Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تحاكم وزيرا سابقا بتهمة "التخابر" مع شركة مغربية

يعتبر باحثون أن تعاطي القضاء مع فساد النظام السابق يصنف في خانة "الحماية وليس الانتقام"

يلاحق وزير المالية الجزائري السابق بوقائع تتعلق بإبرام 3 صفقات مشبوهة مع مكتب دراسات أجنبي يديره مغربي (الإذاعة الجزائرية)

بات التوتر بين الجزائر والمغرب روتينياً بعد أن مس مختلف المستويات والمجالات ولا يكاد يطوى ملف أو يخفت لهيبه حتى يظهر آخر وجاء الدور هذه المرة على محاكمة مسؤول سابق في الحكومة الجزائرية بتهمة التعامل "المشبوه" مع شركة مغربية.

وبعد أن كان مقرراً انطلاق محاكمة وزير المالية السابق محمد لوكال، الخميس الماضي، أعلنت الجهة القضائية تأجيلها إلى تاريخ 22 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بطلب من هيئة الدفاع، مما أفسح المجال لعودة "الصراع" بين الجزائر والمغرب عبر وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التي كانت ساحات لتبادل الاتهامات والانتقادات، على رغم التجاهل الرسمي.

ويلاحق وزير المالية السابق بصفته المدير العام للبنك الخارجي الجزائري بوقائع تتعلق بإبرام ثلاث صفقات "مشبوهة" مع مكتب دراسات أجنبي مقره فرنسا ويديره مغربي، بحسب تصريح أطراف قريبة من القضية، إذ وجهت إلى المتهم جنح تسريب معلومات لجهة أجنبية وإساءة استغلال الوظيفة والتبديد العمدي لأموال عمومية ومنح امتيازات غير مبررة للغير لمناسبة إبرام عقد أو صفقة مع مؤسسة عمومية.

خلافات في كل المجالات

ويعد هذا الملف الثالث الذي يلاحق به لوكال، فدين في الملف الأول بست سنوات حبساً نافذاً، والثاني الذي لوحق فيه برفقة 10 وزراء بثماني سنوات حبساً نافذاً، غير أن تسريب معلومات لجهة أجنبية تخص الاقتصاد الوطني وقضايا الدفاع، يكيفه القانون الجنائي الجزائري على أنه تخابر وتجسس لمصلحة أجنبية وتصل عقوبته إلى السجن 20 سنة مع التنفيذ.

ويبدو أنه من الصعب لملمة العلاقات بين الجارين في المستقبل القريب أو المتوسط وبلغت الخلافات كل المجالات والمستويات، وما تشهده مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام في الاتجاهين دليل على أن الأمر تعدى حدود السياسة والمسؤولين إلى "بعض" الشعبين بعدما أصبح كل شيء مثار توتر وغضب، مما يسمح بمنح المشهد عنوان "يفعلها الساسة ويدفع ثمنها الشعب" وفق ما جاء في أحد التعليقات.

وفي السياق يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية إبراهيم بادي لـ"اندبندنت عربية" إن التوتر بين الجزائر والرباط وصل إلى أقصى حدود الدبلوماسية بعد أحداث سياسية عدة، وأصبح كل ما يتعلق بالجزائر يثير المغاربة والعكس صحيح، مما جعل "الصراع" ينتقل من سياسي إلى شعبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أنه "سياسياً يظهر بعض الهدوء في العلاقات، إلا أن هناك استمرارية وتوسعاً في تبادل الاتهامات والشتم على المستوى الشعبي حتى إن أشخاصاً اقتحموا التوتر السياسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلام، فيما بقي آخرون يصارعون من أجل التهدئة"، ووصف ما يحدث بـ"الحرب الباردة بين الإخوة الأعداء".

وتابع بادي أن "تعاطي القضاء مع فساد النظام السابق يصنف في خانة الحماية وليس الانتقام مثلما تحاول بعض الأطراف الترويج له بهدف التأثير في المحاكمات"، موضحاً أنه من أجل وضع حد للممارسات السابقة، بخاصة في ما يتعلق بتسريب معلومات، تحركت الحكومة من خلال نصوص قانونية وعقابية، كما هو حاصل في كل دول العالم، معتبراً أن "الفساد يؤدي إلى الخيانة" إذ إن الفاسد يبحث عن مصالحه الشخصية على حساب بلاده، وفق قوله.

قرار رئاسي

وسبق للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن أمر في شهر مايو (أيار) 2021 الشركات والمؤسسات الحكومية بإنهاء علاقاتها التعاقدية مع الشركات المغربية والكيانات الأجنبية التي وصفها بأنها معادية للجزائر وبأنها تمس بالمصالح الحيوية والأمنية للبلاد. وأشار إلى تقارير كشفت عن إفراط مؤسسات اقتصادية حكومية بالتعاقد مع كيانات أجنبية على نحو لا يراعي المصالح الاستراتيجية والاقتصادية للبلاد.

كما أمر بمنع تحويل الأرباح الخاصة بعقود من هذا النوع إلى الخارج على اعتبار أنها أدت إلى استنزاف العملة الصعبة من أجل خدمات متوافرة في الجزائر، مؤكداً أن هذه العلاقات تمت من دون تشاور مسبق، مما يضع معلومات حساسة تحت تصرف كيانات أجنبية.

وتشهد العلاقات الجزائرية - المغربية توترات لا تكاد تنتهي بعد أن أصبح كل شيء يثير البلدين، إذ ومنذ إعلان الجزائر قطع علاقاتها مع الرباط في صيف 2021 لأسباب متعددة، تصاعدت المناوشات بين الطرفين وانتقلت من التصريحات والتصريحات المضادة على المستويين السياسي والدبلوماسي إلى تبادل الاتهامات في شأن ملفات وقضايا لم تكن إلى وقت قريب محل جدل أو خصام مثل الرسومات والنقوش والألبسة والموسيقى وغيرها التي تسببت في مشكلات استدعت تدخل أطراف أممية على شاكلة فن "الراي"، فيما تبقى مواضيع أخرى وقود حرب على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام تنتظر من يضع حداً لها.

المزيد من العالم العربي