Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تتعرقل مشاريع التنمية في اقتصاد الكويت؟

مجتمع الأعمال يأمل بتحول لمصلحة البلاد مع زيادة الفوائض وانتهاء الشحن السياسي

يتخوف الاقتصاديون من أن تدخل الكويت مرحلة جديدة من المماطلة في المشاريع التنموية بسبب اختلاف وجهات النظر البرلمانية (أ ف ب)

يبدو الاقتصاد الكويتي على مفترق طرق مع انتهاء البلاد من استحقاقات سياسية مهمة في الشهرين الماضيين، برلمان جديد وحكومة جديدة.

يعول مجتمع الأعمال على تحول ما في الأعوام المقبلة وسط توقعات فوائض ضخمة في الميزانية هذه السنة بفضل زيادة أسعار النفط. ترجح وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني نمو الاقتصاد الكويتي بنسب تصل إلى ثمانية في المئة هذه السنة وخمسة في المئة في السنة المقبلة.

شحن سياسي معطل

لكن هذا النمو مدفوع بارتفاع النفط وليس بفضل تحول كبير في الاقتصاد الذي ظل يعاني بسبب الشحن السياسي بين البرلمان والحكومة، والذي عطل التنمية لسنوات طويلة.

وفي الأسابيع الأخيرة تم تغيير حكومتين في 10 أيام فقط، وجاء برلمان بـ60 في المئة من المعارضة السابقة، وغاب عنه رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم، الآتي من خلفية تجارية.

مماطلة سياسية للمشاريع

ويتخوف الاقتصاديون من أن تدخل البلاد في مرحلة جديدة من المماطلة في المشاريع التنموية بسبب اختلاف وجهات النظر البرلمانية حول الأولويات في البلاد، إن كانت اقتصادية - إصلاحية أم سياسية - اجتماعية.

وتلقي مؤسسات دولية مثل وكالات التصنيف وصندوق النقد الدولي اللوم على الصراع الدائم بين الحكومة والبرلمان الذي يمنع في كل مرة من عبور مشاريع تنموية ضخمة، ويركز على مشاريع شعبوية كزيادة الرواتب للقطاع العام والحفاظ على المكتسبات كالدعم.

تضخم ميزانية الرواتب

فقد أدى ذلك إلى تضخم ميزانية الرواتب والدعم، حيث يشكل هذان البندان نحو 76 في المئة من إجمالي الميزانية، ويأتي ذلك على حساب بند المشاريع الرأسمالية الذي يشكل نحو 10 إلى 12 في المئة.

وما زالت الميزانية متأثرة بشكل كبير بإيرادات النفط التي تشكل نحو 90 في المئة، في وقت لدى الكويت خطة طموحة لتنويع دخلها وتخفيض اعتمادها على النفط في عام 2035، لكن على أرض الواقع لا شيء يتحقق بشكل كبير لتنويع الاقتصاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عجز تاريخي

وظهر ذلك جلياً في سنة 2020 عندما هوت إيرادات النفط، حيث ظهر عجز بالميزانية هو الأكبر في تاريخ البلاد عند 30 مليار دولار، وهو ما دق ناقوس الخطر لما قد يحصل إذا بدأ العالم في التحول للطاقة النظيفة وتقليل اعتماده على النفط في السنوات العشرين المقبلة.

وقد وصل العجز المتراكم منذ العام المالي 2014/2015 وحتى عام 2020 إلى ما يزيد على 130 مليار دولار.

فرق مع دول الخليج

وبدأ الكويتيون يشعرون بالفرق بين ما يجري في دولتهم والدول الخليجية المحيطة التي قطعت أشواطاً في التنويع الاقتصادي وفي فتح اقتصاداتها للعالم، خصوصاً السعودية والإمارات، في وقت تعمل الكويت على إغلاق اقتصادها بقوانين وقرارات عدة، الأمر الذي سيؤدي إلى إضعاف النمو مع تراجع النمو السكاني.

نقمة الديمقراطية

ويلقي كثير من الكويتيين اليوم اللوم على ميزة الديمقراطية في بلادهم، التي تحولت نقمة، ففي كل مرة هناك تراجع للكويت مقابل تقدم ملموس لدول الخليج، التي غالباً ما يتم المقارنة بها لقربها الجغرافي وطبيعة اقتصادها.

خطة طموحة

ومع أن هناك خطة تنموية طموحة لإنفاق 165 مليار دولار، إلا أن المشاريع تسير ببطء، وتحتاج كثير من المشاريع إلى شراكة حكومية مع القطاع الخاص ضمن نظام "بي بي بي"، وهو ما يتطلب مساهمات كبيرة من القطاع الخاص، حيث تحتاج إلى 50 في المئة استثمارات من المواطنين و26 في المئة استثمارات من القطاع الخاص والباقي حصة حكومية.

وقد نجح هذا الأمر ببعض المشاريع مثل شركة كهرباء الزور وبورصة الكويت (بعد خصخصة بورصة الكويت، تم وضع قوانين عدة أسهمت في إدخال البورصة كسوق ناشئة ضمن مؤشرات عالمية مثل فوتسي ومورغان ستانلي وغيرها وجذب استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات)، لكن على رغم ذلك هناك قائمة طويلة من المشاريع المنتظرة.

تعطيل سياسي

وتعطل السياسة غالباً سرعة تنفيذ هذه المشاريع، إذ يحتاج كل مشروع إلى موافقة برلمانية ليصبح قانوناً، وهو ما يعني دخوله في أروقة السياسة والحسابات وأحياناً كثيراً الفساد الإداري، كما تقول وكالات تصنيف ومؤسسات رقابية مثل ديوان المحاسبة أو جمعية الشفافية الكويتية.

غاية إيجابية

وغاية كل هذه المشاريع إيجابية، إذ تعمل الحكومة لتخفيض سيطرتها على الاقتصاد، وفتح الباب للقطاع الخاص ليدير الدفة الاقتصادية، وهو اتجاه عالمي في خصخصة القطاعات وإبعاد يد الحكومة، كما تريد الحكومة رفع إيراداتها غير النفطية من خلال هذا الأمر.

قوانين الضرائب

وإذا كان من الصعب أن تمر بعض القوانين لتنويع الاقتصاد وزيادة الإيرادات، فإنه من شبه المستحيل عبور قوانين قد تقلص من المكتسبات الشعبية للمصلحة العامة.

على سبيل المثال مشروع الضرائب، ففي الوقت الذي فرضت باقي دول الخليج ضرائب مثل تطبيق ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية من أجل زيادة إيراداتها واتجاه بعض الدول إلى تقليص الإنفاق العام للحد من العجز.

وكانت الكويت الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تطبق أياً منهما، إذ أجلت الحكومة النظر في تطبيق ضريبة القيمة المضافة لأجل غير مسمى، فيما يبقى مشروع قانون الضريبة الانتقائية طريح الأدراج من دون مناقشة في مجلس الأمة.

نفاد الاحتياطي

قانون آخر تعرقل وله تأثير مباشر في احتياطيات الدولة، هو قانون الاستدانة الذي انتهت صلاحيته في عام 2019، حيث عرقل البرلمان تجديده، ما اضطر وزارة المالية إلى السحب من الاحتياطي العام لتمويل عجزها السنوي.

وبسبب هذه العرقلة تم تفويت الفرصة على الكويت بالاستدانة من الأسواق العالمية بفوائد رخيصة نسبياً لتمويل عجزها (كما فعلت دول خليجية عدة)، بدلاً من السحب من الاحتياطي الذي تراكم بفضل سنوات فوائض النفط في الأعوام العشرة التي سبقت أزمة كورونا.

وقالت وزارة المالية بغير مناسبة إن الاحتياطي قارب على النفاد.

الصندوق السيادي

لكن ما يسعف الكويت حتى الآن هو صندوقها السيادي، الذي يبقى واحداً من أكبر الصناديق السيادية في العالم والذي تقدر أصوله بحسب وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني بنحو 590 مليار دولار ما يعادل نحو 470 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

ويعتبر الصندوق رافعة مالية مهمة للكويت، حيث يرفع في كل مرة من تصنيفها السيادي ويجعلها قادرة على سداد أي مستحقات عليها مستقبلياً.

اقرأ المزيد