Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المؤسسة"... قوة المهام الأميركية الخاصة

100 عام على مجلس العلاقات الخارجية الأميركي قلب الدولة العميقة واللجنة التي تدير العالم بما يشبه حكومة عالمية

مبنى مجلس العلاقات الخارجية الأميركي (أ.ب)

ذات مرة كتب رئيس وزراء إنجلترا المشهور بنيامين دزرائيلي (1804-1881)، قائلاً "العالم يحكمه أشخاص غير الذين نراهم على مسرح الأحداث".

في العادة يروي المؤرخون أعمال ومآثر الملوك ورؤساء الجمهوريات ورؤساء الوزراء، ولكن في حقيقة الأمر فإن القوة الحقيقية التي تختار الرؤساء لا تراها الجماهير. إن هذه القوة لا تكون ظاهرة بل خلف الكواليس. فهؤلاء الرجال يفضلون عادة أن يعملوا في سرية تامة، مع أن بعضهم يكون معروفاً للناس.

ومن الأمور الثابتة التي لا تتغير أنهم يتحكمون في قرارات ضخمة لدرجة أن الحكام يكونون مجرد لعبة في أيديهم، كما أنهم يتسببون في سقوط الحكومات.

هل ينطبق هذا الحديث على الولايات المتحدة الأميركية بنوع خاص، وهل من قوة بعينها داخلها تسيطر على مقدرات الأمور فيها، ومن ورائها على عالمنا المعاصر، وإذا كان ذلك كذلك، ترى هل هي قوة واحدة أم قوى متعددة، وهل هناك خيوط ما تربط بعضها ببعض؟

في هذه القراءة نحاول التوقف مع واحدة من تلك القوى، تلك التي عرفت باسم المؤسسة... من تلك المجموعة التي تشكل البنى الهيكلية لها، ومتى أسست ولأي غرض، وإلى أين يمضي نفوذها، وعديد من الأسئلة المشابهة؟

بات روبرتسون وحديث المؤسسة

في كتابه المثير والخطير "النظام العالمي الجديد/ هل هو مقدمة للنظام العالمي الإلهي"، يحدثنا بات روبرتسون الداعية الأميركي الشهير، والذي سعى لترشيح نفسه للرئاسة الأميركية عام 1988، بأنه من المؤكد أن هناك مؤسسة ما تقود دفة الأحداث في الولايات المتحدة، كما في أي بلد آخر.

 هذه المؤسسة بحسب القس المعمداني الشهير، لها قوة هائلة، فمنذ مئة عام وهي تمثل عقل الولايات المتحدة الفاعل، تتحكم في اقتصادها وفي سياساتها الخارجية، وسواء كان الرئيس الجالس في البيت الأبيض من الحزب الديمقراطي أو من الحزب الجمهوري، ومهما كان من شأن توجهاته الليبرالية أو المحافظة، أو نصيبه من الاعتدال والتطرف.

 إنها مؤسسة فوق الانتخابات، ولكنها في الوقت ذاته قادرة على التحكم في نتائج أي انتخابات، هدف هذه المؤسسة الرئيس هو إقامة حكومة عالمية واحدة.

المثير في أمر تلك المؤسسة أنها ليست خافية عن الأعين، كما الحديث عن النورانيين، أو الماسونيين الأميركيين وغيرهما من الجماعات المغرقة في سريتها، والتي يقطع كثيرون بأن الآباء الأميركيين المؤسسين قد خلفوها من ورائهم، وذلك بهدف إحداث نوع من التوازنات المقصودة في مستقبل أميركا.

يبدو مكان المؤسسة معروفاً للجميع، فهي تقع عند تقاطع الشارع 68 مع تقاطع بارك أفنيو، في مدينة نيويورك، إنها مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، والذي يقابله على الجانب الآخر مبنى الأمم المتحدة وسفارة روسيا الاتحادية، وقد كانت من قبل سفارة الاتحاد السوفياتي.

من هذا المكان تفرض هذه المؤسسة سيطرتها على كثير من المراكز التي لها نفوذ وسلطة، مثل وزارة الخارجية، ووزارة المالية، وهيئة الادخار الفيدرالية، وبنك الاستيراد والتصدير، ومؤسسة روكفلر، ومؤسسة فورد، ومؤسسة كارنيغي، وبنك تشيس مانهاتن، وجامعة هارفرد، وجامعة كولومبيا، وجامعة شيكاغو، وجرائد "واشنطن بوست"، و"نيويورك تايمز"، و"لوس أنجليس تايمز"، وعشرات من الهيئات الأخرى في أميركا وإنجلترا، ويمتد تأثيرها إلى خارج الولايات المتحدة ليصل إلى أوروبا بنوع خاص.

سنوات التأسيس والهدف الرئيس

في مؤلفه القيم "عقل أميركا/ مؤسسات صناعة الرؤية والتفكير في الولايات المتحدة"، يشير البروفيسور والدبلوماسي المصري حسن عبد ربه حسن، إلى أن مجلس العلاقات الخارجية الأميركية تم تأسيسه عام 1921، أي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بعامين، وربما لهذا التوقيت أهمية خاصة على الصعيد الأميركي، حيث كانت القوة البازغة الجديدة تتشكل في الرحم العالمية.

من الناحية التاريخية، ومن وجهة نظر الخبراء يعد المجلس من أقدم مؤسسات الفكر والرأي على مستوى أميركا والعالم، وقد نبعت فكرة إنشائه فور انتهاء وقائع الحرب العالمية الأولى بناءً على طلب من الرئيس الأميركي ودرو ويلسون (1856-1924)، طرحه على الدوائر القريبة منه للبحث عن مجموعة منتقاة من المتخصصين للمشاركة بجهودهم في تقديم الخبرة والاستشارة حول القضايا المعقدة التي ستفرض "ظروف ما بعد الحرب المستجدة على الإدارة الأميركية التعامل معها داخلياً وخارجياً".

بلغ عدد الفريق الذي تم اختياره للمرة الأولى نحو 150 باحثاً، أنتجوا نحو 2000 وثيقة تفصل وتحلل الحقائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الصعيد العالمي، والتي ذهبوا إلى أنها ستكون مفيدة للرئيس ويلسون في محادثات السلام العالمية.

قبل أن يأخذ المجلس شكله المؤسساتي سافر أول فريق خبراء جمعه ويلسون لحضور مؤتمر السلام في باريس الذي عقد عام 1919، من أجل مناقشة كثير من الشؤون الدولية التي تهم العالم بعد الحرب العالمية الأولى، وكانت التقارير والدراسات التي أعدها فريق العمل الأكاديمي هي الرؤية الموجهة لمناقشات الوفد الأميركي، لوضع أبعاد استراتيجية للسلام بحسب الرؤية الأميركية.

كانت مجموعة الاستشاريين في أول تشكيلها بسيطة يعقد أعضاؤها لقاءاتهم غير المنتظمة مع الرئيس وأركان إدارته كلما دعت الحاجة إلى ذلك، غير أنه حين أدركت الجهات المتخصصة جدوى مثل هذا التعاون وشجعته في ضوء النتائج الإيجابية التي ترتبت على الأخذ بآراء المشاركين فيه، اتفقت جميع الأطراف على توحيد هذه الجهود تحت اسم "مجلس العلاقات الخارجية"، مما أدى إلى توسيع عضويته ووضع لائحة داخلية تنظم حركته ونشاطه، وبذلك أصبح أول مؤسسة غير حكومية "حملت رسالة المشاركة في التشاور مع صناع القرار عبر المناقشات والدراسات غير الحزبية".

الأقلية ورسم السياسات الخارجية

من هم أعضاء مجلس العلاقات الخارجية الأميركية؟ تبدو فكرة العضوية بدورها أقرب ما تكون إلى مسألة الانتقاء الطبيعي، بمعنى أنه ليس من المتاح لأي أحد الدخول، ومن يدخل قد لا يبقى إلى الأبد.

 باختصار غير مخل، يوجد نوعان من العضوية، واحد مدى الحياة، وآخر لمدة خمس سنوات.

الأميركيون فقط، سواء كانوا مولودين أو مجنسين، والمرشحون للحصول على الجنسية الأميركية، هم من لهم الحق في العضوية.

المرشح للعضوية مدى الحياة ينبغي أن يتم ترشيحه كتابياً من قبل أحد أعضاء المجلس، ويدعمه ثلاثة أعضاء آخرين في الأقل.

يبلغ عدد أعضاء المجلس نحو خمسة آلاف عضو، لكن بضع مئات فقط منهم هم الأقوياء النافذون القريبون من مصادر القوة والقريبون من عقول صناع القرار، فيما البقية الباقية تباشر ولا شك دوراً متقدماً في إدارة الأعمال والشؤون المالية والعسكرية الأميركية.

لا يفصح النافذون عن مرادهم الحقيقي من وراء المجلس، وإن كان بات روبرتسون، الذي لا يمكن المزايدة على أميركيته، كما لا يمكن اتهامه بأنه من المصابين بداء المؤامرة، يقطع بأن شيئاً غريباً وراء هذا المجلس، فجوهر ولب أهدافه الاعتقاد بسمو مهارات أعضائه، وقدرتهم على تشكيل نظام عالمي تستطيع فيه الرأسمالية الاحتكارية المستنيرة، على حد رؤية أصحابه، أن تجمع كل العملات المتداولة الأشكال والأنظمة البنكية والائتمانية والصناعية في حكومة واحدة تشرف على كل هذا، وتنظم سلطة أمنية تابعة لهذه الحكومة أو ذلك النظام.

لكن كيف لهم إنجاز ذلك؟

في الواقع لديهم عشرات الطرق لإضعاف السلطات العليا في كل دول العالم، وحتى في داخل الولايات المتحدة عينها، وحتى لا يقاوم أحد منهم فكرة الإدارة العالمية أو الحكومة الموحدة الخفية.

من هذا المنطلق أدرك القائمون على المجلس وفي وقت مبكر جداً على نشأة الماركسية وقيام الثورة البلشفية، أنها ستكون خطوة وسيطة مهمة، ستمكنهم من اقتصاد عالمي سهل الإدارة، وربما هذا ما حدث بعد سبعة عقود، حين انهار الاتحاد السوفياتي، وأعلنت الولايات المتحدة زمن النظام العالمي الجديد، أو بمعنى أدق النظام الأميركي الحاكم للعالم.

المؤسسة... حاضنة النخبة الحاكمة

تبدو المؤسسة، أو المجلس، كحاضنة نفوذ للنخبة القوية الحاكمة في الداخل الأميركي، وسلطانها يفوق أي جماعة سياسية أخرى.

منذ عام 1940، وكل وزراء الولايات المتحدة غالباً، كانوا أعضاء في هذا المجلس ومنهم أسماء لعبت أدواراً تقدمية في مراحل مصيرية لأميركا، لا سيما سنوات المواجهة مع حلف وارسو، ومن عينة هؤلاء دين راسك ووليم روجرز وهنري كيسنجر وسيروس فانس وألكسندر هيغ وجورج شولتز وجيمس بيكر.

كذلك فإن كل وزراء الدفاع الأميركيين تقريباً كانوا أعضاء في مجلس العلاقات الخارجية أيضاً، مثل جورج مارشال وتشارلز ويلسون وجيمس شلزنجر وهارولد براون وريتشارد تشيني.

والثابت أنه في أثناء إدارة الرئيس كيندي (1961-1963) كان أكثر من ستين عضواً من مجلس العلاقات الخارجية في مناصب قيادية.

وفي أثناء حكم ريتشارد نيكسون قفز عدد أعضاء مجلس العلاقات الخارجية الذين كانوا في مناصب حساسة إلى 100.

أما الذي لا يعرفه الناس فهو أن ريتشارد نيكسون نفسه كان عضواً في مجلس العلاقات الخارجية عام 1961، لذلك لم يكن مستغرباً أن يختار نيكسون هنري كيسنجر مستشاره للأمن القومي ثم بعد ذلك وزيراً للخارجية.

ولعل البحث المعمق في أضابير مجلس العلاقات الخارجية الأميركية يخبرنا أنه وحتى قبل أن تدخل الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية بعامين فإن مجلس العلاقات الخارجية كان قد خطط من قبل كيف يديرون العالم عندما تنتهي الحرب، ولذلك فإننا نستطيع أن نفترض من هذا الكلام أن دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية كان مؤكداً بالنسبة إلى أعضاء هذا المجلس قبل سنتين من الهجوم الغادر على بيرل هاربور في 7 ديسمبر (كانون الأول) عام 1941. وكذلك فإن الوفد الأميركي في مؤتمر سان فرانسيسكو الذي كتب مسودة ميثاق الأمم المتحدة كان يتكون من أعضاء من مجلس العلاقات الخارجية.

بريجنسكي والنظام العالمي الموحد

من قلب مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، سوف يبزغ اسم زيبغينو بريجنسكي، والذي سيضحى لاحقاً واحداً من أشهر الخبراء الاستراتيجيين الأميركيين، وأحد أهم الممارسين المتقدمين فن الاستراتيجية، ومن ألمع منظري السياسة الأميركية منذ الستينيات، وقد تخصص في الشؤون السوفياتية منذ بدأ التدريس في جامعة كولومبيا عام 1960، وأصدر كتابه الشهير "أزمة الاتحاد السوفياتي".

عام 1970، تنبأ بريجنسكي البولندي الأصل بصعود القوة الاقتصادية لليابان وأوروبا في فترة ما بعد الحرب، وقد أعطى بريجنسكي نظريات كارل ماركس قيمة مثالية.

في كتابه "بين حقبتين" قال إن سياسات توازن القوى قد عفا عليها الزمن، وأن سياسة النظام العالمي أصبحت هي المتبعة.

استشرف بريجنسكي كأحد عقول المؤسسة – المجلس أن النظام العالمي في صورته الأولى سيكون عبارة عن ارتباط اقتصادي ثلاثي بين اليابان وأوروبا والولايات المتحدة.

وجدت رؤى بريجنسكي دعماً مادياً كبيراً من أحد أساطين الجماعات الأميركية التي تعمل من وراء الستار، ديفيد روكفلر، والذي سيتكشف للعالم في زمن تفشي جائحة "كوفيد-19"، أن عائلته لا تزال شريكاً في البنك الاحتياطي الأميركي.

عضد ديفيد بريجنسكي مالياً، وأسسا معاً هيئة سميت باللجنة الثلاثية، وأصبح بريجنسكي أول مدير لها.

أما أهداف تلك اللجنة الثلاثية التي انبثقت من المجلس فقد كانت تعاوناً ثلاثياً بين اليابان وأوروبا والولايات المتحدة، لحفظ السلام ولإدارة اقتصاد العالم النامي. وهذا معناه أن النظام العالمي الثلاثي الأركان كان عليه أن يدير اقتصاد العالم وأن يمهد الطريق للحكومة العالمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كارتر دمية في يد المؤسسة

هل كان الرئيس الأميركي جيمي كارتر دمية في يد القائمين على مجلس العلاقات الخارجية الأميركي؟

في مؤلفه "الطبقة الخارقة/ نخبة التسلط العالمي وأي عالم نبني"، يكاد الكاتب الأميركي ديفيد روثكبوف، يقطع بذلك. ويؤكد ما فعله رجل مثل بريجنسكي بمرحلة مهمة من التاريخ الأميركي المعاصر، وهو ما يتسق مع رؤية روبرتسون بكل تأكيد وتحديد... ما القصة؟

 باختصار غير مخل، كانت أميركا في منتصف السبعينيات تعاني الآثار الكارثية على صعيدين، العسكري المتمثل في هزيمة فيتنام، والأخلاقي القائم في فضيحة ووترغيت، ولهذا كان البحث عن رمز يمثل نقاوة أميركا وطهرانيتها الأولى بحسب الآباء المؤسسين.

بدا أن بريجنسكي قد وقع اختياره على رجل معمداني من جنوب جورجيا... كان جيمي كارتر، الذي كسب ترشيح الحزب الديمقراطي له.

حين انتخب كارتر قدم له روبرتسون لائحة بأسماء رجال يصلحون لأن يضحوا أعضاء حكومته، وأرسل صديقه لوشيلدون إليه بقائمة من أفضل رجال المال والأعمال والعاملين في إطار التربية والتعليم من رجال ونساء ليكونوا أعضاء فريقه قبل أن يدخل البيت الأبيض.

حين عاد لوشيلدون إلى روبرتسون وأخبره أن كارتر حين قرأ الأسماء على اللائحة بدأت دموعه تنزل من عينيه.

اعتبر شيلدون أن كارتر تأثر بشكل إيجابي بالاختيارات، غير أن روبرتسون العتيد فهم أن كارتر حزين، لأن عملية التعيينات ليست في يديه، وأنه لن يستطيع أن يعين واحداً فقط من الأشخاص الموجودين في القائمة، وهو ما حدث بالفعل.

لاحقاً عقب هاميلتون جوردان، مدير حملة كارتر الانتخابية، على الأمر فقال "إذا وجدت بعد تولي كارتر منصبه رسمياً أن سيروس فانس قد أصبح وزيراً للخارجية، وزبيغنيو بريجنسكي قد صار رئيساً للأمن القومي، فإننا نكون قد فشلنا، وسوف أترك منصبي".

وفي الحقيقة فإن هذا هو الذي حدث بالضبط، فقد صار بريجنسكي معلم كارتر الذي احتواه، أحد أهم مستشاري الأمن القومي في التاريخ الأميركي، وهناك مرويات كثيرة عن دوره في إغراق الاتحاد السوفياتي في الوحل الأفغاني، عطفاً على خططه الخاصة بتشجيع نشوء وارتقاء حركات الإسلام السياسي في العالم العربي.

وبجانب بريجنسكي صار سايروس فانس الذي كان رئيساً لمؤسسة روكفلر وزيراً للخارجية، واختير والتر مونديل وهو عضو في اللجنة الثلاثية التي أرسى قواعدها الأيديولوجية بريجنسكي مبكراً، نائباً للرئيس، فيما أضحى ستانسفيلد تيرنر رئيساً لوكالة الاستخبارات المركزية، وقد كان بدوره عضواً في مجلس العلاقات الخارجية.

ليس غريباً ولا عجيباً إذاً أن ينظر لكارتر على أنه أحد رؤساء أميركا الضعفاء، وليست مصادفة أن يصفه كاتب السير والأكاديمي البريطاني الشهير، نايجل هاميلتون، في مؤلفه "القياصرة الأميركيون" بأنه الرئيس الذي انتقد في البداية، لكنه أضحى محط احترام الأميركيين لاحقاً.

لقد بدا جيمي كارتر شخصاً مؤمناً مهذباً، ولم يكن مناسباً لرئاسة أغنى دولة على الأرض، ولكنه أثناء السنوات الأربع التي قضاها في الرئاسة لم يكن سوى أداة لخدمة أعضاء المؤسسة – المجلس.

وفي الخلاصة، يمكن القطع بأن مجلس العلاقات الخارجية الأميركية هو العقل المفكر الواعي للإمبراطورية التي تسعى لجعل القرن الحادي والعشرين قرناً أميركياً بامتياز، لا سيما أن تقاريره المعمقة المتخصصة تجعل منه "قوة المهام الخاصة" Task Force وذلك باعتراف وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين، اعترافاً منهما بقدرته على تقديم خلفيات التعريف بالقضايا والملفات الساخنة، والتأسيس لتقديم النتائج والتوصيات الواقعية.

ويبقى السؤال محل مزيد من البحث: إذا كان هذا ما هو متاح ومعروف عن مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، فماذا عن منطقة الظل غير الواضحة، والواقعة ما بين اللونين الأبيض والأسود في الدولة الأميركية العميقة؟

المزيد من تقارير