Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تحولت حوادث الطرق إلى ظاهرة في مصر؟

بلغ عدد الضحايا 7101 في 2021 واختلال عجلة القيادة في يد السائق العبارة الأكثر ترديداً مع كل كارثة

شهدت مصر خلال الفترة الأخيرة حوادث طرق متكررة حصدت أرواح كثيرين (أ ف ب)

يد تمسك بالهاتف المحمول، وقدم تضغط على دواسة الوقود حتى آخرها، وجسد مفعم بمادة مخدرة تناولها صاحبه قبل خروجه صباحاً للعمل، هذه هي الوصفة السحرية للكارثة والسيناريو المعروف للمصيبة، التي تحققت بحذافيرها، مع تغيير واحد فقط في مشهد النهاية، فقد قفز السائق من الباب المجاور له، قبل أن يصطدم بالسيارة المواجهة، ويستقر الباص في قاع الترعة.

سخرية القدر أن السائق "الانتحاري" في مصر، الذي لم يترك عنصراً من عناصر تحقق الكارثة إلا واقترفها، نجا بنفسه ويخضع للعلاج مع الركاب السبعة الذين كتبت لهم السماء عمراً جديداً.

لكن السماء كتبت لبقية الركاب العشرين أن يلقوا حتفهم بعد ما استقرت أجسادهم في قاع الترعة، ومنهم من مات بفعل قوة الاصطدام قبل غرق الجثمان. يعتقد البعض أن تفاصيل حادثة "أتوبيس الدقهلية" في مصر هي أبشع ما يمكن حدوثه على الإطلاق.

مطالعة أسماء الضحايا وأعمارهم والعلاقة التي تجمع بعضهم ببعض تدمي القلوب. "أفاد مستشفى أجا المركزي وصول عدد من الجثامين التي جرى التعرف إليها وهم: أميرة أ (25 سنة)، وابناها ياسين (سنة واحدة)، وعلي ج (أربع سنوات)، وابنتا شقيقتها أشرقت (ثلاث سنوات) ورودينا (خمس سنوات)، ونرمين أ (30 سنة)، وأسماء ن (28 سنة)، إضافة إلى شاب وفتاة مجهولي الهوية، كما تم التعرف إلى تسعة جثامين أخرى تم نقلها إلى مشرحة مستشفى المنصورة الدولي لكل من: باسم م (17 سنة)، ومحمد ن (17 سنة)، ومحمد ع (17 سنة)، وماهر ح (17 سنة)، وعبد ع (20 سنة)، ومصطفى م (17 سنة)، ومحمد أ (22 سنة)، وعبدالرحمن أ (21 سنة). وقد ارتفع عدد الوفيات إلى 20 ضحية. وعمليات البحث عن مزيد من الركاب في قاع الترعة جارية"، ثم تأتي مشاهد تشييع الضحايا، وعدد كبير منهم من أسر واحدة لتصيب الملايين المتابعة بوجوم وكآبة وحزن عميق.

معايشة خلقت الاعتياد

واقع الحال، وبناء على المعايشة التي تخلق الاعتياد لأنها لا تتوقف ولا تختلف في ما بينها إلا في درجة الفداحة، إذ مصرع شخص على الطريق أقل وطأة من مقتل عشرة أو عشرين أو ثلاثين في حادثة تصادم قطار بباص أو توك توك بميني باص أو دراجة نارية بسيارة نقل أو سيارة ملاكي بحائط خرساني أو سقوط باص من أعلى "الطريق الدائري" أو اقتحام سيارة ملاكي المدخل المؤدي إلى محطة مترو الأنفاق أو اختراق ميكروباص سور الجسر واستقراره بركابه في قاع نهر النيل وغيرها كثير وكثير، تدمي الحادثة قلوب الملايين، يجري دفنهم في مقابر الأسرة أو الصدقة. تتوجه وزارة الداخلية إلى مكان الحادثة وتجري رفع الآثار، وتعلن بكل فخر أن حركة المرور عادت إلى حركتها الطبيعية. يصدر قرار من وزارة التضامن الاجتماعي بصرف تعويضات مالية لأسر الضحايا، وقرار آخر من وزارة الصحة بعلاج المصابين على نفقة الدولة. يحقق رجل أعمال خير وتقي أمنية والدة متوفى فيسدد كلفة رحلة عمرة لها، وربما حج. يخصص المحافظ شقة لأسرة عامل يومية توفي في الحادثة ويتم التقاط صور تسليم الأرملة وأبنائها مفتاح الشقة، ثم يعود الجميع أدراجه لحياته الطبيعية.

الحياة الطبيعية على الطرق ليست طبيعية بالمعنى المعروف. ثالوث القيادة الجنونية وضرب عرض الحائط بقوانين السير وقواعد القيادة، وغياب الوعي المروري وبديهيات السلامة على الطرق، والمكللين بغياب أو ضعف أو غض البصر عن تطبيق القانون من قبل الجهات المتخصصة جعل جنون الطرق ونزيف الأسفلت وغياب السلامة سمة من سمات الطرق التي لا تلفت الانتباه كثيراً، أو تستدعي التدخلات السريعة، أو تزعج القائمين على أمر الطرق وقواعد السير فيها والسلامة عليها.

انخفاض المصابين وارتفاع القتلى

في يوليو (تموز) الماضي، وبينما كانت حوادث الطرق المميتة ذات الطابع الصيفي حيث حركة السير والقيادة على الطرق السريعة المؤدية إلى الشواطئ في أوجها، خرجت المؤشرات السنوية لحوادث السيارات والقطارات لعام 2021 الصادرة عن الجهاز المركـزي للتعبئة العامة والإحصاء لتعلن أن حوادث الطرق انخفضت 9.3 في المئة مقارنة بعام 2020. وأعلن الجهاز أن عدد الإصابات في 2021 بلغ 51 ألفاً و511 إصابة في 2021 مقارنة بـ56 ألفاً و789 إصابة في عام 2020.

لكن ما لم يرد في عناوين الأخبار ومانشيتات المواقع الخبرية والصحف هو أن عدد قتلى حوادث الطرق قفز من 6164 متوفى في عام 2020 إلى 7101 متوفى في 2021، بنسبة ارتفاع قدرها 15.2 في المئة!

النسب المئوية والأرقام شارحة وواضحة، لكن التعليلات والتبريرات وترتيب الأولويات لا شارحة ولا واضحة، كما أن مقالات الرأي والتقارير الإعلامية التي تركز على كارثة حوادث الطرق وتفاقمها وتصاعد أعداد الضحايا المستمر على رغم وضوح الأسباب والعوامل التي يمكن أن يسردها طالب في المرحلة الابتدائية عادة تتلقى ردوداً من الجهات المتخصصة تحوي قوائم بعدد المخالفات المحررة، والمركبات المصادرة، والغرامات المحصلة مع صيغة موحدة تشير إلى أن الجهات المنوط بها تحقيق الانضباط على الطريق لا تألو جهداً في تطبيق القواعد وتنفيذ القوانين وتأمين الطريق.

الطريق، أي طريق، لا يخلو من حوادث سير يومية، بعضها مروع. وحتى وقت قريب مضى كان هناك اعتقاد أن حوادث السير المميتة لا تقع إلا على الطرق السريعة. إلا أن واقع الحال ورؤى العين يشيران إلى تحقق قدر بالغ من المساواة بين أنواع الطرق المختلفة، سواء السريعة أو نصف السريعة أو البطيئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ليس هذا فقط، بل إن نسبة كبيرة من قادة السيارات والدراجات النارية أنفسهم يعتبرون معايير السلامة البديهية من ربط حزام الأمان وارتداء خوذة وعدم جلوس أطفال في المقدمة وغيرها في داخل المدن شكليات لا داعي لها ومجرد وسيلة للجباية من المخالفين من قبل السلطات. ليس هذا فقط، بل إن مشهد تدليل الطفل بالجلوس على أرجل الأب أو الأم أثناء قيادة السيارة حيث يفصل بين جسد القائد والمقود هو مشهد عادي ومستساغ، ولا يضايق أو يزعج أو يقلق الغالبية.

الغالبية الشعبية تعتبر الحوادث قضاء وقدراً من ألفها إلى يائها. قلة لا تؤخذ في الاعتبار تعتبر الحوادث اليومية جريمة مكتملة الأركان، عناصرها سفه قائد السيارة وجهله بقواعد القيادة وقوانين السير مع سكوت الركاب والمارة على أمارات الجنون الواضحة وغض البصر شبه التام من قبل الجهات المسؤولة عن تنفيذ الجزء الخاص بالسلامة على الطريق وليس تحصيل مخالفات الوقوف الخاطئ أو عدم وجود حقيبة إسعافات أو انتهاء الرخص فقط.

هذا القضاء والقدر لم يترك أسرة في مصر لم تفقد عزيزاً واحداً في الأقل في حادثة طريق، كما وقف حائلاً دون وجود أسرة في مصر لم يتعرض أحد أفرادها لحادثة سير واحدة في الأقل.

اعقلها وتوكل

تضاءل مفهوم "اعقلها وتوكل" تماماً أمام "الحذر لا يمنع القدر". الغالبية المطلقة من تعليقات القراء والمتابعين على أخبار "مصرع عشرة أشخاص من عائلة واحدة على طريق المنصورة – جمصة"، و"مصرع سبعة أشخاص وإصابة 30 في حادثة مروعة على طريق سوهاج – البحر الأحمر"، و"حادثة مروعة على طريق الإسماعيلية - القاهرة وإصابة 13"، و"اصطدام تريلا بـ10 سيارات ملاكي على الطريق الدائري في حادثة مروعة"، و"مصرع طفلين شقيقين وإصابة والدهما وسبعة آخرين في حادثة مروعة على طريق القاهرة – الإسكندرية"، و"قتلى ومصابون في حادثة مروعة على طريق طنطا - بسيون" وغيرها الكثير والكثير لا يخرج عن إطار طلب الرحمة للقتلى والصبر للأهالي وسرعة الشفاء للمصابين.

طلب محاسبة المسؤولين المتسببين في الرعونة القاتلة أو الفوضى العارمة أو ضرب عرض الحائط بالقوانين والقواعد أمر نادر الحدوث، وإن حدث فهو والعدم سواء.

وسواء اعتبرت الغالبية حوادث الطرق القاتلة قضاء وقدراً لا مجال لبحث أسبابها أو الغوص في عواملها، أو أعلنت الجهات المتخصصة أن النسبة الكبرى من حوادث السير سببها أخطاء بشرية، أو صرفت أسر القتلى تعويضات أحبائهم الذين قضوا، أو حظوا برحلة عمرة أو حج لتبريد نيران قلوبهم أو كل ما سبق، تبقى أسباب النزيف المستمر معروفة وواضحة وصريحة لمن يبحث عنها.

كراهية إشارات المرور

الضالعون في حادثة سير وقعت في مدينة الشروق، التي تبلغ مساحتها نحو 16 ألف فدان ويسكنها آلاف البشر قبل أسابيع حاولوا الوصول لأية خدمات مرورية في المدينة من دون جدوى. ولأنهم لا يسكنون المدينة فقط ظنوا أن أصوات الارتطام ستلفت انتباه أفراد المرور التابعين لإدارة المرور ليهرعوا إلى مكان الحادثة، لكن السكان أخبروهم أن المدينة خالية من أي خدمات مرورية سواء الأفراد أو حتى إشارات المرور.

حفيظة ما أو كراهية غامضة أو علاقة متوترة تجمع بين كثيرين وإشارات المرور. كثيرون ليسوا قادة المركبات فقط الذين ينظر غالبهم إلى إشارة المرور باعتبارها آلة حديدية لا طائل منها، ويفضل استخدام المعادن المهدرة فيها في شيء ما أفضل، لكنهم كذلك أولو الأمر من الجهات المسؤولة عن تطبيق القوانين.

الكاتب الصحافي محمد السيد صالح، تساءل في مقال له في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تحت عنوان "لماذا تكره الحكومات المصرية إشارات المرور؟" عن سبب تدهور العلاقة وتوترها. قال "لا أعرف بالتحديد متى دخلت إشارات المرور مصر. التواريخ متباينة وغير دقيقة، لكن بلا شك هي نتاج الحضارة الغربية التي أنتجت السيارات بالأساس. ومع الزحام الذي خلقته في الشوارع والحوادث التي خلفتها، ظهرت إشارات المرور بأشكال بدائية في شوارع أميركا وأوروبا منذ منتصف العشرينيات من القرن الماضي، وأصبحت بالتدريج أحد مظاهر التحضر في العالم كله. وفي عام 1985، جاء علي لطفي رئيساً للوزراء، وكانت فترة صعبة اقتصادياً وأمنياً في مصر. وفى تصريح شهير له قال إنه جاء رئيساً للحكومة في عاصمة بلا إشارات للمرور. وعلى ما يبدو أن هذا التصريح إلى جانب أشياء أخرى كانت مسؤولة عن خروجه السريع من الحكومة بعد عام واحد. وعلى رغم ذلك فإن القاهرة في ذلك الوقت كانت لديها إشارات مرور أكثر من الموجودة حالياً".

ويكرر صالح السؤال عن سبب كراهية الوزراء والمحافظين وقيادات المرور إشارات المرور. ويضيف سؤالاً حساساً آخر "كيف يخططون وينفذون طرقاً وشوارع واسعة جداً في كل المدن ولا يفكرون في المشاة، وضمنهم بلا شك أولادهم وزوجاتهم وأحفادهم؟!".

وأضاف "جهزت قبل سنوات موضوعاً عن الزحام المروري في الشوارع أمام جامعات القاهرة وعين شمس والأزهر، وكيف يؤدي الطلاب والطالبات حركات بهلوانية للعبور يومياً وسط تأفف قادة السيارات، بل وجهت السؤال بشكل مباشر لأكثر من مسؤول عن الحلول العملية، ولماذا لا يقيمون في هذه الأماكن إشارات مرور؟ لكن بلا فائدة. لم أحصل على إجابات مقنعة. ومع ظهور الطرق السريعة الجديدة والمجتمعات العمرانية شرق وغرب القاهرة أصبح الوضع مأسوياً أكثر. لا أحد من المخططين فكر في إشارات المرور إلا في ما ندر". وذيل مقاله بقوله إن "نشر إشارات المرور هو الحل العملي للحفاظ على أرواحنا وأموالنا".

أرواح المصريين وأموالهم تقف عاجزة أمام ما قالته محافظة الدقهلية في بيان عما توافر لديها من معلومات. "كان يتحدث في الهاتف المحمول، والركاب حاولوا تنبيهه بأن سيارة آتية في مواجهته، لكنه قفز من الأتوبيس وتركه يسقط بالركاب في الرياح التوفيقي. التحليل أثبت تعاطيه المخدرات، وما فعله سلوك طبيعي لشخص يتعاطى المخدرات".

يشار إلى أنه في عام 2015 أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي، التي يتبع لها "صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي" عن بدء حملات كشف عشوائي عن تعاطي المواد المخدرة بين سائقي باصات المدارس في مختلف محافظات مصر للتأكد من عدم تعاطي السائقين المواد المخدرة.

مخدرات في باص المدرسة

رغم جودة الفكرة وأهميتها، فإن غالبية طلاب وطالبات مصر تتجه إلى مدارسها في باصات أو مركبات لا علاقة للمدارس بها، بمعنى آخر، الكشف عن التعاطي بين سائقي باصات المدارس مهم، لكن هؤلاء يمثلون نسبة ضئيلة جداً.

ورغم ذلك فإن الحملة مستمرة. ويتم الإعلان بين عام دراسي وآخر عن النسب المكتشفة التي تقول البيانات الرسمية إنها انخفضت انخفاضاً ملحوظاً لأسباب لم يتم تحديدها، هذا العام أوضح تقرير منشور من قبل "صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي" أن نسبة تعاطي المخدرات بين سائقي باصات المدارس الذين خضعوا للكشف العشوائي في العام الدراسي 2021 - 2022 بلغت 0.8 في المئة، بعد ما كانت 12 في المئة خلال عام 2017!

حادثة باص الدقهلية وتضافر رعونة القيادة والحديث في الهاتف المحمول مع إعلان نتيجة الكشف على السائق بأنه تعاطى مواد مخدرة صباح يوم الحادثة، وهو ما أنكره أثناء تلقيه العلاج بعد ما قفز من الباص، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.

اختلال عجلة القيادة

قبل هذه الحادثة بأربعة أيام، اصطدم قطار بباص ينقل طلاباً من جامعة بدر عند مزلقان في محافظة الشرقية، وهو ما أسفر عن إصابة 19 طالباً إصابات شديدة من بين الطلاب الـ25 الذين كتبت لهم السماء عمراً جديداً. وقبلها بأسبوع توفيت طالبة في محافظة الدقهلية أيضاً بعد ما انقلب باص المدرسة في أثناء عودته بالطلاب إلى بيوتهم "لأن عجلة القيادة اختلت في يده".

اختلال عجلة القيادة في يد السائق هي العبارة الأكثر ترديداً في كل حادثة مرورية بغض النظر عن حجم فداحتها أو بساطتها. رصد الطريقة التي تقود بها الغالبية مركباتها يؤكد أن هناك اختلالاً عظيماً، لكنه ليس في عجلة القيادة ويد السائق بل في منظومة القيادة برمتها.

نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، يرى في مقال عنوانه "حوادث الطرق" أن "العنصر البشري ما زال هو الأهم قاطبة في حوادث الطرق. تجاهل نظم الأمان كربط أحزمة، وتعمد السير بسيارات متهالكة أو قديمة، وإهمال صيانة خزانات الوقود والتغيير الدوري لإطارات السيارات، وانشغال قادة السيارات بغير الطريق، بخاصة استخدام الهواتف النقالة، كل تلك الأمور أسباب مباشرة لحوادث السيارات. وتضاف إليها حماقة بعض قادة السيارات بالسير بسرعات كبيرة، والسير عكس الاتجاه، وقيادة من ليس هو أهل للقيادة سواء القيادة من دون ترخيص، أو باستخراج تراخيص بغير الطرق السوية، وحمولات السيارات النقل، وتعاطي بعض قادة السيارات المواد المخدرة، وخرق مواعيد السير للشاحنات الكبيرة، وتجاهل قواعد القيادة الآمنة في التخطي أو الانحراف للطرق الفرعية، أو عدم اتباع إشارات المرور سواء للمركبات أو المشاة وغيرها أسباب بشرية ومباشرة للحوادث".

ويضيف أن المطلوب هو أن يكون لوزارة الداخلية الدور الرئيس في مواجهة المخالفين، لا سيما بعد ما تأكد أن الرقابة الإلكترونية على الطرق "ليست كافية".

يشار إلى أن طريقاً مثل القاهرة – السويس، الذي تقع عليه عديد من المدن والتجمعات ذات الكثافة السكانية الكبيرة مزود بأجهزة رادار عديدة لمراقبة السرعة، وعلى رغم ذلك فإن ظاهرة "السيارات الطائرة" سمة من سمات الطريق المعروف بحوادثه القاتلة.

ومن الأمور القاتلة أيضاً في ملف كوارث الطرق، وذلك نظراً إلى أن فهمها مستعص والمنطق الكامن فيها بالغ الغموض هو دور ترسانة قوانين المرور الهائلة، القديم منها الكفيل تطبيقه بالحد الجذري من وقوع الحوادث، أو الحديث منها الذي في حال تطبيق 10 في المئة منه ينقل مصر إلى مصاف البلدان ذات الطرق الآمنة، جنباً إلى جنب مع هولندا وسويسرا والنمسا وقد تسبقها.

لكن الواقع يشير إلى أن إدارة المرور التابعة لوزارة الداخلية تركز على تحرير مخالفات الرخص والوقوف في الممنوع في بعض المناطق، والتأكيد عقب كل حادثة أن العنصر البشري هو المسؤول الأول، والإعلان المستمر عن أرقام تلقي بلاغات الحوادث وطلب سيارات الإغاثة، إضافة إلى "وصايا" يجري نشرها بين الحين والآخر.

وصايا من القلب

أبرز "الوصايا" هي: الصيانة الدورية للسيارات، والتأكد من صلاحية الإطارات والفرامل، وعدم التسابق والقيادة بسرعات جنونية، والالتزام بالسرعات المقررة لمنع انقلاب السيارة، وتجنب الانشغال بغير الطريق، والالتزام بقواعد المرور، وتوقع التغيرات المفاجئة في السير والاحتفاظ بسرعة البديهة، وأخيراً عدم تعاطي المواد المخدرة على الطرق في أثناء القيادة.

كما أن إدارة المرور لا تقصر في وضع الإعلانات التوعوية على الطرق التي تناشد السائقين عدم استخدام المحمول أثناء القيادة وكذلك الالتزام بالسرعة المقررة لسلامتهم.

يشار إلى تداول معلومات تشير إلى وجود كيان يسمى "المجلس القومي للسلامة على الطرق"، الذي يقال إنه أسس في عام 2013 بقرار وزاري، إلا أنه لا توجد معلومات كافية عن نشاطه أو مقره أو دوره أو الهدف منه.

صباح الأحد 13 نوفمبر (تشرين الثاني) أصيب 20 عاملاً في انقلاب سيارة ربع نقل (غير مصرح لها أصلاً بحمل ركاب) في منطقة 6 أكتوبر، وجرى نقلهم إلى المستشفى. بعدها بدقائق أصيب 17 عاملاً بكدمات وسحجات وكسور وجروح بسبب انقلاب السيارة التي كانوا يستقلونها في مدينة فايد في محافظة الإسماعيلية. في الوقت نفسه، لقي رجل مصرعه بعد ما انقلبت سيارته على الطريق الصحراوي الغربي في محافظة سوهاج، و"تم الدفع بقوات من إدارة المرور لمكان الحادثة، وتم رفع آثارها وإعادة حركة السير على الطريق".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات