Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخابئ أسلحة الفصائل الموالية لإيران تتوسط المدن العراقية... وأجهزة الأمن تتجنب المواجهة

أحد الانفجارات أودى بنحو 130 قتيلاً والملفات المتصلة بطهران توضع في خانة "المسكوت عنه"

الاجهزة الرسمية العراقية لا تملك معلومات كافية عن مخابىء اسلحة الحشد الشعبي (رويترز)

يثير إصرار كبار المسؤولين في الدولة العراقية على الحديث عن ضرورة حصر السلاح بيد الجهات الرسمية المختصة، الاستهجان في أوساط المتابعين، نظراً إلى لمعرفتهم بعجز الحكومة عن التزام هذا التوجه، بالرغم من قطعها وعود متكررة بشأنه.

آخر المواقف المتعلقة بهذا الملف، عبر عنها أمر ديواني وقعه رئيس الوزراء العراقي، يتضمن سلسلة تعليمات بشأن ضبط أداء الحشد الشعبي، وتفكيك مقراته داخل المدن، وحصر سلاحه في النطاق الرسمي.

حصر السلاح... حلم مؤجل

جاء هذا الأمر الديواني، بعد لقاءات استضافها الرئيس العراقي برهم صالح، وشارك فيها رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فيما حضرها ممثلون عن الحشد الشعبي، إذ أقر المجتمعون "ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، والعمل على حماية تعزيز السيادة الوطنية والتصدي بكل قوة لكل من يريد الزج بالعراق في صراعات وتنازعات خارجة عن مصلحة شعبه"، وفقاً لتعبير بيان رسمي.

وبالرغم من أن إشارة المجتمعين كانت واضحة إلى فصائل عراقية مسلحة، متورطة في تنفيذ هجمات على مواقع ينتشر فيها الجيش الأميركي داخل البلاد، إلا أن الإجراءات الميدانية لتنفيذ هذا الالتزام، تكاد أن تكون "لا شيء"، وفقاً لضباط كبار في الجيش والشرطة العراقيين.

لعل أبرز الدلائل على العجز الحكومي، يتمثل في انتشار مخازن السلاح الخاص بهذه الفصائل، المعروفة بقربها الشديد من إيران، داخل مدن سكنية مكتظة، من دون أن تتخذ الجهات المختصة إجراء يذكر.

يقول مسؤولون أمنيون في بغداد إن عناصر في الحشد الشعبي، حولوا منازلهم في الكثير من الأحياء السكنية، إلى مخازن تضم ذخيرة حية وعتاد أسلحة خفيفة ومتوسطة، وقنابر لمدافع هاون متوسطة المدى، وفي بعض الأحيان صواريخ الكاتيوشا، السلاح المفضل لدى المجموعات التي تقصف

انفجارات تخلف خسائر كبيرة

العام الماضي، تعرضت نحو 10 مخازن سلاح، تابعة لفصائل في الحشد الشعبي، إلى انفجارات، بين شهري مايو (أيار) وأغسطس (آب)، ما دفع رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي، إلى الإعلان عن "حملة كبرى" تقود إلى إجبار هذه الفصائل على نقل مخازن سلاحها، خارج المدن.

بالرغم من أن أحد انفجارات صيف العام الماضي، تسبب في كارثة مأسوية، بعدما دمر عشرات البيوت القريبة منه، ودفن نحو 130 جثة تحت الأنقاض، إلا أن الحملة التي أعلن العبادي إطلاقها ضد مخازن السلاح العشوائية لفصائل الحشد الشعبي في المناطق السكنية، يبدو أنها لم تنفذ من الأساس.

وفضلا عن حملة ملاحقة مخازن السلاح هذه، أعلنت الحكومة آنذاك عن تشكيل لجان تحقيق، لكشف أسباب التفجيرات، ودواعي تخزين الذخيرة وسط المدن السكنية، لكن نتائج التحقيقات لم تر النور، فيما رفض المتحدثون الإعلاميون في وزارتي الداخلية والدفاع وجهاز الأمني الوطني، التعليق عليها.

الجهات الرسمية ترفض التعليق

في السادس عشر من يونيو (حزيران) المنصرم، أعيد فتح هذا الملف، عندما اندلع حريق في موقع يبعد نحو 200 كيلومتر شمال العاصمة العراقية، تسبب في انفجارات متسلسلة، سمع دويها على بعد مسافات طويلة. وبينت التحقيقات الأولية، أن الموقع يخص فصيلاً في الحشد الشعبي، حوله إلى مخزن سلاح، ما تسبب في ترويع سكان المنطقة المحيطة، لدى انفجاره.

كالعادة، انطفأت جذوة الاهتمام الإعلامي بالحادث، بعد ساعات من وقوعه، لأن أجهزة الأمن رفضت التعليق على تفاصيله، وأغلق الحشد الحشد الشعبي خطوطه في وجه الإعلاميين، ما وضع الانفجار الجديد في خانة "المسكوت عنه"، التي تضم الكثير من الملفات المتصلة بإيران، ولا يجرؤ جهاز أمني عراقي على فتحها.

قبل هذا التطور بأيام، تسرب أن قوة عسكرية، تتبع جهة سيادية، رصدت تجمع مسلحين قرب منزل الرئيس العراقي برهم صالح في منطقة الجادرية، ببغداد، وبعد الاقتراب من الموقع، تبين أنه يضم عناصر عراقيين وإيرانيين، قيل إنهم على صلة بالحرس الثوري الإيراني. وأوردت المعلومات الشحيحة التي تسربت عن هذا التطور، أن الموقع ربما يحتوي على ذخيرة حية لمدافع متوسطة المدى.

معلومات شحيحة عن مخازن سلاح الحشد

يقول ضابط في جهاز الاستخبارات العسكرية التابع لوزارة الدفاع العراقية، إن "معلوماتنا تكاد تكون منعدمة بشأن مخابئ سلاح الحشد الشعبي"، مضيفا أن "الحشد، لديه السطوة الكافية لحماية هذه المعلومات".

ويوضح، بعدما طلب حجب اسمه، أن "الحكومة العراقية لديها يقين بأن للحشد مخازن سلاح وسط الأحياء السكنية، لكنها لا تملك تصورا عن محتوياتها أو مواقعها بدقة، لأنها لا تستطيع أن تدخلها"، مشيرا إلى أن "معلوماتنا الشحيحة في هذا الملف، تشير إلى أن فصائل الحشد الشعبي لا تخشى مداهمة مقراتها المعروفة في بغداد ومختلف المدن الأخرى، لذلك يمكن أن تكون هذه المقرات هي مخازن سلاح في الوقت نفسه".

القرار سياسي

ويؤكد الضابط، أن "القرار في هذا الملف سياسي بامتياز، إذ لا يمكن لجهة أمنية أن تتحرك من تلقاء نفسها ضد مخزن سلاح تابع للحشد، حتى إذا كانت لديها معلومات دقيقة، فهذا قد يفجر أزمة"، مستبعدا أن تصدر عن الحكومة قرارات بتتبع هذه المخازن، في وقت وصل فيه الحشد الشعبي إلى ذروة قوته العسكرية.

وفي إشارة واضحة على الحساسية البالغة التي تحيط بهذا الملف، لم يشر الأمر الديواني الأخير، الذي تناول جميع الشؤون التنظيمية الخاصة بالحشد الشعبي ومقراته ومعسكراته وقادته وعناصره، من بعيد أو قريب، إلى مخازن السلاح التي يملكها وسط الأحياء السكنية.

المزيد من العالم العربي