Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسماء: إيران وتركيا وبوركينا فاسو

تسميات الدول والمناطق والشوارع لا ينطبق عليها المثل "لكل من اسمه نصيب"

كثيرون غيروا أسماءهم بعدما بلغوا سن الرشد لأن الاسم لم يعجبهم (أ ف ب)

للاسم دلالة مهمة ولكل اسم أرشيفه الخاص والحقيقة اللغوية التي لا جدال فيها أن لكل كلمة في أي لغة بالعالم أرشيفها الخاص وأصلها ومعناها ودلالاتها ولكن المقصود هنا هو الأسماء العلم. فتسمي الناس أسماء أبنائها بأسماء آبائهم وأجدادهم إحياء لذكراهم وفخراً بهم، وبعضهم يسمي أبناءه على حدث جوي أو نسبة لبطل قومي وهكذا. وكثيرون غيروا أسماءهم بعدما بلغوا سن الرشد لأن الاسم لم يعجبهم، فقد منحهم أهلهم أسماء الظواهر الطبيعية أو حتى أسماء بعض الحيوانات الأليفة منها والمفترسة.
والأمر لا ينسحب على الأفراد فقط، فهناك دول غيرت أسماءها مثل سيام التي أصبحت تايلاند عام 1939، ثم عادت لاسمها الذي حملته طيلة ثمانية قرون وهو سيام وذلك في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي.
أما إيران، فكان اسمها فارس المحرفة من "بارس" وتعود التسمية لمقاطعة فارس في وسط إيران، نسبت بتسميتها إلى قبائل عاشت هناك، وتظهر كتب اللغة التاريخية أن معناها الشروخ أو الشقوق أو المخلب، وقد غيرت اسمها عام 1935 إلى إيران المشتقة من العرق الآري وقيل إن سفير الشاه رضا بهلوي في ألمانيا النازية هو الذي اقترح التسمية الجديدة متأثراً بالأطروحات النازية في ألمانيا حينها، لكن ابنه الشاه محمد أجاز التسميتين، فارس وإيران عام 1959، ولا يزال التنقل بين الاسمين قائماً حتى اليوم، أي بين اسم فارس الجغرافي الذي يعود لأجزاء من إيران اليوم، وبين اسم إيران العرقي الذي يضم كافة أعراق إيران اليوم بما فيها تلك التي ليست آرية كالأذريين والتركمان والعرب والبلوش وغيرهم.
أما جمهورية بوركينا فاسو، فكان اسمها حين أنشأها المستعمرون الفرنسيون عام 1958 جمهورية فولتا العليا نسبة لنهر الفولتا وغيرت اسمها عام 1984 إلى بوركينا فاسو أي أرض المطهرين.
وبالنسبة إلى هولندا التي تعرف باسم ندرلاندز (الأراضي المنخفضة)، فأعلنت أن الاسم الرسمي للبلاد هو ندرلاندز حصراً اعتباراً من يناير (كانون الثاني) 2020، لكن الهولنديين يقولون إنهم من هولندا حيث يسألون من أين أتوا، ويقولون بالإنجليزية Dutch وأصلها والألمانية واحد، وتعني "بعض الناس" في الألمانية القديمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 وكان الجدل في أوروبا احتدم على تسمية آخر جمهوريات يوغوسلافيا السابقة وهي مسدونيا أو مقدونيا، الأمر الذي اعترضت عليه اليونان، أحد مؤسسي الاتحاد الأوروبي والسوق الأوروبية المشتركة، مما يعني أن لا أمل مستقبلاً بانضمام مقدونيا إلى الاتحاد أو السوق الأوروبيين، وكان اعتراض اليونان أن مقدونيا هي مسقط رأس أشهر أبطالها الأسطوريين "الإسكندر العظيم" المكنى بالإسكندر المقدوني، فكان أن تم التوافق على تسمية الجمهورية الجديدة باسم جمهورية شمال مقدونيا عام 2018.

أما سيلان، فغيرت اسمها إلى سريلانكا عام 1972، وهي تعني الجزيرة المبهرة الزاهية. ويسميها العرب سرنديب في الماضي وكانت منفى الشاعر والسياسي المصري الكبير محمود سامي البارودي الذي قضى فيها 17 عاماً، وهو صاحب القصيدة الشهيرة:

عليَّ طلاب العز من مستقره... ولا ذنب لي إن عارضتني المقادر

فما كل محلول العريكة خائب... ولا كل محبوك التريكة ظافر

ولعل أهم الأسماء المتغيرة حديثاً هو اسم جمهورية تركيا، التي غيرت اسمها رسمياً منتصف هذا العام باللغة الإنجليزية والأجنبية لتكون المراسلات لها Tὔrkiye بدلاً من Turkey وهو تعديل للفظ وليس تغييراً للاسم، وذكرت قناة "تي آر تي وورلد" TRT WORLD التركية أن من أسباب تغيير الاسم خلط معناها بالإنجليزية مع معنى الغباء والسذاجة، كما يختلط مع معنى طائر الديك الرومي، وفي المناسبة الديك الرومي يسمى الحبش في مصر والشام، ويسميه الأتراك "هندي". ويتزامن تعديل لفظ اسم تركيا مع قرب الاحتفالات المئوية للجمهورية التركية التي، ككثير من الدول غيرها، تعيش صراع التقدم نحو مزيد من العلمانية مصطدماً بتيار يريد جرها إلى الماضوية العثمانية التي ثار للتخلص منها مؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.

أسماء الدول والمناطق والشوارع لا ينطبق عليها المثل "لكل من اسمه نصيب"، وغالباً ما يكون تاريخ التسمية مرتبط بالأحداث ويتغير بتغير الأحوال وتحوله السياسة وتعدله وتلغيه وتستبدله. فتلعب السياسة والمواقف السياسية دوراً في صراع التسميات: إسرائيل أو الكيان الصهيوني، الخليج العربي أو خليج فارس، جزر الفوكلاندز أو لوس مالفينوس، بحر المانش أو القنال الإنجليزي، كوريا الجنوبية أو جمهورية كوريا فحسب، جمهورية عربستان أو خوزستان وهكذا. ومثل هذه التسميات والجدل حولها بحاجة إلى مقال آخر.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء