Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما المعارك المتوقعة بين مجلس النواب وإدارة بايدن؟

يعتزم الجمهوريون فتح سلسلة تحقيقات مع نجل الرئيس ووزرائه

لم يخف عديد من قادة وأعضاء الحزب الجمهوري رغبتهم في استعمال سلطاتهم الرقابية والتشريعية ضد إدارة بايدن وفتح ملفات عديدة (أ ب)

إضافة إلى بعض الخلافات المتعلقة بالسياسة الخارجية الأميركية تلوح في الأفق معارك داخلية ساخنة تبدأ في يناير (كانون الثاني) المقبل، إذ لم يخف عديد من قادة وأعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب الجديد رغبتهم في استعمال سلطاتهم الرقابية والتشريعية ضد إدارة الرئيس جو بايدن وفتح ملفات وتحقيقات عديدة لا تقتصر على التعاملات المالية والتجارية لنجله هانتر بايدن، أو سياسات وزير العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزير الأمن الداخلي، بل تمتد إلى أصل "كوفيد-19" وقضايا الحدود والهجرة، فما الذي سيفعله ولا يفعله مجلس النواب تحت قيادة كيفن ماكارثي؟ وهل من حدود لهذه المعركة؟ وكيف ستؤثر في أداء وشعبية بايدن خلال العامين المقبلين؟

معارك طويلة

على رغم هامش الانتصار الأقل من طموحاتهم في الانتخابات النصفية الأخيرة، فإن الجمهوريين فازوا بغالبية واضحة من المقاعد وسيسيطرون على مجلس النواب رقم 118 خلال العامين المقبلين، مما يعني أنه ستكون لديهم القدرة على منع أو تعديل أو تأخير جدول أعمال بايدن التشريعي، كما ستكون لديهم أيضاً سلطة الاستدعاء والإشراف والتحقيق في كل زاوية وركن وإدارة في حكومة الرئيس بايدن، ومع ذلك، فإن كيفية اختيارهم القضايا الساخنة والحرجة التي سيحققون فيها، وفطنة التعامل معها، سوف تحدد نجاحهم الرقابي والتشريعي ومدى اقتناع الناخبين بدورهم ومساءلتهم التي ستظهر في الانتخابات العامة التالية عام 2024.

وفي الثالث من يناير المقبل عندما يجري انتخاب رئيس جديد للمجلس، ستكون فرصة كيفن ماكارثي الذي انتخبه المؤتمر الجمهوري هي الأفضل، لكن سيتعين عليه إجراء عديد من التفاهمات والمواءمات وبخاصة مع ممثلي التيار اليميني المتشدد الموالي للرئيس السابق دونالد ترمب، بهدف الحفاظ على الغالبية الضئيلة للحزب موحدة، وهذا يعني ليس فقط تمرير مجموعة من مشاريع القوانين للتناقض مع الديمقراطيين وإعطاء إدارة بايدن طعماً مريراً، وإنما أيضاً بدء التحقيقات مع إدارة الرئيس الأميركي بايدن وأحد أفراد عائلته في الأقل، فما أبرز التحقيقات والإدارات والشخصيات التي ستكون مسرحاً لمعركة طويلة تمتد لعامين وتعكس حالة الانقسام الحكومية والحزبية الشرسة؟

تعاملات هانتر بايدن التجارية

على رغم أن بعض الجمهوريين يأملون أن تؤدي تحقيقاتهم إلى عزل الرئيس بايدن والمدعي العام ميريك غارلاند ووزير الأمن الداخلي أليساندرو مايوركاس، وقدموا خلال العامين الماضيين 14 طلباً لمساءلتهم، فإن كيفن مكارثي المرشح المفضل لمنصب رئيس مجلس النواب قال إنه لا ينبغي استخدام المساءلة تمهيداً للإقالة سلاحاً سياسياً، غير أن تركيز الجمهوريين الأكبر ينصب على هنتر، نجل الرئيس الأميركي، بعد أن أمضوا السنوات الثلاث الماضية في اتهامه بالاستفادة مادياً وتجارياً من دور والده كسيناتور ونائب رئيس، وهو ما أوضحه جيمس كومر، النائب الجمهوري المرجح أن يتولى لجنة الرقابة والإصلاح في مجلس النواب، حين قال إن اللجنة ستستدعي على الأرجح هانتر بايدن وتطالب وزارة الخزانة بتسليم أي سجلات مصرفية مشبوهة مرتبطة بابن الرئيس.

ويعتقد الجمهوريون أن التعاملات التجارية الخارجية له ربما تكون قد عرضت البيت الأبيض للخطر، بالتالي فهي مصدر قلق للأمن القومي، ويزعمون أنه استخدم مهنة والده السياسية الناجحة لإثراء نفسه، وأنه انضم إلى مجلس إدارة شركة غاز طبيعي أوكرانية عام 2019، كما ساعدت شركة استثمارية شارك هنتر في تأسيسها شركة صينية على شراء منجم كوبالت في الكونغو من شركة أميركية عام 2016.

وبينما يخضع حالياً لتحقيق فيدرالي في وزارة العدل في شأن انتهاكات ضريبية محتملة تتعلق بعمله في الخارج، وكذلك في مزاعم بأنه أدلى ببيان كاذب أثناء شراء سلاح، إلا أنه لم توجه له اتهامات بأية جرائم حتى الآن، لكن هانتر بايدن يصر على أن تعاملاته المالية والتجارية في الصين وأوكرانيا كانت قانونية، على رغم اعترافه بأن حياته المهنية استفادت على الأرجح من الروابط العائلية، وهو ما خلص إليه تحقيق أجراه مجلس الشيوخ بقيادة الجمهوريين عام 2020 معتبراً أن عمله هذا كان تضارباً في المصالح، لكنه لم يجد أي دليل على ارتكاب جو أو هانتر بايدن مخالفات قانونية مباشرة.

التحقيق مع وزارة العدل و"أف بي آي"

ويستعد قادة الجمهوريين في مجلس النواب لتنفيذ ما تعهدوا به، من استدعاء المدعي العام (وزير العدل) ميريك غارلاند، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي إلى "الكابيتول هيل"، عقب تفتيش منزل الرئيس السابق ترمب في مارالاغو بولاية فلوريدا بحثاً عن وثائق حكومية سرية، حيث تعهد ماكارثي بالتحقيق مع وزارة العدل التي قال إنها وصلت إلى حالة لا تطاق من استخدام السياسة سلاحاً ضد الخصوم.

وفي حين دافع غارلاند الذي وقع على مذكرة تفتيش منزل ترمب في مارالاغو عن تصرفات وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي، بأن الالتزام بسيادة القانون يعني تطبيق القانون بالتساوي بين الجميع من دون خوف أو مصلحة، إلا أن ترمب جادل بأن التحقيق له دوافع سياسية، وأنه رفع قبل خروجه من السلطة السرية عن وثائق تقول الحكومة إنها سرية، فيما يزعم بعض الجمهوريين في مجلس النواب أن وزارة العدل لديها معايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بالجمهوريين، مشيرين إلى فضيحة البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون والتحقيق المطول الذي تجريه وزارة العدل مع هانتر بايدن.

وفي الوقت نفسه، استعرض الجمهوريون تحقيقاتهم المحتملة قريباً في مجلس النواب مثل النائب جيم جوردان، الموالي لترمب والزعيم السابق لتجمع الحرية اليميني المتطرف الذي يستعد لرئاسة اللجنة القضائية القوية في المجلس، إذ حث وزارة العدل على الاحتفاظ بالسجلات المتعلقة بتحقيقها مع مجموعة "مشروع فيريتاس" اليمينية المحافظة التي تقوم بعمليات تسجيل وتحرير لقطات فيديو لنزع الثقة عن وسائل الإعلام الأميركية الرئيسة، إضافة إلى التحقيق في إغلاق برنامج وزارة العدل في عهد ترمب الذي يستهدف تجسس الصين المزعوم.

ونشر جوردان، الذي كان منتقداً شرساً لوزارة العدل في عهد بايدن، تقريراً أعده الجمهوريون في اللجنة القضائية، في مارس (آذار) الماضي، ويتكون من 1000 صفحة حول مزاعم تسييس وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي استناداً إلى مقابلات مع المبلغين السريين عن مخالفات "أف بي آي"، ويوضح التقرير بالتفصيل ما يقول إنها ثقافة متفشية من عدم المساءلة والتلاعب وسوء المعاملة على أعلى المستويات، وتصف التسلسل الهرمي لمكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن بأنه متعفن في جوهره، وأنه يستخدم السياسة سلاحاً ضد خصومه السياسيين، ويتحيز سياسياً ضد المحافظين، ويعدد الحالات التي ضغط فيها كبار المسؤولين على موظفيهم لإعادة تصنيف القضايا على أنها تطرف عنيف محلي لتناسب الرواية السياسية.

الانسحاب من أفغانستان

وفي مقال لموقع "فوكس نيوز" في أغسطس (آب) الماضي، قال مكارثي والنائب مايكل ماكول وجمهوريون آخرون إن الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان قبل عام واحد يتطلب مزيداً من التدقيق في مجلس النواب الذي يقوده الحزب الجمهوري، وتزامن ذلك مع تقرير صادر عن الجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية، والتي من المرجح أن يرأسها ماكول، اتهم إدارة بايدن باتخاذ قرارات تستند إلى السياسة وتفتقر إلى استراتيجية خروج قوية من أفغانستان، وهو ما أدى إلى مقتل 13 جندياً في هجوم انتحاري خارج مطار كابول أثناء عملهم على إجلاء الأميركيين والأفغان من البلاد التي استعادت حركة "طالبان" السيطرة عليها.

وبينما وصف بايدن الإخلاء من كابول بأنه نجاح غير عادي، بحجة أنه إذا بقيت الولايات المتحدة هناك لفترة أطول لكان ذلك قد أدى إلى تصعيد آخر للحرب، تعهد الجمهوريون في مجلس النواب بالسعي إلى الحصول على إجابات حول هذا الانسحاب الكارثي، بما في ذلك الأسئلة الرئيسة التي تتطلب تحقيقاً إضافياً، مثل كيفية اتخاذ القرارات في البيت الأبيض في ما يتعلق بالجدول الزمني للانسحاب، وقرار سحب القوات قبل المدنيين والدبلوماسيين، وعدم وجود خطط كافية لإجلاء الأميركيين، وقرار التخلي عن قاعدة "باغرام" الجوية وفقدان كابول وتعاملات إدارة بايدن مع "طالبان".

أصول وسياسات "كوفيد-19"

وخلال الشهر الماضي، قال مكارثي لشبكة "فوكس نيوز" إنه إذا سيطر الجمهوريون على مجلس النواب فسوف يشكلون لجنة للتحقيق في كيفية انتشار "كوفيد-19" من الصين، بعد أن أصدر الجمهوريون في مجلس الشيوخ تقريراً اعتبر أنه يبدو من المعقول الاستنتاج أن الوباء تسرب من مختبر في الصين.

ومن المرجح أن يستدعي الجمهوريون في مجلس النواب الدكتور أنتوني فاوتشي، المستشار الطبي الأعلى لكل من بايدن وترمب خلال الوباء، لاستجوابه عن أصل الفيروس والإرشادات الفيدرالية في شأن الأقنعة وتفويضات اللقاحات وإغلاق المدارس، وهو ما أكد فاوتشي أنه سيدلي بشهادته إذا طلب منه ذلك، وأنه ليس لديه ما يخفيه لأنه تعامل بالفطرة السليمة وبالتعاون مع سياسات الصحة العامة التي أوصت بها مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، والتي أنقذت ملايين الأرواح.

وفي حين أن أصل كورونا كان موضع نقاش منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، فقد خلصت لجنة خبراء في ورقة بحثية نشرت، الشهر الماضي، في مجلة "ساينس" الأميركية المرموقة، إلى أن هناك دليلاً ساحقاً على أن الفيروس انتقل من حيوان إلى إنسان، كما لم ترجح منظمة الصحة العالمية فكرة أن أصل "كوفيد-19" تسرب من مختبر.

مايوركاس والحدود الجنوبية

وأمضى الجمهوريون العامين الماضيين في إثارة الجدل حول العدد المتزايد من المواجهات بين سلطات إنفاذ القانون والمهاجرين على حدود الولايات المتحدة الجنوبية مع المكسيك، وحملوا الرئيس بايدن المسؤولية في ما يرون أنها سياسات حدودية متساهلة، كما انتقدوا مراراً وزير الأمن الداخلي أليساندرو مايوركاس، والذي اعتبروا أنه أهمل في أداء واجباته، فقد أعلن النائب جيم جوردان أن مايوركاس يستحق عزله لأنه لم تعد لدى الولايات المتحدة حدود، كما قالت النائبة الجمهورية لورين بويبرت إن عزل مايوركاس يجب أن يكون أولوية.

واستجابة لغضب المشرعين الجمهوريين من التصريحات التي أدلى بها مايوركاس بأن الحدود تحت السيطرة على رغم أعداد المهاجرين الضخم الذي يعبر الحدود، هدد مكارثي، الأسبوع الماضي، بمساءلة مايوركاس عندما يتولى الحزب الجمهوري زمام الأمور في الكونغرس، الشهر المقبل، لكن مايكل شيرتوف وزير الأمن الداخلي السابق في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، وصف جهود الجمهوريين المحتملة لعزل مايوركاس بأنها حيلة سياسية.

وفي حين يصر مايوركاس على أن إدارته تعيد المهاجرين الذين ليس لديهم حق قانوني في البقاء داخل البلاد وتتبع القوانين التي أقرها الكونغرس في شأن طالبي اللجوء، من المرجح أن يشمل تحقيق الجمهوريين وفيات المهاجرين على الحدود، وتهريب المخدرات غير المشروعة إلى الولايات المتحدة، وإلغاء سياسة "ابق في المكسيك" التي اتبعتها إدارة ترمب لطالبي اللجوء.

المزيد من تحلیل