Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تخبو أخبار العائلة الملكية بعد رحيل إليزابيث أم تشعلها الأسرار؟

يعتقد بعض المهتمين أن موت الملكة سيسمح لأفراد العائلة بالبوح بما منعوا من الإدلاء به خلال حياتها

يرى فريق أنه بموت الملكة تموت أخبار العائلة المالكة كلها بينما يرى آخر أن رحيلها قد يفتح خزينة الأسرار (أ ف ب)

جاءت وفاة الملكة إليزابيث الثانية بعد يوم واحد من قبولها استقالة بوريس جونسون وتسليم خليفته ليز تراس، وكأنه موت علني أمام وسائل الإعلام، إذ رآها عدد كبير من المشاهدين مرتدية ثياباً زرقاء وتحمل العصا لتساعدها في السير، على الرغم من أنها أخفت مطولاً حاجتها إلى مساعدة العصا.

والملكة إليزابيت كبيرة في السن وقد تموت في أية لحظة بالنسبة إلى المشاهدين، لكن أن تموت بعد ليلة من مشاهدتها مبتسمة أمام الكاميرات تؤدي وظيفتها السياسية ولو الشكلية كملكة، يجعل هذا الموت ثقيلاً ومفاجئاً من وجهة نظر الميديا، وهو غير الموت الذي يأتي بعد فترات من المرض والنوم في سرير الشيخوخة، ويكون الجميع بانتظاره بين فينة وأخرى فيقع من دون أثر بالغ.

والملكة التي بدت بكامل صحتها قبل يوم واحد من وفاتها على الرغم من استخدامها العصا، هي أيضاً بحسب المعلقين على وفاتها من العاملين في الميديا رابطة العقد داخل العائلة المالكة أو المحرك الذي ينظم هذه العائلة سواء بأسرارها أو بفضائحها التي يحبها الإعلام ويلقي عليها الأضواء منذ زمن بعيد. وهؤلاء يعتقدون أن الدور الذي كانت تؤديه الملكة كنواة للعائلة قد يؤدي إلى واحد من أمرين متناقضين تماماً، الأول هو خفوت الأخبار ثم تلاشيها عن العائلة المالكة مع مرور الوقت، أو العكس تماماً أي موجة كبيرة من المعلومات والأخبار التي كانت طي الكتمان في حياة الملكة التي قد تخرج من أي عامل في القصر سيحال إلى التقاعد أو من أفراد العائلة نفسها الذين كتموا أخباراً كثيرة وتحديداً أبناء الأميرة ديانا والملك تشارلز الذي أمضى فترة طويلة وريثاً للعرش. وبرأي هؤلاء أن العائلة الملكية بعد الملكة ستعمل بجهد لإبقاء فخر المواطنين الإنجليز بوجودها، وستحافظ على كونها كنزاً من الكنوز القومية البريطانية في مخيلة البريطانيين ومواطني دول الكومنولث التي تعتبر نفسها ما زالت تحت حكم الملكية البريطانية، كما في أستراليا وكندا وجزر المحيط الهادئ التي تقع تحت وصاية المملكة المتحدة حتى اليوم.

رحيل سيحزن كثيرين حول العالم

لو أردنا أن نقيس حياة الملكة إليزابيث بالوقائع لا بالسنوات، فيمكننا القول إنها شاهدت أول مباراة كرة قدم في العالم، وشاهدت ولادة مارادونا وموته أيضاً، أي صعود طفل من الأحياء الأرجنتينية الفقيرة إلى قمة المجد، واستغلاله فوز بلاده على الفريق الإنجليزي أثناء حرب جزر فوكلاند استغلالاً سياسياً ناجحاً. وكذلك عايشت آباء الملوك والأمراء والرؤساء الذين أرسلوا برقيات تعزية بوفاتها، وعايشت عشرات من رؤساء الوزراء في بلدها ومنهم تشرشل ومارغريت تاتشر حتى آخرهم قبل يوم من رحيلها. وشاهدت صعود نجم فرقة البيتلز وهبوطها، وكذلك وفاة المغنية آيمي واينهاوس التي لطالما سخرت من الملكية وأخبارها.

مناقشو رحيل الملكة إليزابيث من رواد مواقع علم النفس على الإنترنت رأوا أن ما شهده التاريخ بعين الملكة أو مطالعة كل ما عايشته في حياتها المديدة لم يعد مهماً الآن، بل الأهم هو ما رآه وشاهده المتابعون حول العالم، وهؤلاء ينتمون إلى أجيال خمسة أو ستة، وربما رحل جيلان منهم عن الحياة حتى اليوم، فعلى سبيل المثال لا بد أن الجيل الأخير أي الأحفاد من المتابعين يعرفون قصص الملكة والعائلة المالكة البريطانية كما يعرفها أهلهم من الجيل الرابع أو أجدادهم من الجيل الثالث، ويتلقون جميعهم الأخبار نفسها عنها عبر وسائل الإعلام وما تتناقله من أخبار. وكثير منها عبارة عن فضائح بدأت مع الأميرة ديانا المحبوبة من الجمهور كأميرة أخيرة بعد انتهاء عصر الأميرات الحقيقيات والخياليات، حتى الفضائح الأخيرة التي أفضت بها ميغان ماركل زوجة الأمير هاري ابن الأميرة ديانا والملك تشارلز (لو كانت ديانا اليوم على قيد الحياة لربما صارت الملكة ديانا).

وشاهد الجمهور من الأهل والأولاد وأحفادهم انتظار ولي العهد الأمير تشارلز أن يتوج ملكاً على العرش لعقود، حتى ظن بعضهم أن الأمير تشارلز قد يرى أحفاده قبل أن يصبح ملكاً، وهكذا كان إذ تحققت التكهنات الفكاهية على أرض الواقع، ودارت الطرائف حول أن الأمير تشارلز قد يغيب عن هذه الحياة ومن بعده الأمير ويليام والملكة إليزابيث ما زالت ملكة تحيي الجمهور من فوق شرفتها بينما ترتدي قبعة جديدة، إذ يقال إنها تحب القبعات وتختارها بعناية لتلائم المناسبة وملابسها التي تختارها لتلك المناسبة.

ما الذي سيحدث بقصة العائلة المالكة؟

بنى الإعلام قصة الملكة إليزابيث والعائلة المالكة بأكملها من الناحية الشكلية، أي كما تتم صناعة أخبار النجوم والمشاهير، لذا فإن مجمل البشر الأحياء على وجه الكرة الأرضية يعرفون الملكة، وهذا لا يجعل منها نجمة في الميديا فقط، بل ويجعلها سيدة القصر الذي تجري فيه قصص وأخبار أشبه بتلك التي تجري في المسلسلات القديمة أو أفلام الأبيض والأسود، أو حتى في مسرحيات شكسبير نفسه حيث السلطة والحب والموت وعقدة الذنب والوراثة ومواجهة التأثيرات الخارجية والوقوف أمام الصعاب، وهذا كله يجري أمام أعين المشاهدين كما لو أنهم يشاهدون برنامجاً من برامج الواقع التي انتشرت كثيراً في العقد الأول من القرن الحالي، إذ نراقب الأشخاص عبر كاميرا تلاحقهم كيفما تحركوا ونرغب في مزيد لنعرف كيف ستنتهي القصة. ولهذا يوافق كثر من المعلقين على رحيل الملكة بأنه بموتها انتهى فصل من فصول القصة أو مشهد من مشاهد المسرحية، أو انتهى الجزء الأول من الفيلم الذي سيمتد على أجزاء في حال بقي ورثة الملكة على أهبة الاستعداد لمنح الإعلام والجمهور مزيداً حول حياتهم وما يجري بين أفراد العائلة خلف الكواليس.

وانقسم هؤلاء المعلقون حول رأيين متناقضين، الرأي الأول يرى أنه بموت الملكة قد تموت أخبار العائلة المالكة كلها، فالملكة إليزابيث كملكة النمل أو النحل متى ماتت أصابت الفوضى المملكة كلها قبل أن تتلاشى وتنتهي، فطالما أنه لا أخبار تتعلق بالملكة فإن الأخبار الأخرى لن تكون ذات أهمية، كأخبار الملك الجديد وزوجته كاميلا التي عرفها الجمهور بعد موت الأميرة ديانا الغريب والمشبوه الذي نسجت عنه آلاف القصص والأفلام والوثائقيات حتى اليوم، ويعتقد بعضهم أن موت الملكة يعني موت البطل في المسلسل الطويل، وموت البطل هو إيذان بانتهاء الفيلم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الراي الثاني والمناقض تماماً يفترض أن موت الملكة سيسمح لأفراد العائلة بالبوح بكل مكنوناتهم التي منعوا أنفسهم من الإدلاء بها خلال حياتها، مع العلم أن ما يدور داخل العائلة معروف لسائر الجمهور، لكن موت الملكة قد يؤدي إلى دفعة كبيرة لقصص العائلة بأكملها، فقد تخرج أسرار كثيرة من داخل القصر سواء حول الملكة نفسها في حياتها اليومية أو في عاداتها وأقوالها ومذكراتها أو من أخبار قد تخرج عبر عاملين في القصر، وقد تصعد إلى الواجهة الأخبار التي لم تنكشف بسبب سلطة الملكة وقوتها داخل الأسرة، ومنها أسرار وفاة الأميرة ديانا التي ما زال مهووسون ومعجبون كثر بالأميرة ديانا ينتظرون جلاءها حتى اليوم بعد مرور 25 عاماً على مقتلها في حادثة أثارت ريبة محبيها حول دور العائلة والملكة تحديداً في هذه الحادثة.

الرأيان السلبي والإيجابي أو المتفائل والمتشائم حول مستقبل العائلة الملكية البريطانية في الإعلام سيحددهما الأدوار التي سيؤديها أفراد الأسرة كمشاهير أو كأشخاص معروفين للجمهور، فالملكة التي حكمت شكلياً منذ زمن بعيد سيؤول حكمها ودورها إلى الملك تشارلز وعائلته. وهذا ما يجعل موت الملكة الإنجليزية سبباً للانقسام بين جمهور متابعي أخبارها، وهو يشبه الانقسام الذي يقع بين جمهور مسلسل ما. فريق يرغب ويرضى بموت سيدة القصر الأولى بوصفها سبب الأعمال "الشريرة"، وآخرون يحزنهم موتها للسبب نفسه، أي قدرتها على ربط الأسرة ومنع تفككها بواسطة سلطتها كملكة ذات هيبة واحترام ومكانة لدى الرأي العام في جميع أنحاء العالم مكانياً وعلى مدى عقود كثيرة زمنياً.

المزيد من متابعات