Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تظاهرات سودانية بذكرى أول انتفاضة ترفض التسوية مع العسكر

"لجان المقاومة" تجدد "اللاءات الثلاثة" وتعارض التفاوض المباشر بين "قوى الحرية والتغيير" والجيش

شعارات رفعها سودانيون خلال تظاهرات 13 أكتوبر الحالي في الخرطوم (أ ف ب)

تحيي جموع من الشعب السوداني، بعد ظهر الجمعة 21 أكتوبر (تشرين الأول)، الذكرى الـ58 لأول انتفاضة شعبية أسقطت حكم الفريق إبراهيم عبود بعد ست سنوات من انقلابه على الحكومة المدنية، وذلك بتسيير تظاهرات دعت إليها تنسيقيات لجان المقاومة في ولاية الخرطوم باتجاه شارع أفريقيا (المطار) رافعة شعار "لا للتسوية" ما يعني رفض المفاوضات المباشرة بين العسكريين وقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) للوصول إلى تسوية تنهي الأزمة السياسية في البلاد التي تفجرت عقب الانقلاب الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021 ضد حكومة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك.

ذر للرماد في العيون

وقال الناطق الرسمي باسم لجان المقاومة في الخرطوم، محمد عمر أنور لـ"اندبندنت عربية"، إن "خروج السودانيين في تظاهرات حاشدة، الجمعة الذي يصادف ذكرى انتفاضة 21 أكتوبر 1964، التي تُعد الأولى على مستوى العالم العربي، يأتي لإحياء ذكرى فداء ونضال وبطولات الشعب السوداني من أجل حياة الكرامة والديمقراطية، فضلاً عن أنها تمثل محطة انطلاق لتظاهرات 25 أكتوبر، التي يتم التحضير لها بشكل جيد في مناطق متعددة داخل البلاد احتجاجاً على انقضاض العسكر على السلطة المدنية التي كانت قائمة آنذاك".
وجدد أنور، التزام جموع المتظاهرين السلمية باعتبارها شعار الثورة منذ اندلاعها في ديسمبر (كانون الأول) 2018 وإطاحتها نظام الرئيس المعزول عمر البشير، مؤكداً أن "لدى السودانيين موروثاً مقدراً من النضال".
وفي ما خص التسوية التي يتم إعدادها بين العسكريين والمدنيين، أفاد الناطق الرسمي باسم لجان المقاومة في الخرطوم بأنه "لا توجد تسوية قادرة على إسقاط انقلاب 25 أكتوبر لأن الجنرالات العسكريين يرفضون الاعتراف بجرائمهم ويصرون على امتلاك أدوات العنف كوسيلة للوصول إلى السلطة والإفلات من العقاب، لكن نحن في لجان المقاومة متمسكون بخيار إسقاط هؤلاء الانقلابيين العسكريين عن طريق المقاومة السلمية، ولدينا قناعة تامة بأن التسوية الجارية ما هي إلا ذر للرماد في العيون ومحاولة لاحتواء الشارع المصمم على تحقيق شعارات الثورة والمطالب السياسية".

نقاط تجمع

وحددت تنسيقيات لجان المقاومة ثلاث نقاط لتجمع المتظاهرين قبل انطلاقهم نحو شارع المطار وهي "محطة 7"، و"استوب البلابل"، و"صينية المركزي".
واعتبرت التنسيقيات في بيان أن "تطلعات الشعب السوداني لتأسيس سلطة مدنية كاملة لن تتحقق بالتفاوض مع قادة الانقلاب العسكريين كما أن مشاركتهم السلطة في الفترة الانتقالية خطأ لن نسمح به". وحض البيان المشاركين في تظاهرات الجمعة على الالتزام بتوجيهات اللجنة الميدانية، مشدداً على تمسك لجان المقاومة بشعار اللاءات الثلاثة "لا تفاوض، لا شراكة، ولا مساومة مع العسكر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


انهاء الانقلاب

من جانبها، دعت "قوى الحرية والتغيير" كل شرائح الشعب السوداني إلى "الخروج في تظاهرات بذكرى انتفاضة 21 أكتوبر لتقول إن هذا الانقلاب يجب أن ينتهي ويهزم بإرادتهم واستعادة الانتقال الديمقراطي كاملاً غير منقوص والتأكيد على أن إرادة الشعوب أقوى من الطغاة وستنتصر في خاتمة المطاف". وجددت "قوى الحرية والتغيير" التزامها للشعب السوداني والقوى المقاوِمة للانقلاب، التمسك بتحقيق التطلعات المشروعة في إنهاء الانقلاب واستعادة الانتقال الديمقراطي وتأسيس مؤسسات حكم دستورية مدنية، مشددة على أنها ستتحلى بالمسؤولية والشفافية الكاملة وستبادر إلى الكشف والإفصاح عن أي مشاريع اتفاقيات تقوم بإعدادها أو تُعرَض عليها.
ونصت الرؤية السياسية التي تتبناها "قوى الحرية والتغيير" لحل الأزمة السودانية، على الإصلاح الأمني والعسكري وتكوين جيش موحد، وتنقيته من عناصر النظام السابق، ومراجعة النشاط الاقتصادي للمؤسسة العسكرية، وتأسيس علاقة صحية بين المدنيين والعسكريين، فضلاً عن ضرورة إصلاح جهاز المخابرات والشرطة وإلحاقهما بالحكومة، بجانب اختيار رئيس وزراء مدني بواسطة قوى الثورة، وتشكيل مجلس تشريعي من لجان المقاومة وقوى الثورة وأُسر الشهداء والنازحين، والقوى السياسية وأطراف العملية السلمية الموقِّعة على اتفاق جوبا للسلام.

إعلان سياسي

وفي إطار ما يجري من ترتيبات للوصول إلى اتفاق ينهي أزمة السودان، أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس، الخميس 20 أكتوبر، أن "القوى السياسية المؤيدة للدستور الانتقالي انخرطت في صياغة إعلان سياسي يُمهد للتفاوض مع الجيش". وأضاف أن "الجهات السياسية الفاعلة بدأت بالالتحام حول مسودة الدستور الانتقالي، ويعمل هذا التحالف الواسع الآن على توسيع الإجماع حول المسودة ومعالجة القضايا المتبقية ووضع إعلان سياسي يُمهد للمفاوضات مع المؤسسة العسكرية".
وأشار بيرتس إلى استعداد الآلية الثلاثية المكونة من بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد، لدعم العسكريين والمدنيين للتوصل إلى اتفاق لبدء فترة انتقال أكثر استدامة مع حكومة مدنية ذات مصداقية.

118 قتيلاً

وتأتي تظاهرات، الجمعة، التي تحمل عنوان "لا للتسوية" في إطار البرنامج التصعيدي لهذا الشهر، الذي تضمن ثلاثة مواكب لا مركزية، للمطالبة بالحكم المدني وإبعاد العسكر عن المشهد السياسي.
وتتواصل هذه التظاهرات منذ 25 أكتوبر 2021، احتجاجاً على الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قائد الجيش، وتتمثل في فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليَين، وإلغاء الشراكة مع المكون المدني، ما اعتبرته غالبية القوى السياسية والشعبية انقلاباً عسكرياً، بينما وصفه الجيش بـ"الحركة التصحيحية".
لكن هذه التظاهرات تعرضت إلى عنف مفرط من قبل الأجهزة الأمنية ما أدى إلى سقوط 118 قتيلاً ومئات الجرحى منذ اندلاعها، نتيجة استخدام قنابل الغاز المسيل للدمواع والرصاص الحي والمطاط لمنع المحتجين من الوصول إلى القصر الرئاسي.
وفي إطار العملية السياسية الرامية إلى إنهاء هذه الأزمة، أطلقت الآلية الثلاثية الدولية في 8 يونيو (حزيران) الماضي، حواراً وطنياً بمشاركة القوى السياسية والمؤسسة العسكرية، لكن سرعان ما تم تأجيله في 12 من الشهر نفسه إلى وقت لاحق.
يُذكر أن السودان بدأ في 21 أغسطس (آب) 2019، مرحلة انتقالية، تنتهي بإجراء انتخابات مطلع عام 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة على اتفاق سلام في الثالث من أكتوبر 2020.

المزيد من تقارير