Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزمة السودانية تراوح مكانها وقلق أممي لغياب الحل السياسي

اتهامات متبادلة بين مختلف الأطراف وتعطل الاتفاق على الحد الأدنى

"فرص الانتقال في السودان تواجه خطر التلاشي في ظل غياب الحل السياسي قرابة 11 شهراً" (اندبندنت عربية – حسن حامد)

يمر المشهد السوداني بحالة من التعقيد بسبب تباعد المواقف وانعدام الثقة بين الأطراف المختلفة مدنية أم عسكرية، ما جعل الأزمة السياسية في البلاد تراوح مكانها من دون حل منذ تعطيل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الشراكة مع المدنيين في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ما اعتبرته غالبية القوى المدنية في البلاد والمجتمع الدولي انقلاباً عسكرياً.

مآلات هذا الوضع المتأزم حذر منها رئيس بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم فولكر بيرتس في تقرير قدمه أخيراً للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال فيه، إن "فرص الانتقال في السودان تواجه خطر التلاشي في ظل غياب الحل السياسي قرابة 11 شهراً، إذ فشلت كل المحاولات في التوصل إلى توافق بين القوى السياسية والجيش".

لكن في ظل هذه التطورات الخطيرة، ما رؤية الأطراف المعنية بهذه الأزمة وما يدور خلف الكواليس للخروج من عنق الزجاجة؟

إنهاء الانقلاب

وقال مساعد رئيس حزب الأمة القومي السوداني للشؤون الولائية القيادي في قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) عبد الجليل الباشا "نحن في قوى الحرية والتغيير، نتجه نحو خلق جبهة مدنية عريضة، وفي هذا الإطار أعددنا الإعلان الدستوري بمشاركة قوى أخرى خارج تحالف قوى الحرية والتغيير كحزب المؤتمر الشعبي وجماعة أنصار السنة وغيرهما من أجل الحصول على التوافق على هذا الدستور، وكذلك على العملية السياسية، من خلال التعاطي مع مساعي الآلية الرباعية التي تضم سفراء واشنطن وبريطانيا والسعودية والإمارات في الخرطوم لحل الأزمة السياسية في البلاد"، وأضاف "في اعتقادنا أن انقلاب 25 أكتوبر أوصل البلاد إلى مرحلة صعبة للغاية، لكن لا بد أن يعلم الجميع أن أي عملية سياسية لا تؤدي إلى إنهاء هذا الانقلاب وتحقق عملية التحول المدني الديمقراطي وصولاً إلى انتخابات عامة حرة في نهاية الفترة الانتقالية لا يمكن القبول بها والتعاطي معها مهما كلف الأمر، فلن يكون هناك استقرار في السودان إلا بالوصول إلى مدنية الدولة بكامل أجهزتها، وهذا هو الحل الحقيقي الذي نسعى إليه ويريده الشارع السوداني".

خندق الشارع

وتابع الباشا "صحيح هناك مبادرات كثيرة تسعى لشرعنة الانقلاب، وهي معلومة للجميع، ولم تحقق أي نوع من القبول والاختراق لأنها تدور في فلك عودة النظام الشمولي القائم على القهر وكبت الحريات، ومن جانبنا كقوى حرية وتغيير سنظل نقف في خندق واحد مع رؤية الشارع الذي أعلن شعاراته المطالبة بالمدنية الكاملة منذ اليوم الأول لانطلاق ثورته ضد نظام البشير في ديسمبر (كانون الأول) 2018"، وقال أيضاً "السيناريو الذي نعول عليه يعتمد بالدرجة الأولى على وحدة قوى الثورة، والآن لدينا ثلاث وسائل للوصول إلى مدنية الدولة الكاملة، هي تواصل حراك الشارع، والضغط الدولي والإقليمي، والتعاطي مع العملية السياسية التي تحتاج إلى توازن قوى تجعل العسكر يقرون بمدنية الحكم، على الرغم من إدراكنا التام التحديات التي تعترض هذه العملية السياسية المتمثلة في تشبث العسكريين بالسلطة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعرب مساعد رئيس حزب الأمة القومي عن تفاؤله في الوصول إلى حل ينهي هذه الأزمة قريباً جداً، بخاصة أن كل الأطراف السودانية تتفق على أهمية سرعة الحل على الرغم من اختلاف المواقف، انطلاقاً من أن الظروف المحيطة بالبلاد اقتصادياً وأمنياً وسياسياً لا تحتمل الانتظار، لكن لا بد أن يعي الكل بأن فرض أي حل من دون أن ينهى الانقلاب سيعقد المشكلة نحو الأسوأ.

إهدار الوقت

في المقابل، أشار الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير (الميثاق الوطني)، والقيادي في حركة العدل والمساواة محمد زكريا إلى أن "آخر محطة في جهود العملية السياسية هي اجتماع كان مقرراً انعقاده بين المكونين المدني والعسكري وأيضاً أطراف عملية السلام برعاية الآلية الرباعية لتقريب وجهات النظر حول القضايا الرئيسة المتعلقة بإدارة الفترة الإنتقالية، لكن لم ينعقد لأسباب تتعلق بالمكون المدني، ولا تزال الجهود الدولية تتواصل بشكل حثيث لإيجاد صيغة إجرائية تمكن جميع الأطراف التي تمثل قوى الثورة باستثناء حزب المؤتمر الوطني من الجلوس معاً على طاولة الحوار السوداني - السوداني"، وأضاف زكريا "المشكلة الحقيقية أن البلاد تمر بوضع مأسوي بسبب طول أمد هذه الأزمة، وما زال الوضع يراوح مكانه بإنتظار القوى الدولية لإحداث اختراق يؤدي إلى حل يرضي الجميع ويقود إلى الاستقرار السياسي خلال الفترة المقبلة، لكن السبب في إهدار كل هذا الوقت وتعطيل التوصل إلى حل بين المكونات المختلفة والتوافق بينها يرجع إلى تعنت وتمسك أطراف بعينها بمواقف حزبية ضيقة، وهي جهات مشهود لها بمواقفها السلبية تجاه عديد من قضايا الوطن، وذلك منذ اجتماعات نداء السودان التي عقدت في العين السخنة بمصر نهاية سبتمبر (أيلول) 2019، مروراً باتفاقية سلام جوبا الموقعة في أكتوبر 2020، وإجهاض مبادرة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك "الطريق إلى الأمام" التي أطلقها في سبتمبر 2021 بعدم تسمية ممثليها في هذه المبادرة، وكذلك إجهاض اتفاق البرهان - حمدوك في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 الذي بموجبه عاد الأخير لمنصبه رئيساً للوزراء، فضلاً عن إفشال مفاوضات الآلية الثلاثية".

وتابع القيادي في حركة العدل والمساواة "في رأيي أن الحل الأمثل يكمن في تجميع المبادرات المطروحة من قبل الجهات العديدة مثل مبادرة أساتذة الجامعات ومبادرة نداء أهل السودان وغيرهما من المبادرات الوطنية والخروج باتفاق يقوم على الحد الأدنى، بيد أن هناك قوى سياسية تعول على التصعيد الجماهيري في الشارع، فعلى الرغم من أننا مع حق التعبير السلمي، إلا أننا نرى أنه لا سبيل ولا مخرج آمناً لما نمر به من أزمة غير اتباع الحوار منهجاً للوصول إلى توافق يجمعنا حول الوطن المتأزم".

كذبة كبرى

من جانبه، أفاد المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني فتحي فضل بأن "مواقف الحزب الشيوعي ما زالت ثابتة ولم تتغير، فهو يرى أنه منذ سقوط نظام البشير في 11 أبريل (نيسان) ظلت لجنته الأمنية تسيطر حتى الآن على كل مفاصل الدولة السودانية، بالتالي، ما يحدث من انهيار اقتصادي وسياسي هي المسؤولة عنه، لأنها فشلت في كل السياسات التي طرحتها لتبنيها سياسات النظام السابق نفسها من خلال الانصياع التام لإملاءات صندوق النقد الدولي، ورفضت ما توصل إليه المؤتمر الاقتصادي الذي عقد خلال الفترة الانتقالية السابقة وتحديداً في نهاية سبتمبر 2020 تحت شعار "نحو الإصلاح الشامل والتنمية الاقتصادية المستدامة"، من توصيات كان يمكن أن تؤدي إلى حلول ناجعة تعالج أزمة البلاد الاقتصادية المستفحلة منذ أكثر من ثلاثة عقود".

وأضاف فضل "ليست لدينا أي اتصالات من قريب أو بعيد بأي أطراف سياسية تتصل بقوى الحرية والتغيير أو أطراف عسكرية، ونعتقد أن الحديث عن انسحاب الجيش من السياسة كذبة كبرى، فما زال المكون العسكري يسيطر على المشهد السياسي ويحاول أن يخلق له حاضنة سياسية من خلال مبادرات يقوم برعايتها وتمويلها، بالتالي، لا بديل غير هزيمة هؤلاء الانقلابيين من خلال تصعيد المقاومة الشعبية التي تقودها الجماهير في الشارع، فضلاً عن موجة الإضرابات المطلبية التي بدأت في التمدد بشكل كبير، إضافة إلى اتجاه عدد من النقابات إلى انعقاد جمعياتها العمومية وتشكليل مجالسها ومكاتبها التنفيذية ما يساعد في دعم الحراك الوطني".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات