Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تغير عروض الأزياء العالمية "ثوب" السياحة المصرية؟

فعاليات الشركات الكبرى عند المواقع الأثرية تدر عائداً كبيراً والقاهرة تسعى إلى تغيير صورتها الذهنية

جانب من عرض دار الأزياء الفرنسية "ديور" في أهرامات الجيزة القديمة بمصر (أ ف ب)

خطفت أهرامات الجيزة في مصر أنظار عشاق الموضة باحتضانها عرض أزياء أقامته شركة "ديور" الفرنسية مطلع هذا الشهر، في حدث مشابه لعرض آخر للمصمم الإيطالي ستيفانو ريتشي استضافه معبد حتشبسوت الأثري قرب الأقصر جنوب البلاد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما يقدم صورة جديدة للمناطق الأثرية المصرية لطالما افتقده بلد يحاول جذب مزيد من السياح عبر التعاقد مع شركات دولية "لتعزيز الصورة الذهنية" عن مصر.

مشهد عارضي الأزياء وفي خلفيتهم الهرم الأكبر، الأثر الوحيد الباقي من عجائب الدنيا السبع، حظي باهتمام إعلامي كبير، ولم يكن اختياره محض صدفة وإنما اعتبره رئيس مجموعة "ديور" الفرنسية العريقة بييترو بيتشاري "أكثر بكثير من مجرد خلفية"، موضحاً في تصريحات صحافية أن المجموعة استلهمت مجموعتها الرجالية للأزياء لهذا الخريف والشتاء من تاريخ مصر القديمة.

وأرجع الرئيس التنفيذي لهيئة تنشيط السياحة المصرية عمرو القاضي اتجاه دور الأزياء العالمية إلى عقد فعالياتها في مصر لما أحدثه موكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بوسط القاهرة إلى متحف الحضارة في أبريل (نيسان) من العام الماضي، والذي بث على الهواء مباشرة في شاشات التلفزيون عالمياً، وكذلك افتتاح طريق الكباش الأثري بمدينة الأقصر بعد التطوير في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، موضحاً في تصريحات صحافية أن ذلك عبر عن قدرة مصر على تنظيم أكبر الفعاليات.

سياحة المؤتمرات

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري أن تلك الفعاليات تساعد في تنشيط السياحة المصرية، بخاصة السياحة الثقافية، وتعمل على تحسين الصورة الذهنية عن مصر بأنها بلد الأمن والأمان، مضيفاً في تصريحات صحافية أن إقامة عرضي أزياء عالميين أمام معبد حتشبسوت والأهرامات دعاية رائعة للسياحة، ومثل تلك الفعاليات تجعل اسم مصر والمزارات الأثرية المصرية في جميع وسائل الإعلام الدولي.

 

ويرى الخبير السياحي محمد كارم أن مصر تنتهج التركيز على سياحة المؤتمرات والفعاليات الكبرى، إذ شهدت الأشهر الأخيرة إلى جانب عرضي الأزياء مؤتمر الأمم المتحدة لأطراف اتفاق المناخ (كوب-27).

وأضاف كارم لـ "اندبندنت عربية" أن ذلك النوع من السياحة يحقق عوائد كبيرة وله أثر بالغ في تنشيط السياحة، إذ بدأت معدلات التدفق السياحي العودة لمعدلاتها الطبيعية.

وقال كارم إن مصر بدأت التوجه إلى أسواق سياحية جديدة شرق آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية، مما يساعد في زيادة العوائد السياحية.

التسويق دولياً

لكن في المقابل قال عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة معتز صدقي إن تكرار تلك الفعاليات من شركات كبرى لا يعبر عن نجاح جهد حكومي، وإنما هو نتاج اهتمام تلك الشركات بالوجود إلى جوار المعالم الأثرية في مصر.

وأكد صدقي لـ "اندبندنت عربية" أن البيروقراطية أعاقت جهود كثير من الجهات الأجنبية التي حاولت تنفيذ فعاليات أو تصوير أفلام في مصر، لكن خلال الفترة الأخيرة ومع الاهتمام الشخصي من جانب الرئيس عبدالفتاح السيسي أصبحت الأمور أكثر تيسيراً للشركات الكبرى مثل "ديور".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال إنه يجب العمل على استغلال الفعاليات الأخيرة في تسويقها دولياً لجذب مزيد من الأحداث والشركات، مؤكداً ضرورة أن تجتمع الجهات المسؤولة عن السياحة في مصر لتحديد استراتيجية تحقق جذب أنواع السياحة ذات العائد المرتفع، بدلاً من التركيز حالياً على استقطاب مزيد من أعداد السياح في المناطق الساحلية التي لا تدر دخلاً كبيراً مقارنة بأنواع أخرى من السياحة.

وتدرّ عروض الشركات الكبرى عند المواقع الأثرية عائداً كبيراً، فبحسب تصريحات رئيس هيئة تنشيط السياحة كان تنظيم عرض أزياء للمصمم الإيطالي ستيفانو ريتشي على نفقته الخاصة واستضافة عدداً من المشاهير العالميين ومنهم المطرب الإيطالي أندريا بوتشيللي، بطائرات مباشرة إلى الأقصر.

وتسعى مصر إلى زيادة عائدات السياحة خلال ثلاث سنوات لتصل إلى 30 مليار دولار وفق تقرير حكومي، في مقابل عائدات قدرت بـ 13 مليار دولار العام الماضي، بحسب تصريح سابق لنائبة وزير السياحة والآثار، فيما قدر البنك المركزي المصري العائدات خلال العام نفسه بـ 10.7 مليار دولار.

النقد الأجنبي

وتسهم السياحة، وهي مصدر رئيس للنقد الأجنبي، بما يصل إلى 15 في المئة من الناتج الاقتصادي لمصر، وزار 8 ملايين سائح مصر العام الماضي بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فيما بلغت ذروة العائدات السياحية في عام 2019 إذ بلغت 13.03 مليار دولار، وزارها خلال هذا العام 13.1 مليون سائح، لكن السياحة تضررت في العام التالي بفعل جائحة كورونا.

 

وكان أكبر عدد للسائحين سجلته مصر هو 14.7 مليون سائح عام 2010 بعائد 12.5 مليار دولار، لكن ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 وما تبعها من أحداث أدخلت القطاع السياحي في سلسلة من الخسائر لا يزال يحاول الاستفاقة منها.

وأعقب ذلك أزمة أخرى عقب حادثة سقوط طائرة روسية عام 2015 وما تبعه من وقف الطيران الروسي لمصر، وخلال العام الحالي شهد القطاع تضرراً من الحرب الروسية - الأوكرانية، إذ مثل البلدان مصدراً لـ 31 في المئة من السياح خلال النصف الثاني من العام الماضي، وتعتمد المنتجعات في جنوب سيناء والبحر الأحمر على السياح من الدولتين بشكل خاص.

وأكدت الحكومة المصرية في تقارير رسمية أن القطاع السياحي تأثر بشدة نتيجة تراجع أعداد السياح الروس والأوكرانيين منذ الحرب التي نشبت في الـ 24 من فبراير (شباط) الماضي.

أزمة الدولار

وذكر تقرير لرئاسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي أن الدولة تعمل على زيادة إيرادات السياحة من خلال خطوات عدة، أبرزها زيادة الاستثمارات الخاصة وحل المعوقات والتحديات التي تواجه القطاع الخاص.

وأضاف التقرير أن مصر تستهدف مضاعفة عدد رحلات الطيران والمقاعد القادمة إلى مصر ثلاث مرات حتى عام 2028، وتعزيز سياحة اليخوت.

 

وتعمل وزارة السياحة المصرية على التعاقد مع شركة دولية كبرى لإطلاق الحملة الدولية الجديدة للتسويق السياحي لمصر في 10 أسواق سياحية، والتعاقد مع شركة علاقات عامة لتعزيز الصورة الذهنية عن مصر في الخارج عبر 11 سوقاً سياحية دولية، إضافة إلى تكثيف جهود الوزارة في الترويج للمقاصد السياحية والأثرية المصرية في عدد من دول العالم بهدف فتح أسواق جديدة للسياحة المصرية.

وتركز الحكومة المصرية على خطة زيادة أعداد السياح خلال السنوات الثلاث المقبلة بهدف مواجهة أزمة النقد الأجنبي الذي تعاني مصر نقصاً حاداً فيه، إذ تراجع احتياط النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري خلال نوفمبر الماضي بنسبة 18 في المئة على أساس سنوي، ودفعت الصعوبات المالية والاقتصادية الحكومة إلى خفض قيمة الجنيه المصري بأكثر من الربع منذ مارس (آذار) الماضي.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات