Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التعليقات الرياضية كيف تحول الجمهور إلى متنمر؟

عبارات وانتقادات هدفها التأثير في الرأي العام ومنصات التواصل سمحت لبعض اللاعبين بالتطور ودمرت حياة آخرين

النجم العالمي محمد صلاح لم يسلم من التعليقات الرياضية السلبية (أ ف ب)

يتلقى الرياضيون في جميع مستويات المنافسة تعليقات من الجماهير الغاضبة، وحتى مدربيهم وزملائهم. بعض هذه التعليقات إيجابية ومفيدة، لكن بعضها سلبي وجارح، يمكن أن تضر بثقة الرياضي وأدائه، وأن تؤثر في مستوى فريق بأكمله. والتاريخ حافل بالشواهد، وفيما يتجاهل البعض هذه التعليقات، يستخدمها آخرون كدافع إيجابي.

ولا يقتصر أمر إطلاق التعليقات السلبية على الجماهير، بل يتعداه في بعض الأحيان إلى اللاعبين الذين يطلقون عبارات أو حركات مسيئة لخصومهم أو للمدرجات.

منصات التواصل متهمة

وفي عصرنا الحالي حولت قوة وسائل التواصل الاجتماعي عشاق الرياضة إلى معلقين ومتنمرين في آنٍ معاً، وكما هو الحال مع أي شيء على الإنترنت، يسعى أغلب هؤلاء للبحث عن شيء ينتقدونه، بينما قلة منهم إيجابيون ويبحثون عن شيء يمدحونه.

ووفقاً لمراقبين، تشكل التعليقات بشقيها رأياً عاماً له تأثير في الملاعب، لكن منصات التواصل كان لها تأثير أكبر على صناعة الرياضة بطرق إيجابية وسلبية، إذ يقول الموقع الأميركي "believeperform" إن منصات السوشيال ميديا سمحت لبعض اللاعبين بالتطور والازدهار، ودمرت حياة آخرين.

وتتحدث قناة "Sky Sports News" عن 44 حالة من حالات إساءة استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية الموجهة إلى لاعبي كرة القدم المحترفين تم إبلاغ الشرطة بها خلال العام الماضي.

وبالنسبة إلى البعض لم تؤد هذه الإساءات إلى إلغاء تفعيل حساباتهم لمنع التعليقات الهادمة، بل أدت إلى عواقب أكبر بكثير على صحتهم النفسية، ومنهم ريبيكا مارينو، لاعبة التنس الكندية البالغة من العمر 22 عاماً، والتي صنفت في المركز 38 عالمياً، لكنها تقاعدت بسبب مهاجمتها من قبل "المشجعين" عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

واعترفت مارينو أنها عانت الاكتئاب لسنوات عدة قبل تقاعدها المفاجئ، بسبب مهاجمة متابعين لها على "تويتر" مما دفعها إلى "حافة الهاوية".

وفى الآونة الأخيرة، كان لاعب كرة القدم في الكاميرون جوزيف ماري مينالا مستهدفاً على "تويتر" و"فيسبوك" بسبب مظهره وعمره، وسرعان ما أغلق حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما أنه كان يعج بالشتائم والرسائل التي تتساءل عن هذا الموضوع.

من التنمر إلى الفكاهة

وتعاملت لاعبة التنس الشهيرة كيم كليسترس بإيجابية مع تعليقات أحد الحاضرين المزعجة في ملعب ويمبلدون، والذي لم يكف عن توجيه الانتقادات وبعض النصائح لها، ما اضطرها لدعوته إلى أرضية الملعب واللعب مكانها. الأمر أصبح فكاهياً أكثر حينما أجبرته على لبس التنورة الرياضية البيضاء الخاصة باللعب، وهكذا استغلت الموقف للترفيه عن اللاعبين والمتفرجين.

وفي إحدى المباريات التي جمعت "برشلونة" و"ريال مدريد" أخيراً، بادرت جماهير "برشلونة" إلى شتم والدة مدافع "ريال مدريد" سيرخيو راموس، ليتدخل مدافع "برشلونة" جيرارد بيكيه ويوجه إشارات نحو جماهير فريقه لثنيها عن إطلاق تلك العبارات المسيئة.

ولم يسلم النجم العالمي محمد صلاح من النقد والتعليقات السلبية التي طاولته إثر الإخفاق الأخير لناديه "ليفربول" في الدوري الإنجليزي الممتاز وغياب محمد صلاح عن التهديف.

شحن عاطفي

وتسهم التعليقات الرياضية بالشحن العاطفي عبر شعارات وصيحات جماهيرية وأزياء وحركات، وحتى أغانٍ وأهازيج لا يكاد يخلو حدث رياضي منها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشهدت نهائيات كأس العالم لكرة القدم في روسيا حالات عنصرية عندما تعرض البرازيلي فرناندينيو ذو البشرة السمراء للتهديد بالقتل والإهانات على خلفية الهدف الذي سجله بالخطأ في مرماه في ربع النهائي، كما تعرض السويدي جيمي دورماز للإهانة على وسائل التواصل الاجتماعي لتسببه في ضربة حرة تم فيها تسجيل هدف الفوز لألمانيا، وهدد بالقتل على أثرها.

الرياضة تجمع أم تفرق؟

ووفق متخصصين، هناك جانب اجتماعي للرياضة يقوم على التفاعل الإيجابي بين الأفراد والمجتمعات بصفتها أكبر نشاط إنساني على كوكب الأرض، يعكس نمط حياة الإنسان وصورته الأكثر تقدماً.

ويقول الباحث الرياضي الأردني محمد سعيد إن الرياضة العالمية تمثل انتماءات وقناعات الأفراد، وتشكل أيقونة للعادات والقيم في كل دولة، لتصبح لاحقاً نمطاً سلوكياً.

على سبيل المثال، تحول موضوع ارتداء الحجاب في الملاعب الرياضية والمنافسات الدولية إلى مادة دسمة للتعليقات التي تخلق رأياً عاماً حولها وتتحول من السلبية المفرطة إلى انتزاع الحقوق. فقد رحبت دول عدة، وعلى رأسها الدول المسلمة، بقرار الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي يقضي برفع الحظر الذي كان يفرضه على ارتداء اللاعبات المسلمات الحجاب، وذلك لأسباب تتعلق بالسلامة وقوانين اللعبة التي كانت لا تعترف بالحجاب.

وفي السياق ذاته، حظيت لعبة كمال الأجسام بأكبر جدل ديني واجتماعي في عالمنا العربي بسبب ما تتطلبه من كشف شبه كامل للجسد. وشهدت البطولات العالمية على كثير من القصص التي ترصد اختلافات في الرأي وتباينات حتى داخل الصف الواحد، كما حدث بالفعل أكثر من مرة للبعثة الكوبية المشاركة في مونديال ألعاب القوى، والتي شهدت انشقاقات في صفوف لاعبيها بسبب حظر الدولة الشيوعية رياضييها منذ فترة طويلة التحول إلى الاحتراف.

وعلى رغم التعصب والتفرقة التي تغذيها الرياضة والملاعب في كثير من الأحيان، يعتقد البعض أن ثمة قيماً تغرسها في المقابل كالمساهمة في دمج الأقليات والفئات التي تتعرض للتهميش والاضطهاد على أساس تعصب عرقي.

ومع بداية القرن الـ19 في أميركا استغلت مجموعة من أصحاب البشرة البيضاء الملاكم ذا البشرة السمراء مولينو Molyneux بشكل عبودي في حلبات المصارعة، إلا أن مولينو استغل الرياضة لكسر قيد العبودية والتفرقة وانطلق نحو الحرية عبر الرياضة التي كانت بمثابة تعويض اجتماعي.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات