Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما زلنا لا نعرف كيف نتناول أخبار الحميات الغذائية المتطرفة للمشاهير

مع انتشار محتوى مدونات الفيديو والمؤثرين الذين يمحصون ويفحصون تفاصيل الحميات الغذائية القاسية التي يتبعها الأثرياء والمشاهير، تتساءل إليويز هندي إن كنا فعلاً قد تطورنا كما يروق لنا أن نعتقد في ما يتعلق بنظرتنا إلى الجسد

قوبل قرار كيم كارداشيان بالامتناع عن تناول الطعام للتمكن من ارتداء ثوب مارلين مونرو في حفل ميت غالا في مايو بالانتقادات (غيتي/آي ستوك)

كانت مارلين مونرو تشرب خليط البيض النيء والحليب قبل أن تستحم في الصباح. واكتفت بيونسي بشرب المياه وعصير الليمون وشراب القيقب والفلفل الحار لمدة أسبوعين متواصلين قبل أن تبدأ بتصوير فيلم دريم غيرلز. أما فيكتوريا بيكهام فتناولت الوجبة نفسها يومياً لمدة 25 عاماً. بينما لا تأكل ماريا كاري سوى السلمون النرويجي ومخلل نبات القبار. هناك أمر واحد مؤكد في عالم الاستعراض هو عالم الحميات الغذائية الغريبة. هل تكون كل هذه العادات الغذائية الغريبة للمشاهير حقيقية 100 في المئة؟ كلا، بالطبع. لكن… ليست هذه النقطة الأهم. بل النقطة الأهم هي العناوين، وأنني قادرة على تعداد كل هذه "الوقائع" المزعومة من دون تفكير حتى وبكل يسر، كما لو كنت أنظف القمل من شعر أطفال بعمر السادسة.

يعشق الإعلام الحميات الغذائية التي تتبعها الشخصيات البارزة، وكلما كانت أقسى وأغرب وأكثر تطرفاً، كان ذلك أفضل. ففي الحقيقة، كما يظهر جلياً عبر الانتشار الواسع "للعادات الغذائية الغريبة" لمارلين مونرو، يعود هوس الإعلام بحميات المشاهير الغذائية إلى بداية هوسه بالمشاهير أنفسهم. وأكثر حقبة استمتعت بأدق تفاصيل أنماط التغذية المضطربة المزعومة للمشاهير كانت "الحقبة الذهبية" للصحافة الصفراء في القرن السابق وهذا القرن، التي تمثلت بالصور الفاضحة التي يتصيدها الباباراتزي، والترويج للإشاعات الكاذبة، والاتهامات بالعار العشوائية. وكانت هذه أيضاً حقبة الفتيات المشهورات اللاتي يظهرن بمظهر "مدمنات الهيرويين"، وهو شكل اعتبر ضرباً من الأناقة حينها، وهن يرتدين ثياب مصممي المشاهير ويتضورن جوعاً بطلب من أخصائيي تغذية المشاهير. 

منذ فترة قريبة، برز قطاع حقيقي من قطاعات العمل من المنزل على "يوتيوب"، يقوم على أصحاب المدونات المصورة والمؤثرين الذين "يجربون" حميات غذائية تعود إلى تسعينيات القرن الماضي وأول عقد في الألفية الثالثة. صورت اليوتيوبر جسيكا فيانا سلسلة كاملة من هذه الفيديوهات: يزعم أحدها "جربت حمية أليسيا سيلفرستون"، فيما يقول آخر "جربت حمية [مسلسل الأصدقاء] فريندز". وتقول فيانا في مقدمة فيديو حمية فريندز الذي مدته 20 دقيقة "كلما شاهدت المسلسل، كنت أفكر بأن مظهر هؤلاء الفتيات رائع". وتقول فيانا التي كانت في عمر المراهقة حين تابعت المسلسل للمرة الأولى، إنها فكرت "هن نحيلات بطبيعتهن، والجميع كان نحيلاً في التسعينيات". عندما كبرت في السن، أدركت بأن هذا ليس صحيحاً على الأرجح، والفيديو الذي صورته يدحض هذه الفكرة نوعاً ما. فجنيفر آنستون وكورتني كوكس وليزا كودرو لم يكن "مظهرهن رائعاً ببساطة"، بل جهدن كثيراً لكي يبدون بهذا الشكل! وكان الجهد الذي بذلنه قاسياً ومفرطاً! كن يعاقبن أنفسهن لسنوات طويلة!

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتبنى معظم الفيديوهات التي تتبع نمط "جربت [الحمية] الفلانية" النبرة المتعجبة والفاضحة نفسها، التي يظهر فيها خليط غريب من الافتتان والإحساس بالفظاعة، وهي تطبق الحمية الغذائية والتمارين الرياضية للنجوم أمام عدسات الكاميرا، وتعرض "اكتشافاتها" مع كثير من الصدمة والذهول الزائد. "أسلوب عائلة كارداشيان لخسارة الوزن، الطرق الهوليوودية الخطرة للحصول على جسد نحيل"، "حميات غذائية قديمة وصادمة من هوليوود لن تصدقها (500 سعرة حرارية فقط في اليوم؟!)"، "طبقت الحميات الغذائية والتمارين الرياضية المجنونة من ستينيات وسبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي". في بداية هذا الفيديو الأخير، تلخص كيلتي أوكونور (التي لا يخفى على أحد من المشاهدين بأنها شقراء ونحيلة مثل ميشا بارتون أو باريس هيلتون في أوجهما في العقد الأول من القرن الحالي)، هذا النوع من الحميات بقولها "نعم، سوف تخسرون الوزن لكنكم ستشعرون بالبؤس وتكرهون حياتكم". أو، كما تقول فيانا في الفيديو الذي صورته عن حمية فريندز الغذائية "هل كان من المعقول أن تكون أصعب من هذا؟". أي بعبارات أخرى، لا تجربوا هذه الحميات بأنفسكم. ما لم تكونوا تصورون كل دقيقة منها. 

ولدت في جيل الألفية، وطبعت سنوات مراهقتي بدلة البدانة التي ارتدتها مونيكا وعبارة "أنت ما تأكل"، والثياب التي تكشف البطن، ويا للمفاجأة فترة معاناة من اضطراب فقدان الشهية العصابي، ولذلك، ينجذب جزء كبير من روحي التي يقارب عمرها 30 سنة نحو هذه الفيديوهات بتقدير وإعجاب وفرح حتى. فيما كان دماغي ما يزال يتكون، طبعت طياته عبارتان، هما تصريح كايت موس المزعوم بأن "لا شيء طعمه يضاهي الشعور بالنحافة"، وقول كاري برادشو في مسلسل "الجنس والمدينة"، "أحياناً، أشتري مجلة فوغ بدل وجبة العشاء. شعرت بأنها تغذيني أكثر". لذلك لا بد أن تكون هذه الفيديوهات التي تفند الوقائع أفضل من هذه الأفكار أليس كذلك؟ ولا بد من أنه علينا الترحيب بفكرة أن هؤلاء المؤثرين يشرحون هذه الحميات الغذائية ويظهرون أنها مجنونة وسيئة وخطرة على مراهقي هذه الأيام؟         

تقول لي جسيكا فيانا إن هذا الشعور بالقلق على مراهقي عقد العشرينيات الحالي تحديداً هو الذي ألهمها "لتصوير الفيديو حول الحميات الغذائية من تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من هذا القرن". وتضيف بأن الاندفاع الأولي الذي شعرت به كان "[لأنها] لاحظت بأن كل عام، هناك جيل جديد من الشباب والشابات الذين ينجذبون إلى مسلسلات تلك الحقبة". وأشارت فيانا إلى إدراكها بأنه في معظم تلك المسلسلات "حدد الجسد المثالي المطلوب من الممثلات بشكل خاص، مستوى معيناً اعتبره المشاهدون اليافعون عندها طبيعياً أو تلقائياً، وقلقت من أن يستمر هذا الاعتقاد بالانتشار في أوساط جيلنا الحالي".  

وتتابع بقولها إن ثقافة الحميات الغذائية تنشر فكرة "وجود حبة سحرية معينة، وأنك لو أكلت ما يأكله شخص آخر، سوف يصبح شكلك مثله". وقامت برد فعل على هذه الأفكار، وأرادت أن تكون الفيديوهات التي تصورها أشبه بحصان طروادة. وتشرح فيانا ذلك بقولها "صممت فيديو فريندز على نسق ’فيديوهات الحميات الغذائية‘ لكي يصل إلى الأشخاص الذين يتأثرون بهذا الموضوع، ثم ضمنته الجزء التثقيفي حول علم التغذية لتعليمهم خطر الحميات القاسية جداً وتبعاتها".

روث تونغ أخصائية تغذية، تشغل منصب أخصائية صحة ورفاه الموظفين والمديرة في شركة إيليفايت Elevate، الرائدة في مجال تسهيل رفاه الموظفين في مكان العمل، التي تضم فريقاً من خبراء الصحة العالميين، تقول إن الفيديوهات الشبيهة بتلك التي تصورها فيانا قد تكون مصدراً قيماً للمعلومات بالنسبة إلى الشباب. وتضيف تونغ "بطريقة من الطرق، أعتقد بأنه من المريح بعض الشيء أن نعلم بأننا أصبحنا ’نسخر‘ من حميات سخيفة راجت جداً في السابق، ونأمل أن القراءة عن الأخطار والأضرار (النفسية والجسدية) التي يمكن أن تخلفها هذه الحميات سوف تساعد في ثني أي شخص عن تجربتها". إنما لديها بعض التحفظات. وتلفت تونغ إلى "القلق بأنه بالنسبة إلى أي شخص يرغب بشدة في خسارة الوزن، فتسليط الضوء على هذه الحميات مجدداً يوفر لها منصة تظهر عليها". إذا شغل أي شخص فيديو مثل الذي صورته كيلتي أوكونور، هل سيتجاهل جزء كبير من ذلك الجمهور التحذير القائل إنكم "ستشعرون بالبؤس وتكرهون حياتكم؟" أم أن جل ما سيسمعونه هو "نعم، هذا سيجعلكم تخسرون الوزن؟".

توافق ليندزي ماكغلون، منتجة استعراضات الكاباريه ورقص البورلسك التي تقلدت جوائز لعملها كناشطة، روث تونغ الرأي. وتقول إنه على رغم النوايا الحسنة والمعلومات بشأن الأضرار التي يسببها تقييد الأطعمة، قد يخلف عدد كبير من هذه الفيديوهات المنتشرة بشدة آثاراً عكسية. وتضيف "من حسن الحظ بأن أغلبية الفيديوهات التي تتناول هذا الموضوع تفند الاعتقاد القائل إن هذه ’الحميات الغذائية‘ نافعة. إنما مع الأسف، لا تطرح [الفيديوهات] فكرة أن النحول لا يجب أن يكون الهدف النهائي".

ربما يكون من اللطيف والمطمئن أن نفكر بأن الثقافة الشعبية تخطت الأيام السيئة في العقد الأول من الألفية الثالثة، التي سادت فيها "قصص النجاح بالوصول إلى قياس الصفر" وارتداء بدلات البدانة لإضحاك جمهور التلفزيون، أو حتى فترة "الحميات الغذائية والتمارين الرياضية المجنونة من ستينيات وسبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي". لكن قد يكون هذا التفكير ضرباً من الخيال ليس إلا. وتصر تونغ على أنه "في عام 2022، ما يزال التركيز موجوداً، إن لم نقل أكبر من أي وقت مضى، على تصور الجمال المثالي العصي على التحقيق. لا تسيئوا فهمي، أعتقد بأن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً رائعاً في تحفيز الحركة التي تدعو للنظر إلى الجسم بإيجابية وحركة ’الصحة عند كل المقاسات‘. لكن للأسف، ما يزال عديد من الأكاذيب والرسائل التي تقول إن النحول هو الجمال، وإن النحول هو الصحة، تطالعنا بكثافة كل يوم". 

ومن جهتها أيضاً، تقول آن لارشي، مدربة خسارة الوزن والحياة الصحية، إن الناس محاطون بالأكاذيب والمعلومات المضللة، والسبب الأكبر هو وسائل التواصل الاجتماعي. وتوضح لارشي "على رغم وجود معلومات وفيرة حول تناول الطعام الصحي والتغذية، أرى كل يوم كمية كبيرة، ما تزال موجودة، من الارتباك والجهل. ومع وجود الحميات الغذائية من نوع حمية الـ800 سعرة حرارية، والتطبيقات الشبيهة بتطبيق ماي فيتنس بال Myfitnesspal الذي يبين لك عادة استهلاك السعرات الحرارية يومياً، ويحدده عند 1200 سعرة أو ما شابه، والحميات الغذائية التي تقيد الاستهلاك مثل كيتو وغيرها، لا أعتقد بأننا تقدمنا أبداً للأسف".

من الواضح بأن صورة الجسد والوزن وتفكير "الحبة السحرية" ما يزال ثابتاً في المشهد الإعلامي اليوم. منذ عدة أشهر، انتقدت كيم كارداشيان لأنها تحدثت عن مدى الوزن الذي اضطرت أن تخسره كي تستطيع أن ترتدي أحد أثواب مارلين مونرو في حفل ميت غالا Met Gala. وهذا الأسبوع، عدل فيديو موسيقي للمغنية تايلور سويفت، بحيث أزيل منه مشهد تظهر فيه كلمة "سمينة" على الميزان المنزلي. من الخارج، قد يبدو بأن هذه الأمثلة تظهر تحسناً في الوضع، وتثبت بأن الرأي العام ما عاد يقبل الكلام عن الحميات الغذائية و"السمنة" الذي هيمن على المشهد منذ 20 عاماً خلت تقريباً. لكنني أشعر مع ذلك بوجود سيف ذي حدين.

فعلى رغم الانتقادات الظاهرية لكارداشيان بسبب خوضها الصريح في تفاصيل حميتها السريعة، نشر كثير من المقالات التي تناولت تصريحاتها تفاصيل هذه الحمية وكم من الوزن خسرت. وفي المقابل، اتهمت سويفت برهاب السمنة fatphobia مع أنها تحدثت في أوائل عام 2020 عن معاناتها في السابق مع أحد اضطرابات الأكل وعن قيامها بـ"تجويع" نفسها أحياناً. فعلياً، أدينت السيدتان بـ"النظرة السلبية للجسد" الأولى لأنها كشفت التدابير الصارمة التي لجأت إليها لتحقيق "صورة مثالية عن الجسد تعصى على التحقيق"، والثانية لأنها كشفت عن الأفكار السلبية الملحة التي كانت تراودها بشأن الفشل في الارتقاء إلى مستوى هذا المثال. بدل أن نقول إننا نعيش في عصر النظرة الإيجابية إلى الجسد، ألا يبرهن لنا هذان المثلان معاً عن استمرار وجود ثقافة الحميات الغذائية، ورغبة الإعلام في إخفاء واقع التفكير المضطرب والمشوه؟ أو أسوأ بعد، رغبته في تصويره على أنه قصور أخلاقي؟ في الحقيقة، كانت نبرة الصدمة والتأنيب في عديد من المقالات التي تناولت كارداشيان أشبه بالنسبة إلي بالنبرة في فيديوهات تفنيد الحقائق بشأن الحميات. بدا كأنها تقول "لا تقدموا على هذا التصرف تحت أي ظرف من الظروف". لكنها قدمت في الوقت ذاته تحت عنوان جريء وملفت دليلاً مفصلاً حول خوضك نظام حمية غذائية "مجنون" بنفسك. 

خلال العام الماضي، أثيرت جلبة كبيرة حول العودة الظاهرية المقلقة لمقاييس الجمال "النحيل" التي سادت في العقد الأول من القرن الحالي. بنطلون الجينز بخصر منخفض، والتنورة القصيرة جداً. ثم بطن بيلا حديد على كل وسائل التواصل الاجتماعي. والتكهنات بشأن قيام عائلة كارداشيان بإذابة حشوات تكبير الأعضاء والانتقال من محاولة التشبه بالعرق الأسود إلى مظهر الفتيات البيضاوات النحيلات الثريات. ثم التهليل للمغنية أديل والممثلة ريبل ويلسون بعد خسارتهما الوزن. بعدها، يا للعجب! سلسلة فيديوهات "تفند" الحميات الغذائية والتدريبات الرياضية التي تتبعها كندال جينر وبيلا حديد وأديل وريبل ويلسون.

والمشكلة هي أنه على رغم أننا نعتبرها "خطرة" أو "مجنونة"، ليس لدينا ثقافة غير مفتونة بالحميات الغذائية المتطرفة، أو لا يقودها قطاع عناية بالصحة والذات ما يزال في جوهره يوحي بفكرة الجمال المثالي المؤمنة بقول "أنت ما تأكل". وإلى أن تصبح لدينا هذه الثقافة، قد تكون الأصوات القائلة إن النتائج تستحق الألم هي الأعلى.

© The Independent

المزيد من منوعات