Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على ماذا يستند توقع إنهاء فراغ الرئاسة اللبنانية قبل 2023؟

ضغوط من الفاتيكان وفرنسا إضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب

قال رئيس البرلمان نبيه بري أن لبنان لا يحتمل "أكثر من أسابيع" عدم انتخاب رئيس جمهورية (رويترز)

انسداد أفق التوافق على رئيس للجمهورية في لبنان وعجز أي من الفريقين العريضين، القوى السيادية والتغييرية والمستقلين من جهة، و"حزب الله" وحلفاؤه ومعهم "التيار الوطني الحر" ومؤسسه الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون، عن تأمين نصاب الثلثين لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، قابلته في الأيام الماضية توقعات في بعض الأوساط الضيقة بأن لا مجال لاستمرار الفراغ في الرئاسة الأولى إلى ما بعد نهاية السنة الحالية.

ترددت هذه التوقعات لدى أوساط جدية، على رغم غلبة التشاؤم على المسرح السياسي اللبناني، بإمكان الخروج من الفراغ الرئاسي منذ منتصف ليل 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تاريخ انتهاء ولاية الرئيس عون. مصدر نيابي ناشط ينتمي إلى حزب "القوات اللبنانية" قال لـ "اندبندنت عربية" إنه سيكون هناك رئيس للبنان قبل عيد الميلاد في 25 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وعلى أبعد تقدير قبل نهاية ديسمبر.

حديث السفراء وكلام بري عن "الأسابيع"

وزير سابق قال الكلام نفسه، وكذلك أحد السفراء العرب الناشطين في بيروت على خط البحث عن مخارج من الأزمة السياسية لم يستبعد انتهاء الشغور الرئاسي آخر السنة.

أحد النواب التغييريين الذي تحدث مفضلاً عدم ذكر اسمه، أوضح حين سئل عن مدى صحة هذه التوقعات، أنه سمع كلاماً حاسما من سفيرين لدولتين كبيرتين متابعتين للشأن اللبناني، بأن بلديهما لن يقبلا استمرار الفراغ حتى بداية عام 2023، بل نقل عنهما قولهما "لن نسمح بذلك".

عقب هذه التوقعات التي لا دلائل تشير إلى صحتها، طلع رئيس البرلمان نبيه بري بحديث أمام وفد زاره من نقابة أصحاب الصحف اللبنانية، جرى نشره رسمياً، قال فيه حين تناول الاستحقاق الرئاسي "لبنان قد يستطيع أن يتحمل أسابيع لكنه لا يستطيع أن يتحمل أكثر من ذلك ولا يمكن أن يتحمل لبنان واللبنانيون المزيد من التدهور". التحذير من أن البلد لا يستطيع أن يتحمل الفراغ الرئاسي نظراً إلى أوضاعه السيئة اقتصادياً ومالياً ومعيشياً، يردده المسؤولون كافة، سواء المتهمين بالتسبب بالعجز عن انتخاب الرئيس الجديد أم القلقين جدياً من الشغور في المنصب المسيحي الأول في الدولة. لكن الحديث عن احتمال البلد أسابيع هو عنصر جديد في سيل التصريحات التي تصدر عنهم كما جاء على لسان بري. فما يفصل لبنان عن آخر السنة الحالية سبعة أسابيع إلا يومين.

لا تقدم في جلسات الانتخاب واستمرار "الورقة البيضاء"

على ماذا تستند هذه التوقعات وهل هي واقعية في ظل استمرار عقد جلسات البرلمان بلا نتيجة، خصوصاً أن الجلسة المقبلة، وهي الخامسة تنعقد، الخميس 10 نوفمبر (تشرين الثاني)، لن تحمل جديداً يؤشر إلى إمكان حصول اختراق يُخرِج الرئاسة اللبنانية من عنق الزجاجة، بعد جلسات سابقة (يضاف إليها جلسة تأجلت) بقي فيها الأمر على حاله؟ فريق السياديين يصوّت لمصلحة مرشحه النائب ميشال معوض، فينال كل مرة زهاء 40 صوتاً من أصل 128 هو عدد أعضاء البرلمان، بعد تأمين نصاب الثلثين (86 نائباً) أي النسبة التي يحتاجها أي مرشح في الدورة الأولى من الاقتراع للفوز، في وقت يصوت "حزب الله" وحلفاؤه بـ "الورقة البيضاء" التي تناهز 50 صوتاً تناقصت في الجلستين الأخريين، ويصوّت التغييريون الـ 13 لمرشحين يتبدلون بين جلسة وأخرى، إلى أن انقسم هؤلاء فيقترع بعضهم لشخصية مستقلة هو المؤرخ الدكتور عصام خليفة. في وقت يكتفى نواب آخرون (تكتل الاعتدال الوطني الشمالي) بإسقاط ورقة "لبنان الجديد" في صندوق الاقتراع (ارتفع عددهم إلى 10).

وفي كل الأحوال، قد تبدو رغبة بعض الأوساط في متابعة المعركة مع ترشيح معوض ضعيفة، إذا لم يؤمن انضمام تكتل فاعل يصوت لمصلحته ليرفع عدد أصواته إلى ما يفوق 55 صوتاً. وإذا لم يرتفع عدد أصواته، قد يقترح البعض البحث بالتفاهم معه عن مرشح آخر يمكن أن يجمع عدداً أكبر من الأصوات.

ودأب حلفاء الحزب على إفقاد جلسات الانتخاب نصاب الثلثين، بالانسحاب من قاعة البرلمان، قبيل الانتقال إلى الدورة الثانية من الاقتراع التي ينص الدستور على انتخاب الرئيس خلالها بالأكثرية المطلقة، أي النصف زائداً واحداً (65 صوتاً)، خشية أن ينضم إلى مؤيدي معوض المزيد من النواب المترددين، الذين يتخوف "حزب الله" من أن يضيفوا إلى رصيد المرشح المعارض، لاحتفاظه بسلاحه وللسياسات المرتبطة بالمشروع الإيراني التي يفرضها، أصواتاً تؤدي إلى فوزه بالمنصب. كما أن "حزب الله" تجنّب في الجلسات السابقة الإعلان رسمياً عن تبني ترشيح حليفه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، نظراً إلى رفض حليفه الآخر رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل وتكتله (19 صوتاً) التصويت له. فمن دون تأييد باسيل لفرنجية يصعب تأمين العدد الكافي من الأصوات لإنجاحه. وفي المقابل، فإنه من دون أن تتمكن المعارضة التي عمادها السياديون والتغييريون (المشتتة راهناً) من التصويت لمرشح واحد، فإن اختبار حظوظ أي مرشح تدعمه تبقى معدومة.

"الورقة البيضاء" وتطيير النصاب تحرجان "التيار الحر"

ووسط الاعتقاد بأن تكرار سيناريو الجلسات غير المنتجة لرئيس جديد، لم يعد مقنعاً للجمهور العريض للأحزاب كافة، أخذ باسيل وبعض نواب "التيار الحر" يتحدثون عن وجوب ترشيح شخصية ما للرئاسة بدل "الورقة البيضاء" وعدم مشاركة "الثنائي الشيعي" (حركة أمل وحزب الله) بالانسحاب لتطيير نصاب الثلثين في الدورة الثانية.

وفي رأي من يتحدثون عن ضغوط تُمارس على القوى السياسية كافة من أجل تقصير فترة الفراغ الرئاسي، أن العنصر الضاغط الرئيس على القوى السياسية هو استمرار تدهور الأوضاع المعيشية بسبب عدم انتظام عمل المؤسسات الدستورية التي عليها اتخاذ القرارات والتدابير المطلوبة للحد من ارتفاع سعر الدولار الأميركي، ولتطبيق خطة اقتصادية للتعافي واستكمال الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي من أجل إقراض لبنان ثلاثة مليارات دولار على مدى أربع سنوات. يضاف إلى هذا العنصر الضاغط تلويح الاتحاد الأوروبي بتفعيل نظام العقوبات ضد من يعرقلون انتخاب رئيس الجمهورية، وتوقعات بأن تتصاعد الضغوط الدبلوماسية، في ظل موقف فرنسي حاسم لانتخاب الرئيس الجديد. ومن يستبعدون فرض عقوبات أوروبية يذكرون بأن الاتحاد الأوروبي أقرّ استخدامها بالمعنى القانوني منذ ربيع 2020 من دون أن يفعِّلها لاكتشاف الدول الأعضاء أن العقوبات غير مفيدة. ويتحدث بعض النواب عن اتصالات فرنسية - أميركية وسعودية - فرنسية للتعجيل بإنهاء الشغور الرئاسي.

