Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي مكانة لـ"حركة النهضة" في الخريطة الحزبية مستقبلا في تونس

تراجع الثقة الشعبية بالغنوشي ومطالبته بالرحيل من مسجدين

تظاهرة لمناصري الحزب الدستوري الحر أمام البرلمان التونسي، في 3 يونيو 2020 (أ ف ب)

تدفع "حركة النهضة" التونسية ذات المرجعية الإسلامية، منذ 25 يوليو (تموز) 2021، ثمن مكوثها في الحكم لما يزيد على عشرة أعوام، وذلك من خلال ازدراء غالبية التونسيين بالمنظومة الحزبية برمّتها في البلاد وعلى رأسها "حركة النهضة".
وفشلت الحركة في حشد تأييد شعبي واسع لمعارضة الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، ولقيت ارتياحاً لدى عموم التونسيين، على الرغم من ضمور ذلك الشعور بعدما طال أمد تلك الإجراءات وعدم تحقق آمال التونسيين في تحسّن ظروفهم المعيشية.

ضمور القاعدة الشعبية لـ"حركة النهضة"

وتعرف الحركة تقلّصاً متنامياً لقاعدة مؤيديها، منذ أول انتخابات شاركت فيها بعد عام 2011، كما يتوقع متابعو الشأن العام انحساراً إضافياً لشعبيتها، بسبب استمرارها في  الخط السياسي ذاته ومكابرتها وعدم قيامها بمراجعات موضوعية لأدائها، على الرغم من الهزات التي عاشتها من خلال موجات متتالية من الاستقالات في صفوف قياداتها، لعل أبرزها استقالة 100 قيادي دفعة واحدة في سبتمبر (أيلول) 2021.

وفوّتت "النهضة" فرصة عقد مؤتمرها الـ11 في أواخر العام الماضي، وظل المؤتمر رهين التوازنات الداخلية فيها، والتحولات السياسية التي تشهدها البلاد، في ظل انقسام داخل الحركة بين مَن يؤيد إعادة ترشيح رئيسها راشد الغنوشي لولاية جديدة على الرغم من الموانع القانونية المنصوص عليها في القانون الأساسي للحركة، التي تحول دون ترشحه لولاية جديدة، وبين مَن يرى أن زمن الغنوشي ولّى، ولا بد من الدفع بقيادات شبابية قادرة على إعادة تموقع الحركة في الخريطة الحزبية في البلاد، من خلال  ابتكار حلول اقتصادية واجتماعية للتونسيين، والقطع مع سياسات الحركة التي استمرت طيلة أكثر من عقد من الزمن، ولم تَجنِ منها البلاد إلا الخيبات المتتالية، لعل أخطرها لحظة 25 يوليو 2021، التي نسفت الرصيد الرمزي للغنوشي.

الغنوشي يتصدر مؤشر انعدام الثقة

ويتصدر رئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي مؤشر الانعدام الكلّي للثقة في الشخصيات السياسية بـ88 في المئة، وفق ما جاء في "البارومتر السياسي" لشهر مارس (آذار) 2022، لذلك يصطدم الرجل بحجم متزايد من السخط الشعبي كلما ارتاد مكاناً عاماً.
وتم تداول فيديوهات عدة خلال اليومين الأخيرين على منصات التواصل الاجتماعي، تظهر مجموعة من المواطنين بصدد رفع شعار "ديقاج" أي "إرحل" في وجه الغنوشي في مناسبتين، الأولى في مسجد في "الملّاسين" في ضواحي العاصمة، ثم في ولاية بن عروس (تونس الكبرى). 
وبينما يؤكد الغنوشي أن الأولوية في الظرف الراهن، هي لمواجهة ما يسمّيه بـ"الانقلاب"، قبل عقد مؤتمر الحركة الذي قال إنه "يمكن أن يُعقد في أي وقت"، يعتبر قياديون مستقيلون من الحركة أن القيادة الحالية فشلت في إدارة الأوضاع الداخلية والخارجية، ويحمّلونها مسؤولية حصيلة الأعوام العشرة الماضية.
وعلى الرغم مما يتعرّض له من انتقادات داخلية في صلب "النهضة" من جهة، ورفض شعبي من جهة أخرى، يتمسك الغنوشي بموقعه وبمواقفه المناورة في محاولة لامتصاص غضب الرافضين لاستمراره على رأس الحركة.
ويعكس رفض جزء لا يُستهان به من الرأي العام في تونس لوجود الغنوشي في المشهد السياسي، حجم ما تعانيه الحركة من مِحن مزدوجة بين ما هو سياسي داخلي، وما يخص موقع الحركة في الوجدان السياسي الشعبي وفي الخريطة الحزبية المقبلة في تونس، في مقابل تمدد الحزب الدستوري الذي ينافس رئيس الجمهورية في نوايا التصويت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الحركة غير قادرة على المنافسة

وقال النائب السابق هشام الحاجي إن "الكتلة الانتخابية للحركة تتراجع من استحقاق انتخابي إلى آخر، كما تُستنزف الحركة من الداخل عبر مغادرة عدد من كبار قادتها، ما سيجعل منها حزباً عادياً فاقداً للهيمنة التي كان يتمتع بها وغير قادر على المنافسة من أجل الحكم. وأضاف أن "الحركة لن تنافس بشكل جدي على رئاسة الجمهورية مستقبلاً، كما أن موقعها في الساحة السياسية سيتأثر، لأنها ستصبح غير قادرة على الدخول في تحالفات لأنها باتت حليفاً غير مرغوب فيه، بعدما انفضّ الجميع من حولها".
ورأى الحاجي أن "الحركة تدفع ثمن ممارساتها في الحكم مع حلفائها، بعدما استفادت من السلطة"، لافتاً إلى أن "وجودها سيبقى محدوداً على الساحة السياسية مستقبلاً".

المنظومة الحزبية مهددة

في المقابل، أكد المكلّف بالإعلام والاتصال في "حركة النهضة" عبد الفتاح التاغوتي في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "الإجراءات الاستثنائية، التي اتخذها رئيس الجمهورية، أربكت المنظومة الحزبية التي أصبحت مهددة، في ظل عدم وضوح الرؤية، ما دفع حركة النهضة إلى تأجيل مؤتمرها".

وأردف، "بعد عشرة أعوام من الحكم، فإن الحركة في حاجة إلى مراجعات والاستفادة من تلك التجربة"، لافتاً إلى أن "الحركة لا تملك قاعدة عريضة تسمح لها بالتموقع بشكل مريح في الخريطة الحزبية في البلاد، ما حال دون تحمّلها لوحدها أعباء الحكم طيلة الأعوام العشرة الماضية، التي تشاركتها مع أطراف سياسية أخرى". وأضاف أن "الحركة موحّدة في مواجهة الإجراءات الاستثنائية من أجل العودة إلى الديمقراطية والمؤسسات".

الغنوشي سيحترم قانون الحركة

ويشدد التاغوتي على أن "التوجّه اليوم في صفوف النهضة هو للنزوع نحو فسح المجال أمام الأجيال الجديدة الصاعدة داخل الحركة من أجل صياغة مشهد جديد".
وحول استفراد راشد الغنوشي بالحركة، قال إن رئيس البرلمان المنحل "أكد احترامه للقانون الداخلي للحركة"، لافتاً إلى أن "القيادات المستقيلة من الحركة، لم تقدّم مشروعاً خاصاً بها، وفي النهاية ستبقى في فلك الحركة".

المزيد من العالم العربي