Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتحاد الأوروبي يستبعد المستوطنات الإسرائيلية من "اتفاق ثقافي"

بينيت يرفض التصديق و47 في المئة من الإسرائيليين يعارضون المشاركة والخارجية الفلسطينية ترحب

المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة رئيسة أمام تحقيق حل الدولتين (جامعة إرئيل)

عارض رئيس الحكومة الإسرائيلية البديل نفتالي بينيت المصادقة على انضمام إسرائيل إلى الاتفاق الثقافي المعروف باسم Creative Europe "أوروبا الإبداعية" التابع للاتحاد الأوروبي، والذي يعزز التعاون الثقافي بين الفنانين في الدول الأعضاء، بسبب استثنائه المستوطنات، في خطوة مغايرة لما قامت به الحكومة الإسرائيلية منتصف يونيو (حزيران) الماضي، حينما وافقت على مشاركة الدولة حتى عام 2027.

واعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن "البرنامج ضروري لزيادة تعاونها مع أوروبا وتطوير المشهد الثقافي الإسرائيلي"، في حين أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد أن استئناف المجلس السياسي - الاقتصادي بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، يعتبر "مكسباً كبيراً للمرة الأولى منذ 10 سنوات".

وكانت تل أبيب جمدت عملياً منذ عام 2013 صيغة الاجتماع المعروف بـ "مجلس الشراكة" احتجاجاً على موقف الاتحاد الأوروبي بخصوص المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ومنذ ذلك الحين تواصلت الخلافات بين الجانبين على قضايا مماثلة.

تخوفات جدية

الاتفاق بحسب ما ذكرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" تضمنت "بنداً إقليمياً" يعترف فقط بالأراضي الإسرائيلية ذات السيادة، في حين أن المشاريع التي تتجاوز الخط الأخضر في القدس الشرقية والضفة الغربية عام 1967 ومرتفعات الجولان في شمال إسرائيل، غير مؤهلة للتمويل.

وعلى أثر استخدام بينت حق "الفيتو" الممنوح له بموجب الاتفاقات الائتلافية وفق ما أفاد موقع "واللا" الإسرائيلي الإثنين، بعث سفير إسرائيل لدى الاتحاد الأوروبي حاييم ريغف برقية مستعجلة إلى وزارة الخارجية، حذر فيها من أن عدم المصادقة على الاتفاق، سيلحق ضرراً كبيراً بصورة إسرائيل وبقدرتها على دفع اتفاقات أخرى مع الاتحاد الأوروبي في المستقبل، وأن إسرائيل بموجب الاتفاق ستخسر 20 مليون يورو بشكل فوري، حصلت عليه كإعفاء من الاتحاد الأوروبي في إطار استثمارها في برنامج ""Creative Europe الذي يقدم نحو 2.6 مليار دولار كل سبع سنوات للأفلام والفنون المرئية والأدب والأعمال الإبداعية الأخرى، إذ ورد أن إسرائيل تدفع رسوم دخول سنوية تبلغ نحو 1.7 مليون دولار.

بدورها زعمت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قبل أيام أن قرار بينيت فرض "فيتو" بأثر رجعي على انضمام إسرائيل لخطة "أوروبا الإبداعية" الذي يعتبر متنفساً للمؤسسات الثقافية المحلية التنافس على أموال المنح الأوروبية، وخلق علاقات مع فنانين ومؤسسات ثقافية أجنبية جاء بمثابة "رد انتقامي" على رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد تأييده العلني لحل الدولتين من على منصة الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، والذي اعتبره خروجاً عما توافق ائتلاف التغيير عليه.

أضرار كبيرة

وفيما اعتبر إسرائيليون رفض البرنامج "ضربة قاسية وثأرية للعالم الثقافي الإسرائيلي وأنها خطوة تهكمية على نحو رهيب"، قوبلت هذه الخطوة بردود فعل إيجابية من مجموعات المستوطنين ورؤساء المجالس الإقليمية في الضفة الغربية، الذين رحبوا بها قائلين بحسب وسائل إعلام إسرائيلية إن "الاتفاق يجعل مواطني إسرائيل الذين يعيشون في المستوطنات من الدرجة الثانية، ويطالبون ليس فقط بتعليق التوقيع على الاتفاق، بل إزالتها من جدول الأعمال الإسرائيلي بالكامل، من أجل تجنب ما وصفوه بعبثية اعتراف دولة إسرائيل بمقاطعة نفسها".

