قالت لجنة الصحة الوطنية، الأحد التاسع من أكتوبر (تشرين الأول)، إن الصين سجلت 1925 إصابة جديدة بفيروس كورونا، السبت، من دون تغيير عن اليوم السابق، منها 503 إصابات ظهرت عليها أعراض و1422 بلا أعراض
وكانت الصين رصدت عدد الإصابات نفسه، الجمعة، منها 501 إصابة ظهرت عليها أعراض و1424 من دون أعراض.
ولم تسجل الصين أي وفيات جديدة ليظل العدد الإجمالي عند 5226.
وبلغت الإصابات في بر الصين الرئيس حتى الآن 253141 إصابة مؤكدة مصحوبة بأعراض.
وسجلت العاصمة بكين ست إصابات محلية جديدة مصحوبة بأعراض، السبت، وحالتين من دون أعراض.
وأعلنت مدينة شنغهاي، المركز المالي الصيني، عن تسجيل حالتين جديدتين بأعراض و19 حالة من دون أعراض.
"صفر كوفيد"
وقد باتت سياسة "صفر كوفيد" رمزاً لنهج الرئيس شي جينبينغ في الصين، مع ما تفرضه من إجراء فحوص لكشف الإصابة بـ"كوفيد-19" كل يومين أو ثلاثة أيام أو مسح رمز استجابة سريعة عند مدخل الأماكن العامة لإثبات عدم الإصابة وغيرها من إجراءات.
وحتى إن كانت تدابير الإغلاق المتكررة وحملات الفحوص الواسعة النطاق والحجر الصحي المكلف تشكل عبئاً على ثاني قوة اقتصادية في العالم، لا يبدو الرئيس الذي يستعد للفوز بولاية ثالثة غير مسبوقة على استعداد للتخلي عنها.
ويؤكد أنها الطريق "الأكثر فاعلية والأقل كلفة" نحو المستقبل، في وقت يرفض الحزب الشيوعي الحاكم أن يحدد ما إذا كانت القيود ستبقى مفروضة لأسابيع أو أشهر أو سنوات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوضح ديانا فو خبيرة السياسة الداخلية الصينية في معهد "بروكينغز" الأميركي أن "إرث شي وشرعية الحزب على ارتباط بنجاح حملة (صفر كوفيد)".
وأضافت أن "الحملة، أياً كانت عواقبها الاجتماعية والاقتصادية، ستبقى بمثابة نجاح جدير بالثناء للاشتراكية الصينية مع اقتراب المؤتمر الـ20 للحزب" في إشارة إلى الاجتماع الحاسم الذي تنطلق أعماله 16 أكتوبر.
وتثير أوجه المبالغة في هذه السياسة أحياناً استياء يتم التعبير عنه على مواقع التواصل الاجتماعي، كما حصل عند فرض الإغلاق المطول في شنغهاي في الربيع، أو عند تعرض حافلة تنقل سكاناً إلى مركز حجر صحي لحادث سير أخيراً في مقاطعة كويتشو (جنوب غرب)، ما أسفر عن وقوع 27 قتيلاً.
لكن السكان مرغمون في حياتهم اليومية على الانصياع للقواعد، مثل وجوب الخضوع لفحوص كشف الإصابة مرات عدة في الأسبوع للتمكن من الدخول إلى أي مكان عام.
وعند مداخل المكاتب أو المراكز التجارية أو المطاعم، يتحتم مسح رمز استجابة سريعة يظهر نتائج آخر فحص أجراه الشخص.
وإن كان الرمز أخضر يسمح لهم بالدخول. أما إن كان برتقالياً أو أحمر، فهذا يعني أن نتيجة فحصهم كانت إيجابية أو أنهم خالطوا شخصاً مصاباً.
فحوص أم رقابة؟
وينطوي هذا النظام على مخاطر حصول تجاوزات. ففي يونيو (حزيران)، تعرضت سلطات محافظة هينان (وسط) لانتقادات للاشتباه بحصول تزوير في تراخيص صحية حتى تظهر نتائج "حمراء" ما يسمح بمنع محتجين من التوجه إلى تظاهرة.
ورأى ستيف تسانغ مدير معهد "سواس تشاينا" في جامعة لندن أن سياسة "صفر كوفيد" تندرج "ضمن خط نموذج الرقابة الاجتماعية في عهد شي".
واعتبر أن الإبقاء عليها يتوقف على "التوازن بين الضرورة الاقتصادية" و"أسطورة شي المعصوم من الخطأ".
ويتحتم بموجب هذه السياسة على أي مسافر قادم من الخارج الخضوع لحجر صحي لمدة 10 أيام لدى وصوله إلى الصين.
وأتاحت هذه السياسة الصارمة الحد من حصيلة الوفيات جراء "كوفيد" في الصين بخمسة آلاف حالة وفق الأرقام الرسمية، مقابل أكثر من مليون وفاة في الولايات المتحدة.
وحتى عندما دفع المتحور "أوميكرون" الأشد عدوى غير أن أعراضه أقل خطورة عديداً من الدول إلى إعادة فتح حدودها، لم تبدل بكين خطها.
ويبدو هذا الحذر مستغرباً في ظل نسبة تلقيح بلغت نحو 90 في المئة بحسب وزارة الصحة.
وأكد الأستاذ في معهد العلوم الطبية الإحيائية في جامعة هونغ كونغ جين دونغ يان أنه "لا بد من أن يتخلوا في نهاية المطاف عن سياسة صفر كوفيد" التي وصفها بأنها "خاطئة ومخالفة لكل الأدلة العلمية".
ولفت يانتشونغ هوانغ خبير الصحة في معهد "مجلس العلاقات الدولية" للدراسات الأميركي أن ظهور متحورات سريعة العدوى قوض النهج الصيني الذي بنى نجاحه على الحد من عدد الإصابات.
الفيروس يتحدى
ومع تخطي الفيروس قدرة السلطات على الاستجابة "تلجأ المدن إلى تدابير الحجر كرد آني".
وتعتبر الصين سياستها الصحية ضرورية لمنع إغراق النظام الصحي لا سيما في الأرياف الفقيرة.
لكن هوانغ يرى أن هذه المخاوف "مبالغ فيها"، مشدداً على أن "معدل الوفيات لدى الذين تزيد أعمارهم على 80 عاماً يفترض أن يكون محدوداً" إن كانوا تلقوا اللقاحات بالكامل.
ولهذه السياسة تكلفة إذ يتوقع بنك "نومورا" الياباني أن يتباطأ النمو الاقتصادي الصيني إلى 2.7 في المئة هذه السنة.
وتعكس هذه النسبة تراجعاً كبيراً عن معدلات ما قبل الوباء، وعن الهدف الرسمي الذي حدد النمو بـ"حوالى 5.5 في المئة".
وأدت تدابير الحجر وإغلاق المصانع إلى زيادة نسبة البطالة بين الشباب وقوضت ثقة المستهلكين بحسب المحللين، في وقت تسبب الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة والمخاوف من حصول ركود في الولايات المتحدة بتراجع الإقبال على الصادرات الصينية.
وعلى الرغم من ذلك فلا يزال عديدون في الصين مؤيدين لهذه السياسة بعد أن أقنعتهم الدعاية الرسمية بضرورة الحد من الإصابات "أياً كان الثمن الإنساني أو الاقتصادي"، برأي ديانا فو.
ومن المستحيل معرفة متى سيقرر شي جينبينغ تليين نهجه. وقال خبير الصين وأستاذ التاريخ في جامعة كاليفورنيا جيفري فاسرستروم، إن "الحزب الشيوعي الصيني يتمنع عن الاعتراف بالخطأ حين يسلك طريقاً إشكالية"، بالتالي فإن "تصحيح المسار قد يأتي متأخراً جداً".