Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مساعي حلول الأزمة المناخية لن تنجح من دون قيادة أخلاقية

أدرك جدي بأن النضال في سبيل جنوب أفريقيا لا ينجح من دون القيم الدينية التي تربط المجتمعات

إنهاء الفصل العنصري تطلب تعاطفاً وحقيقةً وتسامحاً وهذا ما يتطلبه التغير المناخي (أ ف ب عبر غيتي)

أن نرى النساء، خصوصاً الشابات، في الصفوف الأمامية في حركات مناصرة البيئة هو من دون شك أمر ملهم. وبشكلٍ خاص لأن السبب قد يبدو وجيهاً. أخيراً، وضعتنا غريتا تونبيرغ أمام المساءلة. إذ أصرت على وجود نقص في "القيادة الأخلاقية والسياسية في قضية الأزمة المناخية". هل بوسع أي أحد أن يقول بأنها مخطئة؟

في قمة المناخ "كوب 27" Cop27، دارت أحاديث كثيرة حول التمويل المناخي. هذا أمر جيد وسليم، ولكن السبب الحقيقي لعدم إحرازنا أي تقدم والسبب الفعلي لوجودنا على شفير كارثة هو أننا لا نتحدث إلى الأشخاص بلغةٍ تلقى أصداءً، لغة تلهمنا لاتخاذ القرارات الصعبة. وكل ما عدا ذلك هو مجرد معلومات.

نحن لا نفتقر للعلوم، ولدينا الثروة بالطبع، على الأقل بشكلٍ جماعي. ولكن كيف ننطلق من ذلك إلى إقناع الأشخاص أنه يتوجب عليهم التضحية وبأنهم على ترابط بأشخاصٍ لم يسبق أن التقوا بهم من قبل، واستطراداً من منهم مستعد للانضمام إلى الصراع الذي يعتمد عليه مستقبلهم؟ بوسعنا النظر إلى النموذج الذي اعتمده جدي لمعرفة المزيد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عندما قاد نيلسون مانديلا بلدنا في النزاع ضد الفصل العنصري، لم يكن مدفوعاً بأخلاقه ورؤيته الأخلاقية وحسب. وقد مكنته تلك الرؤية من إرساء شراكات مع قادة يتماهون معه فكرياً وساعدوا يومياً على جمع جنوب الأفريقيين معاً. ومثال على ذلك: كان جدي رجل إيمان. تجلى ذلك أكثر بينه وبين نفسه ولكنه عبر عن ذلك فعلياً بشكل علني أيضاً.

أدرك جدي أن الصراع في جنوب أفريقيا لم يكن لينجح من دون القيم الدينية التي تربط بين المجتمعات – وهو سبب آخر لكون حضور الراحل ديسموند توتو حاسماً لإنهاء الفصل العنصري. وأدت الحركة التي قادها المؤتمر الوطني الأفريقي وحلفاؤه إلى تحول في كيفية رؤية عشرات ملايين الاشخاص أنفسهم.

تطلب التغيير السياسي شجاعة أخلاقية. لا شك أن الفصل العنصري حصل في جنوب أفريقيا ولكنه حدث أيضاً في بلدان أخرى. كان الصراع متفاوتاً وامتد على عدة عقود وحتى قرون، ولكننا أحرزنا تقدماً هائلاً. يتطلب وقف التغير المناخي تغييراً سياسياً أيضاً وهذا التغيير السياسي يتطلب بدوره شجاعة أخلاقية.

ولكن هذه المرة، يجري الصراع في كل مكان وفي آنٍ معاً.

من دون تغيير القلوب والعقول فردياً، ومن دون تزويدها بإطار عمل أخلاقي مقنع وهادف بوسعها المساعدة في تحريك العجلة والدفع بالتحرك الجماعي قدماً، فلن نحظَ بأي فرصة في أي مجال وسنشهد أمامنا على نهاية العالم المناخية. أستخدم هنا عمداً عبارة تحمل معنى دينياً [نهاية العالم].

أعتقد أن العمل الذي تقوم به غريتا تونبيرغ بغاية الأهمية. وأتمنى أن تستمر بنشاطها الشجاع والضروري. هي بطلة بالنسبة للكثيرين وتستحق هذا اللقب فعلاً. ولكن السؤال الذي يُطرح: هل تُترجم رسالتها في دول أخرى وثقافات أخرى؟ بهدف تحريك الأشخاص، علينا الانطلاق من الموقع الذي يوجدون فيه وليس من المكان الذي نعتقد أنهم فيه. أنا أتحدر من الجنوب العالمي وأرتبط به.

في الجنوب العالمي، ولكن ليس في الجنوب العالمي وحده، يشكل الدين أمراً بغاية الأهمية. فأكثر من 8 أشخاص من أصل 10 حول العالم يُحددون بتقليد ديني. ولكن كم هو عدد المرات التي يعمل فيها السياسيون مع القادة الدينيين لمواجهة التحديات الإنسانية المشتركة؟

افتتحت قمة مجموعة العشرين (G20) أعمالها هذا الشهر في بالي بإطلاق منتدى قمة الأديان لمجموعة العشرين (R20) الذي روجته "نهضة العلماء" Nahdlatul Ulama، أكبر مجموعة مسلمة في إندونيسيا إلى جانب رابطة العالم الإسلامي التي تُعتبر أكبر منظمة إسلامية غير حكومية في العالم. ومن خلال رأسمالهم الاخلاقي والديني، جمعوا أكثر من 300 زعيم روحي للمشاركة في قمة الأديان.

مثل هؤلاء الزعماء الدينيين أبرز العقائد الدينية في العالم واجتمعوا لمعالجة التحديات التي تربط كل المجتمعات الإنسانية. ودعا كل من الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الكريم العيسى ورئيس جمعية نهضة العلماء يحيى خليل ستاقوف القادة السياسيين إلى التعاون مع القادة الروحيين لمواجهة التحديات المشتركة.

ومع وجود العديد من القادة من الأديان المسيحية والإسلامية والهندوسية والبوذية واليهودية، لن يكون تصور الإمكانية أمراً صعباً. ولكن، هل سيقتنص قادة العالم المشاركون في مجموعة العشرين الفرصة لإشراك القادة الروحيين في المساعدة على إنقاذ الكوكب؟

بشكل مؤسف، أسهمت الانقسامات في العالم بين التكتلات المناطقية والدينية والجيوسياسية إلى إعاقة التحرك من أجل قضية المناخ. بالنسبة للأشخاص في الجنوب العالمي، يثير إخفاق أغنى دول العالم - التي تُعتبر مصدراً تاريخياً وحالياً للانبعاثات – في الإيفاء بوعودها للتمويل المناخي بمبلغ 100 مليار دولار (87 مليار جنيه استرليني) غضباً عارماً.

ويصعب تجاهل أصداء الاستعمار – أو ما يُطلق عليه أحياناً بشكلٍ غير عادل الاستعمار المناخي. ومع ذلك، لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بالانجرار نحو الغضب، حتى وإن كان ذلك الغضب مبرراً. الكثير من الأمور على المحك اليوم. فقد تطلب إنهاء الفصل العنصري تعاطفاً وحقيقةً وتسامحاً. وهذا ما يتطلبه التغير المناخي. ولا شك أن القادة الروحيين سيكونون عناصر ضرورية لمساعدتنا في بلوغ الهدف المنشود.

في أماكن عدة في الجنوب العالمي، قلة هم القادة غير الدينيين. وانطلاقاً من هذا، ستكون شبكاتهم ومصداقيتهم واتصالاتهم مع المؤسسات الكبرى وأطر العمل الأوسع أمراً محورياً وحاسماً. وهذا ما يجب على سكان الغرب فهمه في حال أرادوا عكس تأثيرات التغير المناخي. من شأن قمة الأديان ومجموعة العشرين أن تشكلان مساحة حيوية لحصول هذه التبادلات.

من دون الحافز الذي يقدمه هؤلاء، يكاد يكون من المستحيل تصور أي شيء آخر بوسعه إقناع عدد كافٍ من الاشخاص في العالم للقيام بما يتحتم القيام به. دعونا نبدأ العمل ما دام بوسعنا ذلك.

نديليكا مانديلا هي كاتبة وناشطة اجتماعية ورئيسة جمعية ثيمبكلي مانديلا Thembekile Mandela Foundation وهي الحفيدة الكبرى لنيلسون مانديلا.

© The Independent

المزيد من آراء