Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزر الحرارية الحضرية ترفع درجة حرارة المدن 

لها تأثيرات بيئية واقتصادية وفي الطاقة وصحة الإنسان

انخفاض نسبة المناظر الطبيعية  بسبب ارتفاع درجات الحرارة (unsplash)

يعيش أكثر من نصف السكان حول العالم في المدن، ويتوقع أن تزداد هذه النسبة، وغالباً ما تعاني المدن ظاهرة "الجزر الحرارية الحضرية (UHI)" التي تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة داخل المدن الكبيرة عنها في الضواحي والمناطق الريفية المجاورة، مما يؤدي إلى تضخم تأثير موجات الحر في المدن ومعها مجموعة من التأثيرات البيئية والاقتصادية وفي الطاقة وصحة الإنسان. 

تفاوت حراري

بينت دراسة عالمية حديثة أجراها مركز الأبحاث المشتركة (JRC) الفرق بين درجات حرارة سطح المناطق الحضرية والمناطق الريفية المجاورة لها خلال فصل الصيف، حيث درس العلماء في المركز التابع للمفوضية الأوروبية الفرق بين درجات حرارة سطح الأرض في المناطق الحضرية التي يزيد عدد سكانها على 50 ألف نسمة، وفي المناطق الريفية المحيطة بها في الصيف بين عامي 2003 و2020.
ومن خلال العمل على بيانات الأقمار الاصطناعية توصل العلماء إلى أن درجات حرارة السطح التي قيست في المدن كانت في بعض الأحيان أعلى نحو 10 إلى 15 درجة مئوية عنها في المناطق الريفية المحيطة بها.
وقدرت الدراسة أيضاً أن درجة الحرارة في بعض الجزر الحرارية في المدن حول العالم ارتفعت وسطياً بمقدار درجة مئوية منذ عام 2003، كما لاحظت الدراسة وجود تباين كبير جداً في درجات الحرارة داخل المدن العالمية الكبرى، مثل طوكيو ونيويورك وباريس ولندن، بحيث غالباً ما توجد النقاط الأكثر سخونة في المناطق الصناعية، حيث يمكن أن تؤدي الحرارة المهدرة واستخدام مواد البناء الداكنة وغياب الغطاء النباتي إلى ارتفاع درجات حرارة سطح الأرض بشكل كبير جداً.
تاريخياً
وصفت هذه الظاهرة وحقق فيها للمرة الأولى عام 1810 من قبل لوك هاورد الذي يطلق عليه أبو الأرصاد الجوية، وهو كيماوي وخبير أرصاد جوية بريطاني، واستمرت التحقيقات المتعلقة بالغلاف الجوي الحضري طيلة القرن الـ19، كما اتبع الباحثون في مجال ظواهر المناخ المحلي أو الأرصاد الجوية الدقيقة في أوروبا والمكسيك والهند واليابان والولايات المتحدة أساليب جديدة لفهم هذه الظاهرة في الفترة الممتدة بين عشرينيات القرن الماضي وأربعينياته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن ثم في عام 1929 استخدم عالم الأرصاد الجوية الألماني ألبرت بيبلر مصطلح " staedtischen Waermeinsel"، ويعتقد أنه المثال الأول لما يعادل "الجزيرة الحرارة الحضرية"، وبدأت تتزايد الدراسات المتعلقة بهذه الظاهرة بدءاً من عام 1990، حتى وصلت إلى أكثر من 300 بحلول عام 2015، بحسب الإحصاءات.

المسببات

أبرز أسباب ارتفاع درجات الحرارة في المناطق الحضرية هو انخفاض نسبة المناظر الطبيعية والغطاء الأرضي الطبيعي، إذ تلعب الأشجار والنباتات والمسطحات المائية دوراً في تبريد الهواء عن طريق توفير الظل والمياه النتحية الخارجة من أوراق النبات وتبخر المياه السطحية، بينما توفر الأسطح الصلبة والجافة في المناطق الحضرية (الأسطح والأرصفة والطرق والمباني ومواقف السيارات) ظلاً ورطوبة أقل، بالتالي تسهم بشكل مباشر في ارتفاع درجات الحرارة، كما أن الحرارة المهدرة المتولدة من الأنشطة البشرية كاستخدام المركبات ووحدات تكييف الهواء والمباني والمنشآت الصناعية في البيئة الحضرية يمكن أن تسهم في تأثيرات الجزر الحرارية.
 
 
ويعود واحد من الأسباب إلى خصائص المواد المستخدمة في البيئات الحضرية، إذ تمتلك المواد التقليدية التي من صنع الإنسان ويشاع استخدامها في المناطق الحضرية مثل الخرسانة والأسفلت، خصائص حرارية تؤدي إلى ارتقاع درجة الحرارة في هذه المناطق، فتقوم العناصر المكونة منها مثل الأرصفة أو الأسقف بامتصاص وإصدار قدر أكبر من حرارة الشمس مقارنة بالأشجار والنباتات والأسطح الطبيعية الأخرى، بالتالي في كثير من الأحيان تنشأ الجزر الحرارية تدريجاً على مدار اليوم لتصبح أكثر وضوحاً بعد غروب الشمس، بسبب الإطلاق البطيء للحرارة الناتجة من هذه المواد، كما تؤثر أبعاد المباني والمسافات فيما بينها داخل المدينة على تدفق الرياح، إذ تتحول الأسطح والهياكل التي تسدها المباني المجاورة إلى كتل حرارية كبيرة من الصعب إطلاق حرارتها بسهولة.

مكافحة تأثيرها

يمكن أن تلعب الهندسة الحضرية دوراً كبيراً في الحد من تأثير هذه الظاهرة من خلال مجموعة من الخطوات مثل إنشاء ممرات للرياح للتهوية وتوفير مزيد من المساحات الخضراء واستخدام الألوان الفاتحة في البناء، إضافة إلى تصميم الأسطح النباتية للواجهات والزراعة الرأسية التي تعمل على تقليل الطاقة المستهلكة بوساطة عملية التبخر النتحي.
ويسهم الغطاء النباتي في عملية الخلط الرأسي للهواء، بحيث يرتفع الهواء الدافئ فوق الأسطح الصلبة، ويتم استبدال الهواء النقي به، بالتالي الحد من تأثير الجزيرة الحرارية.
اقرأ المزيد

المزيد من بيئة