Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مرض الإنجليز لفترات طويلة يهدد الاقتصاد البريطاني

2.5 مليون شخص امتد عياؤهم لشهرين عام 2022

 أكثر من 7 ملايين مريض في بريطانيا على قائمة الانتظار للعلاج (أ ف ب)

إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم وكلف الطاقة، وتدهور التجارة المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والركود الجاري، يتعرض اقتصاد المملكة المتحدة لضربات جراء أعداد قياسية من العمال الذين أبلغوا عن مرض طويل الأمد.

وأفاد مكتب الإحصاءات الوطنية بأنه بين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) 2022 ذكر نحو 2.5 مليون شخص أنهم مرضوا مرضاً طويل الأمد، وكان هذا السبب الرئيس لعدم النشاط الاقتصادي، بزيادة قدرها نصف مليون منذ عام 2019.

ارتفع عدد الأشخاص "غير النشطين اقتصادياً" -أولئك الذين لا يعملون ولا يبحثون عن وظيفة- الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عاماً بأكثر من 630 ألفاً منذ عام 2019، على عكس الاقتصادات الكبرى الأخرى، في حين لا تظهر بيانات المملكة المتحدة الأخيرة أي إشارة إلى أن هؤلاء العمال المفقودين يرغبون بالعودة إلى سوق العمل، حتى مع ممارسة التضخم وكلف الطاقة ضغوطاً هائلة على الموارد المالية للأسر.

وكانت المملكة المتحدة قد تجنبت خسائر الوظائف الجماعية خلال جائحة "كوفيد-19" حين دعم برنامج الإجازة الحكومية الشركات للاحتفاظ بالعاملين، ولكن منذ رفع إجراءات الإغلاق شهدت البلاد نزوحاً جماعياً في سوق العمل بنسب فريدة بين الاقتصادات المتقدمة.

وفي تقرير الشهر الماضي قال مكتب الإحصاء الوطني إن مجموعة من العوامل يمكن أن تكون وراء الارتفاع الأخير، بما في ذلك قوائم انتظار الخدمة الصحية الوطنية التي وصلت إلى مستويات قياسية، وشيخوخة السكان وتأثيرات كوفيد الطويلة.

وقال مكتب الإحصاء الوطني "شهد الشباب أيضاً بعضاً من أكبر الزيادات النسبية، وتأثرت بعض الصناعات مثل البيع بالجملة والتجزئة بدرجة أكبر من غيرها".

وعلى رغم أن تأثيرات المشكلات المذكورة أعلاه لم يتم تحديدها كمياً، فقد أشار التقرير إلى أن الزيادة كانت مدفوعة "بمشكلات صحية أخرى"، و"أمراض عقلية واضطرابات عصبية"، و"مشكلات مرتبطة بالظهر أو الرقبة".

إرث التقشف

وقال جوناثان بورتس، أستاذ الاقتصاد والسياسة العامة في كينجز كوليدج لندن، لشبكة "سي أن بي سي"، إن حجم نضوب سوق العمل من المحتمل أن يكون مزيجاً من كوفيد الطويل والقضايا الصحية الأخرى المتعلقة بالوباء، مثل الأمراض العقلية والأزمة الحالية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS).

علاوة على ذلك، أشار بورتس إلى أن العوامل التي تضر بالصحة العامة بشكل مباشر -مثل زيادة الوقت المنتظر لتلقي العلاج- يمكن أن يكون لها تأثير غير مباشر، فقد يضطر الناس إلى ترك القوى العاملة لرعاية الأقارب المرضى.

وأضاف "من الجدير ذكره أن المملكة المتحدة حصل معها ذلك من قبل، في الأقل مرتين في أوائل التسعينيات حين شهدت انتعاشاً حاداً مع انخفاض معدلات البطالة بعد (الأربعاء الأسود)، لكنها شهدت أيضاً ارتفاعاً كبيراً ودائماً في عدد الأشخاص الذين يطالبون بمزايا متعلقة بالعجز". ولفت إلى أن عدم العمل أمر سيئ للصحة وقابلية التوظيف.

وقال بورتس "من الواضح أن الحكومة لا تفعل الكثير حيال ذلك. وبصرف النظر عن حل الأزمة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، فإن مجال السياسة الرئيس الآخر هو دعم المرضى وذوي الحاجات الخاصة للعودة إلى العمل، وليس هناك ما يكفي من الجهود لتحقيق ذلك، فبدلاً من ذلك، تضايق الحكومة الأشخاص الحاصلين على الائتمان الشامل بعقوبات وعقوبات... نحن نعلم أن هذا الأمر لا يساعد كثيراً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان وزير المالية جيريمي هانت أعلن في بيان الخريف الأخير، أن الحكومة ستطلب من أكثر من 600 ألف شخص يتلقون الائتمان الشامل -وهو مبلغ ضمان اجتماعي تم اختباره للأسر ذات الدخل المنخفض أو العاطلين عن العمل- لقاء "مدرب عمل" من أجل وضع خطط لزيادة ساعات العمل والأرباح.

كما أعلن هانت عن مراجعة المشكلات التي تمنع العودة إلى سوق العمل، وخصص 280 مليون جنيه استرليني (340.3 مليون دولار) "للقضاء على الاحتيال والأخطاء المتعلقة بالمزايا" على مدى العامين المقبلين.

وعلى رغم أن الوباء قد أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية إلى حد كبير، مما ترك فجوة في اقتصاد المملكة المتحدة، فإن ارتفاع مطالبات المرض على المدى الطويل بدأ بالفعل عام 2019. ويرى الاقتصاديون عديداً من الأسباب المحتملة التي تجعل البلاد ضعيفة بشكل فريد.

واقترح بورتس أن سياسات التقشف الحكومية -عقد من التخفيضات الكاسحة في الإنفاق العام التي تم تنفيذها بعد أن تولى رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون منصبه عام 2010، والتي كانت تهدف إلى كبح الديون الوطنية- قد لعبت دوراً كبيراً في ترك المملكة المتحدة مكشوفة.

وأضاف بورتس "كانت المملكة المتحدة معرضة للخطر بشكل خاص بسبب التقشف، وكانت قوائم انتظار (هيئة الخدمات الصحية الوطنية) ترتفع بشكل حاد، وكان الأداء/ الرضا ينخفض بشكل كبير قبل الوباء بوقت طويل". وتابع "لقد تم تفريغ دعم أولئك الذين يحصلون على استحقاقات العجز في أوائل عام 2010. وأدى التقشف على نطاق أوسع إلى تدرج أكثر حدة في النتائج الصحية بحسب الدخل/ الفئة".

عدم المساواة وتصاعد قوائم الانتظار

وتم إثبات ذلك في البيانات الوطنية، إذ يقدر مكتب الإحصاء الوطني أنه بين عامي 2018 و2020 يعيش الذكور الذين يقطنون في أكثر المناطق حرماناً في إنجلترا في المتوسط 9.7 سنة أقل من أولئك الذين يعيشون في المناطق الأقل حرماناً، مع وجود فجوة تبلغ 7.9 سنة للإناث.

كما أشار مكتب الإحصاء الوطني إلى أن كلا الجنسين شهد "زيادات ذات دلالة إحصائية في عدم المساواة في متوسط العمر المتوقع عند الولادة منذ 2015 إلى 2017".

وكانت قد نمت "قوائم الانتظار لدى هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، في أعقاب الوباء، بأسرع معدل منذ بدء السجلات في أغسطس 2007، وفقاً لتقرير حديث لمجلس العموم البريطاني، مع وجود أكثر من سبعة ملايين مريض على قائمة الانتظار للعلاج بحاجة إلى رؤية استشاريين في إنجلترا اعتباراً من سبتمبر (أيلول).

ومع ذلك، ذكر التقرير أن هذه ليست ظاهرة حديثة، وأن قائمة الانتظار تنمو بسرعة منذ عام 2012.

وأضاف التقرير "قبل الوباء في ديسمبر (كانون الأول) 2019، كانت قائمة الانتظار تزيد على 4.5 مليون -ما يقرب من مليوني شخص- أعلى مما كانت عليه في ديسمبر 2012، بزيادة 74 في المئة". وتابع "بعبارة أخرى، بينما تسارع ارتفاع قوائم الانتظار بسبب الجائحة فقد كان يحدث ذلك أيضاً منذ سنوات عدة قبل الوباء".

كما أعلن مايكل سوندرز، صانع السياسة السابق في بنك إنجلترا، وهو الآن كبير مستشاري السياسة في أكسفورد إيكونوميكس، أن المملكة المتحدة تأثرت بشكل خاص بكوفيد من حيث الخطورة، وأن بعضاً من هذا قد يكون نتيجة لارتفاع معدلات الحالات الصحية الموجودة مسبقاً -مثل السمنة- والتي ربما تفاقمت بسبب كوفيد.

وتابع سوندرز "المملكة المتحدة بلد غير متكافئ نسبياً، لذلك قد يكون هذا جزءاً من السبب في أنه حتى لو كان لدينا موجة كوفيد نفسها مثل البلدان الأخرى، فقد يكون لدينا تأثير أكبر على الصحة العامة، وسيكون هناك أناس أكثر تضرراً جراء ذلك".

واقترح سوندرز أن أي استراتيجية للنمو من قبل الحكومة يجب أن تتضمن تدابير لمواجهة تحديات الرعاية الصحية هذه، والتي أصبحت الآن جزءاً عن معدل مشاركة العمالة والاقتصاد الأوسع.

وقال "إنها ليست مجرد قضية صحية، إنها قضية اقتصادية. إنها مهمة في كلا الاتجاهين. أعتقد أنها مهمة بما يكفي لكنها تستحق أهمية إضافية بسبب التأثيرات في الإنتاج المحتمل، والتي قد تخلق مشكلات اقتصادية أخرى".

اقرأ المزيد