وقال المحاضر في جامعة إرئيل الاستيطانية والمتخصص في القانون الدستوري والقانون الدولي البروفسور يوجين كونتوروفيتش إن "مكاسب هذا الاتفاق ليلة واحدة ولكن أضراره أكبر، خصوصاً أنه يعادي جمهوراً يضاهي 800 ألف يهودي يعيشون في المستوطنات"، وأشار إلى أن "الاتفاق الثقافي الجديد مع الاتحاد الأوروبي يجعل كل مؤسسة فنية وثقافية إسرائيلية تعمل داخل المستوطنات غير قادرة على العمل في البلدة القديمة في القدس مثلاً، فضلاً عن الضفة الغربية أو مرتفعات الجولان، بزعم أن هذا من شأنه أن يخلق تمييزاً يحظره القانون الإسرائيلي".

من جهتها، أشارت عضو الكنيست الإسرائيلي ميري ريغيف في وقت سابق إلى أن قبول الاتفاق يعزز الانطباع بأن إسرائيل تفهم أن هذه المناطق لا تنتمي إليها، أو لن تنتمي إليها في المستقبل.

وكتبت في تغريدة عبر موقع "تويتر" إنه "على الحكومة الإسرائيلية رفض الاتفاقات التي تطالبنا بمقاطعة فعلية لأجزاء من الوطن أو السكان الذين يعيشون في مرتفعات الجولان، أو القدس أو يهودا والسامرة، وهي المسمى اليهودي للضفة الغربية، ما عدا في حالات استثنائية للغاية، وفي هذه الحالة لا أرى أي مبرر لتقديم تنازلات والتوقيع بيد واحدة على هذا الاتفاق، فيما نطالب بيدنا الثانية من العالم الاعتراف الفعلي بحقنا في القدس الموحدة، بل وأن يقوم بنقل سفاراته إلى عاصمة إسرائيل، إنها فرصة لتوضيح موقفنا العادل والمساومة من أجل الحصول على موازنة صغيرة من الاتحاد الأوروبي".

شرط إجباري

ووفقاً لموقع "واللا" الإسرائيلي، أوضح مسؤولون أوروبيون لسفير إسرائيل لدى الاتحاد الأوروبي حاييم ريغف أن بند "استثناء المستوطنات" مشابه لبنود في اتفاقات سابقة، وصادقت عليها الحكومة الإسرائيلية الحالية والسابقة، وبينها اتفاق الأبحاث والتطوير "هورايزون أوروبا".

وبحسب ريغف فإن المسؤولين الأوروبيين الذين تحدث معهم "شددوا على أنه لا صلاحية لديهم بتغيير هذا البند أو بتفسيره بشكل مختلف عما هو مكتوب فيه بالنسبة إليهم، وهذا البند يصف القيود على تطبيق البرنامج نفسه وراء حدود 1967 فقط لا غير، ولا يتطرق إلى أي شيء آخر".

وكان الاتحاد الأوروبي هدد عام 2013 بطرد إسرائيل من البرنامج حتى وافقت الأخيرة على ألا تذهب الأموال إلى مشاريع في مستوطنات الضفة الغربية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار مكتب منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى أن "المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة رئيسة أمام تحقيق حل الدولتين وإرساء سلام عادل ودائم وشامل بين الأطراف، وأن الاتحاد لن يعترف بأي تغييرات تطول حدود ما قبل عام 1967، بما في ذلك تلك المتعلقة بالقدس والتي لم يتفق عليها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي".

وفي بيان مشترك لمتحدثي وزارات خارجية بلجيكا والدنمارك وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإيرلندا وإيطاليا وهولندا والنرويج وبولندا وإسبانيا والسويد، نشر على موقع الخارجية الألمانية، جددت الدول "دعوتها لتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم (2334) لعام 2016 بجميع أحكامه، والذي يؤكد عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967، بما فيها القدس الشرقية، ويطالب بالوقف الفوري لأنشطة الاستيطان".

من جهته، أكد تيبو كاميلي نيابة عن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في النقاش المفتوح لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط خلال يوليو (تموز) الماضي، إن معارضة الاتحاد الأوروبي لسياسة الاستيطان الإسرائيلية والإجراءات المتخذة في هذا السياق، بما في ذلك القدس الشرقية، بخاصة في المناطق الحساسة معروفة جيداً، إذ لا يزال الاتحاد الأوروبي ينظر إلى المستوطنات باعتبارها غير قانونية بموجب القانون الدولي، ويدعو إلى وقف جميع الأنشطة الاستيطانية".

ترحيب وتشجيع

ووسط خلافات إسرائيلية كبيرة بسبب رفض الاتحاد الأوروبي أن يشمل اتفاق Creative Europe المؤسسات الثقافية والفنية الإسرائيلية العاملة في مستوطنات الضفة الغربية، رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان رسمي نشر أخيراً، بموقف الاتحاد الأوروبي ومؤسساته على ما وصفته بـ "الدور الفعال في الحفاظ على القانون الدولي".

وأضافت أن "الاحتلال ومستوطناته ومستوطنيه من يجب وقف تمويلهم، كما يجب وقف الدعم لمنظومة الاستعمار الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين المحتلة، وليس منظمات المجتمع المدني الشاهد والراصد لجرائم الاحتلال".

وفي حين قالت منظمة التحرير الفلسطينية إنها "تؤيد خطوات كهذه"، طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بإدانة جريمتي السلطات الإسرائيلية ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، خلال اجتماع مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.

وقال مدير إسرائيل وفلسطين في "هيومن رايتس ووتش" عمر شاكر إنه "على المسؤولين الأوروبيين أن يعلموا أنهم سيصافحون ممثلين عن حكومة ترتكب جرائم ضد الإنسانية، وتجرم منظمات بارزة في المجتمع المدني تتحدى هذه الانتهاكات، والتظاهر بأن الأمور طبيعية في شأن إسرائيل وسط القمع المتصاعد هو رسالة مفادها أن إدانة الاتحاد الأوروبي بالكاد تساوي الورق الذي كتبت عليه".

انتكاسة ثقافية

الاعتراض الإسرائيلي على الاتفاق الأوروبي الثقافي Creative Europe يعود في جذوره لرفض أوساط إسرائيلية عدة، تحرك الاتحاد الأوروبي بترسيخ الفصل بين المناطق الفلسطينية عام 1967، وإسرائيل عند حدود 1948، استناداً إلى القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي (2334) الذي يعتبر الاستيطان غير شرعي، وتوقيع الحكومة الحالية على الاتفاق الأوروبي قد يعني بحسب الرافضين "تنفيذ فعلي لقرار الأمم المتحدة".

وربط هؤلاء بين هذه الخطوة وقرار الحكومة التوقيع السابق على برنامج لتمويل البحث العلمي (هورايزون) الذي وقعته إسرائيل عام 2021، وسيخصص 95.5 مليار يورو (111 مليار دولار) على شكل منح من 2021 إلى 2027.

وقال كونتوروفيتش إن "الاتفاق الثقافي أسوأ من اتفاق هورايزون، لأن الاتفاق العلمي ميّز ضد المؤسسات العلمية فقط، بحيث لا تستطيع جامعة إرئيل، على سبيل المثال، تلقي تمويل من الاتحاد الأوروبي، ويمكن للحكومة تعويض هذا الضرر، لكن التمويل الثقافي يهم المستهلكين، وهذا من شأنه أن يخلق التمييز الذي يحظره القانون الإسرائيلي".

وتابع، "منذ التوقيع على اتفاق هورايزون حققت إسرائيل إنجازات سياسية ناضلنا من أجلها بشدة، فتم تمرير قوانين مناهضة لحركة مقاطعة البضائع في المستوطنات BDS في عدد من الولايات الأميركية التي تحظر المقاطعة، وكذلك الاعتراف الأميركي بالقدس ومرتفعات الجولان، والتغيير في الولايات الأميركية الذي أدى إلى موافقتها على تمويل مؤسسات البحث في المستوطنات، لذلك فإن التوقيع على الاتفاق الجديد سيعيد إسرائيل للوراء دبلوماسياً إلى ما قبل عقد زمني على الأقل، ويضعف القوانين ضد BDS والإجراءات ضد المقاطعة".

ووجد استطلاع للمعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية (ميتفيم) تم إجراؤه هذا العام الماضي، أن 47 في المئة من الإسرائيليين يعارضون المشاركة في برامج الاتحاد الأوروبي التي تستثني المستوطنات مثل "هورايزون"، بينما يؤيد 35 في المئة فقط المشاركة.

المزيد من الشرق الأوسط