Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تسهم مؤتمرات المناخ في تلويث البيئة؟

"كوب 26" تسبب في نحو 102 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون و60 في المئة منها ناتجة من رحلات الطيران

نشطاء البيئة دعوا إلى أن تكون قمة المناخ المقبلة "كوب 28" افتراضية للتقليل من انبعاثات الطائرات (أ ف ب)

في سبتمبر (أيلول) 2019 أبحرت الناشطة السويدية الشابة غريتا ثونبرغ لمدة أسبوعين عبر المحيط الأطلسي من أوروبا وصولاً إلى الولايات المتحدة للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة على متن زورق شراعي يعمل بألواح للطاقة الشمسية وتوربينات في أسفله. فضلت الناشطة البيئية التنقل في رحلة طويلة ومرهقة تستغرق أسبوعين عبر وسيلة خالية من الكربون، بدلاً من طائرة تستهلك الغاز وتطلق أطناناً من الانبعاثات الضارة للتوعية بما ينبغي على البشر نهجه لتقليل تلك الانبعاثات المسببة لأزمة المناخ.

وعشية انطلاق مؤتمر الأطراف لاتفاق الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب 27" في شرم الشيخ بمصر اقتحم المئات من نشطاء البيئة مكان توقف الطائرات الخاصة في مطار سخيبول في أمستردام ومنعوا إقلاعها لساعات بعد أن جلسوا أمام عجلاتها للتوعية بحجم التلوث الذي يسببه التنقل بالطائرات والمطالبة برحلات أقل وحظر الرحلات الجوية القصيرة غير الضرورية والطائرات الخاصة. وبينما ازدحمت سماء مصر بمئات الطائرات الخاصة مع انطلاق المؤتمر الدولي، الأحد، يشير عديد من نشطاء البيئة إلى نفاق قادة العالم المشاركين في قمة حول تغير المناخ، بينما يستخدمون أكثر الوسائل تلويثاً في انتقالهم إلى مكان انعقاد المؤتمر.

وفق تصريحات وزير الطيران المدني المصري محمد عباس لوسائل إعلام محلية، فإن 18 ألف مشارك في قمة شرم الشيخ وصلوا عبر المطارات المصرية، موضحاً أن المعدل اليومي لحركة الطائرات في شرم الشيخ كان 80 طائرة يومياً إقلاعاً وهبوطاً، ووصلت خلال الأيام الثلاثة الأولى من انطلاق قمة المناخ إلى نحو 180 رحلة، بينما قال مصدر مصري مقرب من سلطات الطيران طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية، الخميس، إن "أكثر من 400 طائرة خاصة حطت في الأيام القليلة الماضية في مصر". وأضاف، "كان هناك اجتماع قبل (كوب27) توقع خلاله مسؤولون مجيء هذه الطائرات، واتخذوا بعض التدابير في مطار شرم الشيخ لاستقبالها".

طنان من الانبعاثات في الساعة

وتواجه الطائرات الخاصة انتقادات على نحو خاص من جانب نشطاء البيئة الذين دعوا إلى أن تكون قمة المناخ المقبلة "كوب 28" افتراضية. وانتقدت منشورات كثيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي الوفود الرئاسية وغيرها من مجموعات رجال الأعمال لاستخدامها طائرات خاصة للوصول إلى شرم الشيخ، إذ ينتج الركاب في طائرات خاصة انبعاثات مسببة للاحترار المناخي للفرد أكثر من ركاب الرحلات التجارية.

وتفيد "الحملة الأوروبية للنقل النظيف" أن انبعاثات الطائرات الخاصة قد تصل إلى طنين من ثاني أكسيد الكربون في الساعة، وهي أكثر تلويثاً بين خمس مرات و14 مرة للفرد من طائرة تجارية. وتشير أداة إلكترونية لاحتساب الانبعاثات وفرتها المنظمة الدولية للطيران المدني إلى أن طائرة ركاب تجارية تتسبب بنصف طن من ثاني أكسيد الكربون بالإجمال خلال رحلة من لندن إلى شرم الشيخ.

تقول جامعة لندن التي أعدت مؤشراً لرصد الانبعاثات الصادرة عن مؤتمر الأطراف، إن اجتماعات القمة العالمية لها تأثير بيئي ضار بسبب السفر والإقامة والطاقة والمياه والنفايات في حين لن تتوفر البيانات الخاصة بالانبعاثات من الرحلات الجوية لـCOP27 حتى انتهاء المؤتمر، لكن يمكن النظر إلى البيانات المتوفرة عن مؤتمرات الأطراف السابقة. وقدر تقرير صادر عن شركة "أروب" للخدمات في لندن نسبة الانبعاثات الناتجة عن مؤتمر "كوب 26" في غلاسكو بالمملكة المتحدة العام الماضي، بأكثر من 102 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون، 60 في المئة منها ناتجة عن الرحلات الجوية الدولية، بينما أسهمت إقامة الوفود والمشاركين والانتقالات من وإلى مكان انعقاد المؤتمر بشكل كبير أيضاً في حجم الانبعاثات. وأطلقت أكثر من 400 طائرة خاصة تحمل قادة العالم ورجال الأعمال ومسؤولين تنفيذيين إلى "كوب 26" نحو 13 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتواصلت "اندبندنت عربية" مع منظمة "الاتحاد الأوروبي للنقل والبيئة" في بروكسل، وهي منظمة مستقلة تعمل على تعزيز النقل المستدام في أوروبا، والتي أمدتنا ببعض البيانات في شأن حجم الانبعاثات الناتجة عن الطائرات الخاصة وغيرها من الرحلات الناقلة للوفود المشاركة في المؤتمرات السابقة، وأفادت بأن انبعاثات الطيران شكلت في المتوسط 75 في المئة من الانبعاثات المرتبطة بمؤتمرات الأطراف المناخية الأربعة الأخيرة. ففي مؤتمرات الأطراف 23 و24 و25 في بون بألمانيا وكاتوفيتشي في بولندا ومدريد بإسبانيا، سجلت الرحلات الجوية انبعاثات بنسبة 85 في المئة من إجمالي الانبعاثات الناتجة من المؤتمرات بمتوسط أكثر من 45 ألف طن.

وقالت مديرة حملة سفر الشركات دينيس أوكلير لـ"اندبندنت عربية" إنه "لا يتم التأكيد بما فيه الكفاية على مدى ضرر الطائرات الخاصة على البيئة، إنها أسوأ طريقة للسفر لكل كيلومتر. توصل بحثنا إلى أن معظم الرحلات يمكن إتمامها بسهولة على الرحلات المجدولة (التجارية). من الصعب تجاهل رياء استخدام طائرة خاصة مع الادعاء بمحاربة تغير المناخ"، مضيفةً أن "المسؤول التنفيذي الذي يقوم برحلة خاصة واحدة طويلة المدى سيحرق ثاني أكسيد الكربون أكثر مما يفعله عديد من الأشخاص العاديين في السنة". ولفتت إلى أن "مؤتمر المناخ يؤكد الحاجة الملحة للعمل العاجل للحد من انبعاثات الطيران قبل عام 2030، والقضاء على تأثيره المناخي بحلول عام 2050".

تقليص رحلات العمل 50 في المئة

يظهر تحليل أجرته منظمة "النقل والبيئة T&E" نشر في مارس (آذار) الماضي، أن أفضل طريقة للحفاظ على انبعاثات الطيران ضمن هدف اتفاقية باريس بإبقاء الاحترار العالمي أقل من 1.5 درجة، هو انخفاض بنسبة 50 في المئة في رحلات العمل في العقد الحالي الذي يوصف بالعقد "الحرج"، وهو ما يعني أننا بحاجة إلى أن نختار بشكل أكثر حكمة متى وكيف نسافر، وأن نتخلص من الطيران المفرط.
تشارك شركات كبرى في العالم في مؤتمر "كوب 27"، بهدف إظهار التزامها بالاستدامة. والأسبوع الماضي، أصدرت حملة "ترافيل سمارت" (سافر بذكاء) التابعة لمنظمة "النقل والبيئة" استطلاعاً بالتعاون مع شركة الأبحاث "إبسوس"، شمل 2506 من موظفي الشركات في جميع أنحاء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا. أظهرت النتائج أن 77 في المئة من موظفي الشركات يعتقدون أن الأعمال التجارية لها دور مهم تلعبه في مكافحة تغير المناخ. ويعتقد ثلاثة أرباع المشاركين تقريباً أن أحد العوامل المهمة لتقليل البصمة الكربونية للأعمال هو الحد من مستويات طيران الشركات، ويعتقد 74 في المئة أنه لتقليل مستويات طيران الشركات، يجب على الشركة تحديد الأهداف وسياسات السفر.

وتقول أوكلير، "يتفهم الموظفون التأثير المناخي للطيران لمسافات طويلة، وهم على استعداد للحد من سفرهم، لكنهم يتوقعون أن تكون الإدارة العليا قدوة يحتذى بها وتضع أهدافاً طموحة لتقليل سفر رجال الأعمال. لم يكن هناك وقت أفضل من أي وقت مضى مع انعقاد (كوب 27). يجب على قادة الشركات الذين يدعون أنهم يهتمون بالمناخ أولاً فحص عادات الطيران الخاصة بهم، واغتنام الفرصة للتعهد بالحفاظ على السفر الجوي لشركاتهم عند أقل من 50 في المئة من مستويات ما قبل الجائحة، كإجراء رئيس لخفض انبعاثات الشركات".

مؤتمرات افتراضية

وسط انتقادات متزايدة للانبعاثات التي تسببت بها رحلات قادة العالم على طائراتهم الخاصة، والتي هي أكثر من 5 إلى 14 مرة تلوثاً لكل راكب من الطائرات التجارية، وما يصل إلى 50 مرة أكثر من القطارات، هناك دعوات لجعل مؤتمرات الأطراف لاتفاق الأمم المتحدة لتغير المناخ، افتراضية مما يقلص الكلفة والتلوث. وتقول أوكلير "قررنا عدم إرسال أي شخص إلى كوب 27 هذا العام، وبدلاً من ذلك استضفنا حدثاً عبر الإنترنت حول الحد من انبعاثات الطائرات. هناك فرص عدة للمشاركة عبر الإنترنت في مؤتمر الأطراف، أضافت فوائد تتمثل في الاستخدام الفعال للوقت والموارد، وكونها أكثر شمولاً لمجموعة أكبر من المشاركين، بما في ذلك الأشخاص من البلدان الأكثر تضرراً من تغير المناخ".
ومن بين جميع أعضاء مجموعة الـ20 قامت المملكة المتحدة فقط بإدراج الطيران الدولي ضمن أهدافها المناخية. ويقول مراقبون إنه بالنسبة للاتحاد الأوروبي فمن الأهمية لصدقيته أن تقرر الدول الأعضاء في الأسابيع المقبلة تمديد تغطية "نظام تداول الانبعاثات" ليشمل رحلات الاتحاد الأوروبي كاملة بدلاً من قصر التغطية على الرحلات داخل النطاق الجغرافي للاتحاد. وتحذر أوكلير، "نحن بالتأكيد لن نصل إلى أي إنجاز في مؤتمر الأطراف إذا استمرت البلدان في استبعاد انبعاثات الطيران الدولي من أهدافها المناخية. إن إدراجهم هو الإجراء الأول الذي يتعين على البلدان اتخاذه للتأكد من أن المسؤولية تقع في الأيدي المناسبة".

المزيد من بيئة