Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القضاء التونسي يواصل استجواب قيادات تنظيم الإخوان

جولة جديدة من التحقيق مع مسؤولين كبار بحركة النهضة في ملف تسفير الشباب إلى بؤر التوتر

راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامي يغادر منزله للتوجه إلى مكاتب المدعي العام التونسي لمكافحة الإرهاب (أ ف ب)

استأنف القضاء التونسي استجواب قيادات ومقربين من حركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في البلاد، بشأن ملف تسفير التونسيين إلى مناطق النزاع خلال فترة حكم الترويكا التي قادتها الحركة (2011 – 2013).

ومن المتوقع أن تشمل التحقيقات مئات بعد جولة أولى جرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، وهي تحقيقات تزعم الحركة أنها مسيسة بشكل كبير في أعقاب إدخال الرئيس قيس سعيد تغييرات شاملة على القضاء خلال وقت سابق في خطوة وصفها بالإصلاحية لهذا القطاع الذي ظل محل تجاذبات سياسية منذ 2011.

النهضة متورطة

القضاء التونسي أبقى الإثنين، 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، القيادي في حركة النهضة الإسلامية الحبيب اللوز مطلق السراح بعد استجوابه لساعات، فيما تم تأجيل استجواب الوزير الأسبق والقيادي بالنهضة نور الدين الخادمي الموجود خارج البلد إلى الأيام المقبلة.

بدأت القضية التي لطالما فجرت سجالات سياسية في تونس برفع النائبة السابقة فاطمة المسدي شكوى قضائية ضد قيادات وازنة من حركة النهضة ومسؤولين سابقين مقربين منها، مما دفع قطب مكافحة الإرهاب إلى بدء تحقيقات واسعة النطاق استهدفت مئات.

وقالت المسدي لـ"اندبندنت عربية" إن "الأدلة عندي تؤكد تورط الإخوان (في إشارة إلى حركة النهضة) بتسفير التونسيين إلى مناطق النزاع، لكن هناك أسئلة حول أداء القضاء خلال هذه المرحلة".

لكن عضو هيئة الدفاع عن المتهمين مختار الجماعي رفض في تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية" هذه الاتهامات، قائلاً إن "الملف فارغ، وهو مسيس، لذلك نخشى من سير التحقيقات التي ستستمر خلال الأيام المقبلة".

وكشفت المسدي عن أنها وجهت رسالة إلى المجلس الموقت الأعلى للقضاء حذرت فيها من مجريات القضية، "لأنه كانت لدي معطيات لا تطمئن على سير التحقيقات"، لافتة إلى أن "ما أشعر به أن هناك تواطؤاً من قبل القضاء مع قيادات النهضة، القضاء أصبح لسان دفاع عن الحركة".

وواجهت النهضة مراراً تهماً بالسيطرة على القضاء بعد تولي القيادي البارز فيها نور الدين البحيري وزارة العدل إبان قيادة الحركة للحكومة، لكنها تنفي هذه التهم، وتقول إن السلطات الحالية بصدد توظيف القضاء.

وجاءت اتهامات النهضة بعد إعفاء الرئيس قيس سعيد لـ57 قاضياً وقاضية وحل المجلس الأعلى للقضاء في السادس من فبراير (شباط) موجهاً انتقادات حادة للقضاة، معتبراً أنهم بصدد خدمة أطراف سياسية ويساندون الفساد ويتواطؤون مع الإرهاب.

وقالت المسدي إن "المرحلة المقبلة قد يتم اتخاذ إجراءات جديدة من أجل إعطاء دفعة قوية لهذه القضية، لأن هناك تباطؤاً ومحاولات لتمديد قضية التسفير إلى سوريا، لذلك أعتقد أن بعد الانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل ستكتسب زخماً جديداً بإجراءات جديدة".

وأردفت أن "حركة النهضة لا تزال تبسط نفوذها على القضاء، وعلى الرئيس التحرك بأخذ إجراءات جديدة تجاه بعض القضاة".

800 متهم

شهدت تونس أول جولة من التحقيقات في هذه القضية خلال سبتمبر الماضي، عندما تم إخضاع عشرات للاستجواب من بينهم قيادات سياسية وازنة على غرار زعيم النهضة راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، والوزير الأسبق نور الدين البحيري.

وقال عضو هيئة الدفاع عن المتهمين مختار الجماعي إن "الأعمال التحقيقية يتم تواصلها بعد تحديد المواعيد في وقت سابق، عدد كبير من الأشخاص المشمولين بالتحقيقات وهم 800 وتم تحديد موعد جديد لسماع الدكتور نور الدين الخادمي في الأيام القليلة المقبلة، الذي التزم بالحضور عند كل طلب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الجماعي أن "الظروف التي تم الاستماع فيها للحبيب اللوز كانت طبيعية جداً، وطلبنا حفظ جميع التهم، وتمت الاستجابة لبعض الطلبات من بينها إبقاؤه في حال سراح بانتظار الحسم في ما سينسب له من تهم".

وشدد على أن "القضية تسير بطريقة عادية، خصوصاً أنه لا جديد حصل، ولم يتم أي مذكرات إيداع بالسجن جديدة، كما لم يتم إطلاق سراح من تم إيقافهم، والملف يخلو من أي مؤيدات في هذه القضية لإعطائها على الأقل جدية".

وبدأت الاتهامات لحركة النهضة إثر مغادرة مئات من الشباب التونسيين نحو سوريا، إذ انضموا لجماعات إرهابية تنشط هناك بعد اندلاع الحرب الأهلية في سياق ما يعرف بانتفاضات الربيع العربي التي كانت بلادهم تونس مهدها.

ولم تخف وقتذاك قيادات في حركة النهضة تأييدها لحشد عدد من المقاتلين الذين انضموا للجماعات الإرهابية والمعارضة السورية في محاولة إطاحة الرئيس بشار الأسد.

ملف سياسي

ولطالما اتهمت النهضة خصومها بتوظيف هذه القضية من أجل مكاسب سياسية، من بينها إقصاؤها من المشهد بعد أن هيمنت عليه طوال العشرية الماضية، وهي عشرية شهدت إخفاقات اقتصادية واجتماعية جعلت شعبية الحركة تتراجع بشكل كبير.

وقال الجماعي "نحن متأكدون من الصبغة السياسية للملف، لكن السلطة السياسية لن تقدر على تحقيق مآربها التي نعلمها وستكون هناك جلسة أخرى أيضاً لراشد الغنوشي والاستجوابات مسألة روتينية".

وتابع أنه "لم تنهض كثير من الدلائل التي تجبر قاضي التحقيق على اتخاذ إجراءات احترازية ضد المشمولين بالبحث أو إصدار مذكرات إيقاف جديدة، عدد المشمولين بالبحث مهول جداً ومنهم قيادات سياسية وأيضاً بعض الأمنيين ومواطنين عاديين ومدونين وغيرهم، لكن لا نتوقع أية مفاجأة في هذا الملف".

وأكد عضو هيئة الدفاع عن المتهمين في هذا الملف أن "القضية هي حلقة من حلقات إشغال الرأي العام على الفشل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي تتخبط فيه السلطة اليوم وللتسويق لمحطة سياسية جديدة هي الانتخابات التشريعية التي فشلت قبل أن تبدأ، ولا يمكن أن يضيف إليها هذا الملف شيئاً".

ومن المقرر أن تكتسب هذه القضية زخماً قوياً في الأيام المقبلة، خصوصاً أنها ستشهد خضوع راشد الغنوشي ونائبه علي العريض، وذلك وسط تصاعد المواجهة بين الرئيس سعيد والغنوشي وحزبه اللذين يقاطعان المسار الذي يقوده الرئيس التونسي.

المزيد من العالم العربي