Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجلسة السادسة لانتخاب رئيس للبنان تعكس عمق تشتت الكتل

تخبط في صفوف كتل المعارضة وجولة فرنسية دون الآمال لباسيل

لا يزال المجلس النيابي اللبناني بعد عقد 6 جلسات، غير قادر على انتخاب رئيس جديد للجمهورية (مواقع التواصل)

لم تأت الجلسة السادسة التي أجريت يوم الخميس 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وكانت مقررة لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، بأي جديد. وتابع اللبنانيون الغارقون في أزماتهم اليومية فصلاً مكرَّراً من مسرحية أبطالها نواب الأمة، المصرون على التعطيل إن من خلال تطيير النصاب أو من خلال الاقتراع بأوراق ملغاة أو شبه ملغاة، في مشهد كرس مرة جديدة الاستهتار بالديمقراطية وبموقع رئاسة الجمهورية. واستمر النواب المصوتون بـ "الورقة البيضاء" في الدورة الأولى من الاقتراع، أي نواب "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" بتعطيل نصاب الدورة الثانية من خلال مغادرة القاعة قبل أن يبدأ رئيس مجلس النواب نبيه بري بالعد سريعاً، داعياً إلى جلسة سابعة في الـ 24 من الشهر الحالي ستكون كسابقاتها.
واستمرت نتيجة الأوراق البيض على حالها مع تسجيل ارتفاع طفيف بحيث بلغت العدد 47 بعدما كان في الجلسة الماضية 46، أما مرشح المعارضة النائب ميشال معوض فتراجعت نتيجته من 49، إذا احتسبنا الغائبين المؤيدين، إلى 43 صوتاً، بعدما امتنع نواب مستقلون سُنة و"تغييريون"، كانوا صوتوا له في الجلسة الماضية، عن منحه أصواتهم وذلك نتيجة تدخلات، بحسب ما أعلن معوض بعد الجلسة.
ولم يسجل مرشح التغييريين، الدكتور عصام خليفة، تقدماً ملحوظاً، إذ جمع 7 أصوات مقارنةً مع 6 صوتوا له في الجلسة الماضية. وكان لافتاً الإصرار على انتخاب الوزير السابق زياد بارود، على رغم إعلانه عدم الترشح، بحيث حصل على 3 أصوات مقارنةً مع صوت واحد في آخر جلسة. كما سُجل للمرة الأولى صوت لرئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية. وفي إشارات إضافية إلى عدم جدية ممثلي الأمة، انتخب أحد النواب، زميله ميشال ضاهر الكاثوليكي ما دفع بنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب إلى التذكير بما سبق وقاله بأن الدستور لا ينص على طائفة أو مذهب رئيس الجمهورية وبالتالي يمكن أن يكون غير ماروني. وكما في الجلسة الخامسة كذلك في السادسة، جرى نقاش حاد حول نصاب الثلثين للانتخاب في الدورتين وانقسام حول تفسير الدستور بين مطالب باعتماد النصف زائد واحد في الدورة الثانية للانتخاب وآخر بالإبقاء على الثلثين في كل الدورات. ولم يخل النقاش من مواقف حادة بين رئيس "حزب الكتائب" سامي الجميل من جهة، وبري ونواب "حركة أمل" من جهة أخرى، قبل أن يحسم رئيس لجنة الإدارة والعدل، النائب جورج عدوان النقاش بدعم مطلب عقد جلسة لتفسير الدستور وتأييد اعتماد نصاب الثلثين للحفاظ على الميثاقية في استحقاق رئاسة الجمهورية. 

حسابات الأحجام والتموضعات

وكانت قبيل جلسة الانتخاب السادسة، جرت محاولة جديدة في صفوف المعارضة بين الكتائب وعدد من النواب المستقلين والتغييريين وكتلة الاعتدال لتوحيد الموقف حول الاستحقاق الرئاسي، فعقد لقاء حضره 19 نائباً، من بينهم مرشح المعارضة النائب ميشال معوض، وأعلن أن النواب الحاضرين يمثلون 32 نائباً بسبب اختصار بعض الكتل تمثيلها على نائب واحد، لكن المحاولة انتهت ببقاء كل فريق على موقفه، فالنواب الذين يصوتون للنائب ميشال معوض بقوا على قرارهم فيما نواب "كتلة الاعتدال" وغالبيتهم من السُنة قرروا الاستمرار بالتصويت بورقة "لبنان الجديد"، وهم يطالبون بتغيير الاستراتيجية المتبعة في مقاربة رئاسة الجمهورية.
وكرس ذلك اللقاء انقسام كتلة النواب التغييريين الـ13 الى مجموعتين، واحدة حضرت ومستعدة للتعاون والنقاش، وأخرى غابت بحجة أنها تلقت الدعوة لحضور ذلك الاجتماع عبر تطبيق "واتس أب". وأصدرت هذه المجموعة المؤلفة من 6 نواب بياناً تنصلت فيه مما صدر عن لقاء النواب الـ 19.
وأكدت أن ما صدر عنه لا يلزمهم بشيء وأشارت إلى أن أعضاءها لم يوضعوا في جو الاجتماع قبل انعقاده ولم يمنحوا أحداً توكيلاً لتمثيلهم. ولم يدع إلى اللقاء حزبا "القوات اللبنانية" و"التقدمي الاشتراكي" لعدم إثارة حساسية بعض النواب الذين يتهمون الحزبين المذكورين بأنهما جزء من المنظومة السياسية، علماً أن التنسيق مع الحزبين لم ينقطع كما يؤكد العاملون على هذا الاجتماع. لكن غياب التوافق والذهاب إلى جلسة الانتخاب بأوراق متفرقة، طرح تساؤلات حول جدوى هذه اللقاءات في وقت أكد النائب المستقل الدكتور غسان سكاف لـ "اندبندنت عربية" أن "هذا اللقاء الموسع يهدف إلى التأسيس للمرحلة الجديدة حول كيفية التعاطي مع الانتخابات الرئاسية، فالهدف هو القول بأن لدينا كتلة من 32 نائباً تضاف إليها كتلتا الجمهورية القوية واللقاء الديمقراطي وبالتالي نحن نصف المجلس ولا يمكن تخطينا". ويعتبر سكاف أن هذه المجموعة يمكن أن تكون منطلقاً لقوة المعارضة بالتكافل والتضامن مع "القوات اللبنانية" و"الاشتراكي"، شرط أن تتفق في ما بينها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


فرنسا تسعى من دون نتيجة

وفي مقابل مساعي المعارضة في توحيد صفوفها لفت انتقال "حزب الله" من المطالبة برئيس توافقي إلى "رئيس تحدي" من خلال حصر الأمين العام للحزب حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة السباق الرئاسي بشخصيات شبيهة بالرئيسين السابقين ميشال عون وإميل لحود لحماية سلاح "المقاومة"، قاطعاً الطريق أيضاً على قائد الجيش العماد جوزف عون.
واختار نصرالله بشكل قاطع دعم النائب السابق سليمان فرنجية من دون أن يسميه، مستمراً في محاولة إقناع حليفه المسيحي الآخر جبران باسيل بهذا الخيار. وتشرح مصادر مقربة من الحزب أنه مستعجل لإجراء الاستحقاق الرئاسي وإيصال رئيس قريب منه، وهو في سباق مع التطورات الإقليمية والدولية، التي قد لا تتيح له في المرحلة المقبلة مثل هذه الفرصة، وليس آخرها التراجع الروسي في حرب أوكرانيا والتقارب الأميركي - الصيني بعد اجتماع مطول بين الرئيسين جو بايدن وشي جينبينغ، مهدت له، بحسب المعلومات، ألمانيا. وفي هذا السياق، يأتي المسعى الفرنسي في محاولة لتحريك الجمود الرئاسي، ومعلوم أن سفيرة فرنسا لدى بيروت آن غريو على تواصل دائم ومستمر مع "حزب الله" ونوابه.
وفي هذا الإطار، كانت الزيارة اللافتة في توقيتها لرئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل إلى باريس، والتي قيل إنها جرت أيضاً بوساطة قطرية، ووضِعت في إطار المسعى الفرنسي لحلحلة العقد التي تقف أمام إنجاز الاستحقاق الرئاسي. لكن اللقاءات في باريس جاءت أقل من المتوقع بحيث كُلِّف مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل بالاجتماع برئيس التيار. ولم يلتق باسيل الرئيس إيمانويل ماكرون كما كان تردد، فيما علمت "اندبندنت عربية" أن لقاءاته الرسمية اقتصرت على دوريل.
وكشفت مصادر دبلوماسية أن فرنسا سعت في استقبال باسيل إلى إقناعه بالمساعدة في حصول الانتخابات الرئاسية ودعم سليمان فرنجية، وأن فرنسا تسعى لحصول الانتخابات الرئاسية قبل نهاية العام لأن لديها قلقاً من الشغور الرئاسي وتأثيره على الاستقرار الأمني والاجتماعي والسياسي في البلد.
وتشرح المصادر أن فرنسا لا تضع فيتو على أي من الأسماء المقترحة ومن بينها فرنجية، وأن المهم عندها هو "حصول العرس ولا تهتم بالعريس"، علماً أنها على قناعة بأنه لا يمكن تجاوز "حزب الله". في المقابل، اعتبرت مصادر سياسية أن الدور الفرنسي محدود على اعتبار أن تأثيرها يمكن أن يشمل كتلاً محددة من دون الكتل الأخرى، لم تستبعد المصادر أن يشمل الطرح الفرنسي الهادف إلى كسر الجمود الرئاسي، سلة متكاملة تجمع الاتفاق على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وسط تأكيد دبلوماسي على اهتمام فرنسي بشكل خاص بموقع رئاسة الحكومة والسلطة التنفيذية المعنية بشكل مباشر بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة لاستنهاض الوضع الاقتصادي في البلد.
لكن السؤال من يمكن أن يقبل بالمقايضة بين موقع الرئيس الذي تستمر ولايته 6 سنوات ورئيس الحكومة الذي يمكن أن تدوم رئاسته لمجلس الوزراء أشهراً فقط؟

باسيل يرفض فرنجية ويثير زوبعة

وفيما بدت المصادر الدبلوماسية شبه أكيدة من أن المساعي الفرنسية لن تصل إلى نتيجة، أكد باسيل المؤكَد عندما وجه من باريس، وفي لقاء مغلق مع مناصري "التيار"، انتقادات لاذعة إلى فرنجية سُرّبت من اللقاء، بعدما كان حسم في إيماءة معبرة برأسه في لقاء مع الصحافيين أي احتمال لدعم قائد الجيش العماد جوزف عون أيضاً. وحسم باسيل قرار عدم دعم فرنجية للرئاسة وأثار موجة ردود بعدما وجّه أسهم الانتقادات إلى رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وقال باسيل "لا رئاسة جمهورية من دوننا حتى لو اتفق الجميع على اسم سليمان فرنجية فإن موقف التيار الوطني الحر سيكون: لا". وأضاف من باريس "لن نسجل على أنفسنا أننا انتخبنا أحداً مثل فرنجية"، وأكد أن "انتخاب فرنجية سيعيدنا إلى العام 1990 وننتقل من ثلاثية بري – الحريري – الهراوي (في إشارة إلى الرئيسين الراحلين الياس الهراوي ورفيق الحريري) إلى ثلاثية بري - ميقاتي – فرنجية".
في المقابل، لم يتأخر رد بري، فأكد في بيان مقتضب صدر عن مكتبه الإعلامي، "ما كان الأمر عليه في العام 1990 نعتقد أنه أفضل مما قدم لنا في السنوات الست الماضية والذي يتلخص عون – باسيل – جريصاتي". ورد على كلام باسيل أيضاً نجل سليمان فرنجية، النائب طوني فرنجية، الذي غرد كاتباً "سيبقى سليمان فرنجية شخصية وطنية جامعة تتخطى محاولات التلطّي وراء الطوائف ومفاهيم التقوقع المختلفة التي أرهقت البلاد والعباد، ونحن أيضاً لا نتفق معك في البرنامج السياسي والإصلاحي لبناء دولة... جربنا وشفنا (أي حاولنا ورأينا النتيجة)... أوصلتنا إلى جهنم".

المزيد من متابعات