Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إبطاء الانحدار الأميركي وإبطاء الصعود الصيني

العنوان الجديد في سياسة بكين هو أن تأخير الصراع مع واشنطن يجبرها على التعايش مع صين قوية

الرئيس الصيني شي جينبينغ يرحب بالمستشار الألماني أولاف شولتز في القاعة الكبرى ببكين (أ ف ب)

حرب أوكرانيا أعادت تسليط الأضواء على صراع القوى في الفضاء الأوروبي والأطلسي، لكن اللعبة الكبيرة لا تزال بين أميركا والصين في منطقة المحيطين الهادئ والهندي حيث الثروة والقوة، وهي لعبة محكومة بثلاثية مركبة، "تنافس وتعاون وخصومة".

تنافس اقتصادي وتجاري وجيوسياسي، وتعاون في البيئة والاحتباس الحراري وكورونا وكل الأمور التي تحتاج إلى جهود مشتركة لكل الدول على مستوى كوني، وخصومة مرشحة لأن تقود إلى صدام في نقطة حساسة للطرفين، تايوان.

الرئيس الصيني شي جينبينغ أعلن خلال المؤتمر الـ 20 للحزب الشيوعي أن "عجلات التاريخ تتجه نحو إعادة توحيد الصين مع تايوان سلمياً أو بالقوة"، وما كان ماوتسي يقول إنه يستطيع انتظاره 100 سنة يبدو شي عازماً على إنجازه خلال السنوات الخمس المقبلة، والرئيس الأميركي جو بايدن يقول من جهة إنه متمسك بسياسة "صين واحدة" ويعمل من جهة أخرى على توسيع الاتصالات مع تايوان وتسليحها، ويوحي أنه مستعد لصدام عسكري مع الصين إذا حاولت احتلال تايوان، والحجة هي أن إغلاق مضيق تايوان يوقف أكبر حركة تجارية في العالم، وأن توقف تايوان عن إنتاج "أشباه الموصلات" سيحدث أزمة اقتصادية وتكنولوجية في كل العالم.

حتى اليوم كان شي حريصاً على التلويح بحرب لإعادة جزيرة تايوان إلى البر الصيني والاكتفاء بمناورات بحرية وجوية حولها، وبايدن ومن قبله ترمب وأوباما سمعوا البروفسور جوزف تاي يحذر من "فخ ثيوسيديس"، خوف قوة مكرسة من قوة صاعدة بما يدفع إلى حرب عليها كما فعلت أثينا مع إسبرطة، لكن التحذير لم يبدل شيئاً في السياسات لأن الصين، بحسب استراتيجية الأمن القومي لإدارة بايدن، هي "المنافس الاستراتيجي لأميركا والوحيد الذي لديه النية والقدرة اقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً"، فالكبار الذين على القمة يحاولون دائماً منع الزحام فوقها، والواصلون الجدد إلى القمة يقاتلون لتركيز مواقعهم، "ولا أحد يحب القوي في المجموعة" كما يقول بايدن، وليس من السهل إدارة علاقات مركبة على القمة حيث الصراع بالنقاط ولا مجال لضربة قاضية، ذلك أن مفتاح اللعبة في إدارة العلاقات ليس سرياً، وهو الإبطاء، والمعادلات تدور حوله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يروي مستشار الأمن القومي أيام الرئيس كارتر البروفسور بريجنسكي أن مسؤولاً صينياً قال له قبل سنوات "نعرف أن أميركا في انحدار لكننا نرجوكم إبطاءه لمنع السرعة فيه"، والعنوان البارز في السياسة الأميركية هو إبطاء الصعود الصيني، والعنوان الجديد في السياسة الصينية هو أن تأخير الصراع مع أميركا يجبرها على التعايش مع صين قوية، لكن بين الخبراء من يتحدث عن نوع من التوصل إلى "إطار مشترك" مع الإبطاء.

الأستاذة المشاركة في جامعة كورنيل والمتخصصة في السياسة الصينية والعلاقات الخارجية جيسيكا تشن ويس دعت إلى تجنب الوقوع في ما سمته "الفخ الصيني". كيف؟

عبر ابتعاد الطرفين من "نظرة عدمية إلى أزمة لا يمكن تفاديها، وربما ضرورية"، وإذا توصل الاتحاد السوفياتي وأميركا في الحرب الباردة إلى "الانفراج الدولي" فلا سبب "يمنع واشنطن وبكين من فعل ذلك".

الأستاذة الجامعية ومؤلفة كتاب "القوة الناعمة الصينية" ماريا ريبينكوفا ترى أن التنافس بين أميركا والصين على "القوة الناعمة" باعتبارها "لعبة صفرية" يمكن تحويلها إلى لعبة "ربح - ربح" كما يرى العالم الذي يحتاج إليهما معاً، أما رئيس وزراء أستراليا سابقاً كيفين رود فإنه يقترح إطاراً لنوع من "تنافس استراتيجي مدار"، أي تقسيم التنافس بما يضع قيوداً على التنافس الجيوسياسي ويترك التنافس الدبلوماسي والاقتصادي والأيديولوجي مفتوحاً.

وحتى الآن فإن الصراع لا يزال في إطار مضبوط، غير أن الحكمة لدى القادة ليست دائماً في الخدمة، والدول مثل الأشخاص في إدارة الأمور بالحسد والجشع.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل