Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحذيرات من دخول بريطانيا في ركود ومخاوف من ارتفاع بتكاليف الإقراض

السندات المحلية تحت ضغط التقلبات وتصنيفها مع ديون اليونان وإيطاليا في سلة واحدة

بريطانيا في خضم ركود اقتصادي معتدل عن إجمالي العام الحالي (أ ف ب)

ربما يكون الجنيه الاسترليني قد أوقف انهياره السريع نحو التكافؤ مع الدولار الأميركي، لكن الضرر الذي لحق بالاقتصاد البريطاني بسبب مقامرة رئيسة الوزراء ليز تراس لخفض الضرائب لا يزال ينتشر في الأسواق المالية. وقد استقر الجنيه الاسترليني في تعاملاته الأخيرة ليجري تداوله بالقرب من 1.08 دولار، مرتداً عن أدنى مستوى سجله في تعاملات الإثنين الماضي 26 سبتمبر (أيلول)، عند نحو 1.03 دولار، كما ارتفع سعر السندات الحكومية البريطانية القياسية لأجل 10 سنوات بشكل طفيف.

لكن قلة من المحللين يعتقدون أن التقلبات قد انتهت بعد، فأسعار السندات على وجه الخصوص لا تزال غير مستقرة، وعندما يهدأ الغبار ستضطر البلاد إلى مواجهة الزيادة الحادة في تكاليف الاقتراض مما يزيد من الضغط على اقتصاد يعاني بالفعل من تضخم بنسبة 10 في المئة وبدايات ركود.

في مذكرة بحثية حديثة أعلنت وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال"، أن بريطانيا في خضم ركود اقتصادي معتدل عن إجمالي العام الحالي إذ تستعد أوروبا لمواجهة شتاء صعب ووسط زيادة مخاطر الائتمان. وأضافت، تواجه أوروبا صعوبات وحالة من عدم اليقين الجيوسياسي وسط زيادة شهية المخاطرة السياسية لدى روسيا عقب خسائرها لأراض أوكرانية إلى جانب أسعار الطاقة الباهظة التي تحفز التضخم.

ركود معتدل

وأكدت الوكالة أن المملكة المتحدة في خضم ركود معتدل بدأ بالفعل في الربع الثاني وسيستمر طوال أربعة فصول متتالية، إذ تواجه الأسر تضخماً عند 9.9 في المئة وسط توقعات بمزيد من الارتفاع خلال الشتاء، ومع ذلك يرى التقرير أن تدابير الدعم المالي التي طبقتها الحكومة البريطانية ستحمي بشكل كبير ميزانيات الأسر من ضغوط التضخم الكبيرة في فصل الشتاء. وتشير التوقعات إلى أن بنك إنجلترا سيرفع الفائدة من 2.25 في المئة إلى 3.25 في المئة بحلول فبراير (شباط) المقبل، فيما تتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي لبريطانيا بنحو 3.3 في المئة في 2022، قبل أن ينكمش بنسبة 0.4 في المئة في 2023. وأشارت الوكالة إلى أن اقتصاد منطقة اليورو سيتوقف عن النمو في الربع الأخير من العام الحالي والربع الأول من 2023.

الخبير الاقتصادي ومستشار شركة "أليانز" محمد العريان قال إن "هذا وضع تكون فيه تكاليف الاقتراض الحكومي- بالتالي جميع تكاليف الاقتراض- ضعيفة بشكل لا يصدق". وذكر أن الهبوط في الجنيه سيئ بما فيه الكفاية. سيؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف الاستيراد مما يزيد من الضغط على بنك إنجلترا لرفع أسعار الفائدة بشكل أسرع وأعلى. ومع ذلك فإن الانهيار الاستثنائي في أسعار السندات الحكومية، والقفز المقابل في العوائد يمكن أن يكون أسوأ.

وقد ارتفعت تكاليف الاقتراض متوسط الأجل في المملكة المتحدة، وفقاً للقياس بالعائد على السندات ذات السنوات الخمس أعلى من تلك الخاصة باليونان وإيطاليا وهما دولتان ينظر إليهما على أنهما رهانات أكثر خطورة بالنسبة للمستثمرين بسبب مستويات ديونهما المرتفعة كما بلغ الدين كنسبة مئوية من الناتج الاقتصادي في اليونان 189 في المئة في مارس (آذار)، بينما بلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا نحو 153 في المئة. وفي المملكة المتحدة كان هذا الرقم يقارب 100 في المئة.

لماذا قفزت تكاليف الاقتراض؟

قفزت عائدات السندات في جميع أنحاء العالم حيث أطلقت البنوك المركزية الكبرى حملة شرسة لإبطاء التضخم، ورفع المعدلات بوتيرة سريعة. وتم بيع ديون الحكومة البريطانية بشكل حاد ويرجع ذلك جزئياً إلى أن رئيسة وزراء بريطانيا وفريقها قالوا إنهم سيحتاجون إلى اقتراض المزيد لتمويل برنامجهم الاقتصادي، الذي يتضمن أكبر تخفيضات ضريبية منذ 50 عاماً وتغطية فواتير الطاقة لملايين الأسر والشركات هذا الشتاء.

وتأتي الحاجة إلى جمع المزيد من الأموال من المستثمرين في الوقت الذي من المقرر أن يبدأ بنك إنجلترا في بيع بعض ممتلكاته من السندات الحكومية، التي زادت خلال الأيام الأولى للوباء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السابق، كانت الأسواق تستوعب نحو 100 مليار جنيه استرليني (108 مليارات دولار) من السندات البريطانية سنوياً، وفقاً لما ذكره كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة في "نات ويست ماركتس" روس ووكر. ومع تحول بنك إنجلترا من مشتر إلى بائع، وتقترض حكومة المملكة المتحدة المزيد سيرتفع العرض إلى نحو 300 مليار جنيه استرليني (323 مليار دولار).

وقال والكر "كان هناك ما يبرر دائماً ارتفاعاً ملموساً في العائدات"، مشيراً إلى أن العالم "ينتقل إلى بيئة مالية ونقدية مختلفة". ومع ذلك، تفاقم الارتفاع المفاجئ بسبب أزمة الثقة حول الاتجاه التالي لاقتصاد المملكة المتحدة. يشعر المستثمرون بالقلق من أن محاولة الحكومة تعزيز النمو من خلال تعزيز الطلب تتعارض مع أهداف بنك إنجلترا الذي يحاول خفض الطلب حتى يتمكن من السيطرة على التضخم.

في بداية أغسطس (آب) الماضي كان العائد على السندات البريطانية لأجل خمس سنوات 1.55 في المئة. وصباح الثلاثاء، بلغ 4.27 في المئة وهذه خطوة كبيرة في الأسواق حيث تحدث التغييرات عادة في أجزاء صغيرة من نسبة مئوية.

ما الذي ينتظر السندات البريطانية؟

ليس من الواضح بعد أين ستستقر العائدات، على الرغم من وجود إجماع على أنها ستظل مرتفعة. قد يعتمد كثيرون على الاتصالات المستقبلية من بنك إنجلترا الذي قال إنه سيرفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم حسب الحاجة، ولكن من غير المقرر أن يجتمع البنك المركزي حتى نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

كما سيراقب المستثمرون عن كثب تعليقات الحكومة، فيما وعد وزير المالية البريطاني كواسي كوارتنج، بالإفصاح عن مزيد من التفاصيل حول نهج الحكومة لضمان القدرة على تحمل الديون، مع الإشارة أيضاً إلى أن التخفيضات الضريبية الإضافية قد تلوح في الأفق. في اجتماع مع المستثمرين القلقين، الثلاثاء، كرر التزام الحكومة البريطانية "بالاستدامة المالية".

وقال "والكر"، "ما زلنا في مرحلة تحاول فيها الأسواق بشكل عام إنشاء قيم توازن جديدة". ومع ذلك فإن ارتفاع تكاليف الاقتراض سيكون له عواقب على كل من الحكومة والأسر. فارتفاع العائدات يعني أن الحكومة ستضطر إلى دفع المزيد من تكاليف خدمة الديون أو خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب للعثور على الأموال اللازمة للقيام بذلك. وهذه المعدلات المرتفعة من بنك إنجلترا ستجعل الأمر أكثر تكلفة بالنسبة للشركات ومشتري المنازل للحصول على قروض.

ويقول كبير الاقتصاديين في "كابيتال إيكونوميكس" أندرو ويشارت "سيؤدي هذا إلى جعل القيود المالية التي تفرضها المملكة المتحدة أكثر إحكاماً... سيؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف الفائدة بشكل كبير". وتقدر مؤسسة "ريزليوشن فوندشن"، وهي مؤسسة فكرية انتقدت خطط الحكومة البريطانية، أن تحركات سوق السندات ستضيف نحو 14 مليار جنيه استرليني (15.1 مليار دولار) في تكاليف الاقتراض بحلول عام 2026 إلى 2027.

والأشخاص الذين لديهم قروض عقارية سيدفعون الثمن أيضاً. وقد علق المقرضون في المملكة المتحدة بيع منتجات الرهن العقاري الجديدة، الإثنين، بينما كانوا ينتظرون تخفيف التقلب. وعندما يستأنف العمل، فمن المتوقع أن ترتفع تكلفة تمويل شراء منزل. أولئك الذين يحتاجون إلى إعادة التمويل هم أيضاً في مأزق.

وإذا قام بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة إلى ستة في المئة، كما تشير التوقعات الحالية، فإن الشخص الذي يعيد تمويل رهن عقاري بمعدل ثابت لمدة 20 عاماً بقيمة 146 ألف جنيه استرليني (157 ألف دولار) سيتعين عليه دفع 309 جنيهات استرلينية (333 دولاراً) شهرياً، وفقاً لشركة الاستثمار "إي جي بيل".