Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عودة المضاربات العنيفة بالسوق السوداء تفاقم أزمة الدولار في مصر

العملة الأميركية قفزت إلى مستوى 28 جنيهاً مقابل 24.60 في السوق الرسمية

محافظ البنك المركزي المصري عقد اجتماعاً مع رؤساء البنوك لدراسة اقتراحات خاصة بآليات زيادة الحصيلة الدولارية (أ ف ب)

مجدداً عادت المضاربات العنيفة على الدولار في السوق السوداء بمصر، ما تسبب في ارتفاع قياسي بسعر صرف الورقة الأميركية الخضراء إلى مستوى 28 جنيهاً، مقابل نحو 24.60 جنيه في السوق الرسمية ولدى البنك المركزي المصري.

وخلال الساعات الماضية، عقد محافظ البنك المركزي المصري حسن عبدالله، اجتماعاً موسعاً مع رؤساء البنوك العاملة في السوق المصرية، لدراسة حزمة من الاقتراحات الخاصة بآليات زيادة الحصيلة الدولارية. وتضمن الاجتماع مقترحاً بمرونة أكبر لقبول الإيداعات الدولارية من خارج القطاع المصرفي، وهو ما أعطى إشارة للسوق الموازية بقبول إيداعات الدولار بالبنوك، وهو ما يفسر زيادة الأسعار في الوقت الحالي.

أما في سوق الصرف الرسمية، فقد استقر سعر صرف الدولار لدى البنك المركزي المصري عند مستوى 24.50 جنيه للشراء، مقارنة بنحو 24.62 جنيه للبيع، فيما سجل لدى أكبر بنوك حكومية في مصر، وهما البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، مستوى 24.50 جنيه للشراء، مقارنة بنحو 24.55 جنيه للبيع.

تقارير وتوقعات صادمة

وقبل أيام، كشف بنك "نورمورا" في مذكرة بحثية حديثة، أن مصر هي الدولة الأكثر عرضة لأزمة عملة بين الأسواق الناشئة خلال الأشهر الـ12 المقبلة. وتصدرت مصر القائمة بين الـ32 سوقاً الناشئة المدرجة على مؤشر "داموكليس" التابع لبنك "نورمورا" الياباني، مما يعد مؤشراً على فرصة قوية إلى أن البلاد ستتعرض لأزمة في سعر الصرف خلال الأشهر المقبلة.

في السياق ذاته، كانت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، قد أعلنت تعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من "مستقرة" إلى "سلبية"، مرجعة ذلك إلى "تدهور" وضع السيولة الخارجية للبلاد. وأبقت الوكالة على التصنيف الائتماني للبلاد عند مستوى (+B)، وعزت ذلك إلى النمو الاقتصادي القوي، و"الدعم الدولي القوي" من الحلفاء الخليجيين والشركات الدوليين.

لكن في الوقت نفسه، حذرت الوكالة، من أنها قد تخفض التصنيف خلال الأشهر المقبلة، إذا استمرت ضغوط التمويل الخارجي أو لم تتمكن الحكومة من خفض العجز وتقليص نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، فيما يعكس التخفيض "تدهور وضع السيولة الخارجية وتراجع آفاق الوصول إلى سوق السندات، ما يجعل البلاد عرضة لظروف عالمية معاكسة في وقت ارتفاع عجز الحساب الجاري وآجال استحقاق الديون الخارجية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي مايو (أيار) الماضي، كانت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، قد أعلنت تعديل نظرتها المستقبلية لمصر إلى "سلبية". والشهر الماضي أبقت وكالة "ستاندرد أند بورز" على التصنيف السيادي للبلاد عند مستوى (B) مع توقعات مستقبلية مستقرة، وذلك على خلفية التوقعات بتمويلات مقبلة من صندوق النقد الدولي ودول الخليج.

وأرجعت وكالة "فيتش"، تعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري إلى التدهور في وضع السيولة بالعملة الأجنبية وانخفاض آفاق وصول مصر لسوق السندات ما يتركها تصارع عواقب الأحداث العالمية في وقت يسجل فيه حسابها الجاري عجزاً مرتفعاً وينتظرها سداد ديون خارجية.

الجنيه خسر أكثر من 55 في المئة من قيمته

ومنذ بداية العام الحالي، تشهد سوق الصرف في مصر تحولات كبيرة بعد ظهور فجوة ضخمة في سعر صرف الدولار في السوق الرسمية والسوق الموازية. وعقب التعويم الأول الذي أعلن عنه البنك المركزي المصري في اجتماعه الاستثنائي خلال مارس (آذار) الماضي، تراجع سعر العملة المصرية بنحو 24 في المئة، بعد أن قفز سعر صرف الدولار من مستوى 15.74 جنيه إلى نحو 19.64 جنيه في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

لكن منذ التعويم الثاني في نهاية أكتوبر الماضي وحتى الآن، تراجع سعر الجنيه بنحو 25.25 في المئة، بعد أن ارتفع سعر صرف الدولار من مستوى 19.64 جنيه إلى نحو 24.60 جنيه في الوقت الحالي. وفي ما يتعلق بإجمالي خسائر الجنيه المصري منذ مارس الماضي وحتى تعاملات اليوم فقد تراجعت العملة المصرية بنحو 56.28 في المئة من مقابل الدولار، بعد أن صعدت الورقة الأميركية الخضراء بنحو 8.86 جنيه.

ونهاية الشهر الماضي أعلنت الحكومة المصرية عن توصلها لاتفاق في شأن الحصول على حزمة تمويلية بقيمة تسعة مليارات دولار، منها ثلاثة مليارات من صندوق النقد الدولي. ومن المتوقع أن تتراجع وتيرة خسائر الجنيه المصري مقابل الدولار مع وصول الشريحة الأولى من الحزمة الخاصة بصندوق النقد الدولي، التي من المرجح وصولها خلال الشهر المقبل.

المضاربات تجدد الحديث عن القيمة العادلة

ومع الارتفاعات المتتالية بأسعار صرف الدولار، عاد الحديث مجدداً عن القيمة العادلة للدولار مقابل العملة المصرية، وهو ما قدره متعاملون ومحللون بين 27 و28 جنيهاً، وهو ما يشير إلى استمرار المضاربات في السوق الموازية في ظل استمرار أسعار صرف الدولار في السوق الرسمية عند مستويات أقل من نظيرتها في السوق الموازية بنحو 3.5 جنيه.

وتواجه الحكومة المصرية فجوة تمويلية ضخمة قدرها وزير المالية المصري، الدكتور محمد معيط، بنحو 16 مليار دولار. ونهاية الشهر الماضي أعلنت الحكومة المصرية عن توصلها لاتفاق في شأن حزمة تمويلية بقيمة تسعة مليارات دولار، منها ثلاثة مليارات من صندوق النقد الدولي، وستة مليارات دولار من شركاء دوليين، لكن حتى اليوم، لم يدرج اسم مصر على جدول أعمال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي.

وفي سياق توفير العملة الصعبة، أعلنت ثلاث دول خليجية تمديد ودائع لدى البنك المركزي المصري بقيمة 7.7 مليار دولار، وذلك بحسب ما كشفته بيانات صادرة عن البنك وإفصاحات من تلك الدول. وأعلنت السعودية تمديد أجل وديعة لدى البنك المركزي المصري بقيمة خمسة مليارات دولار، لتعزيز الاستقرار الاقتصادي المصري.

الودائع الخليجية تقفز لـ28 مليار دولار

وأظهر تقرير الوضع الخارجي لمصر الصادر عن البنك المركزي المصري قبل أيام، أن الإمارات والكويت جددتا جزءاً من ودائعهما أو قامتا بإيداع ودائع بالقيمة نفسها خلال الربع الأخير من العام المالي الماضي.

وبحسب جدولة الديون الخارجية بنهاية يونيو (حزيران) 2022، استقرت ودائع الإمارات بنهاية يونيو مقارنة بنهاية مارس، على الرغم من أنه كان يتعين على مصر سداد 743.9 مليون دولار منها في النصف الأول من 2022، وزادت قيمة ما يجب على مصر سداده خلال النصف الأول من 2025 بنحو 700 مليون دولار، ليصبح 1.057 مليار دولار للإمارات مقابل 375 مليون دولار كانت مستحقة في الفترة نفسها في جدولة الديون بنهاية مارس 2022.

وتبلغ ودائع الكويت لدى مصر نحو أربعة مليارات دولار بنهاية يونيو 2022، وهي نفس مستوياتها في نهاية مارس، بينها مليارا دولار تستحقان السداد في سبتمبر (أيلول) 2022 وأخرى في أبريل 2023 بحسب جدولة الديون في يونيو، بينما كان يتعين على مصر سداد ملياري دولار في أبريل 2022 بحسب جدولة الديون في مارس، ولم يكن هناك أي ودائع مجدولة للسداد في أبريل 2023 في ذلك الحين.

وأظهر تقرير الوضع الخارجي لمصر، أن السعودية لها التزامات بقيمة 13 مليار دولار على مصر، منها 10.3 مليار دولار ودائع لدى البنك المركزي. وتأتي في المركز الثاني بعد الإمارات العربية المتحدة التي تبلغ مستحقاتها لدى مصر نحو 15.7 مليار دولار.

فيما تبلغ التزامات مصر للكويت نحو 5.9 مليار دولار، كما تبلغ الالتزامات الخاصة بدولة قطر نحو ثلاثة مليارات دولار، فيما يبلغ إجمالي الودائع الخليجية لدى البنك المركزي المصري نحو 28 مليار دولار، منها 13 مليار دولار ودائع قصيرة الأجل، بخلاف 1.9 مليار دولار فوائد.