Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مزادات تكرس تخلف روسيا عن سداد ديونها للمرة الأولى منذ قرن

ساهمت العقوبات الغربية ضد موسكو في زيادة الصعوبات أمامها لسداد التزاماتها المالية

 العقوبات الغربية ضيقت الخناق على روسيا وسط أزمة الديون المتفاقمة للبلاد ( رويترز)

نظم مجلس دائنين مزادات علنية، اليوم الإثنين الـ12 من سبتمبر (أيلول)، على ديون روسيا مما يكرس تخلف موسكو عن السداد، وهو الأول على الديون الخارجية الروسية منذ عام 1918 في حدث رمزي، لكنه يعكس أثر العقوبات الغربية الأكثر صرامة في موسكو التي أغلقت طرق الدفع أمام الدائنين في الخارج بعد نحو 200 يوم على بدء الحرب في أوكرانيا.

مبادلات الديون

ويقوم هذا المجلس المعروف باسم لجنة تحديد مشتقات الائتمان (CDDC) المعنية بإدارة مبادلات الديون المتعثرة من خلال تنظيم هذه المزادات بهدف التعويض على المستثمرين الذين تسلحوا بعقد تأمين ضد تخلف روسيا عن السداد أو ما يعرف بـ "مقايضات التخلف عن السداد" و"سي دي اس"، بحسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. هذا الأمر يكرس تخلف روسيا عن السداد الذي لم يعلن رسمياً أبداً لكن كان يعتبر أمراً حاصلاً من قبل غالبية الأطراف الاقتصاديين على رغم غياب تقييم وكالات التصنيف الائتماني الذي منع بموجب العقوبات الغربية. وهذا هو أول تخلف عن السداد لموسكو في ديونها الخارجية منذ عام 1918 وقضية القروض الروسية التي أطلقتها روسيا في ظل حكم القيصر في الأسواق الغربية لا سيما فرنسا التي رفض الزعيم البلشفي فلاديمير لينين الاعتراف بها، متنكراً لعبء الديون المذهل في حقبة القيصر. ووفقاً لبعض المقاييس تعادل حجم ديون روسيا حينها نحو تريليون دولار من أموال اليوم.

سندات اليورو

وبالمقارنة كان الأجانب يمتلكون ما يقرب من 20 مليار دولار من سندات اليورو الروسية اعتباراً من بداية أبريل (نيسان) الماضي، وهو انخفاض بنحو 50 في المئة عن مستويات الديون الخارجية في عام 2018.

معارضة موسكو

وعارضت موسكو ذلك قائلة إن لديها الأموال اللازمة لتغطية أية فواتير، وأنها اضطرت إلى عدم السداد. وبينما كانت تحاول تغيير مسارها أعلنت في أواخر يونيو (حزيران) الماضي أنها ستتحول إلى خدمة ديونها السيادية المستحقة البالغة 40 مليار دولار بالروبل، منتقدة "وضع القوة القاهرة" الذي وصفته بأنه "صناعة غربية مفتعلة". ولكن هذا لا يغير كثيراً على أرض الواقع لأن روسيا مقطوعة بمطلق الأحوال عن أسواق رؤوس الأموال الدولية منذ شنها الحرب على أوكرانيا في نهاية فبراير (شباط) 2022، إضافة إلى ذلك فإن موسكو غير مديونة كثيراً بالعملات الأجنبية وتبلغ ديونها الخارجية حوالى 40 مليار دولار. من جانب آخر فإن حجم دينها العام يشكل 20 في المئة فقط من إجمالي الناتج الداخلي لديها.

العائدات النقدية

في موازاة ذلك كانت عائداتها النقدية بفضل مبيعات المحروقات ضخمة منذ بدء السنة بسبب ارتفاع الأسعار، لكن هذا لم يمنع الكرملين من الاعتراض منذ أشهر على تخلف "غير شرعي" لأن العقوبات سببته.تقنياً تجرى عملية المزاد على الديون الروسية على مرحلتين، الأولى هي تحديد سعر أساسي لثمانية سندات تم طرحها في المزاد، فيما تستند المرحلة الثانية المفتوحة بشكل أوسع أمام المستثمرين على المرحلة الأولى لتحديد سعر نهائي للسندات. وأشار المصرف الأميركي "جي بي مورغان" في مذكرة حديثة حددت كل عقود التأمين على التخلف عن السداد الروسي بحوالى 2.37 مليار دولار، إلى أن "السعر النهائي لهذه المزادات سيحدد قيمة الاسترداد من خلال مقايضات التخلف عن السداد".
 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المزادات هذه اعتيادية في حالات التخلف عن السداد، والفرق الوحيد هو أن المهل كانت طويلة جداً في الملف الروسي ما أحدث حال عدم يقين على مدى عدة أسابيع في مسألة التعويض على المستثمرين. وقال باحث اقتصادي رداً على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية في الآونة الأخيرة إن من اللحظة التي أقر فيها مجلس الدائنين بأن روسيا تخلفت عن سداد دين مستحق الذي يطلق عليه اسم "حدث ائتماني"، وصولاً إلى تنظيم المزاد الإثنين (الـ12 من سبتمبر)، مر أكثر من ثلاثة أشهر في مقابل حوالى 30 يوماً في الأوقات العادية. هذه الفترة الطويلة تفسر بالجمود الحاصل في النظام المالي الروسي تحت تأثير العقوبات، إذ لم يعد للمستثمرين الدوليين منذ الربيع الحق في مبادلة الأسهم الروسية، فيما أن نظام المزايدات يفرض القيام بمبادلات حول هذه الأسهم.وبهدف تسهيل هذه المزادات سمحت السلطات الأميركية استثنائياً بمعاملات على السندات الروسية الثمانية الموضوعة بالعملات الأجنبية بين الثامن والـ22 من سبتمبر الحالي.وبحسب "جي بي مورغان" فإن جاذبية الدين الروسي للمستثمرين في نهاية هذه المزادات باتت غير أكيدة بسبب تعذر مبادلة المنتجات المالية من هذا البلد لأشهر.وتخيم حال من عدم اليقين أيضاً على الموعد الدقيق الذي ستنتهي فيه عملية تعويض المستثمرين. وقال فرع "أوروبا- الشرق الأوسط- أفريقيا" التابع لـ CDDC ومقره لندن الذي ينظم المزادات في الأيام الماضية إن أيام العطلة بسبب جنازة الملكة إليزابيث الثانية قد تؤخر العملية بشكل طفيف.

حزمة ضخمة من العقوبات الغربية

وتلقت روسيا حزمة ضخمة من العقوبات الغربية ضدها بفعل حربها على أوكرانيا، يأتي على رأسها تجميد احتياطاتها النقدية بالخارج، وهرب الشركات الأجنبية من السوق الروسية وعزلها عن النظام المالي العالمي، فضلاً عن إغلاق المجال الجوي والموانئ أمام الطائرات والسفن الروسية، وكذلك حظر واردات النفط والفحم الروسي، وفور إعلان تخلف موسكو عن سداد ديونها الخارجية أثير تساؤل عن تأثير العقوبات الغربية واسعة النطاق في الاقتصاد الروسي. ومنذ بدء الحرب الروسية - الأوكرانية حاولت موسكو الالتفاف على العقوبات الهادفة إلى الحد من قدرتها على سداد ديونها، ونجحت روسيا طوال الشهور الماضية في درء خطر التخلف عن تسديد الديون، إذ أتاحت الخزانة الأميركية استخدام عملات أجنبية تملكها روسيا في الخارج لدفع ديون خارجية، إلا أنها أعلنت أنها لن تسمح لها بتسديد ديونها بالعملات الأجنبية المودعة في المصارف الأميركية لتعلن موسكو بعد ذلك قيامها باستخدام الروبل لسداد قروض أجنبية مقومة بالدولار تبلغ قيمتها نحو 649.2 مليون دولار عبر وكيل الدفع الروسي. 

 لكن تلك الأداة لم تنجح إذ رفض الدائنون استلام فوائد ديونهم بالروبل، كما أنهت وزارة الخزانة الأميركية ثغرة في العقوبات كانت تسمح لحاملي السندات بتلقي مدفوعاتهم عبر وكيل الدفع الروسي مما أجبر موسكو على إعلان تخلفها عن سداد ديونها.