تتفاوت آراء الكاتبات العربيات في شأن كرة القدم أو "الفوتبول"، تتنوع، تختلف، وتتفق، ثم أجمعت أن ثمة في الكرة ما يتقاطع مع لعبة الحياة بكل أبعادها الاجتماعية والسياسية والنفسية. فبين الكر والفر، بين الهجوم لتسديد الهدف والدفاع لإبعاد الخصم وحجب الخذلان، تمضي اللعبة، كما هي الحياة بكل قسوتها ومرارتها وعذوبتها، ترتفع فيها الرايات تارة، وتقع الخسارات تارة أخرى.
ومع لحظات صافية من الحماسة والتهيؤ للربح الوشيك المأمول والمنتظر، تتعالى الهتافات والعبارات المقذعة، ترتفع الأغنيات، تتهاوى القلوب خافقة، تتحرك النظرات الطائرة مع حركات الأقدام الراكضة باندفاع سرابي في كل الاتجاهات، آخذة معها أمنيات الفوز، التي قد تنقل المزاج من حال إلى حال، إذا تحقق نصر الفريق المراد فوزه، أو تكون النتيجة التعسة مع ساعات يشوبها إحساس مفرط بتراجع الحماسة وهبوط مستوى الأدرينالين بسبب الخسارة.
فالولع، الشغف، وربما العشق، تبدو الكلمات الأكثر ملاءمة لوصف العلاقة مع لعبة كرة القدم، بالنسبة إلى عشاقها وعاشقاتها. في اللغة الإيطالية مثلاً كلمة "مشجع" هي "تيفوس" (tifoso) وتعني محموماً للغاية.
في المقابل توجد جماعات أخرى تنظر بتعجب، لأنها لا تدرك ماهية السر الذي يحرك هذه الجماهير لتكون مبتهجة بربح فريق ما، أو حزينة لخسارته، إذ في الحقيقة يبدو الربح والخسارة في لعبة كرة القدم مرتبطين في ماهيتهما ارتباطاً فكرياً ونفسياً بالرغبة في الفوز من جهة، وارتباطاً وضوعياً في الانحياز الوطني أو الأممي لفريق ما.
اللعب مع الخيال
اللعبة الموصوفة بأنها ذكورية تمتلك تأثيراً سحرياً في الجماهير لا يمكن إغفاله، إذ لم تضاهها لعبة أخرى في القدرة على تحقيق التأثير في الرجال والنساء. ويكفي أن ننظر إلى المدرجات لنجد "تاء التأنيث" تشغل الأماكن، مشاركة في التشجيع والحماسة والبهجات وربما العبارات النافرة أيضاً. وهذا ما يجعل من المرأة كائنًا ممسوساً بسحر الكرة.
في روايتها السيرية "طعام، صلاة، حب"، تحكي الكاتبة الأميركية إليزابيث غلبرت عن مشاهدتها مباراة كرة قدم في أحد مدرجات روما برفقة صديقها لوكا الذي قال لها "يمكننا تغيير زوجاتنا، جنسيتنا، مهنتنا، لكن لا يمكننا تغيير الفريق الذي نشجعه". تصف غلبرت بهيام لحظات جلوسها بالقرب من عجوز إيطالي كان يشجع أحد اللاعبين قائلاً "هيا، هيا ألبرتيني. رائع، رائع يا ولدي. تقدم، تقدم، عزيزي. ها أنت، ها أنت سوف تصيبها... يا الله، ما هذا، ما هذا أيها الخائن، ما هذا أيها الخائب، يا لها من فوضى، يا للعار".
علاقة غلبرت مع كرة القدم تتقاطع أيضاً مع حماسة الكاتبة التشيلية إيزابيل اللندي التي ذكرت في أحد حواراتها أنها خلال شبابها، كانت شغوفة بمشاهدة مباريات كرة القدم، هذا الشغف الذي أجادت الكاتبة اللبنانية علوية صبح في وصفه، عبر شهادتها التي أدلت بها لـ"اندبندنت عربية" عن علاقتها مع اللعبة، قائلة "كلنا نعلم أن لعبة كرم القدم جاذبة للذكور تاريخياً، إلا أنها باتت اليوم تجذب الإناث إلى حد كبير، وبينهن الكاتبات. وإذا كنا قد قرأنا روايات لكتاب ذكور، فإن عديداً من الروايات لكتاب عالميين تناولت لعبة كرة القدم، لكن لم أر رواية بقلم كاتبة تحكي عن الكرة. وهذا يدل على أن اللعبة لم تكن جاذبة للإناث كما هي جاذبة للذكور".
وتتابع صاحبة "افرح يا قلبي"، قائلة "الآن، العالم كله رجالاً ونساء وأطفالاً، ونتيجة للتغيرات الاجتماعية والثقافية، أصبح يتابع المونديال. أنا لم يكن يعنيني من قبل بقدر ما أصبح يعنيني الآن، ويمنحني غبطة وحماسة، ربما لأن سلطة اللاعبين للسيطرة على الكرة الأرضية باتت تسبب لي ألماً وضجراً، بحيث إن لعبة السياسة والعنف والسلطة على الأرض نتيجتها دوماً لصالح الأقوى، لكن من دون حكم، أو صفارة إنذار، بينما كرة القدم (اللعبة) تخضع لقوانين، وتوجد فيها عدالة، إلى حد كبير. وإذا كان على المتابع أن ينحاز لهذا اللاعب أو البطل إلا أن هذه المشاعر لا تخلو من الوطنية، فالشعور بالبهجة لفوز الفريق الذي نشجعه أمر بديهي جداً وإنساني، وبالنسبة إليَّ أنحاز بالمطلق لأي فريق في العالم العربي، بخاصة إذا كان يتمتع بقدرات مذهلة. أدهشني جداً الفريق السعودي، وأثار إعجابي الفريقان التونسي والمغربي".
وتضيف علوية صبح "ما يعنيني في اللعبة بشكل خاص ككاتبة وإنسانة هي قدرة اللاعب على اللعب مع الخيال، إذ أرى أنه لا يمكن للاعب أن يلعب من دون الخيال الجامح الذي لاحظت وجوده عند بعض اللاعبين. يظهر الخيال في حركات أجسادهم، كما يظهر العشق والشغف بالكرة التي تمثل معنى الوجود للاعب، وهذا ما يجذبني ويمتعني. كأن الكرة هنا محور الكون بالنسبة إليه، فالتقنيات والقدرات المتركزة في الخيال تتقاطع مع ما يفعله الكاتب، حيث لا يوجد نص من دون تلك المخيلة المفرطة التي تغازل الفوز. فاللاعب يكتب نصره بخياله وتقنياته وأدواته، وامتلاكه فهم حركة الكرة بين الأجساد".
الكاتبة العراقية أنعام كجه جي تختلف علاقتها مع اللعبة، على رغم أنها لا تراها لعبة ذكورية، تصف صاحبة "النبيذة" تواصلها مع الكرة بالقول "للأسف لا علاقة لي باللعبة. لا أذكر أنني شاهدت مباراة كاملة. ليس لأنها لعبة ذكورية بل لأنني حتى الآن لم أفهم (الأوف سايد والفاولات) وبقية القوانين، لكني أشعر أن الشطرنج هي اللعبة الذكورية بامتياز".
أمنية مستحيلة
تعبر الكاتبة المغربية ريم نجمي عن علاقتها مع لعبة كرة القدم عبر حكاية مشوقة. تقول "تمنيت في يوم ما أن أكون لاعبة كرة قدم، كان ذلك سنة 1998 بعد مشاركة المنتخب المغربي في كأس العالم التي أقيمت في فرنسا. تحول المنتخب المغربي إلى أسطورة في الإعلام والشارع، وكنت كغيري من الأطفال أجمع صور لاعبي كأس العالم في دفاتر وأشارك في النقاشات الكروية، حتى بعد خروج المنتخب المغربي من الدور الأول استمر معي شغف غريب لكرة القدم. وبدأت ألعبها في البيت وفي حديقة جدتي وبدأت أحلم أن أصبح لاعبة كرة قدم، لكنني اصطدمت بواقع ذكورية اللعبة، لم تكن لكرة القدم النسائية ذلك الوهج والحضور الذي تحظى به كرة القدم الرجالية، سرعان ما تلاشى الحلم وتحول إلى مادة للكتابة. أذكر جيداً كيف كنت أكتب قصصاً أبطالها رونالدو وزين الدين زيدان، حيث تحقق الطفلة التي كنتها أحلامها على الورق".
وتضيف نجمي "لا يزال شغف كرة القدم يرافقني، فكرة القدم بالنسبة إليَّ عملية فنية تتوفر على العناصر الدرامية تماماً كالقصة أو الفيلم، لكنها تتجاوز العمل الفني المتخيل بكونها حقيقية ومباشرة ويكاد المشاهد أو المشجع يكون طرفاً في هذه اللعبة، لذلك أحرص على مشاهدة مباريات كرة القدم، بخاصة تلك التي يكون لها بعد دولي: كأس العالم، كأس الأمم الأفريقية والأوروبية... أنا من الأشخاص الذين قد يؤجلون مواعيدهم من أجل مشاهدة مباراة لكرة القدم. كأس العالم تتحول إلى لحظة مميزة واستثنائية، بخاصة إذا كانت هناك دول عربية مشاركة وعلى رأسها المغرب، إضافة إلى المنتخب الألماني الذي أشجعه".
سر الجمال
في المقابل تحكي الناقدة اللبنانية سمية عزام عن ارتباك علاقتها باللعبة، قائلة "حين أشاهد إحدى المباريات مصادفة، أجدني مشدودة لها ومندرجة في أجوائها، لعلني أفهم سر جمالها، وحب الجماهير لها. غير أنني سرعان ما أنصرف عنها". تواصل كلامها موضحة "غالباً لا أشاهد المباريات إذ لا تستهويني المتابعة، ربما لأن ثقافتي الرياضية محدودة للغاية. أما في ما يتعلق بالتصنيف الجندري لجهة عشاقها، فلا ألحظ هذا التمييز الحاد والقاطع بين الجنسين. فلدي صديقات ينتظرن المونديال أو الدوريات للعبة، وإن كانت نسبة انجذاب الذكور إليها، وفئة الشباب منهم بخاصة، أكبر من نسبة الإناث".
الشاعرة المصرية فاطمة قنديل ترى في العلاقة مع كرة القدم أنها لعبة تجمع بين وجهين للحياة، الانضباط الشديد، والبساطة في رؤية الواقع التي نحتاج إليها بين الفينة والأخرى. تقول "أحب كرة القدم لأن لها قواعد وزمناً محدداً لا يمكن تجاوزه، ولأنها تدفعني للاستغراق الكامل من دون تفكير في أشياء أخرى، ولذلك أكره المعلقين الذين يستعرضون معلوماتهم ويتسببون لي في حالة (تغريب) عن المباراة. أنا أحب الكرة لأنها تبسط الحياة وهذا شيء أحتاج إليه من وقت لآخر، بمعنى أنه إما نصر أو هزيمة. وأحبها كذلك لأنني أحب الرياضة بشكل عام. جميل جداً أن ترى الجسد الإنساني وهو يحاول أن يفجر كل طاقاته وخصوصاً عندما يصل هذه الطاقات بعقله كما يفعل اللاعبون الكبار. سأشاهد مونديال قطر بقدر المستطاع، لأنني لا بد أن أذهب إلى المقهى لرؤية المباريات، وهو أمر لا أحبه كثيراً ولا أحب المقاهي في العموم. ليس هناك منتخب بعينه أنوي تشجيعه. حتى الآن سأشجع الأفضل بعد مرور بعض الوقت وتكوين رأي، سوف ننتظر ونرى".
الكرة والإبداع
إن ربط الأدب بلعبة كرة القدم تجلى بشكل كبير في مونديال عام 2006، حين قامت ألمانيا بدعوة مجموعة من صفوة الأدباء العالميين لحضور المونديال، وخصصت مساحة في الاستاد تعرض فيها للجمهور مجموعة من الكتب والروايات لمبدعين كتبوا عن الكرة الساحرة، مثل أمبرتو أيكو، وباولو كويلو.
الكاتبة الأردنية سميحة خريس، تحكي عن الساحرة المستديرة، قائلة "دخلت كرة القدم عالمي وأنا طالبة في الجامعة، شجعت الأهلي المصري بسبب زميل لي يعشق هذا النادي، تعلمت شعارات تشجيعه وشعارات إثارة غيظ منافسه الزمالك، ثم عند تخرجي عام 1978 كان مارادونا يلعب بعواطف العالم وهو يركل كرته، فكتبت عن تلك اللعبة الساحرة والفن المذهل الذي رأيته في مقال نشر في صحيفة الاتحاد الظبيانية، بعد ذلك حدث انزياح في تفكيري، جعلني أستخف باللعبة معتقدة أن كل ما يجري أمر لا يجدر بالكاتبة التي أحاول أن أكونها الاهتمام به، مرت سنوات طويلة حتى عاد لي شغفي باللعبة وإدراكي ما تنطوي عليه من فن ومتعة، إضافة إلى ما تخبئه من أسرار سياسية ومؤامرات، عدت معجبة بكل لعب جميل، متعصبة محلياً لنادي الفيصلي الأردني، وعالمياً لبرشلونة، بخاصة حين كان يلعب فيه الثلاثي العبقري ميسي ونيمار وسواريز".
وتعقب قائلة "اليوم وحين يقام المونديال على أرض عربية، أتابع ككل رجال العالم اللعبة بحماس، المسألة لا تتعلق بكوني امرأة أو رجلاً، فالفن للجميع واللعب للجميع، من قال إن على المرأة أن تنصرف للحياكة بينما شعلة المونديال تضاء؟ ومن قال إن على الكاتب أو الكاتبة أن يختلفا عن باقي الناس إذا ما تعلق الأمر بكرة القدم؟".
قوانين اللعبة
تستدعي الكاتبة والمترجمة العمانية أزهار أحمد الحارثي ذكريات علاقتها مع المستديرة الساحرة، عبر أسماء محددة، لأبطال بنوا أسطورتهم الذاتية من خلال اللعبة. تقول "لا يمكنني الحديث عن كرة القدم من دون استدعاء مارادونا وبيليه، ثمة تفاصيل كثيرة ما زالت راسخة في ذاكرتي حولهما، ربما أحببت الكرة بسبب الأساطير التي انتشرت حول أدائهما السحري. وفي طفولتي أذكر أني تأثرت بمسلسل كرتوني عن كرة القدم هو (كابتن ماجد) الذي تعلمت من خلاله الكثير عن قوانين اللعبة. في سنوات النضج، لطالما فكرت بلعبة كرة القدم وطبيعة علاقتها مع المرأة، لماذا لا يوجد حضور للمرأة في هذه اللعبة؟ في ما بعد عرفت أن هناك بلداناً تهتم بكرة القدم النسائية، لكن لا تحظى النساء بجمهور كبير كما هي كرة القدم الذكورية".
وتتابع صاحبة "العصفور الأول" قائلة "كتبت ذات يوم قصة عن نشأة كرة القدم، وكيف نشأت، واستوحيتها من جماعة من البدو يجلسون في الصحراء وصنعوا كرة من نثار بعض المواد المنسية، وكيف كان لتلك الكرة تأثير إيجابي في صحتهم النفسية والجسدية، وعلى نشوء علاقات ودية في ما بينهم. أما الآن، فقد اقتصرت علاقتي مع كرة القدم على متابعة الأحداث الكبرى، مثل المونديال، والدوريات العالمية، وهذا يحدث بتأثير من أبنائي الذين يتابعون المباريات بشغف".
طقوس حديثة
الكاتبة الفلسطينية ليانة بدر تتقاطع وجهة نظرها في شأن اللعبة، مع الكاتب الإيطالي أمبرتو أيكو، الذي يرى أن الكرة هي "لعبة زائفة تؤخذ بجدية تامة ولها أحياناً عواقب خطيرة". أما صاحبة "نجوم أريحا"، فترى أن "الطقوس الحديثة لمباريات كرة القدم تكاد تشبه في بعض وجوهها حفلات المصارعة التي كانت تعج بها المدرجات الرومانية، تلك الحشود الغفيرة التي كانت تنتقم من ظلم الحياة الشاقة بمراقبة ما يجري في الدائرة التي تتوسط المركز والتفريج عن مشاعرها بالصراخ العنيف".
وتقول "سامحوني! يبدو أنني أقوم بإسقاطات وتشبيهات مستمدة من علم النفس لكي أصف رياضة تتمتع بالنظام واللياقة الشديدة والمهنية المتميزة. ليس هذا وحده فهي فوق هذا كله تستمد من عبادة الجماهير لها قدسية تشابه المذاهب وأنواع العبادة، ومن غير كرة القدم يستطيع الحصول على شغف شامل واهتمام خارق لا ينازعه أحد في هذا العصر التكنولوجي الحديث. قبل سنين وسنين، وعندما لم تكن هناك تلك القنوات الرياضية المتخصصة التي تحتل ثلاثة أرباع شاشات التلفزة، لتعلن عن انحيازها للعبة واحدة هي كرة القدم وحدها، كنت أحب مراقبتها ولا أتوقف عن نثر إعجابي كالآخرين على الأبطال الميامين، ثم شيئاً فشيئاً وكلما ازداد انتشارها كالنار في الهشيم، وازدادت شعبيتها لتتحول إلى شعبوية تناظر الأحزاب السياسية أحياناً، صرت أخاف من متابعتها ومن الصراخ الهستيري والتلويحات العصبية التي تبديها الجماهير الهائجة حتى لو كانت تراقب اللعب من شاشات بيوتها ومقارها. صارت اللعبة تحتل سلماً في القمع والقمع المضاد يتجلى في صراخ جماهيرها، وانفلات عواطفهم المشتعلة أينما كانوا وحيثما اتجهوا، لهذا صرت أخافها".
وتضيف ليانة بدر "تحولت الرياضة إلى ساحة حرب واسعة تطغى فيها أنواع الأسلحة كلها بدءاً من الشتائم إلى التهديدات والصرخات العدوانية. وحتى الآن لا يمكنني فهم سر هذا الوله الشعبي العريض بها. هل هو الإعجاب بمهارة اللعب وحدها؟ أشك في هذا. إنها كنبة الطبيب النفسي التي يتمدد الإنسان عليها ليشكو مظالمه وانزعاجاته الكامنة، وهي منبر يعلن فيه إعجابه بالأداء الجميل لمن يستحق في عالم يدعس فيه الحكام والتجار الكبار والمستغلون على أبناء جلدتهم بلا خجل، فيفا كرة القدم".
اللعب أولاً
تحكي الكاتبة الكويتية استبرق أحمد عن علاقتها مع كرة القدم أنها نشأت بسبب اهتمام والدها باللعبة. تقول "ذكرياتي مع كرة القدم قديمة جداً، ترجع إلى أيام ذهابنا مع أبي في رحلة صحراوية، حين شكل فريق كرة القدم الخاص به، لذا كنت أحب الكرة وأمارسها في سن الطفولة، كان أبي رياضياً، ومدرس تربية فنية، لذا ظلت محبة الرياضة عموماً موجودة في داخلنا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتابع "في كتابي (الأشياء الواقفة في غرفة 9)، كتبت نصاً عن الكرة. لم يعد للكرة من نصيب كبير في أيامي كما في السابق، لكن قضية المونديال مختلفة، إذ يوجد فيه الأفضل حرفية، لذا أتابع المونديال لكن لا أساند فريقاً بعينه، يحوز إعجابي الأفضل لعباً لجودة لعبه. أتمنى دائماً أن يكون هناك اهتمام بكرة القدم النسائية ويكون لها جماهير، ربما ما هو غير معروف كثيراً أن كرة القدم النسائية فيها بطلات أيضاً، لكنهن لا يحظين بالاهتمام والدعم الكافي. أتمنى بمرور الوقت أن تزول فكرة ارتباط كرة القدم بالرجال، وتكون للجميع من دون هذا التمييز الجندري الواضح".
عدالة السماء
"كنت أقف بجسدي الضئيل كحارس مرمى في المباريات بين الأطفال من الأولاد والبنات خلال المصيف"، وعلى رغم هذا المشهد الذي تستعيده من الذاكرة، فإن الروائية المصرية سمر نور تعتبر أن علاقتها بكرة القدم لم تكن أبداً وثيقة. تقول "لم أكن مشجعة أو جزءاً من جماهير اللعبة الأشهر، لكنها كانت مرتبطة بذهني بذكريات سعيدة من الماضي، مثل الوقوف أو الجلوس بجوار خالي رحمه الله في مباريات الأهلي والزمالك، ومتابعة مباراته مع الجيرة في تشجيع الأهلي فريقه المفضل، وتبادل الدعابات مع جاره، مشجع نادي الزمالك كلما سدد لاعبو الأهلي كرة في مرمى الفريق الأقل حظاً. وتنتهي الذكريات السعيدة بتسديدة مجدي عبدالغني في كأس العالم 1990 وتحديداً التعبير الذي أطلقه معلق كرة القدم ووجدته أدبياً آنذاك: (عدالة السماء نزلت على استاد باليرمو). لم أكن أبداً أفهم تفاصيل اللعبة وكان يشغلني أكثر متابعة المشجعين في حماستهم ودعاباتهم، حتى أصبح التشجيع عدائياً، ومتسبباً في كوارث وأزمات. كانت مباراة مصر والجزائر مثالاً لحالة الغوغائية التي تخلقها كرة القدم والعنف الذي يبدو لي أحياناً كصورة مصغرة للحروب والصراعات، بل إن السياسة تستخدمه في المقام الأول، وترسخ هذا المفهوم في ذهني بعد حادثة (استاد بورسعيد) التي راح ضحيتها شباب من المشجعين. كان الأمر عبثياً إلى حد كسر علاقتي الودية مع تلك اللعبة التي لم تستهوني من قبل، الآن، لا أحاول أبداً مشاهدة أي مباراة إلا في ما ندر".