Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الغنوشي يلوح بالتنحي عن رئاسة "النهضة"... فهل يناور مجددا؟

مهدد بالسجن في أي لحظة ولا يحق له الترشح مرة أخرى ويسعى إلى وقف نزيف الاستقالات داخل الحركة

أثار تلويح راشد الغنوشي رئيس "حركة النهضة"، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في تونس، بعزمه التنحي عن رئاسة الحركة في المؤتمر الـ11 المقرر تنظيمه في يونيو (حزيران) 2023 تساؤلات واسعة النطاق حول دلالات هذا الإعلان، خصوصاً أن المؤتمر المذكور أرجئ مرات عدة.

شهدت "حركة النهضة" منذ أشهر نزيفاً حاداً من الاستقالات من قبل قيادات بارزة، احتجاجاً على "طريقة إدارة شؤونها" بحسب المستقيلين، ومن غير الواضح إذا ما كان إعلان الغنوشي الذي جاء على لسان مستشاره رياض الشعيبي، الأربعاء التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني)، على صلة بتلك الاستقالات التي تأتي في وقت تواجه "النهضة" ضغوطاً خارجية، بحيث سيق عدد من قياداتها إلى التحقيق بتهم مختلفة.

ولم يتسن لـ"اندبندنت عربية" الحصول على تعليق على الفور من الغنوشي الذي مثل، الخميس، أمام القضاء التونسي بتهم غسل الأموال والسعي إلى تبديل هيئة الدولة والإساءة إلى رئيس الدولة والاعتداء على أمن الدولة الخارجي.

ويمنع الفصل الـ31 من النظام الداخلي للحركة الغنوشي من الترشح مجدداً لرئاستها وربما يكون ذلك الدافع وراء تأجيل مؤتمر الحزب مرات عدة في محاولة لتعديل الفصل المذكور.

الكلمة للمؤتمر

أعاد إعلان الغنوشي نيته التخلي عن رئاسة "النهضة" الجدل إلى الواجهة في شأن معضلة قيادة الحركة التي غادرت الحكم العام الماضي وباتت في معسكر المعارضة.

وقال الشعيبي في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية إنه "في يونيو المقبل لن يكون الغنوشي رئيساً لحركة النهضة، القانون يمنع ترشحه لولاية جديدة، بالتالي سيتخلى خلال المؤتمر عن الرئاسة ويكون ضمن قياديي الحركة فقط".

ومن جهته ذكر نائب رئيس المكتب السياسي للنهضة ومستشار الغنوشي بلقاسم حسن أن "لدينا مؤتمر على الأبواب للحركة وخلاله ستتم معالجة مسألة القيادة وانتخاب الرئيس وغيرهما من المعطيات".

وأضاف حسن في تصريح خاص إلى "اندبندنت عربية"، "الآن يتم التحضير للمؤتمر، وبالنسبة إلى القيادة الرئيس (في إشارة إلى الغنوشي) صرح بنفسه في أكثر من مرة أنه لن يترشح لرئاسة الحركة مجدداً، هذه لم تعد قضية، وهي مسألة تهم حركة النهضة وشأنها الداخلي فحسب".

وأوضح أن "من يقول إن هناك مشكلة قيادة في النهضة هو مستعجل انعقاد المؤتمر ولا يريد أن ينظر إلى الاعتبارات الموضوعية التي تحيط بالبلاد والتي أرغمتنا على تأجيل عقده، لكن في الواقع هناك مبالغة في التركيز على قضية تخلي الشيخ راشد وانتخاب رئيس جديد".

ويواجه الغنوشي منذ فترة انتقادات حادة حتى داخل حركته، إذ استقال في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، 113 قيادياً من بينهم نواب في البرلمان المنحل ووزراء سابقون حملوا رئيس الحركة مسؤولية ما "وصلت إليه النهضة من عزلة" وكذلك سوء إدارة الشأن العام.

واعتبر حسن أن "الشيخ راشد أعلن بنفسه أنه لا يعتزم بالمرة الاعتراض على فصول في النظام الداخلي والترشح مجدداً، وما نعتقده بأن هذه المسألة تبقى داخلية قبل كل شيء".

الاستقالات طبيعية

جاء إعلان عدم ترشح الغنوشي لرئاسة "النهضة" ليطرح تساؤلات حول ما إذا كان ذلك هدفه وضع حد لنزيف الاستقالات التي شهدتها الحركة، خصوصاً أنها شملت قيادات من الصف الأول ونواباً سابقين ومسؤولين.

وقال حسن إن "الاستقالات داخل أي حزب أمر طبيعي، هناك ناس لم يعودوا مرتاحين في وضعهم داخل الحزب استقالوا ولكل واحد منهم أسبابه، هناك من رأى أنه لم يعد هناك ما يضيفه داخل الحركة، ومن لم يقبل أن يكون ضمن أقلية وغيرها من الأسباب".

وتابع حسن وهو نائب في البرلمان المنحل أيضاً أن "الحركة لم تدفع أحداً إلى الاستقالة، هناك ديمقراطية داخل النهضة، وكل شخص يعبر عن رأيه، لكن إلى حد الآن قرارات الغالبية منسجمة مع الذين بقوا داخل الحزب ونحن نحترم من خرج والحركة ستواصل عملها بشكل طبيعي، ومن استقالوا لا يمثلون عدداً كبيراً مقارنة بقواعد الحركة ومناضليها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان عدد من المستقيلين من "النهضة" أسسوا في وقت سابق حزباً جديداً هو "العمل والإنجاز" الذي يتولى أمانته العامة وزير الصحة الأسبق والقيادي المستقيل من الحركة عبداللطيف المكي.

واتهم هؤلاء الغنوشي ومجموعة موالية له من القيادات بالانفراد بالقرار داخل "النهضة"، مشيرين في بيان أصدروه حينها إلى أنه "لم يبق شأناً داخلياً بل كان رجع صداه قرارات وخيارات خاطئة أدت إلى تحالفات سياسية لا منطق فيها ولا مصلحة متناقضة مع التعهدات المقدمة للناخبين".

وتتضاعف التساؤلات حول "حركة النهضة" في ظل التحقيقات التي يخضع لها عدد من قياداتها من بينهم الغنوشي ووزير العدل الأسبق نورالدين البحيري ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض وغيرهم.

وقال حسن إن "ما يحدث لم يؤثر فينا بل بالعكس فهو دليل على براءتنا من الاتهامات الموجهة إلينا وإلى الحركة، القضاء أثبت أن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة، تم اختطاف نورالدين البحيري وإخفاؤه ونفذ إضراب جوع لأكثر من 67 يوماً، لكن لا يوجد أي دليل على تورطنا في أي قضية".

وضع سيئ

في المقابل يعتقد مراقبون بأن الوضع داخل "حركة النهضة" سيئ، لا سيما في ظل الملاحقات القضائية لقياداتها والاستقالات التي عصفت بها في وقت سابق، علاوة على تحميلها مسؤولية فشل العشرية السابقة التي قادت فيها الحكم.

واعتبر الباحث السياسي والمؤرخ محمد ذويب أن "تصريحات الغنوشي بعدم الترشح أمر لم يعد يعني التونسيين كثيراً مثلما كان سابقاً وحركته تحكم البلد، إضافة إلى أن هذا الكلام مرتبط أساساً بالمسار القضائي الذي يبقى الغنوشي معنياً به".

وقال ذويب في تصريح خاص إلى "اندبندنت عربية" إن "الغنوشي مهدد في أي لحظة بالسجن لأنه متهم في قضايا عدة خطرة ووازنة ربما تؤدي إلى سجنه، بالتالي بقاؤه حراً طليقاً إلى شهر يونيو أمر غير مؤكد".

وعن الوضع داخل "النهضة"، يرى ذويب أنه "وضع سيئ بالتأكيد، فعدد كبير من قياداتها وقواعدها غادر الحركة وهي مهددة بالانقسام، خصوصاً مع نية قيادات وازنة تأسيس أحزاب سياسية أخرى كسمير ديلو وعبداللطيف المكي وعبدالحميد الجلاصي وغيرهم".

وأشار إلى أن "الوضع الإقليمي والدولي كذلك لم يعد يخدم الحركة التي تنتمي إلى تنظيم الإخوان المسلمين العالمي، بخاصة بعد سقوط هذا التنظيم في المغرب وتراجع علاقته بتركيا وتراجع نفوذه في ليبيا مما يعني انعدام الشروط الموضوعية لوجوده بصفة قوية".

نهاية الإسلام السياسي؟

تثير هذه المعطيات والتطورات السياسية التي تشهدها تونس منذ إطاحة رئيسها البرلمان الذي كان يرأسه الغنوشي وتهيمن عليه "حركة النهضة" علامات استفهام حول مستقبل الإسلام السياسي في البلاد.

وتزعم "حركة النهضة" أنه لم تعد لها صلة بالإسلام السياسي، لكن خصومها يدعون العكس ويقولون إنها لا تزال مرتبطة بأجندات إقليمية على علاقة بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

وقال ذويب إن "الإسلام السياسي سيكون في اعتقادي موجوداً في المستقبل بتونس، لكن دوره سيكون ثانوياً ومهمشاً مثلما هي الحال في المغرب مع حزب العدالة والتنمية والجزائر مع حركة مجتمع السلم وغيرهما".

ويأتي ذلك في وقت تمت إزاحة "النهضة" من الحكم بعد إعلان للرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو (تموز) 2021 أطاح من خلاله البرلمان والحكومة السابقة برئاسة هشام المشيشي في خطوة وصفتها الحركة بالانقلاب.

ومنذ ذلك الحين دخلت الحركة وسعيد، أستاذ القانون الدستوري المتقاعد، في مواجهة شاملة لا يزال الغموض يكتنف مصيرها، خصوصاً في ظل التراشق بالتهم بين الطرفين.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي