Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أعمال فنية شوهت سابقا والحافز خلل نفسي أو احتجاج

الموناليزا أكثر لوحة تعرضت للاعتداءات وتمثال لمايكل انجلو كاد يدمر

ليست جديدة ظاهرة الإعتداء على اللوحات الفنية في المتاحف. وقد أعادت الإعتداءات الاخيرة التي طاولت لوحة "العشاء الاخير"  لدافنتشي ولوحة  لفان غوغ  ولوحات أخرى، مشاهد اعتداءات عرفتها المتاحف مرات ومرات. في العام 1975 دخل مدرس هولندي متقاعد متحف ريجيكس في أمستردام. تجول الرجل قليلاً بين أروقة المتحف قبل أن يصل إلى واحدة من أهم لوحاته، وهي "دورية الليل" لفنان عصر النهضة البارز رمبرانت. وقف الرجل قليلاً يتأمل تفاصيل العمل قبل أن يُخرج من جيبه سكيناً وينقض بها على اللوحة. استطاع حراس المتحف السيطرة بصعوبة على المُهاجم الثائر، غير أن اللوحة كانت قد أصيبت بضرر بالغ. خضعت اللوحة بعدها لعمليات ترميم استمرت شهوراً، غير أن أثر التمزقات التي أحدثتها الآلة الحادة ظل باقياً إلى اليوم.

عند محاكمته برر المهاجم سبب اعتدائه على لوحة رمبرانت بأنه فعل ذلك من أجل الرب. لم يُحاكم الرجل على فعلته هذه، إذا اتضح أنه يعاني من اضطرابات نفسية، لذا فقد أودع في مصح نفسي لمدة عام قبل أن يفارق الحياة. الغريب أنه بعد حوالى خمسة عشر عاماً من هذا الحادث تعرضت لوحة رمبرانت لهجوم آخر مُشابه، ففي عام 1990 أقدم رجل مضطرب نفسياً على إلقاء مادة حارقة على اللوحة نفسها، غير أن العمل لم يتضرر من وراء هذا الهجوم، إذ سارع حرّاس المتحف إلى الإمساك بالمهاجم قبل أن يتمكن من سكب العبوة كاملة على اللوحة.

 

يمتلئ تاريخ الفن في القرن العشرين بالعشرات من حوادث الاعتداءات على الأعمال الفنية لأفراد مضطربين نفسياً، وقد أدت هذه الاعتداءات إلى إحداث أضرار بالغة في بعض الأعمال الشهيرة. في إحدى المرات تمكن رجل يحمل مطرقة حديدية من الإفلات من حراس كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان، ليهوي بمطرقته على واحد من أهم أعمال فنان عصر النهضة مايكل أنجلو وهو التمثال المعروف باسم "بييتا"، والذي جسد فيه مايكل أنجلو السيد المسيح وهو في حضن أمه مريم العذراء، بُعيد إنزاله عن الصليب. بعد أن أمسك الحراس بالمهاجم ظل يصرخ فيهم معلناً أنه المسيح. يعد العمل أحد أكثر منحوتات مايكل أنجلو شهرة على الإطلاق، وهو العمل الوحيد الذي يحمل توقيعه. وقد تسبب هذا الهجوم المباغت في أضرار جسيمة على بدن التمثال، وهي أضرار يمكن ملاحظتها على رغم عمليات الترميم التي خضع لها.

التخريب من أجل الاحتجاج

لا تقتصر محاولات تخريب الأعمال الفنية على الاضطرابات النفسية فقط، فهناك حوادث كثيرة لمهاجمين مخمورين أو راغبين في لفت الانتباه أو نيل الشهرة أو حتى بغرض الاحتجاج. خلال هذا العام فقط تصدرت عناوين الأخبار مجموعة من الحوادث المتفرقة التي أقدم أصحابها على مهاجمة أعمال فنية شهيرة بهدف لفت الانتباه إلى قضية التغير المُناخي. أصحاب هذه الهجمات جميعهم ينتمون إلى حركة دولية تُطلق على نفسها "أوقفوا النفط". فقد أقدم خمسة نشطاء ينتمون إلى هذه الحركة أخيراً على إلصاق أيديهم بإطار نسخة شهيرة من لوحة "العشاء الأخير" للرسام ليوناردو دافنشي المعروضة في الأكاديمية الملكية في لندن. تكرر الأمر نفسه في متحف ماريتهاوس في هولندا مع لوحة "الفتاة ذات القرط اللؤلؤي"، وهي واحدة من أهم لوحات يوهانز فيرمير. وبعد أيام قليلة ألصق محتجون آخرون أيديهم بإطار واحدة من أهم أعمال الفنان الإنجليزي جون كونستابل المعروضة في المتحف الوطني بلندن.

