Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيلون ماسك... تاريخ من الآراء المريبة عن تغير المناخ

الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا استند في معظم حياته إلى مصادر الطاقة المتجددة وأنصار البيئة يختلفون معه

إيلون ماسك يجرجر تاريخه الطويل من الآراء الإشكالية عن النفط والطاقة النووية  (غيتي)

فاجأ إيلون ماسك الرجل الذي ترأس قائمة "بلومبيرغ" لعام 2021 عن أصحاب المليارات "الخضر"، المراقبين حينما دعا أخيراً أثناء مؤتمر للطاقة إلى إجراء مزيد من التنقيب عن الوقود الأحفوري. ويوم الإثنين الماضي ذكر الرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا" في حدث استضافته النرويج "في هذا الوقت نحن في حاجة بالفعل إلى كمية أكبر من النفط والغاز، وليس أقل [منهما]"، مضيفاً أنه لا يريد أن "يشيطن" صناعة الوقود الأحفوري.

وجادل ماسك بأنه على الرغم من شتى الجهود الرامية إلى بناء تقنيات طاقة متجددة فإن غزو أوكرانيا والعقوبات الناجمة عنه على صناعة الوقود الأحفوري في روسيا أعاقت وصول إمدادات الطاقة إلى أوروبا. وتابع "من الناحية الواقعية أعتقد أننا نحتاج إلى استعمال النفط والغاز على المدى القصير، لأننا إذا لم نفعل فستنهار الحضارة". وأضاف "من أجل أن تستمر الحضارة نحن نحتاج إلى النفط والغاز. في الواقع خصوصاً في هذه الأيام مع العقوبات الروسية نحن نحتاج إلى توفير النفط والغاز حتى تبقى الحضارة مستمرة. أعتقد أن أي شخص عاقل سيخلص إلى تلك النتيجة، فيما تتزايد في الوقت نفسه سرعة ظهور الطاقة المستدامة".

وفي مارس (آذار) صدر زعم مماثل من ملياردير التكنولوجيا. "أكره أن أقول ذلك، لكننا في حاجة إلى زيادة إنتاج النفط والغاز بشكل فوري. ومن الواضح أن هذا سيؤثر سلباً في (تيسلا)، إلا أن حلول الطاقة المستدامة لا يمكنها ببساطة أن تتفاعل بشكل آني من أجل تعويض صادرات النفط والغاز الروسية"، وفق ما ورد في تغريدة له على "تويتر".

واستدعت هذه التصريحات توبيخاً سريعاً من مراقبين مهتمين بالبيئة.

وفي هذا الأسبوع غرد بيتر دينيس أحد أعضاء مجموعة مدافعة عن البيئة اسمها "ميير"، "إن ما نحتاج إليه حقاً هو خفض استخدام الطاقة عالمياً بأكثر من النصف بدءاً من واحد في المئة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية." وكذلك كتب الصحافي، رئيس تحرير موقع "إلكتريك" الإخباري المتخصص في الطاقة المتجددة لوسائل النقل فردلامبرت "أعتقد أن تعليقه كان مبالغاً فيه. إنه يشير إلى حقيقة بسيطة، ولكن إذا أردت أن تتأملها من وجهة نظر السياسة فمن المهم أن تأخذ في اعتبارك بأننا في حاجة إلى تحفيز إنتاج الطاقة الجديدة ليكون متجدداً بدلاً من الوقود الأحفوري، من أجل أن نأخذ التأثير في البيئة في الاعتبار."

في ذلك الصدد يرى قادة دوليون أن الاستثمار في مشاريع الوقود الأحفوري الجديدة يجب أن يتوقف بصورة فورية، من أجل منع وقوع أسوأ أزمة مناخ. وفي 2021 ذكر مدير "وكالة الطاقة الدولية" الواسعة النفوذ فاتح بيرول أنه "إذا كانت الحكومات جادة في شأن أزمة المناخ فلن تكون هناك استثمارات جديدة في النفط والغاز، بداية من الآن، أي من هذا العام". وأضاف "يتوصل مزيد من البلدان إلى اتخاذ التزامات بتصفير صافي الانبعاثات وهو أمر جيد للغاية، لكنني أرى فجوة كبيرة ومتنامية بين الخطاب [من الحكومات] والواقع."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى نحو مماثل ذكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنه من الضروري ألا تعني حتى الحرب في أوكرانيا وتأثيرها في إمدادات الطاقة العالمية [وجود] استثمارات جديدة في الوقود الأحفوري، واصفاً هذا التفكير بأنه "واهم" [ضال].

في يونيو (حزيران) 2022 كتب غوتيريش أن "أزمة الطاقة قد تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا، وشهدت زيادة محفوفة بالمخاطر في [استهلاك] الوقود الأحفوري من قبل الاقتصادات الكبرى". وأضاف "إن تجديد التمويل للوقود الأحفوري تفكير موهوم، إذ لن يؤدي إلا إلى الإمعان في إذكاء ويلات الحرب والتلوث وكارثة المناخ." واستكمالاً جاء موقف ماسك المثير للجدل في شأن ما يتعلق بالتنقيب عن النفط بوصفه الحلقة الأحدث في سلسلة تعليقاته حول معالجة أزمة المناخ التي اعترض عليها أنصار حماية البيئة.

في المقابل ليس هناك شك في أن ماسك جاد في بناء تقنيات الطاقة المتجددة. فمن خلال شركات يملكها كـ"تيسلا" و"سولار سيتي"، ساعد ماسك على تطوير آليات كهربائية، وألواح أسقف شمسية وأدوات لتخزين الطاقة المتجددة. وخلال ذلك أصبح صوتاً نافذاً في مجال التكنولوجيا النظيفة، وغالباً ما يتابعه صانعو السياسات وجحافل من المعجبين عبر الإنترنت. لكن هذا لا يعني أنه دائماً على حق، إذ يملك ماسك تاريخاً طويلاً من الآراء التي تثير الخلافات حول المناخ.

الطاقة النووية أو الإفلاس

يعتبر احتضان ماسك الطاقة النووية من بين القضايا الأكثر إثارة للجدال. وقد وصف أولئك الذين يعارضون الطاقة النووية كاستراتيجية طاقة متجددة بأنهم "معادون للإنسانية".

وكذلك دعا الدول إلى زيادة توليد الطاقة النووية، وهو الموقف المثير للجدل الذي أدى إلى حصول انقسام بين أنصار الطاقة النظيفة. وبينما يروج البعض لقدرة الطاقة النووية على توفير الطاقة بشكل منتظم من دون حرق كميات كبيرة من أنواع الوقود الأحفوري، يشير البعض الآخر إلى كلفتها المرتفعة وبطء انتشارها والمجازفة [التي تنطوي عليها] بوقوع كوارث.

وفي الشهر الماضي اعتبر ماسك في تغريدة له، أنه "يجب على الدول أن تمضي في زيادة توليد الطاقة النووية! فمن الجنون من وجهة نظر الأمن القومي إغلاقها. إنه أمر سيئ بالنسبة إلى البيئة." وفي رد على دعوات ماسك إلى مزيد من الطاقة النووية، جادل مارك زد جاكوبسون، وهو بروفيسور الهندسة البيئية في جامعة ستانفورد، بأن "طاقة نووية جديدة لا فائدة لها ألبتة في معالجة المناخ والتلوث وأمن الطاقة."

وكذلك أشار ذلك البروفيسور إلى البحث الذي يوحي بأن ثمة حاجة إلى المال من أجل الحفاظ على الطاقة النووية، وسيكون من الأفضل إنفاقه على استبدال الطاقة المتجددة بها، إذ اعتبر أن إرساء تلك الطاقة المتجددة أرخص وأسرع، إضافة إلى كونها تنفث كمية أقل من الكربون بالنسبة إلى كل وحدة طاقة يجري توليدها بالمقارنة مع الطاقة النووية.

وطبقاً لخبير في الطاقة في منظمة "غرينبييس" جان هافركامب، فإن الطاقة النووية لها سجل في المبالغة بالوعود وعدم الوفاء بها. يحتاج العالم إلى الطاقة المتجددة وبشكل سريع إذا كان يريد أن يتجنب أسوأ تداعيات الاحتباس الحراري. ونقل هافركامب إلى صحيفة الـ"اندبندنت" في وقت سابق من هذا العام "إننا لم نعارض على الإطلاق من حيث المبدأ أي تقنية. بيد أنه من الواضح للغاية بأنه في كل مرة تبدأ بالحساب يتبين أنه في اللحظة التي تطرح فيها الطاقة النووية ترتفع التكاليف وتنخفض سرعة التغيير". وأضاف "هذا بالضبط هو ما لا يمكننا أن نتحمله الآن بعد أن أصبح التغير المناخي أكثر واقعية من أي وقت مضى. ومن يبدأ بالحديث عن الطاقة النووية في هذا الوقت إما إنه يتبع بدعة أو يحاول أن يحرف الانتباه عما يجب فعله حقاً."

تواصلت الـ"اندبندنت" مع ماسك من أجل الحصول على تعليق.

مزيد من العائلات الصغيرة

تطرق ماسك في الحدث الآنف الذكر الذي جرى تنظيمه في النرويج إلى إحدى القضايا التي تسترعي اهتمامه البالغ، وهو الاتجاهات السكانية. وأوضح أمام حشد من المراسلين أنه بسبب انخفاض معدلات الولادة في السنوات الأخيرة، كتلك المسجلة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، فإن الحضارة "ستموت مع حشرجة بعد أن تشيخ وتصبح عاجزة عن أداء وظائفها."

وفي الشهر الماضي أيضاً اعتبر ماسك أن الاتجاهات الديموغرافية كتباطؤ معدلات الولادة في عديد من الدول الغربية ذات الدخل المرتفع تمثل تهديداً أكبر من الاحتباس الحراري. في تغريدة له على "تويتر"، أعرب الرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا" عن قناعته بأن "الانهيار [في عدد] السكان بسبب معدلات الولادة المتدنية يشكل تهديداً أكبر من الاحتباس الحراري". وأضاف "تذكروا هذه الكلمات".

وبالفعل انخفضت معدلات الولادة بشكل وسطي منذ أواسط القرن الماضي، طبقاً لـ"البنك الدولي". في المقابل من المرجح أن ذلك حصل نتيجة لتحسن الصحة العامة، خصوصاً بالنسبة إلى الشباب أكثر من كونه أزمة خصوبة مجتمعية، وفق رأي خبراء التركيبة السكانية.

 

وفي حديث مع شبكة "سي أن أن" أوضح المدير السابق لقسم السكان في الأمم المتحدة جوزيف شامي أنه "يفضل صنع السيارات والعمل في الهندسة على التكهن بمسار [عدد] السكان. نعم، عدد سكان بعض الدول أخذ في الانخفاض، ولكن بالنسبة إلى العالم الحال مختلفة عن ذلك." وعلى الأرجح لن يصل عدد سكان العالم إلى ذروته حتى نحو 2100 حينما يبلغ 8.5 إلى عشرة مليارات نسمة، طبقاً للأمم المتحدة. وأضاف شامي "عملياً في كل دولة متقدمة يبلغ المعدل أقل من اثنين (أي طفلين كمعدل وسطي لكل امرأة في سن الحمل)، وهكذا كان الوضع خلال 20 أو 30 عاماً".

واستطراداً ترى الأمم المتحدة أنه حتى حينما يصل عدد سكان العالم إلى ذروته لن يكون العالم مزدحماً بالمتقدمين بالسن، إذ سيكون هناك أشخاص تقل أعمارهم عن 20 سنة أكثر من أولئك الذين تزيد أعمارهم على 70 سنة. وخلافاً عن الحال مع التهديدات الجديدة الناجمة عن تغير المناخ، تملك الحكومات تاريخاً طويلاً فعلياً من الحلول التي تستند إلى سياسات تلبية حاجات كبار السن على غرار المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية التي تقدمها الدولة.

وكذلك يجادل البعض بأن مخاوف من النوع المتعلق بتدني معدلات الولادة في الدول الغربية الغنية والبيضاء نسبياً تملك مسحة عنصرية، إذ لا يزال من الممكن رؤية معدلات الولادة المرتفعة في عدد من الدول المنخفضة الدخل في أفريقيا. وكذلك يبلغ المعدل الوسطي للولادة في قرابة ثلث الدول في أفريقيا خمسة أطفال، لا سيما في الأماكن التي ترتفع فيها معدلات وفيات الشباب ويصعب الوصول إلى وسائل منع الحمل.

وفي يوليو (تموز) 2022 أشار روبن ماينارد من مركز بحوث "قضايا السكان" إلى أن "التحدي الحقيقي يتمثل في معالجة الفقر والظلم وندرة فرص الحياة، وهي السمات التي ترافق ارتفاع معدل الخصوبة والنمو السكاني. وكذلك الحال بالنسبة إلى تحسين مستوى العيش الحسن بالنسبة إلى القسم الأكبر من مواطنينا، وحماية النظم البيئية هنا على الأرض، قبل الانغماس في أوهام الفضاء الموجودة لدى حفنة من أصحاب المليارات المتنافسين".

"هايبرلوب" أو مجرد دعاية؟

لقد أثار ماسك نقاشات طويلة بين خبراء المناخ عبر اقتراحاته المتعلقة بأنظمة النقل المستندة إلى تقنية "هايبرلوب"، وهي حاويات فائقة السرعة تشبه القطارات تتحرك عبر إنفاق تجويفات مفرغة. وفي البداية ناقش الملياردير لصالح أنظمة "هايبرلوب" عبر تقرير صدر في عام 2013. وادعى ماسك أنه إذا تم تشغيلها [أنظمة هايبرلوب] على كهرباء متجددة فإنها تمثل طريقة أكثر استدامة في السفر لمسافات متوسطة. ونالت تلك الفكرة قدراً من الرواج. وتعمل الشركات التي استوحت أفكارها مما طرحه ماسك حين دخل عالم النقل على ما لا يقل عن 15 مشروع "هايبرلوب" مقترحاً في أنحاء الولايات المتحدة.

وينقسم المحللون في شأن إمكانية أن تصبح "هايبرلوب" طريقة نقل أكثر رأفة بالبيئة بصورة فعلية. وأوحت التقديرات المبكرة بأن هذه الأنظمة تعتبر وسيلة أكثر كفاءة من الطيران في استخدام الكربون للسفر لمسافات تتراوح بين 250 و500 ميل، وفقاً لـ"الإدارة الوطنية للطيران والفضاء" (ناسا). وجاء في تحليل أجرته وزارة المواصلات الأميركية أنه في الوضع المثالي يستطيع نظام "هايبرلوب" أن يكون أكثر كفاءة بست مرات من السفر جواً لمسافات معينة.

ويناقش آخرون كبروفيسورة الهندسة البيئية في "جامعة كليفلاند ستيت" جاكلين جنكينز، بأن هذه الأنظمة لن تكون مجدية ما لم تقترن باستثمارات هائلة في الطاقة الخضراء، وذلك لضمان تشغيل أنظمة "هايبرلوب" على الطاقة المتجددة. وفي حديث مع موقع "غرينبيز" الإخباري في عام 2019 أوضحت جنكينز أنه "إذا لم نفعل ذلك بشكل مستدام فإنها [هايبرلوب] لن تكون سوى حل على المدى القصير".

وكذلك يشكك البعض بمدى التزام ماسك بوسائط النقل العام، الذي يعتبر طريقة أكثر كفاءة [في الطاقة] من ملكية السيارات الفردية أو الرحلات الجوية الطويلة في استعمال الكربون لنقل الناس.

وقد اعترف ماسك لأحد كتاب السير أن فكرة "هايبرلوب" جاءته من عدم الرضا عن وسائل النقل العام. وقد أرساها في كاليفورنيا سعياً إلى إلغاء نظام سكك حديدية عالية السرعة كان مقرراً إنشاؤه، على الرغم من أن استعمال القطارات للنقل أكثر رفقاً بالبيئة بكثير من قيادة السيارة، وغالباً من السفر جواً أيضاً. وعلى الرغم من النظر إليه على نطاق واسع بأنه حل رئيس لناحية خفض الانبعاثات، فقد تحدث ملياردير "تيسلا" عن احتقاره وسائل النقل العام.

وقال أمام جمهور في عام 2017 "إنه مزعج للغاية ولهذا السبب لا يحبه الجميع. إنه يشبه أن يتجمع فجأة مجموعة من الغرباء بشكل عشوائي، وقد يكون أحدهم قاتلاً متسلسلاً. حسناً هذا عظيم، ومن أجل ذلك يحب الناس النقل الفردي، الذي يأخذك إلى حيث تشاء ووقتما تشاء".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة