Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تلجأ لبنانيات إلى تغيير أسمائهن؟

"عفيفة" أصبحت "فيفي" و"إحسان" تحولت إلى "منى"

حتى وقت قريب كان اختيار اسم المولود لا يحظى باهتمام كبير، وبخاصة قبل عصر الـ"سوشيال ميديا" (موقع شاترستوك)

لربما توقفت مرة عند سماع كلمات أغنية السيدة فيروز "أسامينا"، "أسامينا، شو تعبوا أهالينا تلاقوها، وشو افتكروا فينا..." (كلمات الشاعر اللبناني جوزيف حرب)، وفكرت بأهمية أن تحمل هذا الاسم أو ذاك. من أين تأتي أهمية الأسماء؟ هل من خلال ما تعطيه لحاملها من مزايا، أو لأن الاسم يصبح هوية الشخص، ولا يعرف إلا من خلاله، أو لأن الاسم هو بمثابة "العلامة التجارية" للشخص؟ من هنا راج في الأعوام الأخيرة ما يعرف بـ"الصورة الشخصية" (Personal Image). وفي هذا العصر الرقمي الصورة الشخصية هي علامة كل شخص التجارية. يمتلك الجميع علامة تجارية شخصية، إذا كان لديك حساب على الإنترنت مثل "فيسبوك" أو "إنستغرام" أو "تويتر" أو "لينكد إن"، فأنت تمتلك بالفعل علامة تجارية شخصية. العلامة التجارية الشخصية هي الطريقة التي ينظر بها الناس إليك، وهي سمعتك على الإنترنت، من هنا يأتي اسمك كوسيلة لترويج شخصيتك أمام العالم أجمع، ولم يعد الاسم فقط للتعريف عنك في المدرسة أو عملك وغيرها من الأماكن، بل أصبح وجهتك إلى العالم.
من هنا يتردد كثيراً هذا التعبير "اسمك يسبقك"، ومن هنا يعمل الجميع على "تلميع" هذا الاسم والحرص على ألا تشوبه شائبة، لأنه لا شك أن الناس سيحكمون على الشخص من خلال اسمه على الإنترنت. وأصبح من المتعارف عليه عند التقدم لأي وظيفة هو أن "يغوغل" الاسم، أي أن يبحث عنه على منصة "غوغل" (Google)، وسيحكم على المرشح لأي وظيفة تبعاً لما يأتي الجواب عبر "غوغل"، لهذا يعمل كثيرون على تحسين أسمائهم، أو على تغييرها، وبخاصة عندما يدل هذا الاسم على دين أو إثنية أو طائفة معينة، أو ببساطة لأنه لا يتماشى مع الجيل الجديد. وبحسب المتخصصين فإن اسم الطفل دعم لهويته، فكما تسهم النماذج المحيطة به في بناء شخصيته، كذلك يسهم اسمه في هذا البناء والتنشئة، فأن ينادى باسم هو أمر حيوي وصريح يعبر عن وجوده، فالاسم هو العبارة التي سيسمعها الطفل أكثر من غيرها خلال سنواته الأولى، ولا سيما في المدرسة. والاسم هو الذي سيسمح في وقت لاحق للطفل بأن يقول "أنا".

الاسم اختيار العائلة

حتى وقت قريب كان اختيار اسم المولود لا يحظى باهتمام كبير، وبخاصة قبل عصر الـ"سوشيال ميديا"، فأي اسم يحضر ساعة الميلاد يعطى للطفل أو الطفلة، وكان من الشائع أن يكون الاسم جاهزاً ربما قبل أن يتزوج الرجل، لأنه في بعض البلدان يكنى الرجل بـ"أبي فلان" تبعاً لاسم والده، وخاصة الذكر الأكبر في العائلة، كما أنه من الشائع في بعض البلدان، أن تجتمع العائلة ويرشح الجد لاختيار أسماء الأحفاد من النوعين، ومعنى ذلك أن بعد اختيار الجد للاسم، لن يكون هناك نقاش، حيث يلتزم الجميع الصمت والاستسلام، حتى لو كان الاسم لا يتناسب مع العصر الذي يعيشونه، وقد لا يكون للوالدين الحق في أن يسموا وليدهما، لأنه سيحمل اسم أبيه أو أبيها، وقد تكبر الأهمية إلى حمل اسم العائلة. وفي ثقافات أخرى يحتار الأهل عند اختيار الاسم، وأحياناً يباشرون البحث منذ معرفة جنس الجنين، لأن هذا الاسم سيرافق ولدهم طيلة العمر، وسيصبح جزءاً لا يتجزأ من هويته. وفي كل الحالات، سواء أعجب صاحب العلاقة، أو لم يعجبه، سيرافقه اسمه على بطاقته الشخصية وجواز سفره وعنوان بيته، بل حتى سيسبقه على طاولة المكتب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 
تغيير الاسم "يبعد المرض"

قد تكون بعض الأسماء محرجة لدرجة كبيرة لحاملها، وبخاصة عندما يحتمل الاسم أن يكون للذكر، أو يكون للأنثى، أيضاً قد نجد من يحب ويفاخر باسمه، ويزهو ويشعر بالسعادة كلما ناداه أحدهم. وتروي بعض العجائز في بعض القرى اللبنانية لـ"اندبندنت عربية" أنه فيما مضى كانوا يغيرون اسم المولود عندما يمرض كثيراً، فيطلقون عليه أسماء حيوانات، كأسد ونمر وفهد وذيب، لأن باعتقادهم أن أسماء هذه الحيونات القوية تبعد عن المواليد الجدد شبح المرض والموت. أيضاً، كانوا يعتقدون أنه ربما الاسم لا يناسب الطفل، لذا يستبد به المرض، فيغيرون اسمه.
تقول السيدة منى وهي سيدة في الثمانينيات من عمرها، إن اسمها على الهوية هو "إحسان"، ولكن بحسب ما قالت لها أمها إنها كانت عرضة لأمراض كثيرة، فأشار على أمها شيخ منجم أن تغير اسم الطفلة الحديثة الولادة إلى اسم كان رائجاً يومها، وهو "منى"، وهي لليوم تنزعج جداً من اسم "إحسان". أما السيدة "عفيفة" (لبنانية – برازيلية) وهي في الخمسينيات من عمرها، فلها قصة أخرى، فتقول إن اسمها على جواز سفرها البرازيلي هو "روزانا"، ولكن عندما عادت مع عائلتها إلى لبنان، وكانت حينها في الـ14 من عمرها، بدأتها جدتها لأبيها تناديها بـ"عفيفة"، وهو اسم أم جدتها، ومن ثم بدأت كل العائلة تناديها بذلك الاسم حتى والدتها التي سمتها، ولكن هي بدأت تعرف عن نفسها باسم "فيفي" لأنه أسهل وألطف وأقرب إلى الأسماء الحديثة، لأنها تشعر بالحرج نوعاً ما باسم "عفيفة". أما السيد "أسد"، وهو في الثمانينيات من عمره، فيؤكد أن قبله لم يعش ولا مولود ذكر لأمه حتى اقترح عليها أحد الشيوخ أن تسمي مولودها القادم باسم حيوان قوي وشرس، فوقع الاختيار على اسم "أسد"، لكن أحياناً كثيرة، قد لا يكون المرض أو الموت هو السبب في تغيير أحدهم أو إحداهن أسماءهم، بل اللحاق بالعصر والموضة، لأن البعض يعتقد أن الأسماء الأجنبية أكثر جاذبية من العربية. وهذا ما حصل مع السيدة سهام، والتي اسمت نفسها على صفحتها على موقع "فيسبوك" اسم "كاسندرا" وهي بطلة مسلسل مكسيكي مدبلج، وعند سؤالها، تقول إن اسم "كاسندرا" يشعرها أن شابة وجميلة ومثيرة. أيضاً في المقابل يرى الشاب "ألبرتينو" أن اسم "كميل" الذي أطلق عليه عند ولادته، تيمناً بجده لأمه، لا يعبر عن هويته كخبير في المكياج والتجميل، أما اسم "ألبرتينو" فهو تعبير عن الفن والإبداع.

اسمك عنوانك

كم مرة عبرت امرأة حامل عن تسمية مولودها باسم شخصية أحبتها في صغرها أو أعجبت بها. وبعض الأهل إذا سألتهم لمَ اخترتم هذا الاسم القديم، فيربطونه بشخصية تاريخية كان لها أثر كبير في تاريخ الإنسانية، ويرغبون في أن يحمل مولودهما صفاتها عندما يصبح شاباً كـ"غاندي" و"غيفارا" و"فيديل"، كما قد يكون اسم الابن أو الابنة البكر قديماً جداً فيما بقية الإخوة أسماؤهم عصرية، ولكن أحياناً تدل الأسماء على هوية الشخص الدينية أو الإثنية أو المذهبية، وفي بعض البلدان كلبنان مثلاً، متعدد الطوائف والمذاهب، تبدو الاختلافات بالأسماء بحسب المناطق، وتستطيع أن تعرف طائفة الشخص أو مذهبه من اسمه، فبعض الأسماء حكر على طائفة أو دين معين، كـ"طوني" و"جورج"، أو "عباس" و"حسين" و"عمر"، وهذا ما كان له الأثر الشديد خلال الحرب الأهلية في لبنان (1975- 1989)، حيث بات الناس يعرفون بعضهم من خلال أسمائهم، بعد ارتفاع حدة الصراع الطائفي والمذهبي. من هنا جاءت موجة الأسماء المحايدة، أي التي لا تعرف هوية صاحبها، كـ"ربيع" و"منير" و"نجيب" و"رندة" و"سناء"، وغيرها.

المزيد من منوعات