Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد تعيين باثيلي هل يمكن للاتحاد الأفريقي إحداث خرق في المشهد الليبي؟

خبير استراتيجي يقول إن "حل الأزمة يكمن في تطبيق العقوبات الدولية"

صورة تجمع بين المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا عبدالله باثيلي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (الموقع الرسمي للبعثة الأممية للدعم في ليبيا)

حمس تعيين مجلس الأمن الدولي الأفريقي عبدالله باثيلي مبعوثاً رسمياً  لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، الاتحاد الأفريقي للعب دور الوسيط الجديد لمحاولة حلحلة الجمود السياسي الذي تتخبط فيه ليبيا منذ انهيار نظام معمر القذافي عام 2011.

وكان الاتحاد الأفريقي الذي أعلن رسمياً تأسيسه في 26 مايو (أيار) 2002 ليحل محل منظمة الوحدة الأفريقية التي سبق وتأسست في 25 مايو عام 1963، قد تنصل من مهمته تجاه ليبيا في السنوات الماضية.

وفي ما يرى بعض الخبراء الليبيين أنه "بإمكان الاتحاد الأفريقي دعم المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا عبدالله باثيلي في مساعدة السلطات الليبية للذهاب نحو انتخابات وطنية تنهي الانقسامات السياسية والصراعات الأمنية"، أكد آخرون أن "الاتحاد الأفريقي كجسم إقليمي أثبت ضعفه في حل أزمات أفريقية عدة، فما بالك بالإشكالية الليبية التي عجز حتى مجلس الأمن الدولي عن تبديد الخلافات والانقسام الحاصل في البلاد، لاسيما أن عدداً مهماً من الليبين لا يثق في الاتحاد".

دور ضعيف

وفي إطار الإجابة عن سؤال ما إذا كان بإمكان الاتحاد الأفريقي مساعدة باثيلي على إنهاء الصراع بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة والحكومة الليبية بقيادة فتحي باشاغا، لتحقيق رغبة 2.8 مليون ناخب ليبي في إقامة انتخابات متزامنة (برلمانية ورئاسية)، قال مدير مركز الأمة للدراسات الاستراتيجية محمد الأسمر، إن "افتتاح باثيلي لنشاطه الأممي باجتماع مع رئيس الحكومة السنغالية والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي ماكي سال، لا يعني أن الاتحاد الأفريقي يتمتع بمناعة دبلوماسية تقف حاجزاً أمام تمدد ألسنة الأزمة الليبية، التي عجز عن إخماد نارها المجتمع الدولي على مدى السنوات الماضية".

ويؤكد الأسمر أن "الاتحاد الأفريقي يتطلع إلى العودة بقوة لساحة المفاوضات الليبية عبر باثيلي، ولكن هذا لا يعني أنه من المنتظر أن نرى نتائج على أرض الواقع، باعتبار أن اللجنة الرباعية المهتمة بالملف الليبي (الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية)، لم تتوصل إلى أي حل ينهي معاناة الشعب الليبي على مدى العشرية الأخيرة".

ويوضح مدير مركز الأمة للدراسات الاستراتيجية أن معضلة ليبيا لا تتمثل في إصدار القرارات الرادعة أو العقوبات على معرقلي عملية الاستقرار، إذ لا توجد سلطة دولية أعلى من مجلس الأمن الدولي الذي انبثقت عنه قرارات عدة ولكنها لم تنفذ إلى حد الآن، على غرار القرارين عدد 2570 و2571 الصادرين في 16 أبريل (نسيان) 2021. إذ نص القرار الأول على ضرورة إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، فيما شدد القرار الثاني على أنه ستطبق عقوبات دولية على كل من يعرقل العملية الانتخابية، إضافة إلى ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة، "غير أنه إلى حد اللحظة لم نر أي تطبيق للعقوبات الدولية التي وردت بهذه القرارات على أرض الواقع".

ونبه الأسمر إلى أنه "لا يجب على الاتحاد الأفريقي التعويل على باثيلي كشخصية أممية تنحدر من القارة السمراء لإيجاد مخرج للأزمة الليبية، باعتبار أن المبعوث الأممي الحالي سبق وتعامل مع الشأن الليبي بصفته مفتشاً خاصاً للبعثة عام 2021 بتكليف من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لأنه لا يعدو أن يكون سوى شخصية وظيفية سبق وتعاملت مع الملف الليبي فقط أثناء تأسيس تجمع دول الساحل والصحراء حين كان وزيراً للبيئة، ولا يمكن مقارنته دبلوماسياً بسابقيه خصوصاً برناردينو ليون الذي توجت جهوده باتفاق الصخيرات المغربية أواخر 2015".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقاطع المصالح

وأشار الأسمر إلى أن "حل الإشكالية الليبية لا يمكن أن يأتي عبر تغيير المبعوثين الأمميين بل عبر توافق دولي، لأنه في ظل التصادم الدولي الحالي حول الثروات الليبية وعدم التزام مجلس الأمن الدولي بجدول زمني محدد لتطبيق العقوبات الدولية على المخالفين لقراراته، ستظل الأزمة الليبية ترواح مكانها، ولن يتمكن أي مسؤول غربي أو أفريقي من فتح تفكيك عقدها".

وتساءل المتحدث ذاته عن عدم تطبيق مجلس الأمن الدولي عقوبات دولية على حكومة "الوفاق الوطني" السابقة لتجاوزها سنتين، وحكومة الوحدة الوطنية الحالية التي لم تلتزم هي الأخرى بالمهة التي جاءت من أجلها، وهي إجراء انتخابات وطنية في ديسمبر الماضي، على أن تخرج بعدها من المشهد السياسي، وفق اتفاق جنيف.

وختم الأسمر مبرزاً أن "الاتحاد الأفريقي لا يشكل قوة ضاغطة حتى تكون له بصمة في الشأن الليبي، بل هو مجرد تكتل خاضع للقطب الغربي، لاسيما بعد ترهل حاله منذ عام 2011 بسبب فقدانه للقوة الداعمة له لوجوستياً واستراتيجياً، والمتمثلة بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وقتها كانت ليبيا بحسب متابعين تلعب دوراً كبيراً في المحافظة على سيادة الاتحاد الأفريقي".

الفرصة متاحة

من جانبه يرى الباحث الليبي المختص في الشؤون الأفريقية موسي ساي تهاوي، أن "غياب دور الاتحاد الأفريقي في ليبيا فسح المجال للدول الغربية للتفرد بصناعة القرارات الدولية تجاه الملف الليبي".

وطالب ساي تهاوي الاتحاد الأفريقي بضرورة استغلال حال التخبط التي تعيشها الدول الغربية تجاه الإشكالية الليبية للبروز من جديد، خصوصاً في ظل تعيين مبعوث أفريقي على رأس البعثة الأممية في ليبيا، إضافة إلى أن الاتحاد الأفريقي يمكن أن يستند على قوة التصويت التي يمتلكها داخل أروقة الأمم المتحدة.

وأكد المتحدث ذاته أن "هذا التكتل السياسي بإمكانه جلب الأضواء مجدداً لمنصته في ظل قيادة ماكي سال الذي يتمتع بحنكة دبلوماسية"، داعياً إلى "تكثيف العمل مع الصين وروسيا خصوصاً التي تتمتع بثقل دولي في ما يخص الملف الدولي".

وأشار المتحدث ذاته إلى أنه "بامكان الاتحاد استعادة مكانته لدى الليبيين عبر الضغط دولياً على خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، وفق جدول زمني محدد، لاسيما أن الدول الأفريقية الواقعة على الحدود الجنوبية الليبية هي المتضرر الرئيس من هذه المسألة، خصوصاً في ما يتعلق بتنقل المرتزقة وانتشار تجارة السلاح وتهريب البشر".

وأكد ساي تهاوي أن "بروز نجم الاتحاد الأفريقي في سماء ليبيا بدأ تحديداً منذ يونيو (حزيران) الماضي، حين قام وفد من الاتحاد بزيارة إلى بنغازي شرق البلد، وقدم تصوراً عن إقامة مؤتمر جامع برعايته يضم الأطراف الليبية كافة، يصل إلى عملية انتخابية تنتج منها سلطات جديدة، وفق قرارات تم اتخاذها بمؤتمر برلين 1 من أهمها إسناد ملف المصالحة الوطنية للاتحاد الأفريقي".

المزيد من تقارير