 

من حسن الحظ أن هذه الهجمات الأخيرة لم تسبب أي أضرار للأعمال الفنية المذكورة، فقد حرص هؤلاء النشطاء على عدم المساس بهذه الأعمال أو إتلافها، إذ كان كل همهم هو لفت الانتباه إلى قضية التغير المناخي.

غير أن تاريخ الفن ملئ بمثل هذه الهجمات الاحتجاجية والتي تسبب بعضها في إتلاف أعمال فنية شهيرة. بين أبرز هذه الهجمات الاحتجاجية التي تسببت في خسائر جسيمة، كان الهجوم على عمل الفنان الإسباني دييغو فيلاسكيز المعروض في المتحف الوطني بلندن، ففي عام 1914 أقدمت سيدة على إحداث قطع طولي كبير في هذه اللوحة بواسطة آلة حادة، من أجل لفت الانتباه للأصوات المطالبة بمنح النساء حق الاقتراع. كما تعرضت لوحة الموناليزا لهجوم مماثل حين ألقت سيدة روسية كوباً من الخزف على اللوحة اعتراضاً على عدم منحها الجنسية الفرنسية.

الإعتداء على الموناليزا

وعلى ذكر لوحة الموناليزا، فقد كان لهذه اللوحة على وجه الخصوص حظ وافر من الهجمات على الأعمال الفنية. أولى هذه الهجمات المعروفة على لوحة الموناليزا كان في عام 1911، عندما أقدم رجل إيطالي كان يعمل سابقاً في متحف اللوفر على سرقة اللوحة وإخفائها لديه لمدة عامين كاملين. كان لاختفاء لوحة الموناليزا صدى واسع وقتها، إذ احتل خبر هذا الاختفاء الغامض عناوين الأخبار، مما أثار اهتمام الناس. وكان هذا الحادث من بين الأسباب التي أسهمت في شهرة لوحة دافنشي، فقبله كان يتم التعامل معها كأحد الأعمال الهامشية للفنان الإيطالي الشهير.

 

ظلت لوحة الموناليزا مختفية حتى حاول سارقها بيعها لتاجر أعمال فنية في فلورنسا، غير أن التاجر قام بالإبلاغ عنه. حين تمت محاكمة السارق قرر أنه استولى عليها من أجل إعادتها إلى وطنها إيطاليا. بعد هذا الحادث اتسعت شهرة الموناليزا كثيراً وتحولت إلى واحدة من أيقونات متحف اللوفر، إذ يتوافد عشرات الآلاف إليه كل عام من أجل رؤيتها. ولعل شهرة الموناليزا على هذا النحو كان سبباً في جعلها هدفاً للعديد من الهجمات الأخرى. ففي خمسينيات القرن الماضي حاول أحدهم تمزيقها بشفرة حلاقة، وقام آخر بإلقاء مادة حارقة عليها، كما أقدم رجل على استهدافها بحجر. أدت هذه الهجمات المتفرقة على لوحة الموناليزا إلى إحداث بعض من التلف البسيط بها، لذا قررت إدارة المتحف في منتصف التسعينيات من القرن الماضي حماية اللوحة بوضعها خلف حاجز زجاجي. لكن لم يمنع هذا الحاجز الزجاجي بضع هجمات متتالية على اللوحة وكان آخرها في مايو (أيار) الماضي، حين أقدم أحد زوار المتحف على تلطيخ الإطار الزجاجي الواقي للعمل باستخدام صلصة الطماطم. لم تقتصر الهجمات على لوحة الموناليزا داخل مقرها في متحف اللوفر فقط، ففي سبعينيات القرن الماضي وأثناء عرض اللوحة في طوكيو ضمن جولة دولية لها، أقدمت إحدى السيدات اليابانيات على مهاجمة اللوحة باستخدام الطلاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تتعدد أسباب الاعتداء على الأعمال الفنية، من الاحتجاج إلى لفت الانتباه إلى الخلل النفسي والرغبة في تدمير الأيقونات. المثير هنا هو أن هذه الهجمات والتشوهات التي تتعرض لها الأعمال الفنية تتحول بمرور الوقت إلى جزء من تاريخ العمل، وحتى إلى سبب لشهرته في بعض الأحيان. ولعل أبلغ مثال على هذا الأمر يتمثل في لوحة "الفتاة والبالون" لفنان الغرافيتي الشهير بانكسي. فقد تم تمزيق اللوحة عمداً بيد الفنان بعد بيعها مباشرة في إحدى صالات المزادات الشهيرة، بمبلغ مليون ونيف من الدولارات. بعد ثلاثة أعوام فقط من هذا الحادث المتعمد أو العرض المُعد مسبقاً، عادت اللوحة من جديد لتُعرض في صالة المزادات نفسها، كي تباع بسعر يتجاوز خمسة وعشرين مليون دولار. لقد أقدم الفنان هنا على تحطيم الأيقونة ورفع سعر العمل في الوقت نفسه.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة