انطلق موسم العطلات، ومعه عدد ضخم من أفلام وبرامج تحتفي بالكريسماس ورأس السنة، لكن يبدو أن الأعمال الفنية التي تحتفي بصور تقليدية تظهر فيها أشجار تزين المنازل، وهدايا سرية تنتظر من يفتحها، وأطفال ينتظرون المفاجأة التي أعدها الأبوان... يبدو أن تلك الدراما البسيطة في طريقها لأن تصبح من الماضي أمام هجمات ما تسمى "تيارات الصوابية" وسعيها إلى تغيير المضمون الكلاسيكي للمحتوى الفني الذي اعتادت على تقديمه شركات الإنتاج الأميركية.
ولم يعد مقبولاً في بعض الأوساط أن تظل الأمور على حالها، فشكل العائلة الكلاسيكي يتغير بالتالي المطالبات تتوالى بأن تكون تلك الأعمال الفنية معبرة عن التبديلات التي طرأت، ووصل الأمر إلى تعرض شركات الإنتاج في الولايات المتحدة الأميركية لانتقادات من تلك الأوساط، وكانت شبكة "العائلة الأميركية العظيمة" الرائدة بتقديم دراما عائلية بامتياز في مرمى الهجوم... فمن سيصمد في وجه التيار؟
الممثلة والمنتجة كانديس كاميرون بوري التي قدمت ما يقرب من 30 عملاً حول مناسبات العطلات الاجتماعية والدينية والوطنية تواجه عاصفة من الهجوم بعد تصريحاتها بأنها ستحافظ على شكل الأسرة التقليدي المكونة من أب وأم وأطفال في المحتوى المقدم عبر "العائلة الأميركية العظيمة"، حيث لا مكان هناك لمزدوجي الميول ومثليي الجنسية في هذه الإنتاجات التي ارتبط بها أكثر من جيل.
اتهامات بالتعصب لـ"الزواج التقليدي"
كانديس كاميرون بوري (46 سنة) التي عرفها الجمهور في طفولتها بدور الفتاة المتمردة في المسلسل الكوميدي "Full House" بأجزائه الثمانية بين عامي 1987 إلى 1995، ثم عادت واستكملت العمل مع أبطاله الرئيسين في خمسة أجزاء أخرى امتدت من 2002 إلى 2016 وحمل حينها عنوان "Fuller House"، وجدت ضالتها في العمل خلف وأمام الكاميرا في الأفلام التلفزيونية الخفيفة التي تنتظرها الأسر والأطفال في المناسبات المختلفة بالولايات المتحدة، وأخيراً انضمت إلى قناة "العائلة الأميركية العظيمة" التي لها باع طويل في هذا المضمار لتعلن بكل بساطة في تصريحات لـ"وول ستريت جورنال" أنها ستحافظ على شكل الزواج التقليدي في ما يتعلق بالشركاء الذين سيظهرون في الأعمال الخاصة بالشركة.
باعتبارها مشرفة على البرمجة من خلال منصبها كمدير إبداعي، تحدثت كاميرون عن الخطة المقبلة وقائمة الأعمال المتوقع عرضها قريباً، وعلى رغم تأكيدها على أن الأشخاص من ذوي العرقيات والهويات المتعددة سيظلون مساهمين بشكل فعال في الشركة سواء خلف الكاميرا أو أمامها، لكن المعلقين تركوا جميع التفاصيل الفنية والإنسانية التي تطرقت إليها وركزوا على العبارة التي تكشف فيها عن إصرارها على إظهار مؤسسة العائلة بشكلها المعتاد.
ففي حين أنها عبر حساباتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي تلقت مئات من رسائل الدعم التي تشكرها على موقفها الذي اعتبره بعض المعلقين قوياً في ظل التحولات التي تحدث في المجتمع وفي الأعمال الفنية على السواء، وأبدوا سعادتهم بأنه لا يزال هناك مكان يقدم دراما تشبههم ولا تحاول التمادي في التركيز على أنماط مغايرة لشكل الأسرة - بحسب رأيهم - لكن الهجوم كان أعلى صوتاً، بخاصة من بعض الشخصيات العامة ممن أبدوا انزعاجهم من موقف كاميرون ووصفوها بالرجعية، وعبروا عن معارضتهم الكاملة لتلك التوجهات وبينهم المغنية جوجو سيوا التي عرفت الشهرة عن طريق تقديم نفسها كنموذج ملهم للأطفال المهووسين بالمنتجات التي تحمل شعارها وبأغنياتها كذلك، ثم فيما بعد كشفت عن مثليتها، وكذلك الممثلة هولي روبنسون بيتي، بينما اتهمتها الممثلة والمنتجة هيلاري بيرتون بالتعصب والتحيز .
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حتى في أفلام الكريسماس
وبالطبع هناك معلقون كثر طالبوا بالتخلي عن الجمود في توجه القناة والالتفات إلى الشارع، مشيرين إلى أن التنوع بات هو الوصف الأمثل لشكل الأسر في العالم وفي الولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص، مشيرين إلى أن الأزواج من الجنس نفسه لا يعبرون أبداً عن عدم التقليدية، بل هو شيء طبيعي في رأيهم، وركزت الآراء المناهضة لموقف كانديس على أن العائلة التي يقوم عليها ثنائي من الجنس نفسه لا تمثل شيئاً غريباً بالمرة بل هو أمر عادي للغاية ومقبول.
وكانت كاميرون قد تركت العمل في شبكة Hallmark بسبب التغييرات التي طرأت على محتواها، حيث باتت تعرض أفلاماً تلفزيونية للعطلات يظهر فيها أزواج من نفس الجنس، معتبرة أنه أمر مغاير لتوجهاتها، حيث إن الشبكة التي عرفت على مدار عقود بأفلام المناسبات الدينية والقومية تكافح لأن تتقرب من مختلف الهويات الجنسية ومختلف أنواع الشركاء الرومانسيين، وتستمتع بالطبع إلى الأصوات التي تطالب بمزيد من التمثيل لمزدوجي الميول، لكن كاندي فضلت تركها والانضمام إلى العائلة الأميركية العظيمة، ويبدو أنها لم تكن تتوقع كل هذا الصدى السلبي لتصريحاتها.
محاولة للدفاع
لذا قامت أخيراً بإجراء محاولة للدفاع عن نفسها، من خلال بيان طويل لم تطرق فيه بشكل تفصيلي إلى تمسكها بشكل الأسرة المعهود، وبأنها ترفض بأن تتسلم لفكرة أنها تتلاشى، واكتفت من خلاله بتأكيد أنها تهدف من خلال المحتوى الذي تقدمه بأن ترسم البهجة والرحمة والسلام في النفوس من خلال الاحتفال بأعياد الميلاد، مبدية حزنها الشديد من تفسير كلامها على أنه يحمل إساءة لأي شخص لأنها ترفض أن تؤذي الغير، وفي الوقت نفسه شددت على القيم الدينية التي تحملها في رسالتها ومن خلال القصص التي ترويها في الإنتاجات الفنية، نافية في الوقت نفسه أن تكون صاحبة رسالة تبشيرية.
يذكر أن الشبكة تعد جمهورها خلال الأيام والأسابيع المقبلة بحزمة من الأعمال التي تلائم موسم العطلات والأعياد وبينها "A Christmas…Present" الذي بدأ عرضه بالفعل في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتشارك كانديس في بطولته، وقبلها أطلقت " I"m Glad It"s Christmas"، و"Christmas at the Drive-In"، وجمهور القناة على موعد قريب أيضاً مع أعمال جديدة في الإطار نفسه بينها "Christmas on Candy Cane Lane"، و"Crown Prince of Christmas"، و" B&B Merry".
هكذا تغير عالم الكارتون والأبطال الخارقين
هذا الجدل لم يكن الأول من نوعه، ففي العام الماضي عبر الممثل دين كاين عن صدمته من الحديث عن تقديم قصص جديدة حول شخصية "سبايدر مان" يظهر فيها البطل الخارق ثنائي الجنس، وكان كاين قدم الشخصية عبر مسلسل تلفزيوني شهير مكون من أربعة مواسم خلال فترة التسعينيات. وحذر الممثل البالغ من العمر 56 سنة العائلات الأميركية من السماح لأطفالهم بالتعرض لهذا المحتوى، وبالطبع استقبلت تصريحاته بهجوم ضار ممن رحبوا بالفكرة كدلالة على التنوع والشمول.
وفي عام 2020 كانت شركة نيكلوديون أعلنت أن بطل الرسوم المتحركة الشهير "سبونج بوب" مثلي الجنس، وذلك بعد أكثر من 20 عاماً على انطلاق حلقات العمل الذي يحظى بشعبية كبيرة في عالم الأطفال، وكان سبونج بوب وصديقته باتريك قد ظهرا بالفعل في إحدى الحلقات بوقت سابق وهما يحاولان تبني طفل وكأنهما زوجان، كذلك أعلن الممثل توم هيدلستون أن شخصية لوكي التي قدمها في أعمال عدة بعالم مارفل وبينها مسلسل يحمل الاسم نفسه، ستظهر في الموسم الثاني ميولها الجنسية المزدوجة، كدعم لمجتمع الميم، حيث يتكرر الأمر في أعمال أميركية كثيرة مثل "Eternals"، و"onwards"، " Power Rangers"، لا سيما أن هذا التوجه بات مهيمناً على عالم صناعة الترفيه، بالتالي جاءت تصريحات مسؤولة الإبداع في "العائلة الأميركية العظيمة" بمثابة صدمة حقيقية لكثيرين في المجتمع الأميركي ممن ينفتحون على أشكال متنوعة للأسرة.
