Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتجدد الأمل بشأن بروتوكول إيرلندا الشمالية؟

قد يكون جيران بريطانيا الأوروبيون أكثر تقبلاً لسوناك التكنوقراطي الواقعي

اللقاء بين سوناك ونظيره الأيرلندي كان مؤشراً على أن رئيس الوزراء الجديد يأخذ الأمر على محمل الجد (رويترز)

قد يشكل لقاء ريشي سوناك مع نظيره الإيرلندي ميشيل مارتن في بلدة بلاكبول [الإنجليزية الواقعة على البحر الإيرلندي] لحظة تاريخية حاسمة. وبطبيعة الحال، فهو يأتي في وقت تجدد فيه التوتر في ظل ابتعاد أحزاب إيرلندا الشمالية أكثر من أي وقت مضى على ما يبدو عن إعادة الحكم الذاتي السلمي إلى البلاد، وظهر فيه تهديد بإقامة انتخابات جديدة من المحتمل أن تواجه طريقاً مسدوداً أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن ينبغي ألا نعقد آمالاً مبالغاً فيها على أن هذا اللقاء سيحقق نجاحاً كبيراً. فهو ليس مؤتمر قمة استثنائي يجري تنظيمه فحسب عندما يكون الدبلوماسيون قد أنجزوا الأعمال الأساسية المطلوبة التي تبرر مثل هذا الحدث الرفيع المستوى، بل سيجتمع سوناك ومارتن كعضوين في "المجلس البريطاني الإيرلندي"، الركن "الشرقي - الغربي" لاتفاق "الجمعة العظيمة" [الاتفاق الذي وضع حداً للحرب الأهلية في أيرلندا الشمالية عام 1998].

واستطراداً، يجتمع ممثلون من الحكومتين البريطانية والإيرلندية، والإدارات المفوضة في اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية، وحكومات الأقاليم التابعة للتاج البريطاني في جزيرة آيل أوف مان Isle of Man وجيرسي Jersey وغيرنزي Guernsey معاً بشكل دوري من أجل التحدث عن أمور الجزر البريطانية. وعادة ما تعتبر هذه الاجتماعات مسألة عادية، لم يحضرها أي رئيس وزراء بريطاني منذ غوردون براون في عام 2007، لذا فهذه إشارة إلى أن سوناك يأخذ القضية على محمل الجد ويريد تسويتها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الجانب الإيرلندي، والاتحاد الأوروبي.

وعلى رغم أن تقاسم السلطة التنفيذية يسري مهما كانت حال الحدود أو بروتوكول إيرلندا الشمالية، فقد رفض الحزب الاتحادي الديمقراطي [ثاني أكبر حزب في جمعية إيرلندا الشمالية، وخامس أكبر حزب في مجلس العموم في المملكة المتحدة] المشاركة في هذا الاجتماع إلى أن يتم إلغاء البروتوكول. والجدير بالذكر أن البرلمان البريطاني كان يناقش تشريعاً استفزازياً متعلقاً بالبروتوكول [في عهد بوريس جونسون]، في وقت قطعت فيه ليز تراس المحادثات بشأن هذا الأمر منذ بضعة أشهر. والآن بدأت الأمور تتحسن، فلجنة التنسيق والاتصال المشتركة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي استأنفت عملها مجدداً، وهناك تحركات في ويستمنستر من أجل إيقاف مشروع قانون بروتوكول إيرلندا الشمالية موقتاً.

والأمل معقود على أن يقوم سوناك ومارتن بإنشاء نوع من الثقة الشخصية والعلاقة المتينة، شبيه بذاك الذي كان يربط بين بعض أسلافهما في الماضي، على غرار جون ميجور وألبرت رينولدز، أو مارغريت ثاتشر وغاريت فيتزجيرالد، أو في الواقع، "صداقة حميمة" أحدث عهداً بكثير تطورت على بعد حوالى 70 ميلاً من بلاكبول تقريباً (حتى لو أنها لم تدم طويلاً).

قبل ما يزيد قليلاً على ثلاث سنوات، التقى رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، ورئيس الوزراء الإيرلندي في ذلك الوقت، ليو فارادكار، في فندق في ويرال من أجل إجراء محادثات أزمة. كان هدفهما كسر الجمود السياسي بشأن أكثر جوانب بريكست صعوبة، وهو وضع الحدود الإيرلندية. وبعد جولة ودية سيراً على الأقدام في أرجاء الحدائق المحيطة بالفندق، اتفق الاثنان على الخطوط العريضة لمقاربة جديدة إزاء المشكلة، وبعد بضعة أيام تم الكشف عنها، ثم جرى الاتفاق والتصديق عليها بعد بضعة أسابيع.

لقد وجد الرجلان طريقة لتجنب إنشاء حدود اقتصادية صلبة (فعلية) في جزيرة إيرلندا. وكبديل، اتفقا على أن يكون هناك حد أدنى من عمليات التفتيش [نقاط المراقبة] الجمركية بين بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية. وكان ذلك شيئاً نظر إليه الاتحاد الأوروبي بريبة، وفكرة تعهد جونسون في السابق بعدم التفكير فيها مطلقاً. وهكذا نشأ بروتوكول إيرلندا الشمالية. وكان من المفترض أن تنتهي هذه المسألة آنذاك.

على رغم التقدير المفرط لهذا البروتوكول، وكره بعض الاتحاديين له، والمشاركة فيه عن سوء نية ربما من جانب أحد الطرفين، أو ربما من الطرفين معاً، فلطالما كان من الممكن إصلاحه، من خلال بعض التنازلات من كلا الجانبين، ومزيد من الغموض البناء [مصطلح ينسب بشكل عام إلى هنري كيسنجر، وهو تكتيك للتفاوض، يشير إلى الاستخدام المتعمد للغة غامضة في قضية حساسة من أجل تعزيز بعض الأغراض السياسية]، كما هو الحال عادة في الشؤون الأيرلندية. وفي الواقع، بدأ سوناك ومارتن يتعاملان مع هذه المشكلة بشكل حديث نسبياً (على رغم أن مارتن تحالف مع فاردكار في عمل ائتلافي مشترك)، وكلاهما يبدو من النوع العملي والإداري، ولا يتحملان العواطف أو التحذلق إذا كان ذلك سيعيق طريق التوصل إلى اتفاق دائم من شأنه أن يزيل سموماً كثيرة من العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وعلى ما يبدو فإن ذلك يتبع "اتفاقاً ودياً" جديداً بين سوناك وإيمانويل ماكرون، إذ إن سوناك التكنوقراطي الواقعي العملي قد يكون مقبولاً أكثر بالنسبة إلى جيران بريطانيا الأوروبيين، كما أنه سيكون أكثر جدارة بالثقة وأقل تهريجاً من جونسون، وأكثر وداً من تراس. على الأقل، هناك سبب يدعو إلى الأمل.

© The Independent

المزيد من تحلیل