتقد أنه مسار ضيق حقاً، ونبرة بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال اجتماعه في ديسمبر الماضي لا تعطيني كثيراً من التفاؤل بأنه يمكنهم تجاوز ذلك دون التعرض للركود. إذا كان الهبوط الناعم يتجنب الركود تماماً، فأعتقد أن هذه مهمة صعبة للغاية. وإذا كان الركود أكثر اعتدالاً من التاريخ الحديث، أعتقد أن هذا لا يزال محتملاً".

اجتماعات "الاحتياطي الفيدرالي" خلال عام 2023

من المقرر أن تعقد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، وهي ذراع صنع السياسات بالبنك المركزي الأميركي، ثمانية اجتماعات مجدولة بانتظام كل عام. وعلى مدار يومين تقوم المجموعة المكونة من 12 عضواً بالبحث في البيانات الاقتصادية وتقييم الأوضاع المالية وإجراءات السياسة النقدية التي يتم الإعلان عنها للجمهور بعد اختتام اجتماعها في اليوم الثاني، إلى جانب مؤتمر صحافي بقيادة الرئيس جيروم باول.
ومن المقرر أن يكون الاجتماع الأول للبنك المركزي الأميركي في عام 2023 خلال يومي 31 يناير (كانون الثاني) والأول من فبراير من العام الحالي. وسيكون الاجتماع الثاني خلال يومي 21 و 22 مارس (آذار) المقبل. أما الاجتماع الثالث فمن المقرر أن يعقد يومي 2 و 3 مايو (أيار) المقبل، فيما يعقد الاجتماع الرابع خلال يومي 13 و14 يونيو (حزيران)، بينما يشهد يوما 25 و26 يوليو (تموز) انعقاد الاجتماع الخامس للفيدرالي الأميركي في 2023. وسينعقد الاجتماع السادس خلال يومي 19 و20 سبتمبر المقبل، بينما تشهد نهاية أكتوبر (تشرين الأول) وبداية نوفمبر انعقاد الاجتماع السابع للبنك المركزي الأميركي خلال العام الحالي، ومن المفترض أن يعقد البنك المركزي الأميركي اجتماعه الأخير للعام الحالي خلال يومي 12 و13 ديسمبر المقبل.

اقرأ المزيد