Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نحن المنسيين في أزمة المناخ... إليكم حلا ارتأيناه

من شأن "العقيدات المتعددة المعادن" في قيعان البحار أن توفر مصدراً بديلاً للطاقة يضع في متناولنا خياراً وافراً وقابلاً للتطوير يحول دون أن يبقى المستقبل المنخفض الكربون رهينة حفنة من الجهات

تبدو جلية المكافأة التي نجنيها من جمع "العقيدات المتعددة المعادن" المرخص والخاضع للتنظيم، ليس لبلاد مثل ناورو، ولكن للجميع (غيتي)

نحن المنسيين. في المناقشات حول تغير المناخ وأفضل السبل لمكافحته، غالباً ما يكون التجاهل من نصيب البلاد الفقيرة على شاكلة بلدي. ومع ذلك، فقد دفعنا فعلاً ثمناً باهظاً بسبب دول أخرى من العالم تسعى إلى التقدم والتطور.

وكما قالت رئيسة وزراء باربادوس ميا موتلي، "إننا إزاء خطر مزدوج". لقد قاسى شعبنا الاستغلال، كذلك أرضنا ومواردنا، من أجل إذكاء الثورة الصناعية في أماكن أخرى من العالم، ويتوقع منا الآن أن نتحمل وطأة العواقب المدمرة لتلك الثورة الصناعية من دون مدنا بمساعدة ودعم يذكران.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الأمة التي أنتمي إليها هي ناورو، وهي جزيرة صغيرة واقعة في المحيط الهادئ. تتبع قصتنا مساراً مألوفاً يبعث على الإحباط. طوال قرن من الزمن، كانت ناورو مستهدفة باعتبارها مصدراً غنياً للفوسفات. نتيجة عمليات تنقيب مكثفة واظبت عليها القوى الاستعمارية، صار 80 في المئة من أراضينا غير صالح للسكن. عليه، تجدنا عاجزين عن الاستفادة من موارد ومساحات من شأنها أن تدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية لدينا. دفعنا الخراب الذي لحق بوسط الجزيرة مكرهين إلى العيش على طول الخط الساحلي، حيث يتهدد ارتفاع منسوب مياه البحر إمدادات المياه العذبة ومنازلنا، وفي نهاية المطاف وجودنا في حد ذاته.

ولكننا لن نقف متفرجين بانتظار أن يصلح العالم الغني ما صنعوه بنا. ناورو عضو نشط في المجتمع العالمي، ولديها إيمان راسخ بأن المشكلات العالمية من قبيل تغير المناخ تتوفر لها حلول عالمية، وتراها ملتزمة تماماً بتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

إحدى الخطوات الأساسية في مسيرة ناورو وضع قواعد تنظيمية لإدارة المحيط من حولنا، ما يساعد أيضاً في تأمين مستقبل آمن مناخياً لنا جميعاً. القواعد التي كنت مهمومة بها طوال العقد الماضي صاغتها هيئة تابعة للأمم المتحدة تسمى "السلطة الدولية لقاع البحار" (اختصاراً "آي أس أي" ISA). عند وضع اللمسات الأخيرة عليها في الصيف المقبل، سيصبح في متناولنا إطار عمل يتعلق بجمع رواسب معدنية تسمى "العقيدات المتعددة المعادن"polymetallic nodules  من قاع البحر في مساحة نائية من المحيط الهادئ تدعى "منطقة كلاريون كليبرتون" Clarion-Clipperton Zone (أو اختصاراً "سي سي زد" CCZ).

غالباً ما يشار إلى حصاد "العقيدات المتعددة المعادن"، علماً أنها صخور بحجم حبات البطاطس تنتشر في مختلف أنحاء قاع البحر، باسم "التنقيب عن المعادن في أعماق البحار". ولكن، في تناقض صارخ مع التنقيب عن المعادن على اليابسة، الذي يستدعي النبش في المواد وإحداث تغييرات في المساحات الطبيعية بغية الوصول إلى الرواسب المعدنية، يسعنا انتشال هذه العقيدات مباشرة من قاع البحر.

مرة تلو أخرى، تظهر دراسات محكمة خضعت لمراجعة باحثين نظراء أن الضرر الذي يطرحه جمع "العقيدات المتعددة المعادن" على النظم البيئية البحرية يبدو ضئيلاً مقارنة مع التأثير الذي يتركه التنقيب التقليدي على البيئة.

وفق تقديرات الاقتصاديين، تستدعي تلبية الأهداف المناخية أن يرتفع الطلب على المعادن المهمة الموجودة في هذه العقيدات والمستخدمة في تقنيات الطاقة النظيفة بنسبة تصل إلى 500 في المئة بحلول 2050. مرد ذلك إلى أن المنتجات المستخدمة بهدف خفض بصمتنا الكربونية، من قبيل البطاريات في السيارات الكهربائية، مصنوعة من هذه المعادن. بينما يبقى الضرر الذي يخلفه الحصول على هذه المعادن من البحر ضئيلاً جداً مقارنة مع عمليات التنقيب على اليابسة، يتوفر أيضاً قدر مهول منها.

إذ تتوخى السرية، تسارع شركات التنقيب التقليدية إلى النهوض بعمليات مسح لمساحات محددة من الأراضي في بلاد نامية تحتضن هذه المعادن البالغة الأهمية، ولا تتوانى عن السيطرة عليها؛ هكذا فإن إحداثيات مستقبل الطاقة التي تزيد اللامساواة القائمة بلة وتكرر أخطاء الماضي قد بدأت تأخذ مجراها فعلاً.

وغني عن القول إن غزو أوكرانيا قد كشف ما تؤول إليه الأمور عندما نسمح لقوى عظمى بأن تحتكر إمدادات الطاقة، ومعلوم أن الصين تحتكر السوق لاستخراج ومعالجة معادن رئيسة ضرورية لإزالة الكربون، بدءاً بأفريقيا وصولاً إلى جنوب شرقي آسيا وما بعدها.

ولكن من شأن "العقيدات المتعددة المعادن" في قيعان البحار أن توفر مصدراً بديلاً للطاقة يضع في متناولنا خياراً وافراً وقابلاً للتطوير يحول دون أن يبقى المستقبل المنخفض الكربون رهينة حفنة من الجهات

ولكن ما زلنا بحاجة إلى جمع معلومات أكثر حول النظم البيئية للمحيطات، والتأثيرات التي ربما تطالها جراء ذلك، لذا تبنينا استكشاف "منطقة كلاريون كليبرتون".

بوصفها ميداناً جديداً لاستخراج المعادن، نتفحص مجموعة "العقيدات المتعددة المعادن" عن كثب، ما يسمح لنا بالسيطرة عليها. لا يتحقق ذلك فقط من طريق لوائح تنظيمية تضعها "السلطة الدولية لقاع البحار"، إنما أيضاً عبر تكنولوجيات جديدة تسمح للجهات المنظمة بمراقبة الاستخراج في حينه، وتحرص على أن يقتصر هذا العمل على مناطق معينة في "منطقة كلاريون – كليبرتون".

في مقدورنا أن نتخذ خطوة أولى عبر هذه العتبة مستعينين بحواجز حماية نابعة من إطار تنظيمي متين يجعلنا في جاهزية تامة. تبدو جلية المكافأة التي نجنيها من جمع "العقيدات المتعددة المعادن" الخاضع للتنظيم، ليس لبلاد مثل ناورو، ولكن للجميع.

إننا إزاء فرصة تسمح لنا بالعمل على نحو مسؤول وحازم في سبيل إنقاذ كوكبنا.

مارغو دييه الممثلة الدائمة لناورو لدى منظمة الأمم المتحدة

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء