Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طلاق اللبنانيين... بألوان الكارثة واتساعها وصخبها

رواج "حفلات الانفصال" على "السوشيال ميديا" وباحثون: "ثلث الزيجات معرضة للفشل بسبب سوء الأوضاع"

تشير الإحصاءات إلى أن زيادة طلبات الطلاق المقدمة من النساء أمر يجب التوقف عنده (غيتي)

يرزح لبنان منذ سنوات تحت وطأة أزمات متلاحقة ووضع اقتصادي متدهور على صعد عدة، مما انعكس على طبيعة الحياة الأسرية نتيجة تفاقم الضغوط والتوترات بشكل عام.

فبحسب الأرقام الصادرة عن المديرية العامة للأحوال المدنية في لبنان أشارت إحصاءات عام 2020 إلى أن معدلات الزواج انخفضت بنسبة تتراوح بين 13.5 و17.9 في المئة في السنوات الخمس الأخيرة، وفي المقابل تراجعت معدلات الطلاق بين 11.1 و9.8 في المئة.

وبصرف النظر عن عدم وجود إحصاءات دقيقة ومحدثة، تشير الباحثة في علم الأنثروبولوجيا والإعلام ليلى شمس الدين إلى أن "ثلث حالات الزواج في لبنان في الأقل معرضة للطلاق، والتراجع الذي حصل في أرقام الطلاق والزيجات ليس بغريب في ظل الظروف التي نعيشها".

ولفتت إلى أن "الدراسات الرسمية أشارت إلى أن معدلات الطلاق في لبنان بلغت 34 في المئة من حالات الزواج في السنوات الأخيرة، ويأتي البلد في المرتبة الثانية بالنسبة إلى العالم العربي الذي تصل فيه معدلات الطلاق إلى 50 في المئة".

المجتمع والمرأة المطلقة

بالنسبة إلى الدوافع التي تؤدي إلى الطلاق، توضح شمس الدين أن "مبادرة الطلاق ارتفعت عند النساء أكثر من الرجال"، لافتة إلى أنه "في السنوات الأخيرة، أصبح لدى المرأة شبه استقلال ذاتي أو تام، فالتعليم أعطاها قوة لتأمين وظيفة تستند إليها، بالتالي تغيرت الحال الاقتصادية والاجتماعية لها ما انعكس على واقعها بشكل عام في لبنان والعالم العربي، حيث تبدلت الأعراف المجتمعية تجاه الطلاق فضلاً عن الإصلاحات القانونية التي طالت بعض قوانين الأحوال الأسرية في لبنان، والآن ترفض المرأة أن يتحكم الرجل في حياتها، إذ أصبحت قادرة على اختيار الشخص الذي يواكب طموحاتها وتحديد استمرارية العلاقة ضمن إطار المؤسسة الزوجية من عدمها، وما إذا كانت تريد الإنجاب أم لا".

تشير الإحصاءات الحالية التي تم جمعها من محاكم الأحوال الشخصية إلى أن الزيادة في طلبات الطلاق المقدمة من النساء أمر يجب التوقف عنده، والنظر له كنتيجة للتغيرات الأوسع في المجتمع.

وتوضح شمس الدين أن "الجيل الجديد تغيرت نظرته إلى المرأة، إذ بات يتفهم ويدرك أنها أصبحت حرة في خياراتها ولم تعد مجبرة على تحمل سوء المعاملة من قبل الزوج، بخاصة أن نسبة كبيرة من النساء اليوم متعلمات ورائدات في أعمالهن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفتت إلى أن "متوسط سن الزواج للنساء في عقود ما بعد الحرب ارتفع لـ32 سنة بعد أن كان 24 سنة، وذلك نتيجة التحول الاجتماعي والظروف الاقتصادية ومشاركة المرأة في سوق العمل"، موضحة أن "المرأة أصبحت تعيش مدللة أكثر في منزل والديها سواء قبل الزواج أو بعده، لأن معظم الآباء باتوا يتقبلون طلاق ابنتهم بدل رفضهم له".

أما بالنظر إلى نسبة الطلاق في السنوات الثلاث الماضية فتشير شمس الدين إلى أنها "شهدت ارتفاعاً بعد اشتداد الأزمة الاقتصادية والتحديات، وأصبحنا نشهد طلبات طلاق لأزواج عاشوا معاً بين 13 و20 سنة، وارتفعت المعدلات إلى 40 في المئة في بعض المحاكم، والسبب غياب التوجيه التربوي والأسري المناسب للعلاقات الزوجية".

وتؤكد أن "أكثر من ثلث الزيجات انتهت بالطلاق، ويمكن القول إن أنماط الانفصال تغيرت، إذ إن الطلب عليه من قبل النساء أكثر من الرجال في الفترة الماضية". لافتة إلى أن ارتفاع النسبة بعد جائحة كورونا يوضح أن "الحجر الإلزامي أظهر أن العلاقات غير قادرة على الاستمرار ومواجهة التحديات والتوترات وتقبل الأوضاع المستجدة".

احتفالات الطلاق

مع ارتفاع معدلات الطلاق في لبنان انتشرت حفلات للاحتفاء به في ظاهرة جديدة على المجتمع. تقول إحدى المطلقات التي احتفلت مع أصدقائها وعائلتها فور الإعلان عن طلاقها من زواج دام 13 سنة، "أنا مطلقة وفخورة لأنني اتخذت هذا القرار بعد سنوات من العنف المعنوي والمادي"، معتبرة أن الاحتفال بذلك "هو مناسبة لإنهاء حالات التوتر والعاطفة المضطربة والاتجاه نحو التطلع لمستقبل وحياة جديدة، ولا يجب اعتبار هذه المناسبة كئيبة بل العكس".

من هنا ترى شمس الدين أن "ذكرى فسخ الزواج بدأت تأخذ أشكالاً عدة، وتحولت إلى صناعة وتجارة، إذ تتراوح الحفلات بين المقتصرة على الأهل والأصدقاء وأخرى على نطاق أوسع، وهناك إشهار لها على مواقع التواصل الاجتماعي، وكما أن هناك منظم حفلات للأفراح هناك أيضاً واحد لحفلات الطلاق"، معتبرة أنه "على الرغم من أن هذه الحفلات تحمل رسائل عدة، منها الانفتاح نحو مسار جديد وإعطاء الناس حرية أكبر للتعبير عن مشاعرهم، فإنها في النهاية احتفالات شكلية، فهناك ضياع واضطراب لدى الشخصين المطلقين يحتاجان إلى وقت لعلاجهما ولن تنهيهما حفلة".

تقول شمس الدين إن "الدراسات تشير إلى أنه لا توجد تربية أو ثقافة حول العلاقة الزوجية، ولا خدمات لتحسين التواصل بين الأزواج لرفع مستوى الرضا الزوجي والتقليل من حالات الطلاق"، مؤكدة "ضرورة وضع برامج للتثقيف في شأن الزواج بالمناهج التربوية والإعلامية، على أن تكون فعالة، وأن تتضمن محتوى جوهرياً مثل التسامح وكيفية التعامل مع تقلبات الحياة للتخفيف من حدة المشكلات، لنكون أمام سلة متكاملة هدفها تزويد الأشخاص بمهارات تحسين التفاعل من خلال العلاقات وتحديداً بين الزوجين، عن طريق الحد من المشاحنات السلبية وكيفية امتصاص الغضب وطريقة توجيه النقد واللوم والعمل على تقوية السلوكيات الإيجابية لتحفيز وتعزيز التعبير عن التعاطف والدعم والمودة".

المزيد من تقارير