قوبل قرار إدارة السير والمرور في الأردن الاستعانة بالطائرات المسيرة "الدرونز"، بكثير من الاعتراض والجدل على منصات التواصل الاجتماعي، بين من يعتقد أن القرار يمثل وسيلة أخرى للجباية ومن يرى أن صيانة الشوارع والبنى التحتية المتهالكة أكثر أولوية وأهمية.
يأتي استخدام هذه التقنية الجديدة نسبياً في بلد يعد أحد أكثر الدول العربية تسجيلاً لحوادث المرور المميتة والمروعة، حيث قدر عدد الوفيات بنحو 600 وفاة العام الماضي، ونحو 2000 إصابة ناتجة من أكثر من 160 ألف حادث.
الثقافة المرورية للأردنيين
وسط هذا الجدل، تبدو الثقافة المرورية لدى الأردنيين أكبر الغائبين، إذ يعتقد مراقبون أن الأزمات المرورية في البلاد هي أزمة أخلاق وانضباط مروري، تجلت بشكل واضح أخيراً عبر سلوكيات متهورة وخطرة على الطرقات، رصدتها منصات التواصل الاجتماعي.
تشير "جمعية السلامة المرورية" إلى وجود خلل كبير في المنظومة المرورية، وتتحدث عن ظاهرة استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة بإدمان، كأحد أبرز أسباب الحوادث المرورية، فضلاً عن تجاوزات أخرى كاتخاذ المسارب الخاطئة، والسرعة الجنونية.
لكن الثقافة الأكثر انتشاراً هي عدم المبالاة أو الاكتراث بوجود شرطة السير، الأمر الذي دفع السلطات لاعتماد مبدأ النقاط الذي يجمع عدد المخالفات، وينتهي بعقوبات من بينها منع القيادة والحبس لمدة طويلة.
رقابة ذكية
ومع وجود نحو مليوني مركبة في الأردن، باتت الأساليب التقليدية غير قادرة على ضبط الازدحام والفوضى التي تعاني منها شوارع العاصمة عمّان يومياً، وبدت آليات الرقابة المرورية الذكية أكثر قدرة ومرونة.
تبرر إدارة السير المركزية قرارها بمواكبة وسائل الرقابة المرورية التكنولوجية المتطورة وتقول إن استخدام "الدرونز" سيكون لضبط المخالفات الجسيمة وجزء مهم في تنفيذ الخطة الاستراتيجية المرورية في عموم المملكة، كما سيسهم بتزويد غرفة العمليات بالمواقع التي تشهد كثافة مرورية في أوقات الذروة، وكذلك أماكن المخالفات الثابتة والمتحركة.
يتحدث مدير إدارة السير المركزية العميد فراس الدويري، عن توفير بيئة مرورية آمنة تسهم في الحفاظ على الأرواح والممتلكات وضمان انسيابية حركة السير، رافضاً الاتهامات بالجباية، ويضيف "توفر هذه الطائرات سرعة استجابة لدى مندوب الحوادث وسيارات الإسعاف، وتحقق أثراً إيجابياً على حركة المرور".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوقفت مديرية الأمن العام الأردنية في 2019 استخدام الطائرة العمودية لمراقبة حركة السير، وجرى الاستعاضة عنها بكاميرات مراقبة عبر طائرات مسيرة، يتم التحكم بها عن بعد وتحمل كاميرات حديثة ذات تقريب "زوم" للصورة بشكل عالٍ ودرجة وضوح كبيرة، وتمتاز بإمكانية إرسال بث الفيديو إلى غرف التحكم الرئيسة في إدارة العمليات والسيطرة.
تقول إدارة السير المركزية "ثمة نوعان من تلك الطائرات المستخدمة: نهاري وليلي؛ لتغطية الأحداث على مدار الساعة، حيث يتم التحكم بها من جميع الاتجاهات من أرض الموقع وتغطي هذه الطائرات دائرة قطرها خمسة كم من أجل المراقبة الجوية، بحيث تسهل الكشف على المواقع البعيدة التي يصعب الوصول إليها".
توسع استخدام الطائرات المسيرة
يشار إلى أن السلطات الأردنية تحظر استخدام أو استيراد الطائرات المسيرة للأفراد وتقتصرها على الشركات أو المؤسسات بترخيص لمدة سنتين فقط، كما تشترط تقديم برنامج أمني وفقاً للبرنامج الوطني لأمن الطيران المدني ولأغراض وغايات محددة وهي الأعمال والعروض الجوية، والمسح الجوي والبحث العلمي، والتصوير الجوي والدعاية والإعلام، ورش المبيدات الزراعية ومكافحة الحرائق، والأرصاد الجوية وحماية البيئة، والأعمال التجارية.
ويبدو أن ثمة توسع في استخدام هذه الطائرات بعيداً من رصد مخالفات المرور، ففي الشهر الماضي أطلقت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات أول تجربة لاستخدام الطائرات المسيرة بهدف تقديم خدمات نقل الطرود البريدية، بينما تستعد مطاعم أردنية لاستخدامها في توصيل الطلبات لزبائنها.
وهنا يتحدث الخبير التقني أكرم الخالدي عن التطور المذهل الذي مرت به تقنية صناعة الطائرات من دون طيار، مشيراً إلى أن سوق هذه الطائرات تنمو بشكل مطرد حول العالم، ويتوقع بلوغها سقف 43 مليار دولار أميركي بحلول عام 2024، مطالباً السلطات الأردنية بفتح الباب أمام الأفراد لاقتناء هذه الطائرات.
وكان الأردن مهتماً على الدوام وبشكل متزايد بتطوير تكنولوجيا الطائرات من دون طيار الخاصة به، بل إنه استورد طائرات من دون طيار من الصين، واستخدم الجيش الأردني هذا النوع من الطائرات لإحباط محاولات تهريب المخدرات من سوريا، واستضاف قاعدة طائرات من دون طيار أميركية في قاعدته البحرية في العقبة.
وعلى رغم ازدياد شعبية هذا النوع من الطائرات في جميع أنحاء العالم، لا يزال هناك عديد من البلدان حيث ينظيم استخدامها أو حتى حظرها، الأردن هو أحد هذه الدول، حيث يعد الاستخدام غير المصرح به لهذه الطائرات جريمة جنائية يمكن أن تودي بصاحبها إلى السجن لمدة تصل إلى عامين أو غرامة تصل إلى 14 ألف دولار.