Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توقعات بانهيار حكومة ليز تراس خلال أسبوعين

إقالة وزير الخزانة تزيد المخاوف في شأن إمكانية استعادة الثقة بالاقتصاد البريطاني

تواجه رئيسة الحكومة البريطانية ليز تراس انتقادات من كل جانب (أ ف ب)

في محاولة لإنقاذ حكومتها التي لم تمض أكثر من خمسة أسابيع في السلطة، ضحت رئيسة الوزراء ليز تراس بوزير خزانتها كواسي كوارتنغ وعينت الوزير السابق والمنافس لها في زعامة حزب المحافظين من قبل جيرمي هنت وزيراً للخزانة.

وكان كوارتنغ قد قطع زيارته لواشنطن، الخميس 13 أكتوبر (تشرين الأول)، إذ كان يحاول إقناع مسؤولي صندوق النقد الدولي بأن السياسة المالية والاقتصادية للحكومة لا تمثل خطراً على بريطانيا والاقتصاد العالمي، وذلك بعد انتقادات الصندوق لما أعلنه كوارتنغ في الميزانية التكميلية نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي من خفض للضرائب على فئة الأغنياء والشركات والأعمال من دون تمويل، مما يعني زيادة اقتراض الحكومة بعشرات المليارات. وأدى إعلان الميزانية إلى انهيار الجنيه الاسترليني وسندات الدين البريطاني في الأسواق العالمية وفقدان ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد البريطاني.

وفي مؤتمر صحافي قصير عقب إقالة وزير الخزانة أعلنت تراس التراجع عن بند آخر من بنود الميزانية، وهو إلغاء الزيادة في ضريبة الشركات من 19 في المئة إلى 25 في المئة التي ستطبق مع السنة المالية الجديدة في أبريل (نيسان) المقبل. وكانت الحكومة قد تراجعت قبل أيام عن بند خفض الضرائب على فئة الأغنياء، لكن ذلك التراجع لم يعد ثقة الأسواق في السياسة المالية والاقتصادية للحكومة.

وتفادت تراس أسئلة الصحافيين إن كانت ستعتذر عن قرارتها السابقة التي تتراجع عنها تباعاً، ملقية باللوم على غيرها، إذ اعتبرت أن تراجعها بسبب "رد الفعل غير المتوقع من الأسواق". حتى في مسألة إقالة وزير الخزانة، الذي أعربت عن أسفها لخسارته، لم تفعل كما يحدث عادة من رئيس حكومة بالإشارة "إلى قبول استقالته مع كل الأسف" والإشادة بإنجازاته، بل إن خطاب كوارتنغ كان واضحاً في قوله لرئيسته تراس "كما طلبتي مني أن اتنحى جانباً، وقد قبلت بذلك".

واعتبر إعلاميون ومعلقون في الصحافة البريطانية أن تراس لم تكن موفقة حتى في تغطية إقالتها وزير خزانتها لإنقاذ نفسها.

مناورة هنت

بالطبع، جاءت الانتقادات على الفور من كل جانب، سواء من المعارضة السياسية أو حتى من نواب حزب المحافظين الحاكم ذاته، ومن الصحافة والإعلام. إلا أن الأسواق تفاءلت في رد فعل إيجابي حذر على تولي هنت وزارة الخزانة، لكن سعر صرف الجنيه الاسترليني الذي تحسن قليلاً مع خبر تغيير وزير الخزانة، عاد للهبوط مساء الجمعة بعد المؤتمر الصحافي لرئيسة الوزراء ليتداول حول 1.1 دولار للجنيه فاقداً 1.2 في المئة من قيمته.

يذكر أن هنت الذي خسر في بداية السباق لخلافة بوريس جونسون في الانتخابات التمهيدية للحزب بين النواب كان من داعمي وزير الخزانة السابق ريشي سوناك ضد تراس حين انحصر السباق بينهما في انتخابات نواب الحزب التي أتت بتراس إلى رئاسة الحزب والحكومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن الواضح، كما يرى معلقون ومتابعون للشأن البريطاني، أن تراس أرادت المناورة بتعيين غريمها هنت وزيراً للخزانة كي تقنع قطاعات واسعة من حزبها الحاكم بالتخلي عن معارضتها والسعي إلى إقالتها، لكن معظم المعلقين يشككون في أن تنجح المناورة بتعيين هنت في إقناع عدد كبير من نواب حزب المحافظين باستمرار تراس في الحكم.

وبدأ عدد من النواب الكتابة على مواقع التواصل بعد المؤتمر الصحافي لرئيسة الحكومة. ورأى بعضهم ضرورة إجراء انتخابات عامة مبكرة، فيما تحدث البعض الآخر عما يدور في كواليس الكتلة البرلمانية للحزب من بحث إقالة تراس واختيار قيادة مشتركة من ريشي سوناك وبيني موردو.

ونشرت صحيفة "التايمز"، الجمعة، تقريراً عن اتجاه قوي في حزب المحافظين الحاكم للتخلص من تراس واختيار ريشي سوناك وبيني موردو لقيادة الحزب والحكومة بشكل مشترك وتبادل رئاسة الحكومة في الفترة المتبقية حتى الانتخابات في عام 2024.

ونشرت صحيفة "ديلي ميل" تقريراً عن زيادة عدد نواب الحزب الساعين إلى لإقالة تراس من زعامة الحزب ورئاسة الحكومة، وأن هؤلاء حددوا موعداً بنهاية أكتوبر الحالي للقيام بالتحرك في هذا الاتجاه. حتى عنوان الصحيفة حمل عبارة أن أمام تراس 17 يوماً ليتقرر مصيرها.

انتقادات من كل جانب

لم تقتصر الانتقادات على المعارضة السياسية، بل إن وزير الخزانة البريطاني السابق من حزب المحافظين فيليب هاموند علق على قرارات تراس الأخيرة بالقول "أخشى أننا (حزب المحافظين) أهدرنا سنوات وسنوات من العمل الشاق لترسيخ سمعتنا كحزب الانضباط المالي والكفاءة في إدارة الحكم".

ونقلت وكالة "رويترز" عن كبير الاقتصاديين في "كابيتال إيكونوميكس" بول دايلز قوله "من غير المحتمل أن تؤدي إقالة وزير الخزانة كواسي كوراتنغ وإلغاء التعهد بعد زيادة ضرائب الشركات إلى استعادة ثقة الأسواق المالية. فما زالت هناك تخفيضات ضريبية في الميزانية التكميلية من دون توفير موارد لتمويلها تصل إلى نحو 28 مليار دولار (25 مليار جنيه استرليني)".

بالطبع، كان رد فعل زعيم حزب العمال المعارض السير كيير ستارمر كما هو متوقع مطالباً باستقالة الحكومة. وقال ستامر إن "تغيير وزير الخزانة لن يقلل من الضرر الذي أحدثته الحكومة. إن توجه تراس غير المسؤول أدى إلى انهيار الاقتصاد مع ارتفاع مدفوعات القروض العقارية بشكل صاروخي وانهيار مكانة بريطانيا على المسرح الدولي. نريد تغيير الحكومة".

وطالبت الوزيرة الأولى في إقليم اسكتلندا نيكولا ستيرجون باستقالة الحكومة كي يمكن استعادة الثقة في الاقتصاد. وأضافت أن "أفضل شيء يمكن أن تفعله ليز تراس من أجل الاستقرار الاقتصادي هو أن تستقيل. فقراراتها أدت إلى انهيار الاقتصاد وجلبت مزيداً من البؤس للناس الذين يعانون بالفعل في مواجهة ارتفاع كلفة المعيشة".

ويتوقع أن تظل الأسواق في حالة عدم يقين على مدى الأسبوعين المقبلين، حتى يبدأ وزير الخزانة الجديد إعلان السياسة النقدية نهاية الشهر، وفي انتظار اجتماع لجنة السياسات النقدية في بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات