Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مكب نفايات إسرائيلي جديد يهدد بترحيل آلاف الفلسطينيين

 بهدف استخلاص الطاقة الكهربائية عن طريق الحرق في عملية تسمى بـ "الترميد" تقدر كلفتها بنحو 300 مليون دولار

مكب نفايات في الضفة الغربية (اندبندنت عربية)

ظنت قبيلة الجهالين التي تسكن في أحد التجمعات البدوية شرق القدس، أن ست سنوات متواصلة من الاعتراض والاحتجاج على مكب النفايات الجديد ومصنع لإعادة تدويرها، تنوي بلدية القدس إقامتهما على مقربة من خيامهم، كفيلة بتجميد المخطط وإيقافه.

لكن كغيرهم من آلاف البدو الذين ينتشرون في 26 تجمعاً بدوياً شرق المدينة، فوجئوا بأن البلدية صادقت بشكل كلي على البدء بتنفيذ المخطط، بعدما انتهت من وضع كل الدراسات والخرائط الهندسية والمالية لذلك، وحددت المنطقة الواقعة ما بين شرق القدس والبحر الميت أو ما يعرف بـ"السهل الأحمر" مكاناً للمشروع.
 
كارثة إنسانية
يتضمن المخطط الذي سيقام بحسب ما هو معلن، على مساحة 900 ألف متر مربع إقامة مبان لتفعيل المكب، وشوارع جديدة وتغيير في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات في المنطقة، بما قد يمكن من استيعاب أطنان كبيرة من النفايات القادمة من القدس ومختلف المستوطنات، إضافة إلى النفايات من داخل إسرائيل، وبحسب البيانات والخرائط سيستوعب الموقع الجديد من خمسة إلى ثمانية ملايين متر مكعب من النفايات على مدار 20 سنة. 
وأشارت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في وقت سابق، إلى أن المنشأة الجديدة ستستوعب النفايات، بهدف استخلاص الطاقة الكهربائية عن طريق حرقها في عملية تسمى بـ "الترميد"، إذ تقدر كلفتها بنحو مليار شيكل (قرابة 300 مليون دولار)، سيكون تمويلها بالتعاون بين الحكومة الإسرائيلية ومستثمرين.
 
 
وفيما يؤكد فلسطينيون ملكيتهم للأرض التي سيقام عليها المكب، حذر آخرون من كوارث بيئية وصحية وإنسانية ستطاول آلاف المواطنين في القرى والبلدات الفلسطينية القريبة. ويقول داوود جهالين أحد سكان تجمع الخان الأحمر البدوي "النفايات السامة والخطرة ستحيط بنا من كل مكان، بخاصة تلك القادمة من المستوطنات الصناعية وستهدد حياتنا وحياة أطفالنا والحيوانات التي نعتاش منها، فحرق النفايات بشكل يومي ومستمر هو كارثة بيئية قد تدفعنا إلى ترك المكان بشكل قسري، فالأمراض ستلازمنا والموت سيلاحقنا وأطنان النفايات ستلوث المياه التي نشرب منها".
 
مخطط استيطاني 
بحسب معهد أريج للأبحاث التطبيقية في القدس (مستقل)، ترتبط الأرض التي من المخطط إقامة مكب النفايات عليها مع منطقة (E1)، التي تسعى إسرائيل إلى استخدامها للبناء الاستيطاني، بحيث يتم ربط مدينة القدس بمستوطنة معالي أدوميم الإسرائيلية الواقعة إلى الشرق، ما سيمهد العمل على تنفيذ مشروع "القدس الكبرى". وفي حال تنفيذ هذا المشروع، سيتم فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها مما يقطع أوصالها، بالتالي يهدم "الحل السلمي على أساس دولتين".
من جانبه أكد المختص في شؤون القدس فخري أبو ذياب أن أكثر من 3500 طن يومياً من النفايات سيتم تحويلها للمنطقة عن طريق 300 شاحنة ضخمة وأكثر مخصصة لنقلها، بعد أن يتم إغلاق مكبات النفايات كافة داخل إسرائيل وبخاصة مكب النقب، وأشار إلى أن آثارها الكارثية في البيئة ستمتد لسنوات طويلة، أخطرها أنها ستطاول أكبر خزان جوفي للمياه بالمنطقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

ويقول أبو ذياب "مشروع مكب النفايات الذي يتوسط بلدتي عناتا والعيسوية ومخيم شعفاط، الواقعة إلى الشمال من مدينة القدس هو عبارة عن واد بعمق 745 متراً. وبحسب المخطط الإسرائيلي، سيتم ردم الوادي بمخلفات البناء، بحيث أن بعد مضى 20 عاماً على استخدام المنطقة كمكب للنفايات الصلبة ومخلفات البناء، سيتم تحويل المنطقة من وادي إلى تلة، بالتالي إنشاء حديقة وطنية إسرائيلية جديدة في المنطقة، وهي خطوة تمهد لتوسيع مستوطنة التلة الفرنسية وللامتداد مستقبلاً باتجاه مستوطنة معاليه أدوميم، ومن شأن القرار أن يقضي بالكامل على مناطق التوسع المستقبلية للفلسطينيين".
 
استراتيجية شاملة
من جهتها، أوضحت بلدية القدس أن المشروع الجديد الذي يمتد ضمن حدودها وصلاحياتها، يأتي في إطار القرار الحكومي بشأن خفض الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والمساواة بين سكان شرق القدس وغربها، عبر تخصيص حوالى 170 مليون شيكل (50 مليون دولار) إضافية لتطوير البنية التحتية لعلاج النفايات المنزلية في شرق المدينة. 
وبحسب البيانات والأرقام الرسمية المدرجة على الموقع الإلكتروني لبلدية القدس، سيتم تخصيص 60 مليون شيكل (17 مليون دولار) في إدارة الصرف الصحي، و80 مليون شيكل (23 مليون دولار) في علاج النفايات المنزلية، و16 مليون شيكل (قرابة 5 ملايين دولار) في إدارة نفايات البناء، وحوالى 10 ملايين شيكل (3 مليون دولار) في النشاط التربوي والتوعية، كما ستخصص 6 ملايين شيكل (مليون و700 ألف دولار) لإقامة محطة انتقالية لعلاج النفايات.
في المقابل، يقول رئيس بلدية القدس موشيه ليون "نحن في خضم ثورة تنظيف في كل القدس بما في ذلك شرق المدينة. الخطوة تتعمق مع كثير من الاستثمار في مجالات التنظيف في الفضاء العام، الذي سوف يتيح ظروفاً معيشية مناسبة في المنطقة".
بدورها، أشارت وزارة حماية البيئة الإسرائيلية التي تشرف على المخطط إلى جانب بلدية القدس ووزارة الداخلية الإسرائيلية، إلى أنها تسعى إلى خفض كميات الطمر وتحويل النفايات إلى مصدر اقتصادي عبر إقامة المنشآت لتحويل النفايات غير القابلة للتدوير إلى الطاقة، التي قد تساعد في تقليل النفايات التي يتم طمرها في مكبات النفايات، إذ تنتج إسرائيل حوالى 5.8 طن من النفايات كل سنة، فيما يتم طمر 80 في المئة منها. 
 

 

وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية المنتهية ولايتها تمار زاندبرغ قالت لوسائل إعلام إسرائيلية "تعتبر المنشأة لتحويل النفايات إلى الطاقة حلقة مهمة في تقليل طمر النفايات، فالمنشأة التي تمت المصادقة عليها هي خطوة في المجهود الوطنية لتطوير النظام المتقدم الكامل لعلاج النفايات". وأضافت "حتى عام 2030 سيتم خفض نسبة مكبات النفايات في إسرائيل من 80 في المئة إلى 26، وتتمثل الرؤية المستقبلية في التحول حتى عام 2050 إلى الاقتصاد الدائري الذي يسعى إلى الحد الأدنى من النفايات، وتحقيق أقصى قدر من الكفاءة في استخدام الموارد وتقليل الآثار البيئية السلبية طوال مراحل إدارة النفايات".

في حين أكد مدير الوزارة لحماية البيئة الإسرائيلية ديفيد يهلومي أن الاستراتيجية الجديدة تتبنى أدوات تكنولوجية وبيئية متقدمة، إضافة إلى نماذج للحوافز الاقتصادية، بحيث ستكون بمثابة أساس مهم لزيادة إعادة التدوير وتقليل الدفن، كما في عديد من البلدان وعشرات الآلاف من السلطات المحلية حول العالم، بحسب قوله.
 
أضرار بيئية
في سياق متصل، قدم المركز القانوني لحقوق الفلسطينيين في إسرائيل "عدالة"، اعتراضاً على إقامة المكب وسط الأحياء السكنية شرق القدس، ذكر فيه أن إقامة مكب النفايات "سيؤدي إلى أضرار بيئية تمس بحياة السكان اليومية في المنطقة وبحقوقهم السكانية بالتملك، والتطور وبالعيش الكريم".
وأضاف الاعتراض أن "المخطط يتناقض مع القانون الدولي الإنساني بحيث أنه يقوم على أراض محتلة وليس لصالح تحسين أوضاع السكان المحليين أو أهداف عسكرية، إنما لخدمة أهداف سياسية لقوات الاحتلال في المنطقة". 
لذا فإن أهداف المخطط غير شرعية وغير مناسبة ومتناقض تعليمات القانون الدولي". وشدد الاعتراض على أنه "في حال نفذ المخطط، ستصادر لصالح بلدية القدس مساحة كبيرة من الأراضي الحيوية للتطوير التخطيطي والاقتصادي للفلسطينيين في المنطقة". وأفاد تقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، بشأن استخدام إسرائيل الضفة الغربية "كمنطقة تضحية" ومكب للنفايات الخطرة، واصفة ما يجري بأنه "يهدد صحة الشعب الفلسطيني وسلامة بيئته وموارده الطبيعية".
وبحسب دراسة لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان "بيتسليم"، فإن 60 في المئة من الحمأة السامة الناتجة من محطات معالجة المياه العادمة في إسرائيل تكب في الأغوار الفلسطينية، كذلك جزء كبير من النفايات الإسرائيلية يدفن في الأراضي الفلسطينية بشكلها الخام، وجزء آخر يترك من دون دفن.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه اتهم إسرائيل في وقت سابق بحرمان الفلسطينيين من السيطرة على مواردهم الطبيعية، واستخدام أراضيهم "مكباً للنفايات الصلبة والكيماوية"، معتبراً أن التحدي الأكبر الذي تواجهه البيئة الفلسطينية هو "الاستيطان ومخلفاته". وينتج المواطن الفلسطيني العادي حوالى 800 غرام من النفايات يومياً، أي أقل من نصف متوسط ما ينتجه الإسرائيلي.
 
تمويل إسرائيلي
وفي الوقت الذي تتهم فيه جهات فلسطينية رسمية وحقوقية إسرائيل بتلويث البيئة الفلسطينية وتحويلها مكباً للنفايات، ستمول الحكومة الإسرائيلية إنشاء نظامٍ لجمع النفايات من 72 قرية فلسطينية صغيرة في الضفة الغربية، ووفقاً لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" سيركز النظام على القرى الفلسطينية الصغيرة في المنطقة "ب" (خاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة العسكرية الإسرائيلية)، التي تعتمد إدارتها البلدية على لجنة لا تملك مصادر دخل وقدرة على تمويل نظام تخلص من النفايات، في مناطق مثل رام الله وطولكرم وقلقيلية. 
وبحسب الصحيفة، ستخصص الحكومة الإسرائيلية مبلغ 25.7 مليون شيكل (قرابة 8 ملايين دولار) على مدار ثلاث سنوات، إضافة إلى 10 ملايين شيكل (قرابة 3 ملايين دولار) لإقامة أربعة مراكز فرز في الضفة الغربية، التي لا تملك سوى موقعين كبيرين لطمر النفايات، في منطقة الخليل وفي منطقة جنين وعشرات المكبات العشوائية وغير القانونية التي تحرق فيها النفايات بدلاً من طمرها.

المزيد من تقارير