من العناصر الضاغطة موقف البابا والكنيسة

مصادر نيابية على صلة بالتحركات الخارجية الهادفة لإنهاء الفراغ، تشدد على أن إلحاح الحاجة إلى مساعدة صندوق النقد يشكل عنصراً ضاغطاً رئيساً على القوى المتهمة بالتسبب بالفراغ ومنها "حزب الله" الذي ترجح معطيات هذه المصادر أنه لن يكرر تجربة التسبب بالشغور لسنتين ونصف السنة، كما فعل عام 2016، من أجل الإتيان بحليفه عون للرئاسة، لأن كلفة ذلك عليه وعلى جمهوره كانت كبيرة هذه المرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعدد بعض هؤلاء النواب عوامل ضغط إضافية لا سيما على الصعيد المسيحي، قد تلعب دوراً معنوياً يقلق بعض القيادات المسيحية. فالبابا فرنسيس قال للصحافيين في ختام زيارته للبحرين في السابع من نوفمبر، إن ما يجري في البلد الصغير مصدر ألم بالنسبة له، "فلبنان ليس مجرد بلد بل يحمل معنى كبيراً بالنسبة لنا جميعاً". ووجه نداء إلى "السياسيين كي يبتعدوا عن المصالح الشخصية وليتفقوا"، وشدد على "ضرورة إيقاف ما يشهده البلد من تدهور وأن يستعيد عظمته". وتواكب مواقف الفاتيكان الذي كانت دوائره على صلة دائمة مع الجانبين الأميركي والفرنسي حول لبنان، إطلاق الكنيسة المارونية والأرثوذكسية مواقف تحمل قيادات مسيحية وزر التسبب بالفراغ بطريقة غير مباشرة. إذ سأل مطران بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة "كيف لزعماء يدّعون المسيحية ويُساهمون في إذلال شعب الله لأنّهم لا يعرفون الله ولا وصاياه؟ يتكلّمون ولا يفعلون".

تسهيل الحزب الرئاسة يبيعه محلياً أم لفرنسا؟

ومع الاعتقاد بأن هذه الضغوط لن تثمر من دون تواصل بين الفرقاء الرئيسيين، للتوافق على مرشح رئاسي، كما يدعو بري، فإن من ينتظرون ما سينتج من الضغوط الخارجية، يعتبرون أن "حزب الله" لن يسلم بإنهاء الفراغ  الرئاسي بتسوية مع فرقاء محليين، بل يفضل ترك المقايضة عليه لطهران مع العواصم المعنية ومنها فرنسا أو أميركا، هذا إذا لم تتشدد طهران في لبنان مقابل عودة التوتر للعلاقة الأميركية - الإيرانية، والتي دفعتها إلى إفشال تمديد الهدنة في اليمن وقصفها المناطق الكردية في شمال العراق، فينسحب التشدد إطالة أمد الفراغ الرئاسي اللبناني.

وفي انتظار تبلور معلومات إضافية حول استعجال دول كبرى إنهاء الفراغ في الرئاسة، تسعى قوى محلية للتهيؤ لهذا الاحتمال. ويتحدث بعض المصادر عن أن قيادات لبنانية سمعت من سفراء يعملون في هذا الاتجاه، أنه من الأفضل البحث عن مرشح ثالث غير فرنجية ومعوض. وهنا يعود اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى الواجهة، وغيره من المرشحين مثل صلاح حنين وناجي البستاني.

وترجح مصادر مراقبة أن تكون مبادرة رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط للاجتماع إلى بري في السادس من نوفمبر، جاءت في هذا الإطار، إذ قال جنبلاط بعدها إن "أهم شيء أن نصل إلى الاستحقاق وأن نستعرض الأسماء. مرشحنا ميشال معوض، لكن لسنا فريقاً واحداً في البلد، فليُتداول بأسماء وعندها نرى، قد يكون ميشال أحدهم، لقد تكلمنا مع الرئيس بري بالموضوع الرئاسي وأمور أخرى، واتفقنا على شيء، هو على ألا يكون هناك مرشح تحدٍ".

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل