Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشادات كلامية في القمم العربية عكست خلافات وتضارب آراء

للراحل معمر القذافي حصة الأسد من المشاغبات السياسية

الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وزوجته صفية في عام 1985 (أ ف ب)

لم تكن قمة أنشاص العربية عام 1946 المؤسسة لقيام جامعة الدول العربية، إلا بداية لعقد عشرات القمم التي شهد بعضها مشادات كلامية بين الزعماء والقادة العرب عكست الخلافات بين الدول الشقيقة.

وكان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي صاحب الرقم القياسي في الملاسنات والمشادات الكلامية خلال القمم العربية، طوال 42 عاماً من حكمه الذي استمر من عام 1969، وحتى قتله على يد الثوار عام 2011. وبعد ثلاثة أسابيع على انقلابه على الملك إدريس، شارك القذافي في القمة العربية في العاصمة المغربية الرباط في 25 سبتمبر (أيلول) 1969.
وكانت تلك المشاركة أول انخراط للقذافي القادم من الجيش مع القادة الزعماء والعرب، إذ سجلت خلال تلك القمة مواقف عدة.  ومع بداية الجلسات لاحظ القذافي بتعجب رئيس الديوان الملكي المغربي وهو يقبل يد العاهل المغربي الحسن الثاني قائلاً "ما هذا... تقبيل أياد... عدنا إلى عصر العبودية… هذا شيء مرفوض تماماً".

 "يا حسن"

 وخلال الجلسة نفسها خاطب القذافي العاهل المغربي بـ "يا حسن"، من دون أي ألقاب، كما وضع مسدسه على الطاولة في تجاهل للبروتوكولات، وهو ما دفع العاهل السعودي الملك فيصل إلى المغادرة محتجاً على "لغة المسدسات".

لكن العاهل المغربي والرئيس المصري جمال عبدالناصر أقنعا الملك فيصل بالتراجع عن المغادرة.
لكن ذلك لم يثن القذافي عن مواصلة مشاجراته في الجلسة الثانية للقمة، عندما خاطب الملك فيصل يا "فيصل" خلال تقديم الأخير بعض الملاحظات، فما كان من العاهل السعودي إلا مغادرة القمة بصفة نهائية، ورفع العاهل المغربي الجلسة.
وبعد انتهاء الجلسة الأولى للقمة ذاتها، شاهد القذافي وزير الداخلية المغربي محمد أوفقير في القاعة، إذ بدأ يصيح "اقبضوا على هذا الرجل، ما الذي جاء به معنا... هذا قاتل (في إشارة إلى اتهامه بقتل المعارض المغربي المهدي بن بركة)".
 
صدام حسين
 
وفي عام 1979 وخلال القمة العربية في العاصمة التونسية، وخلال نزول الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين من طائرته في المطار، هاجم حراس الأخير نجل الرئيس التونسي الحبيب بورقيبه الذي جاء لاستقباله وقيدوا حركته، قبل أن يتدخل الأمن التونسي لتخليص ابن زعيمهم. 
 
 
أما في عام 1982 وخلال القمة العربية بمدينة فاس المغربية، فقد وقعت ملاسنة بين الرئيسين الراحلين العراقي صدام حسين والسوري حافظ الأسد في ذورة الحرب العراقية - الإيرانية، على خلفية تأييد الأسد لطهران في تلك الحرب.
واتهم صدام الأسد "بتدبير بعض العمليات الإرهابية والاغتيالات"، قبل أن يتدخل العاهل الأردني الملك الحسين للتهدئة بينهما وعقد لقاء جمعهما عام 1986.
لكن الشجار بين الزعيمين تجدد عام 1989 في القمة العربية بمدينة الدار البيضاء المغربية، مما أدى إلى رفض الأسد حضور قمة بغداد في مايو (أيار) 1990، التي جاءت قبل ثلاثة أشهر من احتلال العراق للكويت.
وفي قمة بغداد وجه صدام حسين اتهامات لدول الخليج العربي بأنها "تمارس نوعاً من الحرب الاقتصادية ضد العراق"، وذلك في إشارة ضمنية إلى الكويت والإمارات اللتين كانتا في ذلك الوقت تقومان بتكثيف استخراج النفط غير عابئتين بانخفاض سعره.
قمة القاهرة
وبعد أيام على غزو العراق للكويت في الثاني من أغسطس (آب) 1990، سارع الزعماء العرب إلى عقد قمة عربية طارئة في العاصمة المصرية القاهرة لاتخاذ موقف موحد من الخطوة العراقية.
وبعد سبع ساعات من الحوار، طرح الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك للتصويت مشروع قرار يدين الغزو، ويطالب بسحب فوري للقوات العراقية من الكويت، وتشكيل قوة عربية لإرسالها إلى السعودية، في ظل حال الانقسام بين الدول العربية.
إلا أن الزعيم الليبي معمر القذافي آنذاك رفض إجراء التصويت، وطالب بجلسة مغلقة لرؤساء الوفود لمزيد من الحوار، وهو ما رفضه مبارك وطرح القرار للتصويت.
كما طالب القذافي بحصول مشروع القرار على الإجماع لتمريره، إلا أن مبارك أصر على أن المشروع يحتاج إلى غالبية بسيطة فقط. وأيد القرار يومها 12 دولة عربية، وعارضته كل من العراق وليبيا، وامتنعت عن التصويت عليه الأردن والجزائر واليمن، فيما تحفظت عليه السودان وفلسطين وموريتانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفور انتهاء التصويت غادر مبارك قاعة الجلسة بعد رفعها، فيما بقي القذافي والرئيسان الفلسطيني ياسر عرفات واليمني علي عبدالله صالح. لكن عرفات والقذافي واصلا الاعتراض على التصويت، وهاجم القذافي الأمين العام لجامعة الدول العربية الشاذلي القليبي، وخاطبه "والله ستفقد رأسك بالعبث بميثاق جامعة الدولة العربية".

حينها تدخل مساعد القذافي أحمد قذاف الدم لإنهاء الأزمة، وتبع مبارك الذي كان يستعد للمغادرة بمركبته، وأقعنه بالعودة إلى القاعة لتطييب خواطر القذافي.
وبعد تلك القمة دعا مبارك القذافي ورؤساء الجزائر الشاذلي بن جديد واليمني علي عبدالله صالح والسوري حافظ الأسد إلى الإسكندرية لإنهاء الخلاف.
وأشار وزير الخارجية المصري آنذاك عمرو موسى إلى أن مبارك كان خلال تلك القمة العاجلة "حاسماً"، مضيفاً أنه "لو انتهت القمة من دون قرار... فسيكون ذلك انتصاراً لصدام حسين، وسيكون مصير الكويت في مهب الريح".
قمة بيروت
ومع أن القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2000 تبنت مبادرة ولي العهد السعودي حينها الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، إلا أن الوفد الفلسطيني انسحب منها احتجاجاً على عدم بث خطاب ياسر عرفات.
وكانت إسرائيل آنذاك تحاصر عرفات في مقر الرئاسة برام الله، وجرى ترتيب أن يوجه كلمته إلى القمة مباشرة عبر الأقمار الاصطناعية.
وقال رئيس الوفد الفلسطيني إلى القمة فاروق القدومي إن "الرئيس اللبناني إميل لحدود رفض عمداً بث كلمة عرفات، بعد أن تجاهل لأكثر مرة محاولات تذكيره بها". يومها قيل إن عدم بث الكلمة جاء خشية تشويش إسرائيل عليها، لكن  مسؤوليين فلسطينيين أشاروا إلى أنه تم "تخصيص ثلاث قنوات مشفرة يصعب اختراقها على الإطلاق". 
ودعت المبادرة إلى "انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية المحتلة حتى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، بما في ذلك الجولان السوري، والأراضي التي ما زالت محتلة جنوب لبنان، وضرورة التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194".
وقبل أسابيع على الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، عقد القادة العرب قمة لهم في الـثاني من مارس (آذار) بمنتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر. وجاءت القمة في محاولة أخيرة لتجنب الحرب، لكن المشادات الكلامية التي طفت على السطح عكست عمق الخلافات بين القادة العرب.
مشاغبات القذافي
يومها أدت المبادرة الإماراتية التي اقترحت تنحي الرئيس العراقي صدام حسين من السلطة لتجنب الحرب ردود فعل مختلفة بين القادة العرب.
وشهدت الجلسة الختامية للقمة مشادة كلامية بين الزعيم الليبي معمر القذافي وولي العهد السعودي حينها الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وهو ما أدى إلى قطع البث التلفزيوني المباشر.
ووقعت المشادة بسبب كلمة للقذافي أشار فيها إلى محادثة هاتفية مع العاهل السعودي الملك فهد بن عبدالعزيز خلال الغزو العراقي للكويت أخبره خلالها الأخير بأن "للعراق نوايا لاجتياح السعودية بعد الكويت... ولهذا فقد أصبح العراق مصدر قلق لدول الجوار في الخليج".
وقاطعه الأمير عبدالله على الفور قائلاً "كلامك مردود عليه، السعودية ليست عميلة للاستعمار، أنت من جاء بك إلى الحكم؟ لا تتكلم في أشياء ليس لك فيها حظ ولا نصيب، الكذب أمامك والقبر قدامك".وبعد ست سنوات وخلال القمة العربية في الدوحة عام 2009 عاد القذافي ليهاجم الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان حينها قد أصبح عاهلاً للسعودية، لكنه قال موجهاً كلامه للعاهل السعودي إن "المشلكة الشخصية بينهما انتهت".
وحاول أمير قطر يومها الشيخ حمد بن خليفة مقاطعة القذافي حين بدأ هجومه، لكن تبين له أنه يريد طي صفحة الخلاف مع السعودية.
وفي نهاية القمة جمع الشيخ حمد الملك عبدالله والقذافي في العاصمة القطرية الدوحة، وقبلها بسنة أي 2008 هاجم القذافي القادة العرب في أول قمة عربية في العاصمة السورية دمشق.  وجاء هجومه بسبب "عدم مطالبتهم بالتحقيق في مقتل صدام حسين وياسر عرفات"، قائلًا "بكرة الدور يجي عليكم كلكم"، مشيراً إلى أن "واشنطن كانت صديقة لصدام وباعته... وقد توافق على شنقنا نحن".
وأبدى القذافي استغرابه من مطالبة الدول العربية بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، بعد سقوط آلاف القتلى في حروب مع إسرائيل قبل ذلك العام، "لماذا لم تعملوا دولة في الأراضي الفلسطينيىة بالضفة الغربية وقطاع غزة قبل احتلالها عام 1967؟". ووصف القذافي حينها الرئيس المصري الأسبق أنور السادات بـ"بطل اتفاق كامب ديفيد"، والرئيس الفلسطيني محمود عباس ببطل أوسلو.  وكان عدد من القادة العرب وأعضاء الوفود العرب يبتسمون، ويضحكون خلال كملة القذافي.
اقرأ المزيد

المزيد من تقارير