تم اختيار 36 حكماً و69 حكماً مساعداً و24 حكم فيديو لإدارة مباريات مونديال 2022، وتم اختيارهم بناء على سجلهم التحكيمي الجيد وأدائهم المقدم عبر بطولات "فيفا" وباقي المنافسات الدولية والمحلية.
وأطلق على مرحلة اختيار الحكام لهذا المونديال اسم "الطريق إلى قطر"، وكان بدأ سنة 2019 بأكثر من 50 مرشحاً ثلاثياً (ثلاثة حكام يترشحون سوية). وقال رئيس لجنة الحكام والحكم السابق بييرلويجي كولينا المعروف في فترة تحكيمه الذهبية وقراراته النافذة والنهائية في الملعب وصرامته تجاه اللاعبين من دون محاباة النجوم منهم، إن الحكام خضعوا لإعدادات وتدريبات مكثفة بعد تعليق النشاطات فترة طويلة خلال جائحة كورونا.
من هم الحكام؟
ومستوى أداء الحكام أمر شديد الأهمية بالنسبة إلى "فيفا" ومهم أيضاً للجمهور وللعبة كرة القدم عموماً، كمنافسة قائمة على الفوز بفريق واحد، وذلك لأن أي خطأ تحكيمي سيؤدي إلى تغيير النتائج النهائية، فهناك أخطاء غيرت مسار اللعبة كهدف مارادونا الشهير "يد الله" والذي أدخله بيده في المرمى وأدى إلى تغيير النتيجة بعد احتسابه هدفاً صحيحاً، وربما هذا ما منحه شهرته الكبيرة وليس قدرة مارادونا في التحايل على الحكم كما ردد اللاعب مرات عدة.
وعلى رغم إدخال تقنية التحكيم عبر الفيديو لا يزال القرار النهائي للحكم في ما يراه عبر الفيديو، ويبقى الحكم طوال الوقت أمام أعين للمشاهدين باعتبار أنه يظل يلاحق اللاعب الذي يملك الكرة بين قدميه.
ونظراً إلى أهمية الحكام في مباريات كرة القدم وقلة المعلومات حول سيرهم العملية ونشاطاتهم التي تنشرها مجلات الرياضة المتخصصة، فإنهم مثار حشرية دائمة من قبل المشاهدين ويكاد يكون السؤال العام يدور حول مصدر هؤلاء الحكام، ولماذا يظهرون كما لو أنهم في مؤسسة سرية، خصوصاً حين كانت ملابسهم باللون الأسود قبل أن يسمح "فيفا" في نهائيات كأس العالم 1994 بألوان مثل العنابي أو الأصفر أو الأبيض، واليوم تسمح "فيفا" للحكام بارتداء خمسة ألوان وهي الأسود والأحمر والأصفر والأخضر والأزرق.
والسؤال الثاني الذي يطرحه المشاهدون الذين حين ينظرون إلى حكم طاعن في السن أو حكَمة شابة نشيطة تقوم بإدارة مباريات الرجال الخشنين الذين قد يبقى أحدهم في العناية الطبية لأشهر بسبب ركلة خاطئة أصابت مكاناً حساساً، يصبح السؤال كيف يصبح هؤلاء حكاماً؟ هل يتلقون الدروس في المعاهد أم يتم تدريبهم؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هل تختار أن تكون حكماً؟
حين تقرر أن تصبح حكماً يجب أن تتلقى مجموعة من المحاضرات عند سن الـ 12 وصعوداً في أحد الأندية المحلية المسجلة، فبقرار من "فيفا" يقوم كل ناد محلي بإنشاء لجنة لتدريب واختيار الحكام، ويخضع هؤلاء إلى تدريبات نظرية وبدنية ورياضية على مدى سنوات حين يصعدون في التحكيم من مباريات الناشئين واليافعين والشباب، إلى أن تصل بهم تجاربهم الخاضعة لمراقبة المنظمات الرياضية الوطنية إلى المباريات العليا، ويحصل الحكام الجديرون على فرصة التحكيم في البطولات الأوروبية أو في المونديال.
كذلك اختيرت نساء للتحكيم في مونديال قطر، إذ أعلن كولينا مجموعة من الحكمات مثل ستيفاني فرابارت من فرنسا وساليما موكاسانغا من رواندا ويوشيمي ياماشيتا من اليابان، والحكمات المساعدات نويزا باك من البرازيل وكارين دياز ميدينا من المكسيك وكاثرين نيسبيت من الولايات المتحدة الأميركية، وهي المرة الأولى في التاريخ التي تُحكّم فيها سيدات بعض مباريات البطولة.
وقال كولينا عن الحكمات إنهن "يؤدين أدوارهن بمستوى عال جداً ويجب إشراكهن في البطولات المقبلة بشكل أوسع".
وينتظر الحكام لحظة إعلان نتائج اختيار المحكمين قبل كل مونديال بفارغ الصبر، كما ينتظر الأدباء جوائز نوبل للأدب مثلاً، خصوصاً بالنسبة إلى الحكام الذين مارسوا هذا العمل مدة طويلة من دون أن يحصلوا على شرف التحكيم في بطولات عالمية، وعلى رأسها المونديال الذي تتجه إليه أنظار مليارات البشر حول العالم، فعبر الحكم الهولندي الذي كان حكم فيديو في نهائي كأس العالم روسيا 2018 عن سعادته الكبيرة بالقول لموقع "فيفا" إنه بدأ "تحكيم المباريات حين كان عمري 12 عاماً، وكان هدفي بالفعل هو الوصول إلى القمة وكنت أحلم بكأس العالم وقد تم اختياري أخيراً". كذلك أعربت الحكمة المساعدة المكسيكسية كارين دياز عن امتنانها لاختيارها ومنحها هذه الفرصة التي منحت لخمس نسوة غيرها، متفائلة بمستقبل الحكام النساء في لعبة الرجال.
مهنة الحكم تؤمن حياة مرفهة
"لا شك أن التحكيم مهنة"، بحسب ما جاء على موقع "فيفا"، فعندما ينتقل من التحكيم في مباراة الهواة إلى مباريات الدوري الممتاز والمباريات الدولية يبدأ الحكم بتلقي راتب كبير لقاء خدماته، مما يجعل هذه المهنة جذابة لكثير من الرياضيين الذين يتمتعون بلياقة بدنية مهما بلغ سنهم، فعلى سبيل المثال يكسب الحكم في الدوري الهولندي حوالى 70 ألف يورو سنوياً، أي حوالى 5800 يورو شهرياً ليس راتباً سيئاً.
وفي الدوري الإسباني يحصل الحكم على راتب سنوي يبلغ نحو 200 ألف يورو سنوياً، أي حوالى 6 آلاف يورو لكل مباراة.
أما في مسابقات كرة القدم الأخرى في أوروبا فتكون أرباح الحكم أقل قليلاً، ففي إنجلترا يدفعون ما يقارب 1200 يورو لكل مباراة، إضافة إلى مكافآت سنوية ثابتة تبلغ 40 ألف يورو حتى لو لم يشارك الحكم في أي مباراة، وفي فرنسا يبلغ السعر 2800 يورو لكل مباراة و3600 يورو للمباراة في الدوري الألماني.
أما في الدوري الأوروبي أو دوري الأبطال فيحصل الحكم على 5 آلاف يورو للمباراة الواحدة، أما حكام بطولة أوروبا وكأس العالم فيصل أجرهم عن كل مباراة إلى 25 ألف يورو.
وكما يقول معلق موقع "فيفا" فإن "تحكيم مباراة كأس العالم مكافأة رائعة بالطبع، لكنها غالباً ما تكون دعوة لمرة واحدة فقط، لذا يحتاج من يجعل التحكيم مهنة له لمدخول ثابت من التحكيم في المسابقات الوطنية والإقليمية والقارية".
أما بخصوص سن الحكام الأقصى فكان "فيفا" حدده وطبقه بصرامة، وكذلك فعل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم مما أدى إلى خروج حكام كثر إلى التقاعد على رغم قدرتهم البدنية على التحكيم وعدم رغبتهم بالتقاعد، مثل الحكمين ديك جول وماريو فان دير إندي اللذين خرجا في وقت أبكر مما كانا يريدانه بسبب هذه القاعدة. وحتى عام 2000 يسمح للحكام ببلوغ 47 عاماً كحد أقصى، ثم في العام 2002 صدرت قرارات جديدة تقضي بألا يتخطى الحكم سن الـ 45 في كل من مباريات "فيفا" وUEFA.
وألغي في الوقت نفسه حد العمر للحكام في جميع مباريات كرة القدم مدفوعة الأجر التي لا تدخل في إطار المسابقات الرسمية والتي يكون للحكم حرية الموافقة على تحكيم المباراة التي تكون ودية أو تحصيرية أو تدريبية أو استعراضية، ولكن في ما يشبه القاعدة يترك الحكام عملهم قبل عيد ميلادهم الـ 45، فالحكم مثل اللاعب يصل إلى سن التقاعد جسدياً في لعبة احترافية تحتاج إلى لياقة عالية دائمة ومستمرة.