Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موسيقى الراي... تصنيف "أممي" قد ينهي الجدل بين الجزائر والمغرب؟

يتفق الباحثون على أنها مسار فني كامل تمرد على المحظور السياسي والاجتماعي

تنتظر أغنية الراي الجزائرية عودتها إلى التألق (صفحة الديوان الوطني للثقافة والإعلام)

يبدو أن تدخل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ‏لم ينه الجدل الحاصل بين الجزائر والمغرب حول هوية موسيقى "الراي"، وعلى رغم أن "يونيسكو" صنفتها تراثاً شعبياً جزائرياً، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي تشهد معركة بين رافض ومرحب، في حين يبقى "الرأي" الرسمي يطبعه الصمت المغربي والثناء الجزائري.

جدل مستمر

رافق ظهور موسيقى "الراي" جدلاً واسعاً حول حقيقة مصدرها الذي اختلف الجميع بشأنه، لكن اتفق الباحثون على أنها مسار فني كامل تمرد على المحظور السياسي والاجتماعي، وخرج من الأحياء القديمة الشعبية للتعبير عما يدور في مخيال هذا المجتمع المحافظ "المهمش" البعيد من حياة الطبقة "الرفيعة" وعن أنظار المسؤولين، ولم يكن لهذه الموسيقى أن تحدث لغطاً لولا وصولها إلى العالمية.
وفي حين ترقب المتابعين أن ينهي تصنيف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة الجدل، يبدو أن الخطوة لم تحسم المعركة بين الإخوة الفرقاء على الأقل على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يكشف عن استمرار "الخصام" الرسمي بشكل خافت، إذ عرفت مختلف المنشورات والتعليقات تبادل المعلومات تارة حقيقة وأخرى مزورة من أجل إثبات هوية كل طرف لفن "الراي"، كما كان للانتقادات المتبادلة مساحة واسعة في المشهد كما جرت عليه العادة، غير أن ما يعاب غياب أهل الاختصاص من البلدين عن كشف الحقائق التي من شأنها تهدئة النفوس.
 
تصنيف "يونيسكو" 
 
وجاء في وثيقة "يونيسكو"، أنه تم تكريس فن من فنون العرض تحمله التقاليد الشفوية والممارسات الاجتماعية التي تطورت من مهدها بالريف الجزائري لتقتحم الساحات الفنية والثقافية في عديد من بلدان العالم، وتابعت خلال الدورة الـ17 للجنة الحكومية الدولية لحماية التراث الثقافي غير المادي، في وثيقة التبرير المقدمة إلى الخبراء وممثلي الدول الأعضاء، أنه قدم "الراي" كأغنية شعبية جزائرية "تتنفس وتنقل علامة قوية للتعبير عن هوية المجتمع الذي ولده واعترف به".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت أن هذه الأغنية الشعبية من مهدها في مدن غرب الجزائر مثل وهران وعين تموشنت وسيدي بلعباس والسعيدة، "تترجم الواقع الاجتماعي وتغني عن الحب والحرية واليأس والقيود الاجتماعية، من دون طابوهات أو رقابة".

وفي السياق ذاته يعتقد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر الجزائري أحمد موسوني أن "الراي" كان دائماً في قلب تجاذبات هوياتية تطعن في جزائريته، لكن بتسجيله ضمن تراث شعبي جزائري من طرف منظمة "يونيسكو"، تكون الجزائر ربحت معركة خاضتها منذ سنين، مضيفاً أن بلاده سعت دوماً إلى حماية تراثها الثقافي الذي يمثل الهوية الوطنية، وعدم التنازل عنه للغير أو تشويهه أو السطو عليه، وقال إن هذا التصنيف يشكل شهادة حاسمة باعتراف العالم بهذا النوع الثقافي والفني والموسيقي، كرسالة صداقة وحب وسلم.
 
أمل إنجاز الاتحاد المغاربي الفعلي
 
من جانبه يعتبر الكاتب المغربي المهتم بالقضايا الفكرية والثقافية عبدالمجيد بن شاوية، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن الموروثات الثقافية والحضارية تشكل قوة ناعمة مهمة في تاريخ الأمم، إذ لا يمكن قراءة تاريخ أمة إلا على ضوء ما اختزنته ذاكرتها التاريخية في كل جوانبها الثقافية والمعرفية والعلمية والفكرية والاجتماعية، وفي هذا الإطار احتدم الصراع بين الدول المغاربية على من له الحق في تملك موروث ما واعتباره إنجازاً ومعطى تراثياً يخص دولة بذاتها من دون الأخرى، بخاصة في الموروثات غير المادية، إلا أن الدول تنسى أو تتجاهل أن هناك مشتركاً مغاربياً يجمع كل المغاربيين، وهذا ما حصل في عديد من الملفات التي عرضت على أنظار منظمة "يونيسكو"، ومن بينها فن "الراي" الذي تم اعتماده وتصنيفه كتراث لا مادي جزائري بعد أن عرض الملف على المنظمة من قبل، ثم تم سحبه من طرف الجزائر لأسباب ما، لتعاود تقديم ملفها الخاص بهذا الشأن، وقد استقر رأي الهيئة الأممية في دورتها المنعقدة بالرباط  ديسمبر (كانون الأول) 2022، على تصنيف فن "الراي" كتراث إنساني خاص بالجزائر.
ويتابع بن شاوية أن الذاكرة المغاربية لها مشتركات جامعة بين أفرادها وشعوبها، وموروثات تشكل نقط التقاء ملكية مشاعة جماعية، "فالأجدر بالدول المغاربية هو أن تعمل على الاشتراك سوياً في تقديم ملفاتها إلى المنظمة المعنية من أجل صون التراث الإنساني الخاص بنا نحن كمغاربيين"، مشيراً إلى أهمية توحيد وجهات النظر تجاه عديد من الملفات على أمل إنجاز الاتحاد الفعلي المتطلع إليه. وختم أنه لإثبات الوجود المغاربي على أرضية مشتركة يستدعي ألا يكون مكاناً للخلافات والعراك ومزيداً من الخصومات السياسية والدبلوماسية والثقافية.
 
صمت رسمي مغربي ورد جزائري

وفي وقت التزمت الجهات الرسمية المغربية الصمت، قدمت وزيرة الثقافة الجزائرية صورية مولوجي، الشكر للجنة الحكومية الدولية المجتمعة في دورتها 17 بمدينة الرباط المغربية، واللجنة الحالية للتقييم، نظير خبرتها الموضوعية والنزيهة التي حققت هذا الاعتراف الدولي، إضافة إلى الدول التي ساندت هذا الترشح، وأمانة الاتفاق، على الجهود المبذولة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات